المؤرخ العربي الكبير المشهداني يشيد بدور اليمن العظيم في مناصر الشعب الفلسطيني البطل
تاريخ النشر: 3rd, April 2024 GMT
أ.د/ عبدالعزيز صالح بن حبتور*
استلمت في صبيحة يوم الأحد الموافق 31 / مارس / 2024 م، الموافق 21 / رمضان / 1445 هـ رسالة صوتية مفاجئة ثمينة وعزيزة من المفكر والمؤرخ العراقي العروبي الأصيل البروفسور محمد جاسم المشهداني الأمين العام لاتحاد المؤرخين العرب ومقره بالعاصمة العراقية بغداد، رسالة أخوية صادقة دافئة من أحد المفكرين العرب الأقحاح الذين عاصروا تاريخ أمتنا العربية والإسلامية لردحٍ طويلٍ من الزمان.
كيف لا ؟
والمؤرخ المشهداني هو ابن العراق العظيم، وبغداد عاصمة الحضارة العربية الإسلامية العباسية والتي عاش الإسلام والمسلمين أزهي عصورها والتي تجاوز الستة قرون خلت من الزمن الإسلامي الزاهر الذي ازدهرت وتطورت وانتعشت فيها كل صنوف العلوم والسياسة والثقافة والفكر الإنساني العالمي.
كيف لا ؟
والمؤرخ / المشهداني ينتمي روحاً وجسداً لحاضرة الكوفة العظيمة التي عاش وأمَّ وقاد منها المسلمين يوم ذاك الخليفة الرابع للمسلمين، الإمام علي بن أبي طالب -كرم الله وجهه- بالجنة واستشهد فوق ترابها الطاهر النقي ودفن بها جسده الشريف المبارك.
تربّى الفيلسوف المفكر محمد المشهداني في أرض العتبات المقدسة بالعراق الشقيق بأرض كربلاء الطاهرة ، بفكر المقاومة والجهاد الإسلامي العظيم في مدرسة الاستشهاد والفداء والتضحية الذي أسسه الإمام الحسين -عليه السلام- سيد الشهداء وسبط رسولنا الأعظم النبي محمد صل الله عليه وآله وسلم، وشقيقه العباس بن أبي طالب رضي الله عنهما جميعاً.
لقد أسعدني بصوته الشجي الجميل وهو يترنم من أرض العراق ليصلني إلى صنعاء عاصمة يمن المقاومة، وهو يحمل عبر الأثير وصوته العروبي الشجاع مشاعر الاعتزاز والفخر والكبرياء بموقف الشعب اليمني وقواته المسلحة والأمنية البطلة، يواصل عبر الأثير اعتزازه بموقف القيادة الثورية والسياسية للجمهورية اليمنية بقيادة قائد الثورة السيد الحبيب / عبدالملك بدر الدين الحوثي ، وفخامة الرئيس / مهدي محمد المشاط رئيس المجلس السياسي الأعلى وبقية القيادة اليمنية، يشيد بهم ويفخر بموقفهم ويعتز بأن اليمن العظيم يقود مسيرة المقاومة ضد المشروع الصهيوني في الوطن العربي بشكل عام وفي الأرض الإسلامية المقدسة في فلسطين كل فلسطين التي احتلها الصهاينة اليهود في العام 1948م بقرارات التقسيم المخزي المفروضة على أمتنا العربية والإسلامية.
سعدت كثيراً بسماع صوته الشجي والشجاع وهو يقدم نماذجاً من التاريخ مشابهاً لموقف اليمن العظيم في أيامنا الرمضانية المباركة هذه، ودعوني أُلخص لكم ما جاء في رسالة صديقنا العزيز الفيلسوف المؤرخ / محمد جاسم المشهداني في صبيحة يومنا الرمضاني هذا على النحو الآتي:
أولاً :-
قال البروفسور / المشهداني إن الموقف اليمني الشعبي والقيادي والعسكري والسياسي الشجاع يمثل مفخرةً وعزةً لجميع الأحرار من العرب والمسلمين في جميع أقطار العالم مترامي الأطراف، وأنه قد أحيا وبصوت عال الموقف التضامني الأخوي الصادق والفعلي مع أهلنا في فلسطين المحتلة وتحديداً قطاع غزة الذين يتعرض وشعبه لأبشع أنواع الإبادة الجماعية في القرن الواحد والعشرين، من قِبل آلة حرب العدوان الصهيوني / الأمريكي / الأطلسي العدواني، وكانت نتيجة العدوان أن يصل عدد الشهداء إلى أزيد من (33000) شهيد وشهيدة جُلهم من الأطفال والنساء والشيوخ، وبلغ عدد الجرحى أزيد من (75000) من الأطفال والنساء والشيوخ أيضاً ، وهناك العديد من المفقودين لازالوا شهداء تحت الأنقاض ويزيد عددهم عن عشرة آلاف مفقود .
ثانياً :-
البروفيسور / المشهداني يُقدِّر تقديراً عالياً موقف القيادة الثورية المقاومة بقيادة السيد الحبيب / عبدالملك بدرالدين الحوثي، ويعتبر هذا الموقف التضامني النبيل الكريم من أنبل وأشرف وأعظم المواقف الشجاعة لأي قائدٍ سياسي وعسكري يُجابه بشجاعة وصمود الطُغمة النازية الصهيونية الإسرائيلية والمدعومة من الصهاينة الأمريكان والأوربيين وحتى بعض القادة العرب المفرطين في مسؤولياتهم التاريخية.
ثالثاً :-
باعتبار أن البروفسور / محمد المشهداني مؤرخ جهبذ في تدوين أحداث التاريخ العربي الإسلامي برمته، فهو يشبه موقف اليمن اليوم وتجاه قطاع غزة وفلسطين كلها يشبهها إلى حدٍ كبير بانتصار الجيوش الإسلامية في معركة حطين في العام ( 583 هـ) بقيادة القائد الإسلامي البطل / صلاح الدين الأيوبي رحمة الله عليه، وسيُدون التاريخ هذا الموقف الشجاع للشعب اليمني بأحرفٍ من نور، وسيبقي درساً عظيماً في تاريخ الأمة العربية والإسلامية على مدار التاريخ مهما غالط وأرجف المرجفون والمنهزمون وخونة القضية الفلسطينية.
رابعاً :-
يقول البروفسور / المشهداني بأن صراعنا مع الغرب الصليبي المعادي لأمتنا الإسلامية وقيمها الحضارية والإنسانية صراع تاريخي قديم، وقد بدأ منذ الحملة الصليبية الأولى من أجل أن يحتلوا القدس ويدنسوا معالمها الإسلامية الطاهرة.
وكانت البداية الفعلية للحروب الصليبية في 27 نوفمبر/تشرين الثاني 1095م ، وذلك إثر خطبةِ ألقاها البابا/ أوربان الثاني في حشود المجتمعين بمؤتمر ديني في حقول مدينة كليرمونت الفرنسية، ووصل عدد تلك الحملات لنحو 8 حملات عسكرية بين تاريخ أول حملة عام 1096 و1291م ، وهو العام الذي سقطت فيه مدينة عكا آخر الإمارات الصليبية بالمشرق.
وسيستمر وسيدوم وسيبقى ذلك الصراع السياسي والديني والاقتصادي والفكري صراعاً ابديّاً مستمراً إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، لأن الغرب الأوروبي الصهيوني مؤمن إيماناً راسخاً بأن يسود ويقهر أمتينا العربية والإسلامية بعنجهية مفرطة وبحقدٍ أعمى على مدار التاريخ.
خامساً :-
يقول المفكر / المشهداني، بأن التاريخ سيوثق للقادة العرب والمسلمين مواقفهم المخزية تجاه ما حدث ويحدث اليوم في أرض فلسطين المحتلة، وسيسجل التاريخ بأنهم تخاذلوا في أداء واجبهم القومي والعروبي والديني والإنساني والأخلاقي تجاه الشعب الفلسطيني المظلوم والذي تكالب عليه الصهاينة اليهود من جميع أصقاع الأرض، حيث تكالب عليه الصهاينة الأوروبيين جميعهم تقريباً، وكذلك الصهاينة الأمريكان، والاستراليون والكنديون، ولم يبقى صهيوني واحد في الكرة الأرضية على اتساع رقعتها إلا ووقف مع الصهاينة اليهود المحتلين لأرض فلسطين .
سادساً :-
يقول المؤرخ / محمد المشهداني بأن التاريخ سيسجل مواقف محور المقاومة الشريفة بأحرف من نور وبأنصع صفحات التاريخ، ذلك المحور الذي يبدأ من فلسطين واليمن ولبنان وسوريا والعراق والجمهورية الإسلامية الإيرانية، هذا هو قدر محور المقاومة التاريخي، وقد التزمت دينياً وعروبياً بأن تقف إلى جانب المقاومة الفلسطينية وضد المشاريع الصهيونية النورانية العالمية المريضة.
سابعاً :
اختتم المؤرخ / المشهداني رسالته الصوتية بالقول بأن التاريخ الحقيقي هو الذي صنعه ويصنعه اليمانيون الأحرار في موقفهم البطولي ضد السفن الصهيونية الإسرائيلية وكذلك السفن والبارجات وحاملات الطائرات الأمريكية والبريطانية وحرمانها من الوصول إلى موانئ فلسطين المحتلة، وأن إغلاقكم مضيق باب المندب والبحر الأحمر والبحر العربي، سيشكل انتصاراً استراتيجياً في قادم الأيام، ولم تعرف فلسطين المقاومة الحرة في حروبها مع العدوان الصهيوني الإنجلو أمريكي مثل هذا التضامن الأخوي الإيماني القوي سوى منكم أنتم أيها اليمانيون الأحرار.
الخلاصة : –
لقد أفرحتني كثير رسالة المؤرخ الكبير البروفيسور / محمد جاسم المشهداني الأمين العام لاتحاد المؤرخين العرب / بغداد، وأثلجت صدري بما حوته من مشاعر إنسانية صادقة وموقف عربي صلب، ومتمترس خلف القضايا العروبية التاريخية العامة وهي لاشك أنها عديدة، والقضية الفلسطينية على وجه التحديد، ولهذا جاء الهاجس الكتابي لدى، وكتبت هذه المقالة بعجل شديد كي أترجم مشاعري وإحساسي وموقفي الشخصي والعام تجاه قضايا أمتنا العربية والإسلامية ذات التاريخ العريق والناصع.
واليك يا صديقي العزيز / محمد المشهداني كل الود والتقدير والاحترام والاعتزاز من كل أحرار الشعب اليمني العظيم، وأستطيع أن أنقل إليك بكل ثقة واحترام كل مشاعر التقدير والاحترام والتبجيل من قادة محور المقاومة العربية الإسلامية العظماء الذين يواجهون أكبر مؤامرة خبيثة تجاه شعبنا الفلسطيني العظيم ومقاومته الباسلة في هذا الزمن الصعب، وحتماً سيفشلها طالما والإصبع على الزناد وخلفه فكر إنساني مقاوم متيقظُ ُ نشط.
﴿وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ)…
*رئيس وزراء حكومة تصريف الأعمال في الجمهورية اليمنية/ صنعاء
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: العربیة والإسلامیة
إقرأ أيضاً:
رسالة دكتوراه تناقش الزمن بين التاريخ والمتخيّل في الملهاة الفلسطينيّة
حصل الباحث سالم بن سعيد بن مسعود الكندي على درجة الدكتوراه في اللغة والآداب والحضارة العربيّة تخصص "أدب" حيث حازت الأطروحة على أعلى مستوى بملاحظة "مشرّف جدّا" من جامعة منّوبة بالجمهوريّة التونسيّة، وجاءت ضمن برنامج المنح الدوليّة المقدّمة من الجمهوريّة التونسية لطلبة سلطنة عمان حيث جرت جلسة مناقشة الأطروحة بحضور سعادة الدكتور هلال بن عبدالله السنانيّ سفير سلطنة عمان لدى الجمهوريّة التونسيّة.
وجاءت الأطروحة تحت عنوان الزمن بين التاريخ والمتخيّل في الملهاة الفلسطينيّة لإبراهيم نصر الله، إذ ركّز الباحث على البحث في الحدّ الفاصل الذي يجعل من نص ما نصا أدبيّا وليس نصاً كتابيا تاريخيا توثيقيا صرفا؛ وفي ضوء البحث المتعلّق بالرواية وحضور التاريخ فيها سعى الباحث للإجابة عن السؤال الرئيس: كيف يتشكلّ الزمن الروائيّ في ضوء التنازع بين حضور الوثيقة التاريخيّة والمتخيّل الروائيّ في الملهاة الفلسطينيّة لإبراهيم نصرالله؟
وللإجابة عن هذا السؤال المركزيّ اختار الباحث المجموعة الروائيّة "الملهاة الفلسطينيّة" للروائيّ والشاعر الفلسطينيّ إبراهيم نصر الله، وجاء اختياره لهذه المجموعة، لأنّها تجسّد مشروعا روائيّا متكاملا يحكي من خلاله الكاتب حكاية فلسطين عبر تنقّله في مساحة زمنيّة روحيّة ووطنيّة وإنسانيّة على مدى مئتين وخمسين عاما من تاريخ فلسطين الحدّيث، ولكلّ رواية في هذه المجموعة فضاؤها الروائيّ المستقل، إذ تضمّنت المجموعة الروائيّة أربع عشرة رواية حتى الآن.
وفي هذه الأطروحة درس الباحث إشكاليّةَ الزمن بين التاريخ والمتخيّل في خمس روايات من مجموع روايات الملهاة الفلسطينيّة الأربع عشرة، وهي روايات "زمن الخيول البيضاء، قناديل ملك الجليل، ثلاثيّة الأجراس: سيرة عين، ظلال المفاتيح، دبابة تحت شجرة عيد الميلاد" إذ جاء اختيارُه لهذه الروايات إلى تجلّي الخلفيّة التاريخيّة التي استند إليها الكاتب في بناء فضائها الروائيّ بما اعتمد عليه من وثائق تاريخيّة مكتوبة، وشهادات شفهيّة عديدة، ومن جانب آخر يبدو الزمن التاريخ الخارجيّ في بقيّة روايات المجموعة قريبا جدا من زمن القارئ.
ولقد سعى الباحث إلى أن تكون دراسته لهذه المدونة الروائيّة مستنيرة بالمنهج الإنشائي المساعد على تبين خصائص النصوص وما تثيره من إشكاليّات فحاول الإجابة عن الإشكاليّة الرئيسة، المتمثّلة في السؤال: كيف يتشكلّ الزمن الروائيّ في ضوء التنازع بين حضور الوثيقة التاريخيّة والمتخيّل الروائيّ في الملهاة الفلسطينيّة لإبراهيم نصرالله؟
والبحث في هذه الإشكاليّة تناول الرد على جملة من التساؤلات من أهمها كيّف تجلّت العلاقة بين الرواية والتاريخ؛ وكيف وظّف الروائيّ الزمن في الرواية؟ إضافة إلى أهمية أن تحافظ الروايات على بنائها الفنّيّ وهي تكتب التاريخ؟ وفي مستهل الأطروحة درس الباحث تطور الأدب السرديّ الفلسطينيّ من حيث موضوعاته، وخصائصه وسماته الفنيّة وأبرز أعلامه في العصر الحدّيث كذلك حياة الروائيّ إبراهيم نصر الله وتجربته الشعريّة والروائيّة وتفاصيل المجموعة الروائيّة الملهاة الفلسطينيّة وإشكاليّات الزمن والتاريخ والمتخيّل في الرواية من خلال الوقوف على مصطلح الزمن في اللّغة والفلسفة والسرد ومفهوم الرواية التاريخيّة وتطوّر هذا النوع الروائيّ.
وقد جاءت الدراسة في أربعة أبواب فالباب الأوّل تطرّق لـ" المكان والشخصيّات في الملهاة الفلسطينيّة" أما الباب الثاني فقد جاء عنوانه " خصائص الخطاب السرديّ في الملهاة الفلسطينيّة"؛ فيما تناول الباب الثالث "التفاعل النصّيّ والانفتاح على التاريخ" أما الباب الرابع والأخير فقد جاء تحت عنوان "الزمن التاريخيّ والزمن المتخيّل في الملهاة الفلسطينيّة" ولقد توصّلت الدراسة إلى أنّ المكان مسرحا لأحداث الرواية قد تباينت صوره بين التاريخيّ الموثّق، والمتخيّل المستند إلى التاريخ وأن الروايات تضمّنت ملاحظات الكاتب في الهوامش والمتون التي تؤكد استناده إلى الوثائق التاريخيّة والأبحاث الموثوقة، والشهود لإعطاء المكان مصداقية أكبر عند القارئ، حتى تلك الفضاءات المتخيّلة كانت تعبّر عن أماكن لها وجودها الموثوق، ولقد استكمل الكاتب الفراغات بأسلوبه الإبداعي الخاص لإنشاء مشهد مستند إلى الواقع التاريخيّ؛ إضافة إلى تنوّع أصناف الشخصيّة في الروايات الخمس حيث كان للتاريخ والعناصر المتخيّلة تأثيرها الخاص على تشكيل الشخصيّات الروائيّة وفي الروايات الخمس شخصيّات نسائيّة فلسطينيّة رئيسة حمّلها الكاتب دلالات رمزيّة مرتبطة بحركة النضال الفلسطينيّ تجاه أرضه وقضيّته، وقد تميّزت هذه الشخصيّات بقوة الإرادة والعزيمة في تغيير الواقع بصورة مباشرة، أو في دعم الشخصيّات المحوريّة على التغيير، كما ظهرت المرأة وهي تقود الثورة ضد الاستعمار، وتكافح من أجل الحرية والعدالة؛ كما ساهم توظيف إبراهيم نصر الله لتقنيات التفاعل النصّي والتداخل الأجناسي في إبراز مجموعة من القيم الفنيّة التي أثرت الأبعاد التاريخيّة ودعمت مشروعه في روايات الملهاة الفلسطينيّة حيث كان للكاتب رؤية واضحة حول ما يتعلّق بتوظيف الوثيقة التاريخيّة التي عمد إلى توظيفها لأجل نبش الذاكرة الفلسطينيّة بعيدا عن سطوة الفهم العام للحكاية الفلسطينيّة.