ماذا تعرف عن الدعم العسكري الأميركي لإسرائيل؟
تاريخ النشر: 3rd, April 2024 GMT
كانت الولايات المتحدة أول دولة تعترف بإسرائيل عند تأسيسها في عام 1948، وكانت على مدى عقود عديدة مؤيدا قويا وثابتا للدولة اليهودية.
منذ ذلك الحين، تلقت إسرائيل مئات المليارات من الدولارات من المساعدات الخارجية الأميركية في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، وفق موقع "كاونصل أن فورين ريليشنز".
إجماعشكلت تلك المساعدات شبه إجماع بين الحزبين باستمرار، لكن في الأشهر القليلة الماضية، خضعت لتدقيق متزايد، بما في ذلك من بعض المشرعين الديمقراطيين، وسط ظهور خلافات بين الولايات المتحدة وإسرائيل حول سلوك إسرائيل في حربها على غزة، والتي تستخدم فيها الأسلحة التي قدمتها لها الولايات المتحدة على نطاق واسع.
وتشن إسرائيل حربا على غزة منذ 7 أكتوبر، عندما قادت حماس، الجماعة الفلسطينية التي تسيطر على القطاع منذ فترة طويلة، هجوما أسفر عن مقتل نحو 1200 شخص، وفقا للسلطات الإسرائيلية.
في المقابل، أدى الهجوم الإسرائيلي المتواصل على غزة إلى تدمير القطاع، وخلف ما لا يقل عن 32 ألف قتيل من سكان غزة، وفقا لوزارة الصحة في غزة.
وقد زودت الولايات المتحدة إسرائيل بالأسلحة منذ بدء الحرب، ولا تزال.
U.S. Aid to #Israel in Four Charts https://t.co/Tm7L64WapI via @CFR_org
— HAWK1 (@TribalHawk1) April 2, 2024وفي حين حث الرئيس الأميركي، جو بايدن، إسرائيل على السماح بدخول مزيد من المساعدات إلى القطاع لتجنب المجاعة، وقاوم الخطط الإسرائيلية لغزو مدينة رفح جنوبي غزة، حيث يكتظ النازحون الفلسطينيون بكثافة، ظل تدفق المساعدات العسكرية الأميركية إلى إسرائيل دون تغيير، وفقل لصحيفة "واشنطن بوست".
وكل المساعدات الأميركية الحالية لإسرائيل عبارة عن مساعدات عسكرية.
وقد سساهمت المساعدات العسكرية الأميركية في تحويل القوات المسلحة الإسرائيلية إلى واحدة من أكثر الجيوش تطورا من الناحية التكنولوجية في العالم، وساعدتها على بناء صناعتها الدفاعية المحلية، والتي جعلت إسرائيل تُصنف الآن كواحدة من أكبر مصدري الأسلحة على مستوى العالم.
وتقوم شركات الصناعات العسكرية، مثل مؤسسة الصناعات الجوية الإسرائيلية (Israel Aerospace Industries)، وشركة "رافائيل" (Rafael Advanced Defense Systems)، و"إلبيط سيستمز" (Elbit Systems)، بتصدير ما يقرب من 70٪ من الأسلحة.
صفقة جديدة كبيرةكشفت وسائل إعلام عديدة هذا الأسبوع عن صفقة أسلحة كبيرة مرتقبة بين واشنطن وإسرائيل، تشمل طائرات مقاتلة وصواريخ جو-جو ومعدات توجيه، وفق وسائل إعلام.
وقالت شبكة "سي.أن.أن" إن من المتوقع أن تبلغ قيمة الصفقة أكثر من 18 مليار دولار، وفقا لثلاثة أشخاص مطلعين على الأمر.
مجلة "بوليتيكو" من جانبها، كشفت في عددها، الاثنين الماضي، أن إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، تدرس بيع ما يصل إلى 50 طائرة مقاتلة جديدة من طراز F-15 لإسرائيل، و30 صاروخ جو-جو متقدم متوسط المدى من طراز AIM-120، وعدد من مجموعات ذخائر الهجوم المباشر المشتركة، التي تحول القنابل الغبية إلى قنابل موجهة بدقة، وفقا لأحد مساعدي الكونغرس وشخص آخر مطلع على المناقشات بين واشنطن وإسرائيل.
وكانت صحيفة "واشنطن بوست"، ذكرت، الجمعة الماضي، أن الولايات المتحدة أعطت في الأيام القليلة الماضية الضوء الأخضر لإرسال قنابل ومقاتلات بمليارات الدولارات إلى إسرائيل، حتى مع إبدائها علنا مخاوفه حيال هجوم عسكري متوقع في رفح.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين مطلعين في البنتاغون ووزارة الخارجية القول إن مجموعات الأسلحة الجديدة تشمل أكثر من 1800 قنبلة أم.كيه84 ألفي رطل و500 قنبلة أم.كيه82 خمسمئة رطل.
وتقدم واشنطن مساعدات عسكرية سنوية بقيمة 3.8 مليار دولار لإسرائيل، هذه بعض تفاصيلها:
حجم المساعداتكانت إسرائيل أكبر متلق تراكمي للمساعدات الخارجية الأميركية منذ تأسيسها، إذ تلقت حوالي 300 مليار دولار من إجمالي المساعدات الاقتصادية والعسكرية، وفق "كاونصل أن فورين ريليشنز".
وقدمت الولايات المتحدة، أيضا، حزم مساعدات خارجية كبيرة لدول أخرى في الشرق الأوسط، وخاصة مصر والعراق، لكن إسرائيل تحصل على حصة الأسد، وتقف بعيدة عن تلك الدول من حيث استقبال المساعدات الأميركية.
وقدمت الولايات المتحدة لإسرائيل مساعدات اقتصادية كبيرة في الفترة من 1971 إلى 2007، لكن كل المساعدات الأميركية تقريبًا تذهب اليوم لدعم الجيش الإسرائيلي، الأكثر تقدمًا في المنطقة.
وافقت الولايات المتحدة مؤقتًا (من خلال مذكرة تفاهم) على تزويد إسرائيل بما يقرب من 4 مليارات دولار سنويًا حتى عام 2028، بينما ينظر المشرعون الأميركيون في توفير مليارات الدولارات من التمويل التكميلي لإسرائيل في ظل حربها مع حماس، وفق المصدر نفسه.
المساعدات خلال الحرب في غزةمنذ 7 أكتوبر، أعلنت إدارة بايدن عن صفقتين عسكريتين كبيرتين لإسرائيل.
وفي ديسمبر، وافقت الإدارة على بيع ما يقرب من 14 ألف خرطوشة ومعدات ذخيرة دبابات لإسرائيل، بقيمة 106.5 مليون دولار، وبيع قذائف مدفعية 155 ملم ومعدات ذات صلة بقيمة 147.5 مليون دولار.
وتجاوز البيت الأبيض موافقة الكونغرس في كلا الصفقتين، وفق "واشنطن بوست".
وتقول الصحيفة الأميركية إن هذه التحويلات "لا تمثل سوى جزء صغير من إجمالي المساعدات"
وأطلع مسؤولون أميركيون الكونغرس على أكثر من 100 صفقة أخرى، وفق الصحيفة.
أسلحة متطورةمن بين الأسلحة التي تم بيعها، ذخائر دقيقة التوجيه، وقنابل ذات قطر صغير، وصواريخ خارقة للتحصينات، وغيرها من المساعدات الفتاكة، حسبما قال أشخاص مطلعون على الإحاطات الإعلامية لصحيفة واشنطن بوست في مارس.
واستخدمت الأسلحة الأميركية الصنع على نطاق واسع في غزة منذ السابع من أكتوبر، رغم أنه ليس من الواضح متى تم شراؤها أو تسليمها.
وقال محللون مستقلون إن العديد من الأسلحة المستخدمة في غزة تبدو وكأنها قنابل تزن 1000 أو 2000 رطل مثل مارك 84، والتي يمكن تحديثها باستخدام مجموعات JDAM (ذخائر الهجوم المباشر المشترك) المصنعة من قبل بوينغ لتصبح أسلحة دقيقة.
وفي مارس الماضي، سمحت إدارة بايدن بنقل 1800 قنبلة MK84 زنة 2000 رطل و500 قنبلة MK82 زنة 500 رطل.
وقد وافق الكونغرس على عمليات النقل منذ عدة سنوات ولكن لم يتم الوفاء بها.
وأذنت وزارة الخارجية أيضًا بنقل 25 طائرة مقاتلة ومحركات من طراز F-35A، حسبما صرح مسؤولون أميركيون للصحيفة الأميركية، الأسبوع الماضي.
وتحتفظ الولايات المتحدة بمخزون من الأسلحة في إسرائيل، يُعرف باسم مخزون احتياطي الحرب، منذ التسعينيات.
وسحب الجيش الأميركي قذائف 155 ملم من المخزون لإرسالها إلى الاحتياطيات الأميركية في أوروبا بعد الغزو الروسي لأوكرانيا عام 2022.
وصرح مسؤولو الدفاع للصحفيين في أعقاب هجوم حماس في 7 أكتوبر، أنه تم إعادة توجيه العديد من القذائف المخزنة إلى قوات الدفاع الإسرائيلية.
كيف تستخدم إسرائيل المساعدات؟يتم تقديم معظم المساعدات، حوالي 3.3 مليار دولار سنويًا، كمنح في إطار برنامج التمويل العسكري الأجنبي (FMF).
بالإضافة إلى ذلك، تم تخصيص 500 مليون دولار سنويًا لبرامج الدفاع الصاروخي الإسرائيلية والمشتركة بين الولايات المتحدة وإسرائيل، حيث يتعاون البلدان في البحث والتطوير وإنتاج هذه الأنظمة التي تستخدمها إسرائيل، بما في ذلك القبة الحديدية، ومقلاع داود.
وتم تطوير القبة الحديدية من قبل إسرائيل وحدها، لكن الولايات المتحدة كانت شريكًا في الإنتاج منذ عام 2014.
على سبيل المثال، يقوم المقاول العسكري الأميركي "رايثيون" بتصنيع صواريخ "تامير" الاعتراضية للقبة الحديدية الإسرائيلية في منشآت في أريزونا.
جدلٌ متزايدأدى مقتل آلاف المدنيين في الهجوم الإسرائيلي المستمر على غزة إلى تجدد الجدل في واشنطن حول المساعدات العسكرية الأميركية وحتى صفقات بيع الأسلحة لها.
وتحكم القوانين الأميركية نقل المعدات العسكرية إلى حكومات أجنبية. ومن بينها، قانون "ليهي" الذي يحظر نقل المساعدات العسكرية إلى الحكومات الأجنبية أو الجماعات التي ترتكب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.
وفي 8 فبراير، أصدر بايدن مذكرة للأمن القومي تتضمن تفاصيل هذه القواعد وإضافة متطلب جديد بأن تقدم الإدارة تقريرًا سنويًا إلى الكونغرس حول ما إذا كان المستفيدون يستوفون المعايير.
ولإجراء هذا التقييم، طلبت وزارة الخارجية ضمانات كتابية من الدول التي تتلقى أسلحة أميركية بأنها تلتزم بالمعايير الأميركية الحالية، بما في ذلك المتطلبات المتعلقة بحماية المدنيين.
وتنص مذكرة الولايات المتحدة على أنه يجب على الدول المتلقية "تسهيل وعدم رفض أو تقييد أو إعاقة بشكل تعسفي، بشكل مباشر أو غير مباشر، نقل أو إيصال المساعدات الإنسانية الأميركية" أو الجهود الدولية التي تدعمها الولايات المتحدة لتقديم المساعدات.
وتلقت وزارة الخارجية تأكيدات مكتوبة من إسرائيل في 24 مارس وأمامها الآن مهلة حتى أوائل مايو لإجراء تقييم رسمي لمدى مصداقية هذه الضمانات وتقديم تقرير إلى الكونغرس.
وقال مات ميلر، المتحدث باسم وزارة الخارجية، في 25 مارس، إنه لا توجد مؤشرات على وقوع انتهاكات قانونية.
ودعت المنظمات الإنسانية إدارة بايدن إلى عدم قبول الضمانات الإسرائيلية في ظاهرها.
وتقول المنظمات إن إسرائيل، على الرغم من إصرارها على خلاف ذلك، تعرقل تدفق المساعدات إلى غزة بالشاحنات، من خلال عمليات التفتيش الطويلة عند نقاط التفتيش ورفض فتح نقاط تفتيش جديدة.
وقالت سارة ياجر، مديرة مكتب هيومن رايتس ووتش في واشنطن، في بيان: للصحيفة"بالنظر إلى الأعمال العدائية المستمرة في غزة، فإن تأكيدات الحكومة الإسرائيلية لإدارة بايدن بأنها تفي بالمتطلبات القانونية الأميركية ليست ذات مصداقية".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: المساعدات العسکریة الولایات المتحدة وزارة الخارجیة واشنطن بوست ملیار دولار إدارة بایدن على غزة فی غزة سنوی ا
إقرأ أيضاً:
قصة حزينة لطالب فلسطيني وصل لآخر خطوات الجنسية الأميركية ثم اعتُقل
حمل محسن مهداوي ابن الضفة الغربية أوراقه وتوجه إلى مكتب الهجرة في وايت ريفر بولاية فيرمونت الأميركية آملا نيل الجنسية التي انتظرها 10 سنوات، لكن ما وجده بانتظاره كان خارج توقعاته وربما خارج المنطق.
لقد كانت المقابلة -التي كانت مقررة لمهداوي مع مكتب الهجرة- الخطوة الأخيرة في طريقه الطويل للحصول على الجنسية، بعد أن امتلك قبل 10 سنوات البطاقة الخضراء التي تعني إقامة شرعية دائمة في الولايات المتحدة.
وراجع الشاب الفلسطيني أوراقه جيدا وتأكد من اكتمالها، وظن أنه حاصل لا محالة على جنسية أكبر دولة في العالم لينهي سنوات من الشتات الذي نكب به الاحتلال الإسرائيلي ملايين من أبناء فلسطين، لكن تبين أنه لم يدرك ما جرى في نهر الهجرة مؤخرا من مياه جديدة وآسنة في آن.
ووصل مهداوي إلى المقر لكنه لم يجد موظفين يراجعون أوراقه ويعتمدون خطوته الأخيرة للحصول على الجنسية، وإنما وجد ما لم يكن في الحسبان.
EXCLUSIVE FOOTAGE: Columbia student and Palestinian Mohsen Madawi was just arrested during a visit to the immigration office here in Colchester, VT. More to follow. Footage by: Christopher Helali pic.twitter.com/I9JvPS2DLn
— Christopher Helali (@ChrisHelali) April 14, 2025
إعلانمسلحون يرتدون ملابس مدنية، ووجوههم مغطاة، كانوا بانتظار مهداوي، وسرعان ما قيدوا يديه بالأصفاد، ليتحول إلى معتقل على يد من قالت الأخبار إنهم عملاء لإدارة الهجرة والجمارك.
ولم يخرج مهداوي من المكتب بالجواز الأميركي الذي انتظره طويلا، ولم يعد إلى منزله، وإنما خرج مقيدا إلى سيارة الشرطة التي نقلته من رحابة الآمال إلى ضيق المعتقل، في اللحظة التي كان يظن فيها أن الحياة ربما ابتسمت له أخيرا.
قبل 140 عاما، وصل تمثال الحرية -الذي صممه النحات الفرنسي أوغوست بارتولدي- إلى نيويورك هدية من الجمهورية الفرنسية الثالثة إلى الولايات المتحدة بالذكرى المئوية لاستقلالها، وتم تخزينه في قطع حتى الانتهاء من بناء قاعدة له، ثم افتتحه الرئيس الأميركي غروفر كليفلاند في 28 أكتوبر/تشرين الأول 1886.
وفي عام 1924 تم تصنيف تمثال الحرية كأثر وطني وتراث قومي للولايات المتحدة، الدولة العظمى التي قامت على أكتاف مهاجرين قدم معظمهم من أوروبا وبقيتهم من مختلف أنحاء العالم.
وتطلق الولايات المتحدة على التمثال اسم "الحرية تنير العالم" وتعتبره رمزا للحرية والديمقراطية، وهو يجسد سيدة على هيئة رومانية باللون الأخضر وقد تحررت من قيود الاستبداد، وتمسك في يدها اليمنى مشعلا يرمز إلى الحرية، وفي يدها اليسرى كتابا نقش عليه بأحرف لاتينية "4 يوليو 1776″ وهو تاريخ إعلان استقلال الولايات المتحدة، وتضع على رأسها تاجا يرمز إلى البحار السبعة أو القارات السبع في العالم.
التمثال والجزيرة التي أقيم عليها وتحمل أيضا نفس الاسم (جزيرة الحرية) باتا مزارا يقصده أكثر من 3 ملايين شخص سنويا، كما أصبح تمثال الحرية فكرة ورمزا للحرية تم استنساخه في عدة بلدان من بينها فرنسا وألمانيا وإيطاليا والنمسا واليابان.
على قاعدة التمثال تم حفر أبيات للشاعرة الأميركية إيما لازاروس، تقول:
هنا عند بواباتنا التي يغمرها البحر
ستقف امرأة جبارة مع شعلتها
اسمها أم المنفيين، وفي يدها منارة ترحب بالقادمين
وتقول بشفتيها الصامتة هات المتعبين، والفقراء
والجموع التواقة لنسمات الحرية
أرسل هؤلاء المشردين إلي
فأنا أرفع مصباحي بجانب الباب الذهبي
مهداوي كان أحد هؤلاء المنفيين المؤملين في الترحيب والتواقين لنسمات الحرية، ولد في مخيم للاجئين بالضفة الغربية التي احتلتها إسرائيل عام 1967 بعدما احتلت قبلها معظم أراضي فلسطين في النكبة التي لحقت بالعرب عام 1948 عندما فشلت جيوشهم في التصدي للعصابات الصهيونية التي كانت قد تمددت على أرض فلسطين بدعم من قوى عالمية تتقدمها بريطانيا.
وبعد 3 أرباع قرن من الاحتلال الإسرائيلي، بات نصف الفلسطينيين -المقدر عددهم بنحو 15 مليون نسمة- يعيشون في الشتات حول العالم، يحلمون بالعودة إلى وطنهم، ويسعون ما استطاعوا إلى سبل العيش الكريم حتى تأتي ساعة تحقيق الحلم ولو بعد حين.
إعلانويتحدث التقرير الصادر عن الجهاز الفلسطيني للإحصاء -العام الماضي- عن نحو 7.6 ملايين فلسطيني يعيشون في الشتات منهم نحو 6.4 ملايين في الدول العربية.
أما في الولايات المتحدة خصوصا فتذهب معظم التقديرات إلى وجود نحو ربع مليون فلسطيني.
مهداوي كان يريد اللحاق بهؤلاء، والتزم بالمسار القانوني الذي تحدده السلطات، بالتزامن مع مواصلة دراسته في جامعة كولومبيا التي كان يتوقع أن يتخرج منها الشهر المقبل، ثم يواصل الدراسة في مرحلة الماجستير ابتداء من الخريف المقبل.
ولعل هذا الشاب الفلسطيني المهاجر كان يعد الأيام يوما بعد يوم، حتى جاءت الخطوة الأخيرة أو هكذا ظن، قبل الحصول على الجواز الأميركي، لكن الحلم تحول إلى كابوس.
إجراءات ترامبالأشهر الأخيرة شهدت حدثا فارقا بالنسبة لكل المهاجرين، وهو عودة دونالد ترامب مجددا إلى البيت الأبيض، وما يعنيه ذلك من معاودة "الحرب" التي شنها في ولايته الأولى على المهاجرين، رغم أن هذه الدولة العظمي نشأت وترعرعت على يد مهاجرين.
وقد تمثل التطور الآخر في "حرب" أخرى تشنها الإدارة الأميركية على طلاب الجامعات الذين تظاهروا دعما للحقوق الفلسطينية، والتي تمثلت في إجراءات من قبيل إلغاء الإقامات وسحب التأشيرات، ووصلت إلى حد الاعتقال.
وصرح مسؤولو إدارة ترامب بأن حاملي تأشيرات الطلاب معرضون للترحيل بسبب دعمهم للفلسطينيين وانتقادهم لسلوك إسرائيل في حرب غزة، واصفين أفعالهم بأنها تهديد للسياسة الخارجية الأميركية. بينما وصف منتقدو ترامب هذه الإجراءات بأنها اعتداء على حقوق حرية التعبير بموجب التعديل الأول للدستور الأميركي.
ويقول محامو مهداوي بعد ساعات من اعتقاله إنهم لا يعرفون مكانه، وإنهم قدموا عريضة إلى محكمة اتحادية يطلبون فيها أمرا يمنع الحكومة من إبعاده من الولاية أو من الولايات المتحدة.
وتقول المحامية لونا دروبي في رسالة بالبريد الإلكتروني إن "إدارة ترامب اعتقلت مهداوي للانتقام المباشر منه بسبب دفاعه عن الفلسطينيين وبسبب هويته الفلسطينية. إن اعتقاله محاولة لإسكات أولئك الذين يتحدثون عن الفظائع في غزة. كما أنه غير دستوري".
إعلانوأضافت المحامية: "لقد جاء إلى هذا البلد أملاً في أن تكون لديه الحرية للتحدث عن الفظائع التي شاهدها، لكنه يعاقب على ذلك".
وجاءت الاستجابة سريعا من القضاء، حيث أمر قاضي المحكمة الجزئية (وليام سيشنز) الرئيسَ ومسؤولين كبارا آخرين بعدم ترحيل مهداوي من الولايات المتحدة أو إخراجه من ولاية فيرمونت، وذلك حسب وكالة رويترز للأنباء التي أشارت إلى أن مسؤوي هيئة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك لم يردوا على طلبها للحصول على معلومات.
لا إنسانيوانضم مشرعون أميركيون إلى انتقاد ما جرى للشاب الفلسطيني، حيث وصف السيناتور بيرني ساندرز وآخرون من وفد فيرمونت في الكونغرس احتجاز مهداوي بأنه "غير أخلاقي ولا إنساني وغير قانوني" قائلين إنه يجب توفير الإجراءات القانونية الواجبة للمقيم القانوني بالولايات المتحدة والإفراج عنه فورا.
وقالوا "دخل مهداوي مكتب الهجرة لما كان يفترض أن يكون الخطوة الأخيرة في إجراءات منحه الجنسية. لكن بدلا من ذلك، ألقي أفراد مسلحون بملابس مدنية ووجوههم مغطاة القبض عليه واقتادوه مكبل اليدين".
كما حمل السيناتور الديموقراطي كريس فان هولين بشدة على ما قامت به السلطات الأميركية، وقال إن اعتقال الطلبة الأجانب هو منع لأي انتقاد لحكومة بنيامين نتنياهو (في إسرائيل) وهو ما يُمثل انتهاكًا للتعديل الأول للدستور الأميركي.
ووسع فان هولين نطاق انتقاده ليطال خطة ترامب تهجير مليوني فلسطيني من قطاع غزة ووصفها بأنها "دنيئة" كما انتقد وزيرَ الخارجية ماركو روبيو وقال إنه لا يُمارس سياسة خارجية بقدر ما أصبح المسؤول عن إخفاء الطلاب الأجانب في الولايات المتحدة.
وبدورها، وصفت عضو الكونغرس رشيدة طليب (من أصل فلسطيني) ما تعرض له مهداوي بالاختطاف بسبب نشاطه ضد الإبادة الجماعية في غزة.
العلاقة مع محمود خليلوحسب وسائل إعلام أميركية، تتشابه ظروف مهداوي مع مواطنه محمود خليل الطالب بجامعة كولومبيا وأحد المفاوضين الرئيسيين في الاحتجاجات المؤيدة لفلسطين، والذي احتجز بمنطقة نيويورك في الثامن من مارس/آذار الماضي، ونُقل إلى مركز احتجاز في لويزيانا تمهيدا لترحيله.
إعلانوقد أصدر قاضٍ أميركي مختص بالهجرة في لويزيانا حكما يوم الجمعة الماضي بإمكان ترحيل خليل، مما يسمح لإدارة ترامب بمواصلة جهودها لترحيل الطلاب الأجانب المؤيدين للفلسطينيين.
يُشار إلى مهداوي وخليل شاركا في تأسيس اتحاد الطلاب الفلسطينيين في جامعة كولومبيا خريف عام 2023.
واللافت أن مهداوي طالما استخدم لغة هادئة ومعتدلة، مثلما جرى في حديث لبرنامج "60 دقيقة" الشهير على شبكة "سي بي إس" (CBS) خلال ديسمبر/ كانون الأول 2023 عندما سئل عن نشاطه في حرم جامعة كولومبيا وتجربته كفلسطيني.
وقد تحدث مهداوي خلال المقابلة أيضا عما يوصف بـ"معاداة السامية" وقال إن "النضال من أجل حرية فلسطين ومكافحة معاداة السامية متلازمان، لأن الظلم في أي مكان تهديد للعدالة في كل مكان".