التحقيقات في انفجار رميش مستمرة: هل فُجّرت عبوة بمراقبي الهدنة؟
تاريخ النشر: 3rd, April 2024 GMT
يوماً بعد آخر، تتكشّف خيوط الانفجار الذي تعرّضت له دورية تابعة لهيئة الأمم المتحدة لمراقبة اتفاقية الهدنة في وادي قطمون في خراج رميش، السبت الماضي. قيادة اليونيفل لا تزال تجمع الأدلة، فيما تحقيقات الجيش اللبناني الميدانية حسمت بأن سبب الانفجار عبوة ناسفة. وفي انتظار حسم اليونيفل لتحقيقاتها، أثارت الحادثة مجدّداً تساؤلات حول الدور الذي يلعبه عناصر الأمم المتحدة (اليونيفل ومراقبو الهدنة) على الحدود الجنوبية في ظل المواجهة بين حزب الله واسرائيل.
وكتبت آمال خليل في" الاخبار": بعيد التاسعة من صباح السبت الماضي، توغّلت دورية تابعة لـ UNTSO في أحراج وادي قطمون، مؤلفة من آليتين تقلان أربعة ضباط (أسترالي وسويسري ونروجي وتشيلي) يرافقهم مترجم لبناني. وتُسمّى آخر نقطة وصلت إليها الدورية B37، وهي تبعد حوالي 300 متر عن أراضي فلسطين المحتلة.
مصدر مطّلع على الإفادة الأولية التي أُخذت من عناصر الدورية بعد وقوع الحادثة، أشار إلى أن عناصرها «قرّروا ركن الآليتين والترجل منهما قبل دقائق من دوي الانفجار، إذ كانت مُسيّرة إسرائيلية تحلق على علو منخفض فوق مسار الدورية، ما دفع بالمترجم اللبناني إلى الاقتراح على الضابط الأسترالي بالعودة وعدم الاقتراب أكثر. إلا أن الضابط أوعز بالترجل من الآليتين ومتابعة الدورية على الأقدام». تقدّم الأسترالي فاللبناني وتبعهما النروجي ثم التشيلية باتجاه الأحراج، فيما بقي الضابط السويسري قرب الآليتين. ووسط تحليق المُسيّرة المنخفض، دوّى انفجار بين الأربعة، فأُصيب الضابطان، التشيلية والنروجي، بجروح بالغة في الصدر والوجه والعينين، فيما كانت جروح الضابط الأسترالي والمترجم اللبناني طفيفة، ولم تصب الآليتان أو حارسهما السويسري بأذى، وعمد الأخير بعد الانفجار إلى إبلاغ قيادته بالحادث. وبعد وقت قصير، وصلت دورية من قوات اليونيفل وأجلت عناصر الدورية إلى مركز الطيري، قبل أن تُجلى الضابطة التشيلية وزميلها النروجي إلى أحد مستشفيات بيروت. ونقل المصدر عن السويسري والأسترالي واللبناني إفادة أولية «يرجّحون فيها أن المُسيّرة الإسرائيلية أطلقت صاروخاً باتجاههم»، وهو ما تبلّغت به غرفة عمليات اليونيفل.
في اليوم نفسه، توجّهت دورية مشتركة من اليونيفل والجيش إلى مكان الانفجار. وأفاد الكشف الأولي بأن الانفجار ناجم عن صاروخ من مُسيّرة. لكنّ الكشف الميداني الذي أعاده الجيش في اليوم التالي، الأحد، أظهر أن الانفجار سببه عبوة مضادة للأفراد. فما الذي تغيّر؟ وفق المصدر، «استعان الجيش بخبراء متخصصين عاينوا المكان بدقّة وجمعوا الأدلة التي أظهرت أن الانفجار حدث من تحت الأرض». ولمزيد من التأكيد، تفقّدت المكان الإثنين الماضي لجنة مشتركة من ضباط وخبراء من الجيش وآخرين من الوحدتين الصينية والإيطالية في اليونيفل. ووفق المصدر، توصّل الخبير الصيني إلى أن الانفجار وقع فوق الأرض، فيما كان رأي زميله الإيطالي أنه وقع تحت الأرض. فيما حسم خبراء الجيش بعد الكشف الثالث بأن الانفجار «ناجم عن عبوة مضادة للأفراد من مخلّفات العدو الإسرائيلي، إذ إن المنطقة كلها ملوّثة بمخلفات العدو جراء العدوان الإسرائيلي الأخير». كذلك أظهر الكشف الميداني وجود لغم آخر على بعد 15 متراً من موقع الانفجار.
الأجواء غير الرسمية في الناقورة حتى مساء أمس تتحدث عن تعرّض الدورية لـ«عمل عدائي على الأرض وليس من مُسيّرة». لكنّ الصقور يختلفون على مصدر العبوة، هل هي إسرائيلية أم محلية؟!
في إجابتها على استفسارات «الأخبار»، لفتت قيادة اليونيفل إلى أن التحقيق في حادثة رميش لا يزال جارياً. وفي حين رفضت حسم طبيعة الاستهداف، أكدت أنه «لا يبدو أن الانفجار قد وقع نتيجة إطلاق نار مباشر أو غير مباشر»
وفي ردّها على أسئلة «الأخبار»، لفتت اليونيفل إلى أن «قواتها وفريق المراقبين الدوليين يواصلون عمليات المراقبة والدوريات وغيرها من الأنشطة العملياتية على طول الخط الأزرق وفي جميع أنحاء منطقة عملياتنا في جنوب لبنان، وهذا جزء من تنفيذ ولايتنا. وبموجب قرار مجلس الأمن الدولي 1701، وكما تم الاتفاق عليه مع الحكومة اللبنانية، يمكن لقوات حفظ السلام القيام بهذه الأنشطة بمفردها أو برفقة الجيش اللبناني، والتنسيق يجري دائماً». وعن تأثير الحادثة على التحركات الميدانية، قالت إن «حفظة السلام التابعين لليونيفل وفريق المراقبين الدوليين يواصلون أنشطة المراقبة والدوريات، وهذا لم يتغيّر».
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: أن الانفجار إلى أن
إقرأ أيضاً:
الأسيرة الفلسطينية عبلة سعدات تروي لـ«الوطن» تفاصيل صادمة عن الساعات الأخيرة في سجون الاحتلال.. عاجل
بعد منتصف ليل الأحد «19 يناير 2025»، انطلقت حافلة تحمل عليها أكثر من 69 أسيرة فلسطينية، من بينهم القيادية عبلة سعدات زوجة القيادي الفلسطينية الذي يقبع في سجون الاحتلال منذ 18 عاما أحمد سعدات الأمين العام للجبهة الشعبية، والتي باتت تنعم بالحرية بعد أكثر من 4 أشهر من الاعتقال الإداري بدون أي اتهام أو توضيح لمواقفها القانوني، فقد كانت واحدة ضمن المئات من الفلسطينيات اللاتي تم اعتقالهن بدون هدف أو سبب سوي «الغضب من صمود أهالي قطاع غزة».
تروي عبلة سعدات لـ«الوطن» تفاصيل اعتقالها المرعبة، على الرغم من عمرها فهي تبلغ 69 عامًا، والمسئولة الأولى منذ سنوات عن أسرتها مكونة من 4 أبناء و5 أحفاد، بعد أن غيب الاحتلال زوجها في السجون منذ سنوات، وتقول إن الاحتلال باقتحام منزلها في الثالثة فجر يوم 17 سبتمبر الماضي في منطقة البيرة بالقرب من رام الله، قائلة: «حالة من الفزع والاضطراب حول سبب الاعتقال، لكن الأمر لم يكن جديدًا فهي المرة الثالثة التي يتم اعتقالي بدون أسباب أو اتهامات».
وقالت عبلة أن في أكثر من مناسبة يأتي مساعد وزير الأمن الإسرائيلي السابق إيتمار بن غفير لـ«يتفرجوا عليا وأنا أسيرة في سجون الاحتلال».
رحلة الوصول إلى سجن الديمونتقول سعدات، إن رحلة وصولها إلى سجن ديمونا، كانت قاسية استمرت لمدة يومين، فبعد اعتقالها من منزلها في الثالثة فجرًا تم نقلها إلى لمعسكر عوفر، ثم سجن الشارون وهو محطة قبل وصولها لسجن الديمون التي نقلت له بوساطة «سيارة زنانين» وهم «مكلبشين اليد والقدمين» وكأن لديهم فرصة للهروب، خلال كل محطة من تلك المناطق العسكرية اتعرضت الأسيرة ومن كان معها للعنف اللفظي والجسدي، وحتى التجوبع.
بعد الوصول إلى سجن الديمون بدأت مرحلة جديدة من التعذيب النفسي والجسدي للأسيرات المتواجدت، وبالأخص سعدات التي لم تكد تصل إلى زنزانتها حتى نادي الضابط «عيادة» كان الأمر في البداية غريب فسعدات لم تطلب أن تُعرض على طبيب، خاصة وأن الأسيرات المصابات والمريضات لم يتم عرضهم على أي طبيب، لكنها فوجئت أن الأمر خدعة، وأنه تم وضعها في العزل الانفرادي.
تقول سعدات أنها سألت الضابط لماذا العزل الانفرادي «لستني جايا» فبدأ يصرخ بأنها السبب في «زلزلة أمن السجن»، وراح تبقي هنا فأخبرته «مش فارقة» كلها سجن.
12 يومًا بقيت فيهم سعدات في زنزانة لا تتجاوز المتر في متر، لا تري الشمس، لا تتحدث مع أحد تصف تلك الزنزانة بأنها «قبر» ثم كما دخلت العزل فجأة خرجت فجأة، وعندما سألت عن السبب لم يكن هناك رد، لكنها كانت تعلم، أنه سيكون هناك «تفتيش» وهو إجراء عقابي، حيث يتم تفتيش الزنازين والأسيرات بشكل مهين، ويتم أخذ كل ما قد يكون مفيد حتى إذا لم يكن ذا أهمية مثل علب الطعام الفارغة، الملاعق، الشوك، وهو ما حدث في اليوم التالي، ولكن الإجراء بدء في الخامسة فجرًا».
وأسوء ما في هذا العقاب، هو أن الأسيرات يتم اجبارهم على الخروج إلى «حوش السجن» لسماع النشيد الوطني الإسرائيلي وتحية العلم، وسماع السب على المقاومة الفلسطينية والفصائل كافة.
هذا بالإضافة إلى التفتيش المفاجئ الذي قد يبدأ منتصف الليل، حيث تسمع أقدام الجنود وهي تجري وتفتح أبواب الزنازين بعنف، ويتم تفتيش عاري للأسيرات، بهدف إذلالهن، كما يتم رش الغاز والذي يسبب اختناق ومشاكل صحية خاصة لمن يعانين من مشاكلات تنفسية مثل الحساسية والربو.
الصيام حل للهروب من قسوة التجويعالتجويع كان سلاح الجنود ضد الأسيرات الفلسطينيات، فالطعام داخل سجون الاحتلال كان الأسوء من حيث الكم والجودة، كما تقول الأسيرة المحررة عبلة سعدات، فقد كان يتم تقديم ما يبقينا على قيد الحياة، وليس ما يشبع.
وقالت سعدات أن الأسيرات لجئن إلى الصيام كأحد الوسائل لتجميع الطعام حتى تصير وجبه واحدة مشبعة، تمكنهم من البقاء والصمود فى وجه الاحتلال.
أزمة «تجويع» الأسيرات امتدت لمصادرة أدوات الطعام البلاستيكية مثل الملاعق أو الشوك، حتى العلب البلاستيكية الصغيرة التي كانت يوضع بها كميات قليلة من الطعام قاموا بمصادرتها.
تسببت تلك المعاملة في فقدان الأسيرات لكثير من أوزانهم، فقدت سعدات 16 كيلوغرامًا من وزنها خلال فترة الاعتقال، في حين فقدت إحدى زميلاتها 25 كيلوغرامًا، والأمر ينطبق على الجميع.
أما الرعاية الطبية فلم تكن موجودة من الأساس، على حد وصف «سعدات» فإحدي الأسيرات تركت وساقها مكسورة لأيام حتى لم تعد قادرة على الحركة، وعندما تحدثت مع الضابط أخبرها أنها «كذابة» أخرى تم اعتقالها خلال ذهابها إلى المنزل لكنهم صاوبها «اطلقوا عليها النار وأصيبت» تركت تنزف في السجن الأيام، حتى احتجت الأسيرات فاضطروا في النهاية لأن يذهبوا بهن إلى الطبيب، لكن الخدمة الطبية لن تكون مختلفة.
وبسبب الحالة الصحية لكثير من الأسيرات، اضطروا إلى وضعهم في المستشفيات والرعاية الطبية قبل خروجهم لكي يحاولوا تحسين أوضاعهم بشكل نسبي يحفظ ماء وجههم.
عزل عن العالم الخارجيقالت سعدات أن الاحتلال طبق العزل الكامل للأسيرات وحتى للأسرى، فلم يعد هناك تلفاز أو هواتف للتحدث مع المحامي أو أفراد الأسرة كما كان يحدث من قبل، مثلا زوجي أحمد أسير منذ أكثر من 18 عام، وكان قادر على التحدث معانا في أوقات معينه يحددها السجان، أما هذه المرة فلم تكن هناك أي وسيلة للتواصل.
خلال الـ4 أشهر من سجن عبلة سعدات الإدارى، كانت معزولة عن العالم، كأننا في «قبور» عن أسرتها، عن أي أخبار خارج أسوار السجن، كان المنفذ الوحيد للأخبار هو عن طريق المحامين الذين يلتقون بالأسيرات بين الحين والأخر.
حتى أننا لم نعرف بموعد صفقة التبادل إلا ظهر الأحد، عندما أخبر محامي إحدي الأسيرات بأن اليوم سيكون هناك تبادل وأن اسم عبلة سعدات على القائمة، وجاءت الأسيرة وهي تصرخ وتقولى «أم غسان» سيُفرج عنك اليوم، وهو ما جعل الضابط يعاقبها بالعزل الانفرادي.
تفاصيل الساعات الأخيرة في سجون الاحتلالتقول سعدات أنه تم حبسها كـ«اعتقال إداري» وهو سجن بلا أي تُهم سوي أن «لدي الاحتلال ملف أمنى بدون الافصاح عن أي معلومات» على الرغم من أن موعد الإفراج الرسمي عن سعدات كان مقررًا في 16 يناير، إلا أن الاحتلال مدّد اعتقالها ليتم إدراجها في صفقة التبادل لزيادة عدد الأسرى المحررين من فئة الاعتقال الإداري.
بعد أن علمت ظهر الأحد بصفقة التبادل، جاء الضابط لينادي على أسماء الأسيرات المفرج عنهم، ولم يكن اسمي من بينهم، وعندما سألت الضابط قال أني لست ضمن تلك الدفعة، لكني اصريت على رؤية قائمة الصليب الأحمر لكنه رفض.
وأخبرتني ابنتي بعد خروجي، أن الوسطاء المصريين انتبهوا إلى ذلك الخطأ واستمروا مع مكتب إعلام الأسرى والصليب الأحمر حتى يتم إدراج اسمي مرة ثانية، وبعد نحو 4 ساعات عاد الضابط ليخبرني أني ضمن المفرج عنهن، وقالي «اجهزى» قلت له «جاهزة».
وأضافت بآسي أن مقابل الإفراج عنها قاموا بإعادة شبلين كان سيتم الإفراج عنهم في ذلك اليوم، كما أن فرحة الخروج من سجون الاحتلال كانت ممزوجة بالحزن على الأسيرات اللاتي بقين في الاحتلال، فكان هناك 11 امرأة من غزة إحدهن موجودة منذ أكثر من 14 شهر، وأسيرتين من أراضي الـ48، كانوا محكومين بـ 12 و8 سنوات و5 أسيرات من الضفة.
وعبرت سعدات عن أملها في خروج جميع الأسيرات والأشبال من سجون الاحتلال وبالأخص صغار السن الذين يعانون من معاملة سيئة وعنف غير مبرر، مؤكدة أن أملهم الأكبر في المقاومة وأن يستمر اتفاق وقف اطلاق النار ليصير دائم في النهاية.