لجريدة عمان:
2025-01-17@19:22:09 GMT

هل تحتاج حرب الإبادة في غزة إلى أدلة جديدة؟

تاريخ النشر: 2nd, April 2024 GMT

هل تحتاج حرب الإبادة في غزة إلى أدلة جديدة؟

هل يحتاج العالم الغربي المتردد إلى دليل على ما يرتكبه الكيان الصهيوني المحتل في غزة من إبادة جماعية وجرائم حرب ضد الإنسانية أبشع مما حدث في مستشفى الشفاء؟! إذا ما اعتبرنا أنه ما زال مستلب الصورة الحقيقية لهذه الحرب الإجرامية التي تكمل 180 يوما منذ بدأت في السابع من أكتوبر الماضي! إن مشهد الجثث المتحللة والجثث المسحوقة تحت مجنزرات الدبابات، وتلك المسحولة بالجرافات والمخبأة تحت أكوام التراب كفيلة بأن تغير كل الصور الذهنية عند الغرب سواء كان ذلك على مستوى الشعوب أو الحكومات التي تعرف الحقيقة ولكنها متورطة في الجرم، متورطة في جرائمه الآنية أو في جرائمه التاريخية.

إن هذا المنظر المؤلم، الذي سيبقى عارا في جبين الإنسانية، إذا لم يستطع أن يحرك ضمير العالم ليعمل مع بعضه البعض لوقف هذه الحرب فورا وردع إسرائيل عن جرائمها فإن على العالم الصمت تماما عن الحديث عن القيم والمبادئ والمثل، وعن حقوق الإنسان وعن مؤسسات النظام العالمي.. فالقيم والمبادئ لا يمكن أن تتجزأ.. ويثبت العالم حتى الآن أنه متجرد منها أو يكاد ولا يمكن التعويل عليها كثيرا في السعي نحو وقف الحرب ونحو وقف جرائم إسرائيل التي ترتكبها في قطاع غزة وفي عموم فلسطين. ورغم أهمية هذه الرؤية التي يمكن أن يقود غيابها عن العالم إلى تحويله إلى ساحة قتال وساحة تطرف إلا أنها ليست الوحيدة التي يمكن أن تقود إلى الوجهة نفسها.

إن استهتار إسرائيل بالعالم أجمع قويه وضعيفه يقود إلى الوجهة نفسها.. فإسرائيل منذ بداية الحرب الأخيرة تسعى لاستفزاز إيران بكل الطرق، وهدفها الواضح من ذلك ليس مجرد إيصال رسالة مفادها أننا جاهزون للتعامل مع أي محاول إيرانية للتدخل، إنما الرسالة الأقوى تكمن في جعل أمريكا وأوروبا تشعر أن الخطر القادم من إيران حقيقي، وعليها أن تبقى مستعدة لردعها في حالة تجرأت على المساس بمصالح إسرائيل أو الغرب عموما.

لا يمكن أن يفهم الأمر إلا على هذا النحو حينما تتجرأ إسرائيل هذه المرة وتقصف القنصلية الإيرانية في دمشق وهي تعرف أن مثل هذا العمل خطير جدا ويمكن أن يكون عود الثقاب الذي يشعل المنطقة كلها في حرب لا أحد يعرف إلى أين يمكن أن تذهب.

كما أن قصف عمال الإغاثة الغربيين يجعل دولهم تعيد النظر في مسار إسرائيل في الحرب وفي مصداقيتها المتوهمة إن كانت قد بقيت لها مصداقية.

قد يعتقد البعض أن ما تقوم به إسرائيل في هذه اللحظة هو جنون العظمة، أو جنون القوة ولكن الحقيقة أن إسرائيل تعيش مأزقا حقيقيا الآن يجعلها غير قادرة على السيطرة على جنونها، فهي ترتكب حماقات كبرى في كل مكان، وهي حماقات خطيرة ضد حلفائها مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وأوروبا بشكل عام، وهذه الدول تجد نفسها في وضع محرج جدا.

إن الصورة الذهنية الجديدة التي ستبقى في أذهان العالم أجمع، إذا ما استثنينا القيادات الغربية المتواطئة بالضرورة، أن إسرائيل ما هي إلا صورة جديدة لحركات النازية والفاشية والداعشية، وهذه الصورة ستنقلب على المشروع الاستيطاني الإحلالي الذي تتبناه إسرائيل في فلسطين ويدعمها فيه الغرب: أمريكا وأوروبا الساخط تاريخيا على اليهود.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: یمکن أن

إقرأ أيضاً:

الإبادة الجماعية لقتل الفلسطينيين والإبادة الرقمية لإخماد صوتهم

تصدر شبكات التواصل الاجتماعي وتسنّ مجموعة من السياسات التي تبدو في ظاهرها محاولات ضرورية للحد من سوء استخدام حرية النشر، لكنها تضمر ما قد يوظف لمصلحة التمييز و"الفصل العنصري الرقمي" على حساب فئة مستضعفة لمصلحة أخرى "محظية". ولا يتوقف تطبيق هذه السياسة على العامل البشري فحسب، بل يتجاوزه إلى خوارزميات الذكاء الاصطناعي التي تعتمد على كلمات مفتاحية لحجب محتوى معين دون تمعن، كما تفعل أدوات الإبادة الجماعية.

لقد قدمت الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة نموذجا مجسدا للسياسات التي تنتهجها شبكات التواصل الاجتماعي للتأثير في الرأي العام العالمي ودفعه إلى تقبل الحرب على القطاع وإن أخذت منحى الإبادة، مكملة بذلك أدوات الحرب عبر الفضاء الرقمي.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2مستقبل العلاقات الإيرانية الأميركية مع عودة ترامبlist 2 of 2التيارات الإسلامية في اليمن وتحدي البقاء في بيئة مضطربةend of list

وفي معنى الإبادة الرقمية، نشر مركز دراسات الجزيرة في دوريته المحكمة "الجزيرة لدراسات الاتصال والإعلام" بحثا لأستاذ الإعلام المشارك في جامعة قطر الدكتور محمد أحمد إبراهيم بعنوان "شبكات التواصل الاجتماعي وآليات التحكم في الرأي العام العالمي: الإبادة الرقمية للمحتوى الفلسطيني خلال الحرب على غزة (2023-2024)"، أجاب فيه عن سؤال: كيف تقود السياسات التي تتبعها شبكات التواصل الاجتماعي للتحكم في الرأي العالمي إلى إجراءات وممارسات تصل إلى مستوى الإبادة الرقمية للمحتوى الفلسطيني خلال الحرب الإسرائيلية على غزة؟

إعلان آليات شبكات التواصل الاجتماعي للتحكم في الرأي العام

عندما اقتحمت وسائل الرقمنة مجال التواصل الاجتماعي مع بداية هذا القرن، ظهر ما يمكن أن يسمى "التواصل الكلي"، فهو يشمل الإعلام والتعليم والتواصل المهني والإعلاني والاجتماعي دون حدود مكانية أو زمانية أو قانونية. ويمكن القول إن تعريف وسائل التواصل الاجتماعي يتضمن المكون التكنولوجي (الإنترنت والجهاز) والأيديولوجي (الشفافية والمشاركة والتكامل) فضلا عن المكون الوظيفي.

وأصبحت وسائل التواصل الاجتماعي تصنع الرأي العام العالمي بطرق أكثر نجاعة ودون الحاجة إلى نظريات الإعلام، فالخوارزميات المعززة بالذكاء الاصطناعي تقوم بالمهمة وتوصل الرسالة إلى من يهتم لرؤيتها. ولأن مفهوم الرأي العام يعني الكثرة والشمول ويكتسب من صفته العمومية قوة سلطة جماهيرية يصعب تجاوزها، فإن على القائمين بالأمر مراقبة القدرة الهائلة من القوة التي تمتلكها وسائل التواصل.

ويمكن تقسيم أهداف شبكات التواصل الاجتماعي في علاقتها بالرأي العام إلى هدفين رئيسيين: تغيير حالة غير مرغوب فيها وتعزيز رأي جماعي من شأنه أن يطلق حركة اجتماعية، وتعزيز الصورة الذهنية حول علامة تجارية معينة.

لذا فإن الفلسفة التي بنيت عليها شبكات التواصل الاجتماعي تجعل من الفعل الرقابي متجاوزا لمجرد حظر المحتوى الذي ينتهك حقوق الآخرين، بل يتعداه إلى الدخول في المنطقة الضبابية التي تجعل بعض الدول والقوى النافذة تفرض محظوراتها السياسية ضمن لوائح شبكات التواصل الموجبة لفعل الرقابة.

وتنتهج شبكات التواصل الاجتماعي مجموعة من الإجراءات والأساليب التي تمكنها من التحكم في الرأي العام العالمي وقيادته ضمن سياسات الهيمنة الحديثة، وهي من أجل بلوغ هدفها توظف التحكم التقني عبر الذكاء الاصطناعي والتحكم القانوني عبر اللوائح المتعلقة بالخصوصية وحقوق المستخدم.

وتعرف الباحثة رافال محيي الدين آليات التحكم التقني بأنها "استخدام المنصات والسلطات عبر الإنترنت للعمليات والخوارزميات الآلية للتحكم في المعلومات على المنصات عبر الإنترنت أو تصفيتها أو تقييد نشرها"، كما استعارت أستاذة القانون والتكنولوجيا في جامعة كامبردج جينيفير كوبي (Jennifer Cobbe) مصطلح "التحكم" (Governmentality) من الفيلسوف الفرنسي ميشال فوكو ليصبح لدينا ما يمكن تسميته "بالتحكم الخوارزمي" الذي يصف حالة الرقابة الواسعة النطاق على المحتوى الرقمي.

إعلان

ودرجت الشركات المالكة لشبكات التواصل الاجتماعي على وضع وسنّ تشريعات ولوائح تحدد واجبات المستخدم وحقوقه، ثم تستفيد من الثغرات التي لا تخلو منها وتمرر عبرها أجندة وسياسات خفية خاصة بها. فعلى سبيل المثال، تورد "فيسبوك" في مقدمة شروط الخدمة بندا حول مصادر دخلها نصه كالآتي: "باستخدامك لمنتجاتنا، فإنك توافق على أن بإمكاننا أن نعرض عليك إعلانات نرى أنها قد تكون ملائمة لك ولاهتماماتك. نحن نستخدم بياناتك الشخصية لمساعدتنا في تحديد الإعلانات ذات الطابع الشخصي التي نعرضها عليك".

إذن، تقر "فيسبوك" باستخدام البيانات الشخصية للمستخدم في تحديد الإعلانات التي ستعرض عليه، وهي هنا تتغافل على أن بيع بيانات المستخدمين بشكل مباشر أو غير مباشر يؤدي في النهاية إلى النتيجة ذاتها، كما أنها تترك الباب مفتوحا أمام الاستخدامات المحتملة الأخرى لبيانات المستخدمين، والتي قد تشمل الاستخدامات السياسية والأمنية والإجرامية.

تعامل الشبكات الاجتماعية مع المحتوى الفلسطيني أثناء الحرب

نشرت شركة "ميتا" في موقعها منشورا باللغات العربية والإنجليزية والعبرية في 13 أكتوبر/تشرين الثاني 2023، وضحت فيه مجموعة الإجراءات التي اتخذتها الشركة بعيد اندلاع الحرب، منها إنشاء مركز للعمليات الخاصة يعمل به خبراء لغتهم الأصلية العربية والعبرية، وذلك لمراقبة الأوضاع السريعة التطور وإزالة المحتوى الذي ينتهك معايير أو إرشادات "ميتا" بشكل أسرع. فعلى سبيل المثال، قامت "ميتا" بحظر كل المنشورات التي تحتوي على عبارة "حماس"، ما عدا التقارير الإخبارية والقضايا المتعلقة بحقوق الإنسان والنقاش الأكاديمي والمحايدة والمُدين.

وبناء على سياسات "ميتا" تجاه الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، انخفض عدد المشاهدات لقصص المؤثرين والمؤثرات، وغيرت الشركة إعدادات الظهور الافتراضية لجميع مستخدميها في المنطقة من "عام" إلى "الأصدقاء فقط"، في حين طبقت سياسة الكيل بمكيالين عندما تعلق الأمر بالوسوم الفلسطينية (مثل #طوفان_الأقصى) ونظيرتها العبرية (مثل وسم الدعوة إلى محو غزة #למחוקאתעזה).

إعلان

ويشكل كل ما سبق الركائز الأساسية لما يمكن تسميته الإبادة الرقمية، وهو مصطلح مشتق من عبارة "الإبادة الجماعية" التي لا تعني بالضرورة قتل كل أفراد جماعة ما، عرقية أو إثنية أو غيرها، لكنها أيضا تعني تدمير الأسس الرئيسية لحياة مجموعة ما، بما قد يؤدي إلى إبادتها، فالإبادة الرقمية هي محاصرة بنية الخطاب والمحتوى والشكل جميعا، بدءًا بالعبارة والجملة والفقرة مرورا إلى كامل النص.

وتتجلى الإبادة الرقمية في حالة الحرب الإسرائيلية الجارية في طبقتين تحيطان بالمحتوى الفلسطيني، الخارجية منها مكونة من المرجعية المفاهيمية (مثل تصنيفات الإرهاب ومعاداة السامية أو العنف اللفظي أو غيرها)، والمرجعية السياسية (مثل جماعات الضغط والمصالح والقوى المهيمنة) والسرديات المضادة للمحتوى الذي يتعرض للإبادة والأرضية القانونية والتشريعية التي يتم الاستناد إليها، بينما تتكون الطبقة الداخلية من خوارزميات الذكاء الاصطناعي الخاصة بتتبع المحتوى الرقمي، إلى جانب الرقابة البشرية المباشرة التي تصطاد ما تبقى من المحتوى الفالت من قبضة الخوارزميات.

إذن، تقدم شبكات التواصل الاجتماعي نموذجا صريحا لكيفية تغليف الهيمنة وتقديمها في رداء الموضوعية وحماية الفضاء العام من مخاطر التطرف والإرهاب، فما حدث ويحدث للمحتوى الرقمي الفلسطيني خلال الحرب الجارية هو "إبادة رقمية" تستهدف المحتوى وصانعيه على حد سواء، ليصبح القضاء على السردية الفلسطينية امتدادا للإبادة الجماعية على الأرض.

مقالات مشابهة

  • توفيق عكاشة: إسرائيل تحتاج العرب للسيطرة على العالم
  • خبير سياسي: دور مصر مشهود منذ أول أيام حرب الإبادة والآن بدأت مرحلة جديدة
  • العفو الدولية: كابوس الحرب لا ينتهي بإعلان وقف النار في غزة
  • الإبادة الجماعية والقتل خارج القانون في أرض المحنة وقلب الجزيرة .
  • بعد أن أبصر اتفاق غزة النور.. أسئلة تحتاج لإجابة
  • تتوقّف الحرب.. وتستمر الإبادة
  • مستقبل وطن: مصر ساهمت بدور فعال في الوصول لاتفاق بين إسرائيل وحماس
  • تامر الحبال: الوصول لاتفاق بين إسرائيل وحماس بفضل دور مصر
  • الإبادة الجماعية لقتل الفلسطينيين والإبادة الرقمية لإخماد صوتهم
  • كوبا تنضم إلى قضية جنوب إفريقيا ضد إسرائيل