حركة إسرائيلية يمينية متطرفة أسسها الحاخام مائير كاهانا عام 1971 في إسرائيل. عرفت بأفكارها العنصرية ودعوتها لطرد الفلسطينيين من الأراضي المحتلة وإيمانها بأفضلية اليهود على غيرهم. ومن أبرز أعضائها وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير، الذي انضم للحركة وهو في الـ16 من عمره.

سعت إلى إقامة دولة يهودية خالصة على أرض فلسطين، وشكلت مجموعات مسلحة للاعتداء على قرى الفلسطينيين وتخريب ممتلكاتهم، كما تبنت عمليات قتل بحقهم.

نجحت الحركة في الحصول على مقعد في الكنيست الإسرائيلي، مع صعود حزب الليكود اليميني إلى السلطة عام 1977 وسيطرة الخطاب المتطرف على الساحة السياسية. لكن سرعان ما تم حظرها من الكنيست وإدراجها ضمن قوائم الإرهاب عام 1994.

مائير كاهانا يعتبر الأب الروحي لأيديولوجية اليمين المتطرف اليهودي (غيتي) النشأة والتأسيس

تأسست حركة كاخ في إسرائيل عام 1971، ونصّ ميثاقها المعلن على أن أرض إسرائيل ملك لليهود فقط، وأن الفلسطينيين يجب ترحيلهم قسرا من أراضيهم.

أنشأها الحاخام مائير كاهانا بعد عودته من الولايات المتحدة الأميركية، ويعتبر الأب الروحي لأيديولوجية اليمين المتطرف اليهودي.

تولدت حركة كاخ عن "رابطة الدفاع اليهودية" التي أسسها مائير كاهانا في الولايات المتحدة الأميركية عام 1968، وكان إنشاؤها جزءا من رد الفعل العنيف للرجل الأبيض الذي صاحب إضرابات نقابة المعلمين في مدينة نيويورك عام 1968.

أدت هذه الإضرابات إلى ظهور حالة من التوتر العنصري بين نقابة المعلمين ذات الأغلبية اليهودية، والسكان السود الذين كانوا يسعون إلى سيطرة أكبر على مدارس حيهم والمطالبة بمزيد من وظائف الخدمة المدنية. لكن كاهانا، بخطابه العاطفي الشعبوي، استطاع استقطاب عدد كبير من اليهود ودحض سعي السود للسيطرة.

الحرم الإبراهيمي حيث ارتكب أحد أعضاء حركة كاخ مجزرة عام 1994 (الفرنسية)

بحلول عام 1970، اتجهت الرابطة بقضيتها الأساسية إلى محنة اليهود السوفيات، وكان هدفها الرئيسي ترويع المؤسسات التابعة للاتحاد السوفياتي في الولايات المتحدة للضغط على الدولة الشيوعية وتغيير سياساتها "المعادية للسامية"، وخصوصا حظرها هجرة اليهود إلى إسرائيل.

واقتصرت أعمال الرابطة على الأنشطة الاحتجاجية والتخريبية، بدءا من سكب الدماء على دبلوماسي سوفياتي خلال حفل استقبال في واشنطن العاصمة، إلى زرع قنبلة دخان في عرض موسيقي للأوركسترا السوفياتية في نيويورك.

ومع كل حادثة، تتبنى الرابطة المسؤولية الكاملة من خلال رفع شعارها الرسمي "لن يتكرر ذلك مرة أخرى!"، في إشارة إلى ما يعرف بمحرقة "الهولوكوست".

لم يقتصر عمل الرابطة على معاداة السوفيات، فقد استهدفت أي جهة اعتبرتها تهديدا لبقاء القومية اليهودية المتطرفة وشملت بذلك الأميركيين والمنظمات اليمينية المتطرفة المحلية، والناشطين العرب والمسلمين، والصحفيين والعلماء، وأعضاء الجالية اليهودية "الذين ليسوا يهودا بما فيه الكفاية"، على حد قولهم.

فقد اقتحم 6 من أعضاء رابطة الدفاع اليهودية عام 1975 مكتب نائب الرئيس التنفيذي لمؤسسة الرفاهية اليهودية في سان فرانسيسكو واعتدوا على 4 من موظفيها، وكان الاقتحام احتجاجا على بطء استجابة المؤسسة لسد احتياجات المجتمع اليهودي في سان فرانسيسكو.

الفكر والأيديولوجيا

استطاع مائير كاهانا، بخطابه العاطفي التحريضي وبترديد شعارات حملت أيديولوجيا يمينية متطرفة، أن يجذب الشباب إلى رابطة الدفاع اليهودية، وخلال فترة وجيزة ارتفعت طلبات الانتساب إلى العصبة من ألف إلى 7 آلاف طلب.

وتمركزت فرق الرابطة في معسكر جيدل الواقع في قرية وودبورن بولاية نيويورك، والذي استخدمته لبناء كادر من مقاتلي الشوارع اليهود، كما امتلكت فروعا في عدة ولايات منها لوس أنجلوس وسان فرانسيسكو وبوسطن وشيكاغو.

نشأت رابطة الدفاع اليهودية على أيديولوجية يمينية متطرفة تتأسس على خمسة مبادئ أساسية كتبها مائير كاهانا وهي:

حب إسرائيل وشعب إسرائيل. اعتزاز اليهود بتاريخهم وثقافتهم. الانضباط والوحدة بين اليهود. الإيمان بعظمة الشعب اليهودي ومنع إبادته. مبدأ القوة الحديدية.

ويرى كاهانا أن القوة والعنف هما الطريقان الوحيدان لتحقيق أهداف اليهود، وأن "السلوك السلمي هو ما جرّ على اليهود الظلم".

وكانت هذه أفكار زئيف جابوتينسكي، أحد مؤسسي الحركة الصهيونية، وبها استقطب مائير كاهانا عددا كبيرا من الجماهير عبر خطاباته، وأطلق فيما بعد مصطلح "الكاهانية" على الجماعات التي تشترك في تبني المبادئ التي دعا إليها.

أعضاء لرابطة الدفاع اليهودية خارج البعثة العراقية لدى الأمم المتحدة عام 1971 وفيها اعتقل كاهانا (أسوشيتد بريس) نشاط الحركة السياسي والمسلح

أدى نشاط مائير كاهانا ورابطته إلى إدانته وسجنه في أميركا، في قضية صنع قنابل لاستهداف الوفود السوفياتية، فعاد إلى إسرائيل، وهناك أسس حركة كاخ عام 1971، وسلك بها منهج رابطة الدفاع اليهودية مع تطور في سلوكها العنفي ضد الشعب الفلسطيني.

دخلت الحركة عالم السياسية حزبا سياسيا قبيل انتخابات عام 1973، واستمرت بممارساتها العدوانية ضد العرب في أراضي 1948، ولاحقا في الضفة الغربية المحتلة. وشملت هذه الاعتداءات القتل وتخريب الأراضي الزراعية.

مع بروز حركة كاخ في المشهد السياسي عام 1973، وتبنيها الأفكار العنصرية، رشّح مؤسسها نفسه لانتخابات الكنيست في سنوات 1973 و1977 و1981، لكنه فشل في الحصول على مقعد.

ومع تغير المناخ السياسي ووصول حزب الليكود اليميني إلى السلطة عام 1977، أعاد كاهانا ترشيح نفسه في انتخابات 1984 ودخل الكنيست بأصوات 26 ألف ناخب.

فوز كاهانا في الكنيست أشعل حربا إعلامية واعتبر فضيحة سياسية لإسرائيل، مما دفع الحكومة الإسرائيلية إلى تعديل قانون الانتخابات وحظر الأحزاب الداعية إلى الفكر العنصري، وهو ما منع ترشح أعضاء حركة كاخ في انتخابات 1988.

شكلت الحركة تنظيما سريا مسلحا في الضفة الغربية عرف باسم "لجنة الأمن على الطرق"، وتلقى أعضاؤها تدريبا عاليا وامتلكت وسائل نقل سريعة.

وبدأ نشاط التنظيم السري بتوفير مرافقة مسلحة لباصات النقل ومركبات المستوطنين على طرق الضفة الغربية، وإذا تعرضت مركبة إسرائيلية للقذف بالحجارة يطلق أعضاء اللجنة النار على رماة الحجارة.

وازداد نشاط التنظيم مع اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الأولى عام 1987، ودفع ذلك بعض أعضاء الكنيست اليساريين إلى تقديم استجوابات للحكومة الإسرائيلية حول التنظيم عام 1990، مطالبين بالكشف عنه ووضع حد لأنشطته.

حققت حركة كاخ بأفكارها استقطابا كبيرا من الجماهير في إسرائيل على الرغم من خسارة موقعها السياسي، إذ ساهمت في تصاعد التطرف في إسرائيل والترويج للأيديولوجيا الكاهانية التي تبنتها العديد من الحركات مثل "كاهانا حي" و"حزب عوتسما يهوديت".

زعيم حزب كاخ المناهض للعرب باروخ مرزيل وسط أنصاره (رويترز) انقسام الحركة

اغتيل مائير كاهانا يوم الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني 1990، على يد سيد نصر -وهو أميركي من أصل مصري- بينما كان يلقي محاضرة في قاعة محاضرات بفندق ماريوت ماركيز بحي مانهاتن في نيويورك.

تلا ذلك انقسام حركة كاخ إلى تنظيمين، احتفظ الأول بالاسم الأصلي، واتخذ الثاني اسم "كهانا حي"، وتزعمه نجل مائير، بنيامين كاهانا، وكان أقل عددا من حركة كاخ الأم، لكن لم يختلف عنها في الأيديولوجيا وأساليب العمل.

لم يطرأ أي تغيير على جوهر أنشطة "كاخ" ضد الفلسطينيين مع تغير قيادتها، بل ازدادت خاصة بعد تسلُّم حزب العمل السلطة بدلا من الليكود، وتزايدت مخاوف المستوطنين من احتمال انسحابات إسرائيلية من الضفة الغربية، وازدياد عمليات حركة المقاومة الإسلامية (حماس) ضد الجيش الإسرائيلي أواخر عام 1993.

كاهانا استطاع بخطابه العاطفي التحريضي أن يجذب الشباب إلى عصبة الدفاع اليهودية (رويترز) أبرز المحطات عام 1971، عاد مائير كاهانا من الولايات المتحدة إلى إسرائيل وأنشأ حركة كاخ. عام 1980 صدر أمر إداري عن وزير الدفاع الإسرائيلي بسجن  كاهانا، بعد تسريب معلومات عن تخزين الحركة متفجرات وأسلحة كان الهدف منها عملية تخريبية ضد المسجد الأقصى. تولى مائير كاهانا رئاسة الحركة حتى عام 1990، ثم خلفه باروخ مرزيل، الذي كان أمين سر كتلة "كاخ" في الكنسيت والناطق باسم الحركة. عام 1994، نفذ باروخ غولدشتاين، أحد أبرز أعضاء حركة كاخ، مجزرة الحرم الإبراهيمي بمدينة الخليل، واستشهد فيها 29 مصليا، وفي أعقاب المذبحة أدرجت إسرائيل، والاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة الأميركية، حركة كاخ في قوائم الإرهاب. عام 2002 سجن رئيس رابطة الدفاع اليهودية، إيرف روبين، بتهمة التخطيط لهجوم بالقنابل على مسجد الملك فهد في كولفر سيتي، بولاية كاليفورنيا مما أدى إلى انتحاره خلال فترة سجنه. في شهر مايو/أيار 2022 أزالت وزارة الخارجية الأميركية حركة كاخ من قائمة الإرهاب، وأثار هذا القرار انتقادات شديدة من السلطة الوطنية الفلسطينية وحركة حماس، التي رأت أن هذه الخطوة مكافأة لأعضاء منظمة إسرائيلية لها تاريخ بارتكاب الجرائم.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ ترجمات حريات الولایات المتحدة الضفة الغربیة فی إسرائیل عام 1971

إقرأ أيضاً:

فايننشال تايمز: كيف حوّل وزير الأمن الإسرائيلي الشرطة لخدمة أجندته لتصبح “ميليشيا بن غفير”

سرايا - نشرت صحيفة “فايننشال تايمز” تقريراً لمراسلها نيل زيبلر من تل أبيب، أشار فيه إلى الطريقة التي حوّلَ فيها مدير الأمن الوطني الإسرائيلي إيتمار بن غفير الشرطة إلى سلاح.

وأشار زيبلر لحادث الهجوم على بن غفير عندما ذهب إلى الشاطئ في تل أبيب، واستُقبل بالسخرية والاستهزاء من المستحمين على الشاطئ وتعرّضه للضرب بحفنة رمال من شابة رمتها باتجاهه. وقد اعتقلت الشرطة التي كانت ترافقه الفتاة واحتجزتها ليلة واحدة، ووجهت لها اتهاماً بـ “الاعتداء على موظف عام”، وهي تهمة تحمل معها سجناً لمدة ثلاثة أعوام.

لكن الحادث يظهر كيف غيّر الوزير القومي المتطرف الشرطة، منذ توليه منصب إدارتها، قبل 20 شهراً، عندما انضم حزبه إلى نتنياهو في الائتلاف الحالي.

إسرائيليون: إعادة تشكيل الشرطة من قبل رجل يخبر الفلسطينيين بفخر أن اليهود “أسيادهم” قد تكون له عواقب بعيدة المدى على سلوك الشرطة وسيادة القانون

ويقول مسؤولون سابقون في الشرطة، ومحلّلون قانونيون وناشطون معارضون للحكومة إن القوة المكونة من 30,000 عنصر تم تسييسها لخدمة أجندة متطرف قومي في مناخ من التوتر ناجم عن الحرب في غزة. ويحذّرون من أن إعادة تشكيل القوة من قبل رجل يخبر الفلسطينيين بفخر أن اليهود هم “أسيادهم” قد تكون له عواقب بعيدة المدى على سلوك الشرطة وسيادة القانون، وحتى الديمقراطية الإسرائيلية.

وقال ديفيد تزور، رئيس الشرطة السابق: “هذا ما نطلق عليه الفيل في دكان الأطباق الصينية. واختاروا مجرماً مداناً وعيّنوه في أقدس أقداس نظام فرض القانون، هذا أمر لا يصدق”.

ومنذ تولي بن غفير قيادة هذه القوة، اتهمت بالتساهل في التعامل مع عنف المستوطنين في الضفة الغربية المحتلة، واتباعها تكتيكات عدوانية ضد المتظاهرين المناهضين للحكومة، والفشل في وقف الهجمات اليمينية المتطرفة على قوافل المساعدات إلى غزة المحاصرة. وفي نفس الوقت حاول بن غفير، ومن طرف واحد، تغيير الوضع الراهن في المسجد الأقصى.

وحتى العام الماضي، نظر للرجل، البالغ من العمر 48، وبسجلّه في التحريض وإثارة الشعب، وإدانته السابقة بنشاطات مناهضة للعرب، على أن من الاستحالة ترشيحه لمنصب يتعلق بفرض القانون.

وكأحد أتباع الحاخام المتطرف مائير كاهانا، برز للعلن عندما كسر قطعة تزين سيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي يتسحاق شامير عام 1995. وقال: “مثلما استطعنا الوصول إلى هذا الرمز فإننا قادرون على الوصول إلى رابين”، وبعد أسابيع أطلق متطرفٌ يهودي معارض للعملية السلمية مع الفلسطينيين النار عليه.

وظل بن غفير، الذي يعيش في مستوطنة كريات أربع، جنوبي الضفة الغربية، يحتفظ بصورة باروخ غولدشتاين، الذي قتل عشرات من المصلين الفلسطينيين في الحرم الإبراهيمي. وفي السنوات الأخيرة، درس القانون من أجل الدفاع عن المستوطنين اليهود المتهمين بالهجوم على الفلسطينيين. واهتم الإعلام به، ما رفع من شهرته، ونجح في الانتخابات البرلمانية، عام 2021، كزعيم لحزب القوة اليهودية.

وكان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو قد تحدث، قبل عام من الانتخابات، بأنه لن يعين بن غفير في حكومته، لكن أطول رئيس وزراء في تاريخ إسرائيل احتاج لبن غفير من أجل تشكيل الحكومة. وكان الثمن أن يكون وزيراً في الوزارة التي منحت اسماً كبيراً: “الأمن القومي”، مع أنها كانت تعرف باسم وزارة “الأمن الداخلي”.

وقال بن غفير، الذي خاض حملته الانتخابية على أساس برنامج “القانون والنظام”، إن هدفه هو “تعزيز الحكم والسيادة”، وزيادة ميزانيات الشرطة.

ورغم هذا الزعم، فإن معدلات الجريمة زادت تحت إدارته للوزارة، وذلك حسب بيانات لحركة حرية المعلومات. وبخاصة الجريمة في البلدات والقرى العربية داخل إسرائيل، حيث وصلت إلى 116 جريمة قتل عام 2022 و244 في عام 2023، وذلك بحسب البيانات التي اطلعت عليها “فايننشال تايمز”، فيما قتل حوالي 170 عربياً هذا العام. وتقول الشرطة إن “معالجة العنف في المجتمع الإسرائيلي- العربي لا يزال أولوية”، وقد خصصت لها “مصادر كبيرة”. إلا أن ثقة الرأي العام بقوى الشرطة تدهورت، وكذا تراجعت معنويات عناصرها، واستقال عدد من الضباط من ذوي الرتب المتوسطة والعليا، أو هددوا بذلك، حسب مقابلات وتقارير إعلامية واتصالات داخلية اطلعت عليها صحيفة “فايننشال” تايمز.

كما استقال ستة نواب لمفوضي شرطة، في الشهرين الماضيين وحدهما. وقال قائد شرطة بارز سابق عن غفير بأنه “يمثل كل ما هو غير ديمقراطي؛ تنمّر، عنف، عنصرية. وطالما استمر بالسماح له بالمضي بخططه، وتعمق فشله، فلن يكون هناك قوة “ديمقراطية” للشرطة”. مضيفاً: “تستهدف الشرطة العناصر المعادية للحكومة والأقليات، وأنت تبدأ بالعرب، ولن ينتهي الأمر عند هذا الحد”.

ويصف المعادون للحكومة الشرطة بأنها “ميليشيا بن غفير”. وطالب الوزير نفسه بالعمل كـ “مفوض أعلى للشرطة” بصلاحيات فوق القائد الأعلى، سعياً منه للمشاركة ليس فقط في السياسة العامة ولكن في تفاصيل العمليات واستخدام القوة، بحسب ما قاله العديد من كبار ضباط الشرطة السابقين. وأضاف هؤلاء بأن هذا لا يخرق فقط الأعراف الديمقراطية، ولكن القانون الإسرائيلي الذي ينص على ابتعاد مفوض الشرطة عن التدخل في السياسة والتزام الحيادية. وحاولت المحكمة العليا تأكيد صلاحيات المفوض بعدما اشتكى ناشطون من السلطات الواسعة لبن غفير. إلا أن هذا مارس التأثير من خلف الأبواب.

وقال تزور إن “جوهر قوة الوزير يكمن في بناء القوة، وبعبارات أخرى، التعيينات، وهنا تكمن سلطته”. وقد استخدم بن غفير هذه السلطة بشكل واسع، حيث أجرى مقابلات شخصية حتى مع القادة من ذوي الرتب المتوسطة من أجل ترقيتهم، واتصل مباشرة برؤساء المناطق، حسبما قال العديد من الأشخاص المطلعين على عمليات الشرطة. وقال قائد شرطة سابق: “هناك فوضى داخل الشرطة، ويقوم بزرع الخوف في قلوب الضباط، وبناء على أجندته” و”يقوم بتشكيل الشخصيات الذين يقودون الشرطة، بشكل يظهر للآخرين أنه يجب أن يكون ولاؤهم”.

وأضافت الصحيفة أن مكتب وزير الأمن الوطني لم يرد على طلبات التعليق المتكررة منها.

وفي العام الماضي، عيّن بن غفير داني ليفي مفوضاً عاماً للشرطة، وهو اختيار صادم، لأن ليفي عين مفوض منطقة قبل أقل من عام. وكان مسؤولاً عن تفريق التظاهرات في بلدة نتنياهو قيسارية. وقال له بن غفير في حفل ترسيمه: “أنت الشخص المناسب في المكان المناسب”، مضيفاً: “جاء داني بأجندة يهودية وصهيونية، وسيقود الشرطة بناء على السياسة التي أحددها له”. لكن تزور يرى أن تعيين بن غفير لليفي لا يسحب عنه المصداقية “كون الشخص الذي عيّنه مجرماً لا ينزع المصداقية على التعيين، لكن على [داني ليفي] عبء الإثبات”.

وفي تموز/يوليو، أصدر كوبي شابتاي، المفوض المنتهية ولايته، تحذيراً شديد اللهجة: “إن المعركة ضد تسييس الشرطة وانحرافها عن المسار المهني تجري على قدم وساق”.

وفي أول أسبوع من تولي ليفي عمله كمفوض، في بداية أيلول/سبتمبر، اعتقلت الشرطة 125 متظاهراً، مقارنة مع 85 معتقلاً شهرياً، وطوال 20 شهراً من التظاهرات، حسب جبهة دعم المعتقلين.

واعتقل متظاهر اسمه نداف غات في تل أبيب، هذا الشهر، حيث كان يقف على قارعة الطريق، وبقي محتجزاً طوال الليل، ولكنه لاحظ غياب المهنية. وفي الوقت نفسه، قام نشطاء اليمين المتطرف، الذين يرتبطون بشكل وثيق مع بن غفير وحركة الاستيطان في الضفة الغربية، خلال النصف الأول من هذا العام، بمنع قوافل المساعدات التي تحاول الوصول إلى غزة التي مزقتها الحرب، ولم تتدخل الشرطة إلا نادراً، ولم تعتقل أحداً.

ونقلت الصحيفة عن مصدر أمني إسرائيلي قوله إن هناك شكوكاً داخل الجيش بأن أفراد الشرطة أبلغوا المجموعات المتطرفة هذه بحركة القوافل.

وحتى الإدارة الأمريكية طالبت علناً السلطات الإسرائيلية ببذل المزيد من الجهود لوقف الهجمات. وهناك أمثلة أخرى على هذا النهج المتساهل من اليمين القومي المتطرف، ففي تموز/يوليو، اقتحمت عصابات منهم قاعدتين عسكريتين إسرائيليتين، احتجاجاً على اعتقال عدد من جنود الاحتياط بزعم تعذيب المعتقلين الفلسطينيين.

ومع استجابة الشرطة الباهتة، اضطر الجيش الإسرائيلي إلى نشر قوات المشاة لحماية إحدى القاعدتين. ولم يتم اعتقال أي من القوميين المتطرفين.

وقال عدد من الضباط السابقين إن أوضح الأمثلة عن لامبالاة الشرطة وأكثرها سوءاً سجّل في القدس والضفة الغربية، حيث ارتفعت هجمات المستوطنين الإسرائيليين على الفلسطينيين بشكل حاد، بحسب بيانات الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان الإسرائيلية.

وحذر مدير شين بيت، رونين بار، في رسالة أرسلها، الشهر الماضي، للحكومة، وليس لبن غفير، من أن زيادة العنف “نتاج ضعف يد الشرطة، وربما الشعور بالدعم لحد ما”. ونفت الشرطة، في ردود على أسئلة محددة من الصحيفة، بأنها تعمل بناء على خطوط محايدة بعيداً عن السياسة.

ويرى يواف سيغالوفيتش، الضابط البارز السابق في الشرطة، ونائب وزير الأمن الداخلي السابق عن حزب “ييش عتيد” أن الرأي العام لديه اعتقاد بأن الشرطة أصبحت مسيّسة تحت إدارة بن غفير.

ويرى مسؤولون إسرائيليون سابقون وحاليون أن اقتحامات بن غفير للحرم القدسي تعتبر من أخطر تدخلاته.

وزَعَمَ، الشهر الماضي، أنه غيّرَ الوضع القائم في الحرم من طرف واحد، وهو زَعْمٌ سارع نتنياهو لنفيه. وكتب بار، في رسالته، بأن استفزازات كهذه قد تقود إلى سفك الدماء، وقد تغيّر وجه إسرائيل وللأبد، وبدون رجعة.


مقالات مشابهة

  • منظمة حقوقية: إظلام إسرائيل المتعمد لقطاع غزة أداة لتحقيق الإبادة الجماعية
  • ‏أكسيوس نقلا عن مصادر إسرائيلية: إسرائيل خططت لتفجير أجهزة الاتصالات كضربة افتتاحية مفاجئة لشل حزب الله
  • ممثل حركة الجهاد الإسلامي: استهداف اليمن لقلب “إسرائيل” بصاروخ فرط صوتي يحمل رسالة سياسية وعسكرية كبيرة
  • أكسيوس عن مصادر إسرائيلية: التقديرات في تل أبيب قبل العملية بأن حزب الله سيرد بهجوم كبير ضد إسرائيل
  • FT: هكذا حوّل بن غفير قوات الاحتلال إلى سلاح يخدم أجندته
  • فايننشال تايمز: كيف حوّل وزير الأمن الإسرائيلي الشرطة لخدمة أجندته لتصبح “ميليشيا بن غفير”
  • صحف عالمية: شرطة إسرائيل تخوف مواطنيها وبن غفير يسيسها
  • المولد النبوي يوم أسود في تاريخ اليهود وأذناب اليهود
  • صحف إسرائيلية: تحديات رئيسية تواجه إسرائيل بعد الهجوم الصاروخي الحوثي
  • عن أخطر قرار تواجهه إسرائيل ويخصّ الحزب.. هذا ما كشفته صحيفة إسرائيلية