يحدثنا القرآن الكريم عن أهم صفات الإنسان بشكل عام ويكشف بشكل خاص عن طبيعة اليهود ومن ذلك أنهم ناكثو العهود والمواثيق قال تعالى” أَوَ كُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ”، فلا يفون بعهد ولا يحترمون عهودهم ومواثيقهم مع الآخرين، وأبرز مثال على ذلك مسار القضية الفلسطينية التي يتم التلاعب بها من اتفاق لآخر، بدأت بمفاوضات أوسلو، ووصلت إلى اتفاقات بدلا من حل الدولتين- إلى جعل السلطة كحارس وشرطي يعمل تحت إدارة وتوجبه الاحتلال، وجاءت صفقة القرن التي تم اعتماد صيغتها لتشكل المسمار الأخير في نعش القضية الفلسطينية، حيث سيتم تجاوز ما تم الاتفاق عليه بإيحاد حل نهائي بمسمى (كيان فلسطيني) لا كما هو متفق عليه (حل الدولتين) وفقا لقرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن المتعلقة بالقضية وهي عبارة (الكيان) عن أراضي المنطقتين (أ، ب) من الضفة الغربية، وبعض أراضي المنطقة ج، بالإضافة إلى غزة الموسعة، التي سيتم تهجير الفلسطينيين باتجاه شمال سيناء بالاتفاق مع الجانب المصري، فالسيناريو معد مسبقا ولم يبق غير التنفيذ.
ولأن غزة تحت سيطرة حماس فإن السلطة الفلسطينية ستتكفل بفرض الحصار عليها من جانب ومصر من الجانب الآخر، حتى لا يتكبد الصهاينة عناء ذلك وهو ما يساعده على الاستعداد لفرض الحل الذي يريده باستخدام القتل والإبادة وارتكاب الجرائم التي تهدف إلى تدمير الإنسان والبيئة وجعلها غير صالحة للعيش عليها كما أمر بذلك رئيس إسرائيل ورئيس الوزراء وغيرهما من قيادات الدولة والجيش الصهيوني، فالصفقة تشير إلى (إضعاف المقاومة الفلسطينية في غزة بشكل جذري وكسر شوكتها، وربما اللجوء إلى خطوات عنيفة وصادمة)، وهنا نجد أن مشروع القرار الأمريكي يضمن للصهاينة تحقيق كل تلك الأهداف، فهو يربط بين اطلاق أسرى الحرب وبين استمرار الإنذار الصهيوني لإخلاء شمال غزة من السكان وإتاحة المجال لإبادتهم وقتلهم جوعا وعطشا أو بالقنابل والصواريخ والمدافع والدبابات وارتكاب المجازر واحدة تلو أخرى، وإضافة إلى ذلك يمنح المجرمين الحق في استهداف النازحين الهاربين من القتل والإبادة إلى منطقة رفح على الحدود المصرية، ولنفس السبب فلا مكان آمن لأي بشر، طفلا كان أو امرأة أو حتى شيخا، أو حتى حيواناً، من القتل طالما أن من يسميهم القرار أنهم رهائن لازالوا في أيدي المقاومة، والتي أعلن أرباب الإجرام من قادة الصهاينة (نتن ياهو) أن من أهداف الحرب استعادة الأسرى، لكنه لم يظفر بشيء سوى أنه استعاد جثثهم وقتلهم بنفسه.
ورغم مرور أكثر من ستة أشهر على العدوان الصهيوني الصليبي على غزة، لم يستطع المجتمع الدولي بمنظومته- فرادى وتجمعات أن يفك الحصار الذي فرضه الصهاينة والمتحالفون معهم، ولا إدخال المساعدات الإنسانية رغم انتشار المجاعة واستشهاد الكثير من النساء والأطفال وغيرهم جراء الممارسات الإجرامية الهادفة إلى إبادة الشعب الفلسطيني، وهنا جاءت الفكرة اليعقوبية للسياسات الإجرامية، بإنشاء رصيف المساعدات الذي لن يستفيد منه في المقام الأول والأخير سوى الصهاينة والمتحالفين معهم، في تعزيز سيطرتهم على الشواطئ بعد أن فرضوا السيطرة الكاملة على البر والجو، ولم يتبق سوى البحر، وهو ما سيتم من خلال الرصيف البحري الممول من الدول العربية، مساعدة وخدمة للصهاينة والمتحالفين معهم.
أما فتح المعابر الحدودية، فإن مصر لن تخالف أوامر وتوجيهات البيت الأبيض والصهاينة، حتى لو تم إلقاء اللوم عليها وتحميلها المسؤولية أمام الرأي العالمي والعربي والإسلامي.
إذاً فإن القرارات الأممية ملزمة كانت أو غير ملزمة، لا تعني شيئاً بالنسبة للصهاينة، فمنذ أن أنشئ الكيان لم يحترم أي قرار، سوى قرار التقسيم الذي أثبت له شرعية وجوده، وسرعان ما انتهكه وألغاه وألقاه في سلة المهملات حتى وإن كان البعض يشير إليه في معرض التذكير بالقصية الفلسطينية، وإثبات وجود فلسطين، وأنه تم احتلالها من قبل الصهاينة، وتحويل شعب فلسطين إلى لاجئين ومشردين في أقطار العالم، وبينما يسمح لليهود الذين ليست لهم علاقة بالقدوم والاستقرار في أرض فلسطين تحت مسمى “أرض الميعاد”، يسن الصهاينة القوانين والتشريعات لمنع حق العودة للاجئين الذين تم تهجيرهم وطردهم من أراضيهم وبيوتهم ومزارعهم، ولذلك فقد اقترحت (صفقة القرن) توطينهم في أراضي الضفة الغربية والأردن، وغزة وشمال سيناء، من أجل تعزيز التواجد اليهودي على أرض فلسطين بإنشاء المستوطنات، واستقدام اليهود إليها، لكن طوفان الأقصى (7 أكتوبر) أعاد التذكير بأساس القضية الفلسطينية وبالمظلومية التي يتعرض لها الفلسطينيون، وعرَّت السياسات الصهيونية والحلف الصليبي بتوجهاته الجديدة، وتحت رعاية أمريكا، وهو تحول هام في مسارات الصراع العربي –الصهيوني، بشكل عام حتى وإن حاول صهاينة العرب حكام وصانعو القرار، من العملاء والخونة، دعم وإسناد الكيان الصهيوني، وتحطيم كل الإمكانيات للمقاومة الفلسطينية، وأيضاً محاصرة الشعوب والحركات الداعمة للقضية الفلسطينية.
صحيح أن ما تعرضت له غزة من إجرام يفوق الخيال من حيث البشاعة والإجرام غير المسبوق في كل الحروب، من دمار وإبادة، وحصار ومجاعة تهدف إلى قتل الأطفال في أرحام أمهاتهم، لكن هذه الحرب كشفت حقيقة المنافقين والعملاء والخونة على مستوى كل قطر من الخليج الهادر إلى المحيط الثائر، وهي مرحلة أولية في تحرير الوعي الزائف الذي يبثه هؤلاء في أوساط الشعوب العربية والإسلامية، ابتداءً من إسلامهم، وعروبتهم، وانتهاء بعمالتهم وخباثتهم.
الجيش الصهيوني اليوم لا يقاتل على أرض فلسطين وحده، بل تقاتل معه جيوش التحالف الصليبي وصهاينة العرب (ملوكاً ورؤساء وغيرهم)، يقاتل معهم أئمة النفاق، والمأجورون والخونة من القائمين على وسائل الإعلام العربية والأجنبية، والذين هددهم الصهاينة علناً وعلى رؤوس الأشهاد أن يقوموا بدورهم في الدفاع عن اليهود، ما لم فإن الفضائح قادمة، والتمويلات التي منحت لهم سيتم منعها، وصدق الله القائل: (ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا)، سيطرة على وسائل الإعلام والسياسة والدين والحكام وغيرهم، لكن رغم ذلك فالأرض لله، وتجري وفق سننه وقوانينه التي أوجدها، حتى وإن ظن المستكبرون أنهم يستطيعون بما لديهم من إمكانيات مادية وغيرها أن يغيروا ويفعلوا ما يحلو لهم، فإرادة الله غالبة- ولا يحدث في الكون إلا ما أراد وقدر، قال تعالى: (حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ).
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
سياسي: لقاءات الرئيس على هامش القمة العربية أكدت رفض تصفية القضية الفلسطينية
أفاد الدكتور إكرام بدر الدين، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن اللقاءات التي أجراها الرئيس على هامش القمة العربية الإسلامية أظهرت توافقًا قويًا على رفض تصفية القضية الفلسطينية، مشيرا إلى وجود تكتل كبير من الدول العربية والإسلامية، مما يعكس أهمية هذه القمة من حيث التوقيت وعدد الدول المشاركة.
وفي مداخلة هاتفية عبر قناة "إكسترا نيوز"، أوضح "بدر الدين" أنه خلال القمة العربية الإسلامية، تم إجراء لقاءات ثنائية، حيث التقى الرئيس عبد الفتاح السيسي بالملك الأردني عبد الله الثاني بن الحسين.
قمة الاستثمار العربي الإفريقي والتعاون الدولي توجه رسالة شكر للرئيس السيسي وترفع التوصيات عزالدين: مصر تغلبت على تحديات الصناعة في عهد الرئيس السيسيونوه إلى أن اللقاء الذي جمع الرئيس السيسي برئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي، مؤكدًا أن اللقاء المصري الأردني تناول عددًا من القضايا الهامة، وأكد على الموقف المشترك لمصر والأردن في رفض التهجير القسري للفلسطينيين ورفض إنهاء القضية الفلسطينية.
وأشار إلى أن إحداث أي تغيرات في الإقليم كانت مرفوضة بين مصر والأردن، إلى جانب أنه تم التوافق على ضرورة وأهمية اتخاذ موقف حاسم لإنهاء الحرب في المنطقة، وإطلاق مبادرة سياسية تؤدي إلى تنفيذ حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية.