كيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يحول الاقتصاد إلى فيلم كارثي؟
تاريخ النشر: 3rd, April 2024 GMT
نشر موقع "بلومبيرغ" الأمريكي تقريرًا ناقش فيه تأثير التطور التكنولوجي في مجال الذكاء الاصطناعي على الاقتصاد والمجتمع.
وقال الموقع، في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن الإجابة التي يعطيها أكثر الناس حول كابوس الذكاء الاصطناعي المفضل لديهم على شاشة السينما مقتبس بالطبع من فيلم " ديف إنكومبتينت دورمان".
ما يجعل فيلم متروبوليس (1927) لفريتز لانج مذهلاً ليس فقط أنه يسبق عصره بقرن من الزمان، وإنما لأنه يتضمن لعبة مزدوجة ذكية للذكاء الاصطناعي.
تدور الحبكة حول ماريا، وهي شبيهة بجان دارك من الطبقة العاملة، وشبيهها الشرير، ماريا الروبوتية التي أنشأها الصناعيون الجشعون للسيطرة على وسائل الإنتاج. لكن، بالطبع، هذا الرجل الآلة لن يطيع أسياده وسينطلق لتدمير الجماهير والزعماء ومتروبوليس نفسها.
وأشار الكاتب إلى أن لعبته المزدوجة هي جعل هذه الجولة من الوعي السينمائي ذات صلة بالجمهور لذلك فإن البداية تكون بالاقتصاد، والسؤال هنا، هل سيجلب الذكاء الاصطناعي الكفاءة والازدهار للجميع؟ أم أنه عازم على حرق الاقتصاد؟
يتساءل تايلر كوين مع استمرار التحسينات في الذكاء الاصطناعي على قدم وساق حول كيفية تأثير الذكاء الاصطناعي على الاقتصادات وأسعار الأصول، وهل من المرجح أن يؤدي الذكاء الاصطناعي إلى ارتفاع أسعار الفائدة أو انخفاضها؟ هناك تنبؤ جريء وهو أن أسعار الفائدة الحقيقية المعدلة حسب التضخم سوف ترتفع، ولفترة طويلة من الزمن لعدة عقود على الأقل، إلى أن يؤدي التقدم الذي يقوده الذكاء الاصطناعي إلى خلق المزيد من الثروة لتجديد مخزونات المدخرات، وخفض أسعار الفائدة الحقيقية مرة أخرى.
وهذا يختلف كثيرًا عن توقعاته في كانون الثاني/ يناير بأن الذكاء الاصطناعي سيصبح أفضل.
على مدار العام ونصف العام الماضيين، زعم كوين أن الذكاء الاصطناعي سيعمل على تحسين التعليم، وتعزيز الإنتاجية، وإثراء الإنترنت، وجعل الأسواق أكثر استقرارًا، والأراضي أكثر قيمة، وتسريع وتيرة التقدم العلمي، وزيادة الثقة الاجتماعية، ومع ذلك، فإن أسلافنا كان بوسعهم إدارة العواقب بشكل أفضل بكثير مما فعلوا. وبينما صعود الذكاء الاصطناعي يمنحنا فرصة أخرى لتصحيح الأمر، فإن كيفية استجابتنا لأي تقنية جديدة لا تقل أهمية عن ما تفعله أي تقنية جديدة.
وكتب تايلر الأسبوع الماضي، ربما أفضل ما يمكن أن نتوقعه من الذكاء الاصطناعي على المدى القصير هو "الازدهار في قطاع الشاحنات المتحركة".
وأفاد الكاتب بأن الذكاء الاصطناعي قد يُحدث تغييرًا في قطاع نقل آخر وأخذ بعين الاعتبار هذا السؤال من جوناثان ليفين: "ما هو شعورك حيال قيام الذكاء الاصطناعي بتحديد أقساط التأمين الخاصة بك وبالتالي تحديد السعر الذي تدفعه على أساس ملايين المدخلات التي تم جمعها من وسائل التواصل الاجتماعي، وتاريخ إنفاقك والتكنولوجيا المضمنة في منزلك وسيارتك؟" .
وحسب جوناثان فإن هناك مسألة التحيز القائم على البيانات، وهي مشكلة طويلة الأمد في مجال التأمين تسبق الموجة الأخيرة من الإثارة في مجال الذكاء الاصطناعي. وقد أظهرت العديد من الدراسات أن استخدام درجات الائتمان في الاكتتاب في التأمين على السيارات يميل إلى رفع أقساط التأمين للأشخاص ذوي البشرة الملونة، والآن يمكن أن يؤدي انتشار الذكاء الاصطناعي إلى جلب عدد كبير من المتغيرات الإضافية في العملية، بما في ذلك منشورات مواقع التواصل الاجتماعي وعادات الشراء وبيانات الموقع عالية التردد.
وبينما يشعر جوناثان بالقلق بشأن التحيز ضد الأمريكيين السود واللاتينيين، يرى بول جيه ديفيز محنة مجموعة أقل اضطهادًا ألا وهم المصرفيون. ماذا لو كان الذكاء الاصطناعي في أيدي عملاء البنوك يقوم بأتمتة العمل المتمثل في التسوق للحصول على أفضل الأسعار على المنتجات المالية البسيطة وبسرعات لا تقاوم؟ وربما لن يمر وقت طويل قبل أن تتمكن روبوتات الذكاء الاصطناعي من الاعتناء بأموالنا بأقصى قدر من الكفاءة، إنه أمر رائع للعملاء، ولكن ليس بالنسبة للبنوك.
سوف تكره البنوك هذا وتحاربه في كل خطوة على الطريق، وإذا كان من الممكن أن يظهر تمويل البنوك وأصولها ويختفي بين دقيقة وأخرى، اعتمادًا على التغيرات الطفيفة في أسعار الفائدة، فمن المرجح أن يؤدي ذلك إلى زعزعة استقرار المقرضين الأفراد والنظام بأكمله. وقد أظهر انهيار أربعة بنوك إقليمية أمريكية وبنك كريدي سويس العام الماضي مدى السرعة التي يمكن أن تحدث بها عمليات السحب في عالم منصات التواصل الاجتماعي وعمليات السحب عبر الإنترنت بسهولة. ويمكن لروبوتات الذكاء الاصطناعي التي تنقل الأموال باستمرار للحصول على أفضل سعر أن تقتضي على أي بنك تمامًا عن طريق الصدفة دون أي شخص.
وأكد الكاتب أن العلاج التخيلي لإمكانات الذكاء الاصطناعي لا يقتصر على الأفلام بالطبع، وكعادته، يميل نيل فيرجسون نحو الأدب مشيرًا إلى أن القوة التنبؤية للروائي نيل ستيفنسون لا تتوقف أبدًا عن الإدهاش. فرواية العصر الماسي (1995) تدور أحداثها في عالم متقدم للغاية من الناحية التكنولوجية، مع وجود تكنولوجيا النانو في كل مكان بالإضافة إلى شيء مألوف بشكل غريب يسمى "بي إي". هناك تحذير مهم هنا لكل شخص يشعر بالدوار من التطورات الأخيرة في الذكاء الاصطناعي التوليدي، إن التطورات المذهلة في عالم التكنولوجيا لا تجعل التاريخ قديمًا، إنها تعيش جنبًا إلى جنب مع أحدث الأجهزة، لأن الحاضر ليس هو المكان الذي ينتهي فيه التاريخ ويبدأ المستقبل؛ إنه المكان الذي يندمج فيه الماضي والمستقبل، ويبدو ذلك المستقبل قاتما.
ومع ظهور الذكاء العام الاصطناعي، أصبح من الممكن تصور نتائج أكثر جذرية حيث قد يصبح من غير المنطقي توظيف البشر في أغلب الأدوار، بما في ذلك قيادة المؤسسات. ويتمتع التغير التكنولوجي بتاريخ طويل في إثارة الجدل السياسي والاضطرابات الاجتماعية، لكن المقاومة المنظمة نادرًا ما تنجح في منع تبنيه. وأحد المخاوف الرئيسية هو أن الذكاء الاصطناعي لا يزال يهلوس أكثر بكثير مما يفعل البشر، والمحدد الحقيقي لاعتماد السوق هو ما يمكن أن يفعله الذكاء الاصطناعي بموثوقية الإنسان أو موثوقية أفضل.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية الذكاء الاصطناعي الاقتصاد السينما اقتصاد سينما انتاج ذكاء اصطناعي صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الذکاء الاصطناعی على أن الذکاء الاصطناعی أسعار الفائدة یمکن أن أن یؤدی
إقرأ أيضاً:
معلومات الوزراء يوضح تأثير الذكاء الاصطناعي على سوق العمل
أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، تحليلاً جديداً حول "الذكاء الاصطناعي ومستقبل العمل"، تناول خلاله التحولات التي تشهدها أسواق العمل العالمية، من انخفاض معدلات البطالة إلى زيادة أعداد العاملين، بالإضافة إلى استعراض تأثير الذكاء الاصطناعي على الوظائف التقليدية، وزيادة الطلب على المهارات الرقمية، كما تطرق إلى الوظائف التي يُتوقع أن يحل محلها الذكاء الاصطناعي، وتلك التي يصعب استبدالها.
أشار التحليل إلى أن عام 2025 بدأ وسط تحولات مستمرة في أسواق العمل العالمية؛ حيث أثرت جائحة كوفيد-19، وارتفاع تكاليف المعيشة، وتزايد الصراعات الجيوسياسية، بالإضافة إلى فرض حالة الطوارئ المناخية والركود الاقتصادي، في الديناميكيات العالمية للتوظيف المدفوع بالتكنولوجيا، وتشير البيانات الاقتصادية إلى أن معدل البطالة العالمي وصل إلى أدنى مستوى له منذ عام 1991، حيث بلغ 4.9% في عام 2024. وعلى الرغم من ذلك، تشهد الدول ذات الدخل المنخفض زيادةً في معدل البطالة من 5.1% في عام 2022 إلى 5.3% في عام 2024.
تناول التحليل تطور أعداد العاملين في العالم خلال الفترة من 2014 إلى 2024، حيث بلغ إجمالي القوى العاملة في العالم 3.1 مليارات عامل في عام 2014، مسجلًا أدنى مستوى خلال هذه الفترة. ثم شهد عدد العاملين نموًّا حتى عام 2019، حيث بلغ 3.29 مليارات عامل. ومع ظهور جائحة كوفيد-19، انخفض عدد العاملين إلى 3.22 مليارات عامل في عام 2020، بنسبة انخفاض بلغت 2%. ومع ذلك، عاد العدد للنمو مرة أخرى حتى وصل إلى 3.51 مليارات عامل في عام 2024، مسجلًا زيادة قدرها 0.86% مقارنة بعام 2023، الذي بلغ فيه عدد العاملين 3.48 مليارات عامل.
أشار التحليل إلى أنه بناءً على الاستطلاع الذي أجرته شركة برايس ووتر هاوس كوبرز (PWC) البريطانية على 4702 رئيس تنفيذي في 105 دول حول العالم، فقد أظهرت النتائج أن 25% من الشركات في قطاعات مختلفة كانت تستعد لشطب نحو 5% أو أكثر من الوظائف لديها في عام 2024 بسبب تأثيرات الذكاء الاصطناعي.
وكشفت نتائج الاستطلاع أن 32% من الرؤساء التنفيذيين في قطاع الإعلام والترفيه أشاروا إلى خططهم للاستغناء عن وظائف خلال عام 2024.
كما تشير تقديرات المنتدى الاقتصادي العالمي إلى أن الذكاء الاصطناعي سيحل محل نحو 85 مليون وظيفة بحلول عام 2025، وفي الإطار ذاته، أوضحت شركة فريثينك freethink- الداعمة لتقنيات الذكاء الاصطناعي- أنه: "يمكن أتمتة 65% من وظائف البيع بالتجزئة بحلول عام 2025، نتيجة التقدم التكنولوجي وارتفاع التكاليف والأجور، وانخفاض الإنفاق الاستهلاكي".
وعلى الجانب الآخر، من المُتوقع نمو الطلب على عدد من الوظائف التي ترتبط بالتكنولوجيا بوتيرة أسرع بحلول عام 2030، وبحسب الاستطلاع الذي أشار إليه المنتدى الاقتصادي العالمي في تقرير مستقبل الوظائف - الصادر عام 2025 - لآراء أكثر من 1000 صاحب عمل في عام 2024، والذين يمثلون نحو 14 مليون عامل في 55 دولة حول العالم، فتأتي وظيفة متخصص البيانات الضخمة على رأس 15 وظيفة سيزيد الطلب عليها، ثم وظيفة مهندس التكنولوجيا المالية، ثم متخصص الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي، ومن بين هذه الوظائف أيضًا: (مطور البرمجيات والتطبيقات، ومتخصص إدارة الأمن، ومتخصص مستودعات البيانات، ومتخصص المركبات ذاتية القيادة والكهربائية، ومصمم واجهة وتجربة المستخدم "UI/UX"، وسائق خدمات التوصيل، ومتخصص إنترنت الأشياء، ومحلل وعالم البيانات، ومهندس البيئة، ومحلل أمن المعلومات، ومهندس Devops، ومهندس الطاقة المتجددة).
أوضح التحليل أن تقرير بنك جولدمان ساكس يشير إلى أن الذكاء الاصطناعي قد يحل محل 300 مليون وظيفة بدوام كامل، مما قد يؤدي إلى زيادة القيمة السنوية الإجمالية للسلع والخدمات المنتجة عالميًّا بنسبة 7%. ومن المتوقع أيضًا أن يكون ثلثا الوظائف في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا أكثر عرضة للأتمتة. ومن أبرز الوظائف الأكثر عرضة للأتمتة ما يلي:
- ممثلو خدمة العملاء: لم تعد أغلب تعاملات خدمة العملاء البشرية تتم عبر الهاتف مع موظف بشري يراقب الخطوط، ففي بعض الأحيان تكون استفسارات العملاء ومشكلاتهم متكررة، ولا يتطلب الرد على هذه الاستفسارات ذكاءً عاطفيًّا أو اجتماعيًّا عاليًا، وبالتالي يُمكن الإجابة عن الأسئلة الشائعة بشكل آلي. ووفقًا لدراسات جارتنر، فمن المتوقع استخدام 25% من عمليات خدمة العملاء بواسطة روبوتات الدردشة التي تعمل بالذكاء الاصطناعي بحلول عام 2027، مما يقلل الطلب على موظفي خدمة العملاء البشريين بشكل كبير.
- موظفو الحسابات: تستخدم العديد من الشركات الآن الأتمتة والذكاء الاصطناعي في عملياتها المحاسبية، بحيث توفر خدمات المحاسبة المدعومة بالذكاء الاصطناعي نظامًا أكثر مرونة وفاعلية، وأقل تكلفة من دفع راتب لموظف يقوم بنفس الوظيفة، وسيضمن الذكاء الاصطناعي جمع البيانات وتخزينها وتحليلها بشكل صحيح.
- موظفو إدخال البيانات: يُمكن لأنظمة الذكاء الاصطناعي معالجة كميات هائلة من البيانات المُنظمة بسرعة ودقة، مما يقلل من الحاجة إلى العنصر البشري، فلا تعمل هذه الأنظمة على تقليل الأخطاء فحسب، بل إنها تدير أعباء العمل بشكل أكثر فاعلية، ووفقًا لدراسة أجرتها شركة ماكينزي، فإنه يُمكن أتمتة 38% من مهام إدخال البيانات بحلول عام 2030
- المدققون اللغويون: أصبحت أدوات الذكاء الاصطناعي مثل Grammarly وبرامج معالجة اللغة الأخرى أكثر دقة في اكتشاف الأخطاء الإملائية والنحوية؛ حيث تستطيع هذه الأنظمة معالجة مجموعة من البيانات الضخمة، والقيام بدور المُدققين البشريين، لذا فمن المُتوقع أن يتمكن الذكاء الاصطناعي من أداء 90% من مهام التدقيق اللغوي بحلول عام 2030.
- عمال التصنيع: تعمل أنظمة الذكاء الاصطناعي والروبوتات على أتمتة العديد من المهام اليدوية الخاصة بعملية التصنيع، فيمكن للروبوتات التي تعمل بتقنية التعلم الآلي، العمل بشكل أسرع دقة وعلى مدار الساعة دون الحاجة إلى فترات راحة، كما يشير المنتدى الاقتصادي العالمي، إلى أنه من المقرر أن يستمر هذا التوجه، مع توقع انخفاض بنسبة 30% في أدوار التصنيع البشري بحلول عام 2030.
- حراس الأمن: تتناقص الحاجة إلى حراس الأمن البشريين، بسبب تزايد فاعلية أنظمة الذكاء الاصطناعي، والتي تتضمن تقنيات التعرف على الوجه وتحليل السلوك لمراقبة مناطق واسعة، وتتمتع هذه الأنظمة بالقدرة على مراقبة البيئة بشكل مستمر، وتحديد المخالفات، وإخطار السلطات المعنية، لذلك فمن المُتوقع أن ينخفض الطلب على أفراد الأمن البشر بشكل كبير في السنوات القادمة.
أشار التحليل إلى أنه على الرغم من أن الذكاء الاصطناعي سيحل محل الكثير من الوظائف سالفة الذكر، فإن هناك بعض الوظائف التي يقوم بها الأشخاص في سوق العمل المفتوحة، لن يحل الذكاء الاصطناعي محلها، ومن هذه الوظائف:
- المعلمون: على الرغم من التوسع في آليات التعليم الإلكتروني والتعلم عن بُعد، فإن المعلم يمثل نقطة مرجعية للكثيرين، وفي بعض الأحيان، نتأثر بمعلم معين لنا في السنوات السابقة، فعلى سبيل المثال بعض قراراتنا الأكاديمية تعتمد جزئيًّا على مدى إلهام معلم معين لنا، لذلك فمن الصعب أن يحظى الطلاب بتجربة تدريس رقمية كاملة في المستقبل.
- القضاة والمحامون: نظرًا لتمتع هذه المناصب بعنصر قوي من التفاوض وتحليل القضايا، فيتطلب الأمر مجموعة معينة من المهارات للتمكن من التنقل عبر الأنظمة القانونية المعقدة والمرافعة دفاعًا عن حق العميل في المحكمة، والنظر للأمر في جميع الجوانب المختلفة، وهذا لا يتمتع به إلا القضاة والمحامون.
- المديرون والرؤساء التنفيذيون: ترتبط عملية إدارة فرق العمل داخل المنظمة بالقيادة، وهي ليست مجرد مجموعة من السلوكيات التي يُمكن معالجتها، لذلك يُعد الرئيس التنفيذي مسؤولًا عن مشاركة المهام والمسؤوليات مع فريق العمل، لذلك لا يشعر المستثمرون بالراحة في الاستثمار في شركة تديرها الروبوتات.
- علماء النفس والأطباء النفسيون: على الرغم من أن الذكاء الاصطناعي يُقدم فوائد عديدة في مجال الرعاية الصحية النفسية، فإنه لا يمكن لتقنيات الذكاء الاصطناعي أن تحل محل الأطباء النفسيين بالكامل، خاصةً في التعامل مع الحالات المُعقدة، وتقديم التفاعلات العاطفية؛ كما تعد اللمسة الإنسانية ضرورية، خاصةً عندما يتعلق الأمر بدعم الأشخاص لتحقيق النجاح في حياتهم، ويعتمد الاختيار بين الذكاء الاصطناعي والأطباء النفسيين حسب طبيعة المشكلة التي يعاني منها المريض.
- الجراحون: تتمتع تقنيات الذكاء الاصطناعي التي تستخدم في غرفة العمليات، بالقدرة على تحديد الخطوات التشريحية في العمليات الجراحية، وتقليل الأخطاء البشرية، وعلى الرغم من ذلك، فمن الصعب أن تحل تقنيات الذكاء الاصطناعي محل الجراحين، لأنها مجرد وسيلة لتعزيز الرعاية المُقدمة للمرضى، كما أنه يتطلب من الجراح التواصل مع المريض، وهو ما لم تقدر عليه أنظمة الذكاء الاصطناعي.
أشار التحليل إلى أن التطورات المتسارعة تُمثل جرس إنذار بشأن ضرورة خلق وظائف جديدة بمعدلات أكبر من ذي قبل، لذا يجب التفكير من الآن في ابتكار مجالات عمل جديدة. ووفقًا لما ذكرته مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم التابعة لحكومة دبي، فإنه بعد مائة عام ستختفي مليار وظيفة من وظائف العصر الحالي، وستشكل وظائف مجالات تطبيقات الهواتف المحمولة 47% من المهن المستقبلية. كما أنه لن يكون هناك سائقو أجرة، ولا محطات انتظار للسيارات، ولا محطات وقود، ولكن ستُوجد بدائل يطورها مستشرفو المستقبل من صناع التكنولوجيا الحديثة.
والجدير بالذكر أنه من المتوقع أن يتغير مستقبل صناعة السيارات في العالم، حيث سيتجه الكثيرون نحو السيارات الكهربائية. وخلال الفترة من 2030 إلى 2035، من المتوقع حدوث تغييرات في القيادة على الطرق الرئيسة والسريعة، مع اختفاء أماكن انتظار السيارات في مناطق المطارات. كما تعتزم شركة إيرباص إنتاج ما يُعرف بـ "التاكسي بلا سائق" بحلول عام 2030، مما سيوفر مليارات الدولارات ويقلل الحوادث المرورية والخسائر في الأرواح التي تصل إلى 20 مليون شخص سنويًّا في العالم.
في ضوء التحولات العميقة التي تشهدها سوق العمل العالمية نتيجة لتقدم تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، أشار التحليل في ختامه إلى أهمية تبني الأفراد والشركات على حد سواء استراتيجيات مرنة لمواكبة هذه التغيرات. ومن خلال الابتكار والتطوير المستمر للمهارات الرقمية، يمكننا الاستفادة من الفرص التي يتيحها الذكاء الاصطناعي لتحقيق نمو اقتصادي مستدام وخلق وظائف جديدة. وسيتعين على الجميع، من القادة في القطاعات المختلفة إلى العاملين في شتى المجالات، أن يعملوا معًا لبناء مستقبل مهني يعكس تطور التكنولوجيا ويسهم في رفاهية المجتمعات العالمية.