هل تتحول مدينة عطبرة إلى بؤرة صراع؟
تاريخ النشر: 3rd, April 2024 GMT
بعد اجتياح قوات الدعم السريع لمدينة ود مدني، استقبلت عطبرة أعدادا كبيرة من النازحين الفارين من ولايتي الجزيرة والخرطوم
التغيير: منصور الصويم
بدا صوت الشاب محيي الدين الزين مهتزا ومتوترا وهو يحاول نقل صورة حية لمدينة عطبرة في أعقاب الهجوم الذي استهدف إفطار “كتيبة البراء بن مالك” يوم أمس عن طريق طائرة مسيرة.
قال محي الدين “أنا نازح، هذه هي المرة الثالثة لنزوحي، إلى يوم الأمس كنت أظن أن عطبرة بعيدة عن مرمى النيران.. لكني الآن أحس بأن لا مكان آمن في هذه البلاد”.
الملجأ الجديد
بعد اجتياح قوات الدعم السريع لمدينة ودمدني أواخر ديسمبر الماضي، استقبلت مدينة عطبرة بولاية نهر النيل أعدادا كبيرة من النازحين الفارين من ولايتي الجزيرة والخرطوم. بعد المدينة النسبي عن بؤر الحرب المشتعلة في وسط البلاد وغربها، أوحى لسكان المدينة والنازحين الجدد بحالة من الطمأنينة الآمنة بددها الهجوم المباغت ليلة أمس.
أحمد حسن محمد المتطوع في غرف الطوارئ بمدينة عطبرة تحدث لـ«التغيير» بحذر، وقال منذ اندلاع الحرب زاد اهتمام الإسلاميين بولاية نهر النيل حتى الدعاية الحربية أخذت أبعادا أخرى في المنطقة، وقد لاحظت الوجود المكثف لعناصر المؤتمر الوطني والتيار الإسلامي بكل أطيافه، ومع ازدياد دعوات التسليح الشعبي “المقاومة الشعبية”، وتحرك أفراد “كتيبة البراء بن مالك” في أرجاء المدينة، تيقنت أن أمرا جلالا سيحدث وسيجلب إلى عطبرة الهادئة كارثة ما.
وقال أحمد حسن العامل في غرفة طوارئ نهر النيل إنه يخشى من تقديم بعض المواطنين على أنهم خلية نفذت الهجوم وهي إجراءات درجت عليها الأجهزة الأمنية مؤخرا للتخلص من الخصوم والمعارضين أو تصفية حسابات عرقية وقبلية مع بعض المكونات.
إغلاق الكباري
اللجنة الأمنية في ولاية نهر النيل، اكتفت بإصدار بيان قصير يوم أمس، أوضحت فيه أن “جموع من المصلين تعرضوا لهجوم غادر بطائرة مسيرة أثناء أدائهم لصلاة المغرب عقب تناول وجبة الإفطار الرمضانية بمدينة عطبرة”، مشيرة إلى أن الهجوم خلف عددا من الشهداء والجرحى دون إشارة إلى عددهم. بينما تجري الاستخبارات العسكرية التابعة للجيش السوداني تحقيقات لمعرفة الجهة التي نفذت هجوم المسيرة وسط مخاوف عبر عنها ناشطون سياسيون من استخدام الهجوم لتصفية الحسابات مع القوى المدنية في الولاية.
الشاب النازح محيي الدين أكد لـ «التغيير»، أن تداعيات أمنية فورية لحقت بالهجوم تمثلت في إغلاق الكباري وحجز ومنع الباصات السفرية من مغادرة المدينة. وقال “يبدو إن حالة من الطوارئ المشددة سنشهدها الأيام المقبلة”.
مصادر طبية ذكرت أن عدد القتلى تجاوز العشرة بينما أصيب العشرات جراء هجوم المسيرة على إفطار “كتيبة البراء بن مالك” مساء الأمس.
أحمد حسن واصل في إفادته لـ «التغيير» وقال: الهجوم كان وحشيا، وأيا كانت الجهة التي نفذته فهي جهة مدانة ولا تبرير لما فعلته. وأتوقع أن تضاعف هذه الواقعة من قبضة الإسلاميين داخل المدينة، فعطبرة – كما يرى – صارت معقلا للكيزان والمتشددين، وهذا الهجوم سيشدهم أكثر ويجعلهم أكثر التفافا حول دعواهم المتعلقة بالتسليح والمشاركة في الحرب الدائرة.
هدوء حذر
محيي الدين أكد لـ «التغيير» أن أرجاء كبيرة من عطبرة شهدت حالة من الهدوء الحذر، وقال إنه تجول – بعد الهجوم – في أكثر من شارع وحي، ورغم حالة الوجوم التي غلبت على الناس إلا أن كل شيء كان هادئا.
الحديد والنار
هذه المدينة التي تقع على بعد 400 كيلو متر شمال العاصمة السودانية وتضم أكبر ورش للسكك الحديدية منذ الاستعمار البريطاني تشتهر أيضا بوجود أعرق الحركات النقابية التي أسهمت في مقاومة نظام الرئيس الأسبق جعفر نميري ونظام البشير أيضا نهاية العام 2018.
عرفت عطبرة بلقبها الأشهر بلد الحديد والنار, ومنذ سنوات خلت أخمد نظام الرئيس المخلوع عمر البشير النار في ورشها وعطل سكتها الحديد حتى يخرجها من مسار الثورة ويتجنب الاصطدام بشجاعة عمالها، وبالرغم من ذلك نجد أن عطبرة تعد ضمن المدن التي أشعلت الاحتجاجات الشعبية نهاية 2018 وادّت إلى ثورة ديسمبر وأسهمت في إسقاط نظام الرئيس المخلوع البشير.
الآن نار أخرى تشتعل في عطبرة.. فهل تكون بداية لحريق أكبر؟ أم تاريخ البلدة التليد قادر على تجنبها وإطفائها؟
الوسومالبراء بن مالك حرب السودان طايرة مسيرة عطبرة
المصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: البراء بن مالك حرب السودان عطبرة
إقرأ أيضاً:
رياح التغيير تهب على قانون الانتخابات.. مقترح نيابي بـ 4 نقاط لإعادة رسم الخريطة السياسية
بغداد اليوم - بغداد
كشفت كتلة "أنا العراق" النيابية، اليوم الثلاثاء (8 نيسان 2025)، عن تقديم مقترح أولي إلى رئاسة البرلمان يتضمن تعديلات جوهرية على قانون الانتخابات، وسط حراك سياسي متفاوت الرؤى والطموحات.
وقال رئيس الكتلة، النائب حيدر السعدي، لـ"بغداد اليوم"، إن: "هناك مساع جادة تقودها بعض القوى السياسية للمضي قدما بتعديل القانون الانتخابي، رغم وجود تباين في وجهات النظر بشأن جدوى هذا الحراك، وإمكانية تنفيذه ضمن الإطار الزمني المتاح لمفوضية الانتخابات".
وأوضح أن "المقترح الذي تم رفعه قبل عطلة عيد الفطر جاء مرفقا بتواقيع عدد من النواب، إلا أن الجمود في تحديد موعد الجلسات البرلمانية المقبلة يثير القلق بشأن مصير هذا التعديل"، داعيا رئاسة المجلس إلى تفعيل دورها واستئناف العمل التشريعي لحسم العديد من الملفات العالقة.
وبيّن السعدي، أن "التعديلات المقترحة تتمحور حول أربع نقاط رئيسة، من أبرزها منع استغلال المناصب التنفيذية لأغراض انتخابية، واعتماد نسب جديدة لاحتساب الأصوات (بين 20% - 80% أو 10% - 90%)، بالإضافة إلى شرط تخلي المرشحين عن مناصبهم الحكومية قبل خوض الانتخابات، ما يهدف إلى سد باب التحايل والالتفاف على القانون، حسب تعبيره.
وختم بالقول، إن "ملامح التعديل ستتضح أكثر خلال الجلسات المقبلة، في حال انعقادها، لا سيما وأن المقترح بات الآن على طاولة رئاسة البرلمان بانتظار الحسم".
وشهد قانون الانتخابات تعديلات متعددة في السنوات الأخيرة، نتيجة الضغط الشعبي والمطالبات السياسية لضمان عدالة التمثيل ومنع التلاعب في نتائج الاقتراع.
وقد كان آخر تعديل رئيسي للقانون قبيل انتخابات 2021، حيث تم تبني نظام الدوائر المتعددة بدلا من الدائرة الواحدة، ما فتح الباب أمام مشاركة أوسع للمستقلين وغير قواعد اللعبة السياسية إلى حد كبير.
ورغم تلك التعديلات، لا تزال الانتقادات توجه إلى القانون الحالي، خاصة فيما يتعلق باستغلال النفوذ والموارد الحكومية في الحملات الانتخابية، وكذلك آليات احتساب الأصوات وتوزيع المقاعد، التي يراها مراقبون أنها تفتقر إلى الشفافية أو تتيح مجالا للتحايل السياسي.