بقلم محمد حمية:

 

وضع الإستهداف الإسرائيلي الجديد لمبنى القنصلية الإيرانية في سوريا، إيران أمام خيارات صعبة والمنطقة على شفير الحرب الشاملة، إذ أنه للمرة الأولى تُقدِم “إسرائيل” على هكذا خطوة تظهر وكأنها إعلان حرب.

 

يعكس هذا الإستهداف حجم المأزق الذي بلغه الكيان الإسرائيلي بعد فشله في تحقيق أهداف الحرب، إلى جانب طوق الضغوط الذي يلتف على رقبة رئيس حكومة الإحتلال بنيمين نتانياهو من العجز عن التعامل مع قطاع غزة وصداع ملف الأسرى ومعضلة الشمال والعمليات الأمنية المتزايدة والتحركات الشعبية في الضفة الغربية والخطر الأمني الآتي من مثلث الحدود الأردنية – السورية – العراقية.

 

جاءت الضربة الإسرائيلية مع جملة معطيات ومستجدات:

*بعد 24 ساعة من عملية أمنية نوعية ومعقدة لازالت قيد التحقيق في “إسرائيل” تمثلت بسقوط جسم مشبوه على مركز حساس في إيلات، وتتهم “إسرائيل” إيران بالوقوف وراء هذا النوع من العمليات النوعية فضلاً عن دعم فصائل المقاومة الفلسطينية وتسليح جبهات الإسناد لغزة، من حزب الله في لبنان الى الحشد الشعبي في العراق وأنصار الله في اليمن. وتعتقد حكومة الإحتلال أن اغتيال قادة الحرس الثوري الإيراني يقطع طريق نقل السلاح والصواريخ الثقيلة من إيران إلى العراق وصولاً الى سوريا ولبنان، وتقضي على العقل المدبر والمخطط للعمليات ضد “إسرائيل”. لكن وفق مصادر قيادية ميدانية في محور المقاومة فإن هذا العدوان ولا غيره يمكنه من وقف جبهات المواجهة مع العدو وإسناد غزة.

*نجاح حزب الله بتكريس معادلة الجولان مقابل بعلبك وتكثيف عمليات إطلاق الصواريخ على الجولان خلال الأسبوع المقبل، وعلى القواعد العسكرية الاسرائيلية شمال فلسطين المحتلة وضرب المدنيين في كريات شمونة، حتى تحول الشمال الى مدينة أشباح ومنكوبة وفق الإعلام الاسرائيلي.

*وصول الخلاف بين الإدارة الأميركية ونتانياهو الى مرحلة حساسة بمعزل عن استمرار الدعم الأميركي للحرب، إذ يعتبر الأخير أن الرئيس بايدن قلب له ظهر المجَن، لاسيما عدول واشنطن عن استخدام سلاح “الفيتو” لتعطيل قرار مجلس الأمن الدولي بوقف إطلاق النار في غزة. ويدور الحديث في أروقة البيت الأبيض عن إعادة النظر بجسر التسليح الجوي الأميركي الى “إسرائيل”، علاوة على قرار دول عدة بوقف توريد السلاح الى كيان الإحتلال وعلى رأسهم كندا.

“الحشرة” الإسرائيلية دفعت بحكومة نتانياهو للتعويض عن هيبة الردع التي فقدها الكيان في الميدان في غزة وجنوب لبنان، فأراد إظهار القوة وبأن اليد الإسرائيلية لاتزال العليا ما يعطي تطمينات للمستوطنين لا سيما في الشمال.

إضافة الى اختبار مدى استعداد إيران ومحور المقاومة للحرب الشاملة، يريد نتانياهو جرّ إيران للحرب بهدف تغيير وجهة الحرب وحرف أنظار العالمين العربي والاسلامي والعالم برمته من حرب إسرائيلية – فلسطينية، الى حرب بين إيران “الفارسية” “الشيعية” وبين “إسرائيل” اليهودية، وبذلك يعيد تنويم الشارع العربي والاسلامي الغاضب والمتضامن مع غزة. ويريد أيضاً توريط الأميركيين بحرب في المنطقة وبذلك تضيع الهزيمة الاسرائيلية في أي تسوية لوقف الحرب، وتتشارك واشنطن و”تلأبيب” خسائر الحرب بدل أن تتحمل الأخيرة الجزء الأكبر منها.

إذا صحت معلومات موقع “أكسيوس” الأميركي بأن أجهزة أمنية إسرائيلية أبلغت نظيراتها الأميركية بالضربة بعد إقلاع الطائرات في الجو، قد تكون رسالة عاجلة ونارية من نتانياهو إلى الادارة الاميركية بأن بإمكان “إسرائيل” جرّ المنطقة للحرب الاقليمية إذا استمر بايدن بقلب ظهر المجَن لنتانياهو الذي يدرك بأن الولايات المتحدة لا تريد الحرب في المنطقة.

ماذا عن الرد الايراني؟

لا يحتاج الأمر الى عناء التحليل لتفسير تصريحات المسؤولين في القيادة العليا الايرانية من الرئيس الإيراني الى مجلس الامن القومي، الذين أجمعوا على حتمية الرد وتناسبه، لكن لكن اختيار المكان والزمان والهدف يبقى رهن تقدير القيادة الايرانية.. فهل يكون مراكز عسكرية واستخبارية رفيعة في الجولان، أم قنصليات وسفارات إسرائيلية في العالم؟ أم يقتصر على ضرب مركز دبلوماسي إسرائيلي في “تل أبيب” بالصوايخ الثقيلة من سوريا؟

وفق المعلومات فإن القرار الايراني قد اتخذ بالرد مساء أمس، لكن هل يكون بحجم لا تستطيع “إسرائيل” تحمله فتقوم برد يستدرج رداً إيرانياً وتقع الحرب؟ أم سيكون على “البارد” ويأخذ بعين الاعتبار الحاجة الاسرائيلية ذريعة لإشعال الحرب في المنطقة؟.

تدرك طهران أن تمرير العدوان من دون رد سيرتب ضربات أخرى قد تكون أشد إيلاماً وبالتالي تنجح “إسرائيل” بكسر قواعد الإشتباك وإرساء قواعد جديدة وبالتالي تغيير موازين القوى العسكرية القائمة والبناء عليها في أي خطوة لاحقة على اعتبار أن إيران ومحورها مردوع. ووفق الخبراء فإن إيران تدرك ايضاً أن “اسرائيل” تلقت ضربة استراتيجية في 7 تشرين، ومُنيت بهزيمة كبرى خلال شهور الحرب الستة الماضية مع غزة وجبهات الاسناد، وبالتالي تخوض حرباً وجودية، في محاولة للتخفيف من حجم الخسائر الفادحة ومحو تداعيات الكارثية لطوفان الأقصى على الكيان، وتعرف إيران حجم الخلاف التكتيكي بين الادارة الاميركية ونتانياهو، لذلك لن تقدم على أي خطوة تشكل مخرجاً لـ”إسرائيل” لوقف النزيف الاستراتيجي لجيشها واقتصادها وجبهتها الداخلية. ولذلك وجهت رسالة هامة للأميركيين مع الوسيط السويسري تحمل واشنطن مسؤولية العدوان وردع العدو لأن إحراج إيران ووضعها أمام الخيار الصعب لن يسلم المنطقة دوماً من الحرب الاقليمية. والمرجح وفق مطلعين هو رد إيراني بحجم العدوان لكن لا يتحمله الإسرائيلي ويتيح المجال لواشنطن الدخول على الخط لمنع الرد الإسرائيلي المقابل وتفادي إشعال الحرب الإقليمية

المصدر: موقع حيروت الإخباري

إقرأ أيضاً:

معاريف: إسرائيل تنتظر الدعم الأمريكي لمهاجمة إيران وترامب له رأي آخر

سلطت كاتب إسرائيل الضوء على سيناريوهات التعامل الأمريكي والإسرائيلي المشترك مع الملف النووي الإيراني، في ضوء سياسة أقصى الضغوط التي يقودها الرئيس الأمريكي ضد طهران.

وقال المحلل السياسي في صحيفة "معاريف" ران أدليست، إن القضية النووية الإيرانية هي جزء من لعبة معقدة تجمع بين التهديدات العسكرية، والمناورات الدبلوماسية، والتسريبات الإعلامية. 

ولفت إلى أنه رغم التصعيد اللفظي، تظل الخيارات العسكرية محدودة بسبب قيود الدعم الأمريكي والخوف من تداعيات واسعة. وفي الوقت ذاته، تواجه "إسرائيل" ضغوطًا دولية متزايدة للشفافية بشأن قدراتها النووية.

وحول احتمالية هجوم إسرائيلي على إيران، أشار أدليست إلى ما قاله دان شابيرو، السفير الأمريكي السابق لدى "إسرائيل"، في مؤتمر أمني حين رجح شن هجوم إسرائيلي على إيران خلال العام الحالي.

وقال إن الهجوم يتطلب دعمًا أمريكيًا، خاصة فيما يتعلق بالقنابل الخارقة للتحصينات والطائرات القادرة على حملها، وهو ما ترفضه إدارة ترامب، مثلما رفضته إدارة بايدن.


وحول أسلوب الضغط والحرب الإعلامية، لفت أدليست إلى تسريبات وسائل الإعلام مثل "وول ستريت جورنال" والتي أشارت إلى أن "إسرائيل" تدرس مهاجمة المنشآت النووية الإيرانية، معتبرة أن "نافذة الفرصة" تضيق.

ويعتقد المحلل السياسي أن هذه التسريبات تهدف إلى الضغط على إيران لقبول اتفاق نووي جديد أفضل من اتفاق أوباما، بدلًا من المضي في تطوير برنامجها النووي.

"ويفضل دونالد ترامب الحلول الدبلوماسية ويدعو للمفاوضات بدلًا من التصعيد العسكري، لكن
بنيامين نتنياهو يستخدم التهديدات بشكل مستمر منذ سنوات لإظهار نفسه كحامٍ لإسرائيل، ولكن دون تنفيذ عمليات حقيقية بسبب القيود العسكرية والسياسية".

وحذر أدليست من أن تؤدي التوترات المتصاعدة إلى قرارات كارثية إذا شعر أحد الأطراف بالخطر الوجودي. مشيرا إلى أن نتنياهو يصف القضية بأنها "حرب من أجل الوجود"، مما يزيد من احتمالية اتخاذ خطوات غير متوقعة.

مقالات مشابهة

  • دعوات إسرائيلية داخلية لوقف العدوان على غزة رغم مطالبة نتنياهو بالتصعيد
  • شهيد وجريح في غارة إسرائيلية على بلدة ياطر جنوبي لبنان
  • قتيل وجريح في غارة إسرائيلية على بلدة ياطر جنوبي لبنان
  • إيران ترفض بيان مجموعة السبع وتصفه بـ المتحيز وغير الواقعي
  • الحربٌ التقنية الباردة تشتعل.. OpenAI تدعو رسميًا إلى حظر DeepSeek
  • معاريف: إسرائيل تنتظر الدعم الأمريكي لمهاجمة إيران وترامب له رأي آخر
  • مجموعة السبع: إيران مصدر رئيسي لعدم استقرار المنطقة
  • خمس خطوات إسرائيلية بالمرحلة المقبلة لإتمام صفقة التبادل وإنهاء الحرب
  • وسط الخرطوم
  • البرلمان الأوروبي: أوروبا مطالبة بضمان أمنها عاجلاً