الخلاف الأميركي الإسرائيلي.. إلى أين؟
تاريخ النشر: 2nd, April 2024 GMT
فجّر تمرير الولايات المتحدة قرار مجلس الأمن رقم 2728 الداعي لوقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة خلافا علنيا بين إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو.
وجاء ذلك في ذروة تباينات بين الطرفين شملت الاجتياح الإسرائيلي المحتمل لرفح جنوب قطاع غزة، وصفقة وقف النار وتبادل الأسرى مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وخطة اليوم التالي للحرب ودور السلطة الفلسطينية فيها.
ومن المهم تفكيك طبيعة هذه الخلافات، وأسبابها، ومدى تأثر العلاقة الإستراتيجية بين الطرفين بسببها، وانعكاس كل ذلك على مسار الحرب على غزة.
دوافع ومبرراتتتنوع أسباب موقف الإدارة الأميركي غير المسبوق في مجلس الأمن بين محاولة تحفيز العملية التفاوضية بين إسرائيل وحماس حول صفقة وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، وإرسال رسالة عملية لنتنياهو بالتوقف عن تحدي الإدارة الأميركية، وربما أيضا محاولة لتعزيز الضغوط الداخلية عليه سواء داخل حكومته أو في الشارع الإسرائيلي.
يأتي ذلك في ضوء إدراك واشنطن أن نتنياهو يسعى لعرقلة المفاوضات، ويصر على اجتياح رفح، لأنه يعلم أن مجرد توقف النار سيفعل المطالبات داخل الكيان بإجراء انتخابات سيكون فيها الخاسر الأكبر، حسب ما تؤكده استطلاعات الرأي، وبالتالي سيجد نفسه أمام محاكمة متهما بالفساد، وكذلك محاسبته على إخفاقات السابع من أكتوبر/تشرين الأول.
كما أن نتنياهو يتساوق مع اليمين الكاهاني المتطرف الذي يرفض الاعتراف أصلا بالهوية الوطنية الفلسطينية، ويعارض أي دور للسلطة الفلسطينية في غزة، لأنه يرى أن الحل الأنسب للفلسطينيين في الضفة وغزة هو تهجيرهم إلى خارج فلسطين، كما يهدد بالانسحاب من الحكومة إذا وافق نتنياهو على تصور اليوم التالي للحرب الذي تطرحه إدارة بايدن.
تخفيف الضغوط
ويسعى بايدن أيضا بخطوته هذه لتخفيف الضغوط الداخلية عليه من قبل الجناح اليساري في حزبه الذي يستمر باتهامه بالتواطؤ مع نتنياهو في ممارسة الإبادة الجماعية، ويدعو للنظر إلى المخاطر التي يتسبب بها هذا الموقف على سمعة ودور الولايات المتحدة. هذا فضلا عن استمرار تضرر موقف بايدن في حملة انتخابات الرئاسة الأميركية أمام منافسه الجمهوري دونالد ترامب.
ولوحظ كذلك التحول الذي بدأ في المجتمع الأميركي ضد إسرائيل، وخصوصا لدى فئة الشباب عموما في أميركا والعالم، فوفقا لآخر استطلاع لمؤسسة غالوب، 55% من الأميركيين لا يؤيدون العدوان على غزة!
كما أن بايدن -الذي سبق واعتبر أن نتنياهو يضر بإسرائيل أكثر مما ينفعها- وجد تشجيعا من موقف رئيس الأغلبية الديمقراطية في الكونغرس تشاك شومر، وهو من أشد مؤيدي الكيان، الذي انتقد نتنياهو بشدة، واعتبره عقبة كبيرة أمام السلام ودعا لإجراء انتخابات جديدة في إسرائيل.
غير أن الخارجية الأميركية، وبعد ردود الفعل الغاضبة لحكومة الاحتلال، حاولت التخفيف من وقع الموقف، وأعلنت في تصريح أن قرار مجلس الأمن الدولي بالوقف الفوري لإطلاق النار في قطاع غزة "غير ملزم"، وأن تنفيذه ربما سيتم عبر المفاوضات.
كما عمدت إلى وضع الموقف الأميركي في إطار لا يتعارض مع الدعم الثابت للكيان في حربه ضد حماس، ولذلك ذيّل التصريح بالتأكيد أن القرار "ليس له تأثير مطلقا على حرب إسرائيل على حماس، وأن أميركا مستمرة في دعم إسرائيل".
ومن المهم التأكيد أن أي قرار يصدر من مجلس الأمن يكتسب صفة الإلزام للأطراف المعنية به، ولذلك فلا قيمة قانونية لتصريحات الخارجية الأميركية. إلا أن القيمة الحقيقية لها أنها -بوصفها دولة عظمى- تستطيع تجاهل القرار وتدعم إسرائيل في تجاهله، كما حدث مع قرارات مماثلة لمجلس الأمن.
تراكم الخلافاتولا شك أن خلاف بايدن مع نتنياهو طفا على السطح مع بواكير العدوان الإسرائيلي، حين أخفق جيش الاحتلال في تحقيق نصر عسكري على المقاومة بنهاية المدة التي أعطتها له واشنطن (نهاية يناير/كانون الثاني 2024)، في حين استمرت حكومة نتنياهو في رفض تقديم تصور لليوم التالي للحرب، وزاد تركيزها على استهداف المدنيين والمستشفيات والمدارس من حدة الانتقادات الدولية لإدارة بايدن.
ويخلخل ذلك من تحالفها الأنجلوساكسوني الذي شكلته منذ بداية الحرب، خاصة أنه يرفع من وتيرة المظاهرات المطالبة بوقف الحرب التي عمت المدن، خاصة في الدولتين الداعمتين للاحتلال (أميركا وبريطانيا).
كما أن الاستمرار من دون توفر أفق سياسي للحرب قد يعزز من فرص اتساع ساحاتها لتشمل لبنان ودولا أخرى مثل العراق وسوريا، فضلا عن تطور الصراع مع جماعة أنصار الله الحوثيين في البحر الأحمر، علما أن البوارج والقوات الأميركية المنتشرة في المنطقة توفر شبكة أمان لإسرائيل، وتحول -في كثير من الأحيان- دون وصول صواريخ ومسيرات الحوثي للكيان.
هذا فضلا عن احتمال انفجار الصراع في الضفة الغربية والقدس اللتين تقفان على برميل بارود في ظل الممارسات الإسرائيلية القمعية، واستمرار استفزازات المستوطنين والتوسع في الاستيطان.
ولم تبد حكومة نتنياهو تعاونا كافيا مع بايدن لإنفاذ إستراتيجيته ولمحاولة استعادة مكانته الانتخابية، وهذا ما يستمر في تفجير الخلافات بين الطرفين، على الرغم من أن إدارة بايدن أكدت المرة تلو المرة أنها لن تلجأ إلى فرض عقوبات أو وضع قيود على تصدير السلاح للكيان، أو أن ترفع عنه الدعم السياسي في المحافل الدولية!
ويأتي الموقف الأميركي في إطار تطور الخلافات مع نتنياهو في طريقة إدارة الحرب على غزة، وليس على مبدأ الحرب نفسها، وضمن الخلاف مع نتنياهو نفسه وليس مع إسرائيل، بل وحتى الأخذ على يد رئيس الوزراء الإسرائيلي حتى لا يلحق الضرر بإسرائيل وحليفها الأميركي.
خلاف بايدن (يسار) مع نتنياهو طفا على السطح حين أخفق جيش الاحتلال في تحقيق نصر عسكري على المقاومة بنهاية المدة التي أعطتها له واشنطن (وكالات)ومن هنا تأتي التصريحات الأميركية المتزايدة من حكومة بايدن وأجهزة مخابراتها بأن استمرار نتنياهو بتجاهل المطالب الأميركية يلحق ضررا كبيرا بصورة الحرب وبإسرائيل، واللافت أيضا أن ترامب نفسه وجّه رسالة صريحة لإسرائيل بضرورة وقف الحرب من منطلق الحرص على مصلحتها!
من جهة أخرى، فإن الولايات المتحدة ترى أن حرب غزة حربها، فهزيمة حماس تخدم المشروع الأميركي في المنطقة القائم على استمرار الهيمنة والتفرد وغيرها بما يقتضي تمكين ربيبتها إسرائيل وجعلها دولة محورية والعمل على دمجها من خلال عمليات التطبيع في المنطقة.
وإن كانت واشنطن نجحت حتى الآن عن طريق تهديداتها للأطراف المختلفة بضبط ردود الفعل في المنطقة، ومنع تطور الصراع إلى حرب إقليمية، فإن استمرار تصاعد الصراع في غزة يستدعي منها ضبط مسار الحرب، ووضع حد لاستفزازات المستوطنين في الضفة عبر اتخاذ عقوبات ضدهم بالاشتراك مع الأوروبيين.
كما أن الانسحاب الأميركي من المنطقة لصالح التركيز على التهديد الإستراتيجي للصين، ومواجهة روسيا في حربها مع أوكرانيا، يقتضي ضرورة تأمين المنطقة، ويبدو أن حكومة نتنياهو الحالية تعطل ذلك، إذ أخفقت في مهمة القضاء على حماس عسكريا، في حين ترفض تصور اليوم التالي الذي يعد ضرورة لإكمال الإنجاز العسكري، ويمنع حماس من السيطرة المدنية على القطاع.
دعم أميركي.. ونتنياهو يناكفوليست خلافات الإدارة الأميركية مع نتنياهو وليدة فترة طوفان الأقصى، فقد عزز رفض واشنطن سعي حكومة اليمين المتطرف لإجراء تعديلات قضائية من الخلافات بين الطرفين، فضلا عن تعميق الهوة داخل المجتمع الإسرائيلي، خصوصا مع اشتراك عدد كبير من الجنود والضباط والطيارين الإسرائيليين في مظاهرات معارضة عارمة، اعتبرها كثيرون ضربة قاصمة لما تسمى الديمقراطية الإسرائيلية.
وأتت حرب غزة لتصاعد هذه الخلافات، رغم أن الولايات المتحدة أمنت الدعم والغطاء الكامل لهذه الحرب، بما في ذلك جسر جوي لم ينقطع، شمل أكثر من 100 صفقة سلاح منذ بدء العدوان، وفقا لصحيفة واشنطن بوست.
كما أقر الكونغرس الأميركي بمجلسيه مساعدات طارئة بقيمة أكثر من 14 مليار دولار للكيان تضاف لمساعدات سنوية بقيمة 3.8 مليارات دولار، الأمر الذي يؤكد حجم الدعم الأميركي لإسرائيل بصرف النظر عن الخلافات معها!
وجاءت زيارة وزير الدفاع يوآف غالانت الأخيرة لواشنطن لطلب ذخيرة عاجلة وطائرات إف-35 وإف-15 في ضوء استعداد جيش الاحتلال لدخول رفح، فضلا عن استمرار المعارك في الشمال مع حزب الله.
ومن هنا يأتي استغراب كثيرين من رؤساء وزراء الكيان السابقين مثل باراك ولبيد، فضلا عن شريكي نتنياهو غانتس وآيزنكوت، من عناده واستمراره في تحدي أميركا التي لا يستطيع التخلي عن دعمها ولو للحظة واحدة، وفي المقابل استهجان عديد من أعضاء الكونغرس من استمرار الدعم الأميركي اللامحدود، ومطالبتهم بوضع قيود وضوابط على تصدير الأسلحة لإسرائيل من دون أن يلقى ذلك تجاوبا من بايدن!
ويتبين من ذلك أن نتنياهو لا يستطيع أن يذهب بعيدا في تحديه للولايات المتحدة التي تؤمن له كل أسباب استمرار الحرب، وأنه لا بد له من أن ينسق مع إدارة بايدن في شن الحرب على رفح، وهذا ما دفعه للتراجع عن موقفه بعدم إرسال وفده لواشنطن للتباحث مع الإدارة الأميركية في خيارات اجتياح رفح، والحاجة لتأمين المدنيين هناك قبل شن العدوان.
ويبدو نتنياهو وحيدا في مناكفته للإدارة الأميركية، وسيحتاج إلى إدارة العلاقة مع واشنطن بما يؤدي لحصوله بسلاسة على المساعدات العسكرية منها، وإذا كان له أن يرضي الأحزاب الدينية في حكومته في موضوع تجنيد الحريديم، فيجب عليه أن يقدم لشركائه الآخرين ولواشنطن تنازلات تتعلق بموضوع صفقة تبادل الأسرى، وإدارة صراع الدعوة للانتخابات.
أجهزة استخبارات أميركية تشكك في إمكانية نجاح جيش الاحتلال في تحقيق أهدافه بالقضاء على حماس واستعادة الأسرى بالقوة (الصحافة الإسرائيلية) الحرب مستمرةوفي المجمل، فإن إدارة بايدن تسعى لتكثيف الضغوط على نتنياهو باتجاه إحداث تغيير في سياساته تتوافق مع الأهداف الأميركية في المنطقة، ومن دون أن يمس ذلك بالدعم اللامحدود لإسرائيل في حربها في غزة.
ولكن في المقابل يسعى نتنياهو لمقاومة هذه الضغوط لأسباب شخصية وسياسية، تتعلق برغبته في تكريس نفسه ليكون أول رئيس وزراء للكيان يقاوم الضغوط الأميركية، ولمحاولة الصمود بحكومته إلى حين حلول موعد الانتخابات الأميركية، إذ قد يشكل نجاح ترامب في الفوز بها سفينة نجاة لحكومته وله، بما يعفيه من مواجهة مصير محتوم.
وسيشكل الوصول لصفقة أسرى أولى خطوات الحلحلة بين الطرفين، بما يؤمن استمرار الحرب على غزة في المرحلة القادمة، بما في ذلك تنفيذ خطة عسكرية لرفح تريد واشنطن بالتركيز فيها على قوات حماس وتحييد المدنيين.
غير أنه -حسب بعض التحليلات العسكرية- فإن جيش الاحتلال لا يمكنه أن يحقق في رفح ما عجز عن تحقيقه في الشمال والوسط وخانيونس، بالنظر إلى استمرار فاعلية المقاومة، الأمر الذي يجعله يفشل في خدمة الإستراتيجية الأميركية في المنطقة.
وهذا يعني استمرار تعثر الدور الأميركي في المنطقة، إذ تشكك أجهزة الاستخبارات الأميركية نفسها في إمكانية نجاح جيش الاحتلال في تحقيق أهدافه بالقضاء على حماس واستعادة الأسرى بالقوة.
ولن يوقف ذلك التدهور في مكانة الكيان في المنطقة بعد فقدانه لصورة الجيش الذي لا يقهر، بل وستظل هزيمة الاحتلال في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي وما بعده مرحلة فارقة في الصراع، بصرف النظر عن نتيجة هذه الحرب النهائية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ ترجمات حريات جیش الاحتلال فی تحقیق الإدارة الأمیرکی الولایات المتحدة إدارة بایدن الأمیرکی فی بین الطرفین أن نتنیاهو مع نتنیاهو مجلس الأمن فی المنطقة الحرب على على حماس فضلا عن على غزة کما أن
إقرأ أيضاً:
ما السلاح الإسرائيلي السري الذي ضرب إيران؟.. إليك تفاصيله
سلطت صحيفة عبرية، اليوم السبت، الضوء على ما وصفته السلاح "السري" الذي استخدمه جيش الاحتلال الإسرائيلي الشهر الماضي، في هجماته الجوية التي طالت العاصمة الإيرانية طهران.
وأشارت صحيفة "كالكاليست" العبرية، في تقرير ترجمته "عربي21"، إلى أن "هذا الصاروخ الخاص والسري، تم اختراعه عام 1956 لكسب حرب الميزانيات، وتعتبر إسرائيل بطلة العالم في تطويره".
وذكرت الصحيفة أنه جرى استخدام هذا السلاح صباح يوم 26 تشرين الأول/ أكتوبر لعام 2024، خلال الهجمات الجوية الإسرائيلية في عمق إيران، ما أدى إلى تدمير البنية التحتية للدفاع الجوي والبنية التحتية لإنتاج الصواريخ، ولم تفقد تل أبيب طائرة واحدة.
ولفتت إلى أنه وفقا للوثائق التي سربتها الولايات المتحدة، فإن الجيش الإسرائيلي خطط لاستخدام الصواريخ الباليستية التي يتم إطلاقها من الجو، وهو سلاح غير عادي للغاية وله تاريخ مثير للاهتمام.
تاريخ الصاروخ السري
وتطرقت إلى تاريخ الصاروخ الباليستي السري الذي "يعود لعام 1956 عندما بدأت الولايات المتحدة باختراعه، رغم أن السفن الحربية كانت هي الوسيلة الرئيسية لأمريكا لإبراز القوة وإخضاع المعارضين لإرادتها".
وتابعت: "جاء هذا الصاروخ الذي قلب الموازين، وبدأ الجيش الأمريكي بتطوير صاروخ باليستي يمكن إطلاقه تجاه الغواصات حتى عندما تكون تحت الماء، لضرب الاتحاد السوفيتي من أي مكان، وتم إعطاء جزء كبير من الميزانية لهذه الصواريخ الجديدة".
ونوهت إلى أن القوات الجوية قررت اصطحاب هذا الصاروخ الباليستي وتطويره لإمكانية إطلاقه من السماء، وتم تصميم الإصدارات الأولى لتتصرف مثل أي صاروخ باليستي عادي، يصعد إلى الفضاء بصاروخ قوي، ويسقط على الأرض في مسار منحني، ويكون صغيرا وخفيفا بما يكفي الوصول لأي نقطة.
وأفادت الصحيفة بأنه في البداية كانت هذه الصواريخ كبيرة جدا، وتم تطوير الصاروخ الأول وكان يحمل قاذفات قنابل كبيرة مزودة بستة محركات، مؤكدة أنه تم إطلاق الصاروخ لأول مرة في مايو 1958.
وأشارت إلى أنه تم تطوير النسخة التشغيلية الأولى من الطائرة دون طيار بالتعاون مع البريطانيين عام 1962، وكانت تحتوي على صاروخ يحمل قاذفات قنابل عملاقة، وصاروخ آخر يحمل قاذفات بريطانية.
وأوضحت أن الطائرة كان يمكنها التحليق في مدار مرتفع نسبيا يبلغ 480 كيلومترا، لمسافة 1850 كيلومترا، ومن ثم تنفيذ قصف جوي بعيد المدى، مضيفة أن "الطائرة يمكنها البقاء في الجو لمدة يوم كامل، إذا تم ربطها بطائرة للتزود بالوقود".
وتابعت: "بهذه الطريقة سيكون المهاجم قادرا على التجول على طول حدود الاتحاد السوفيتي وإثارة الرعب، وهو بالضبط ما أرادته الولايات المتحدة".
وذكرت أن النسخة البريطانية كانت أصغر حجما وأضعف بكثير، وحلقت لمسافة تزيد قليلا عن 900 كيلومترا، ولم يكن النموذج الأول صاروخا باليستيا مناسبا على الإطلاق، وقد وصل ارتفاعه فقط إلى 20 كيلومترا، وتم إيقاف هذه النسخة، واعتمدت بريطانيا على النسخة الأمريكية.
ولفتت إلى أنه عام 1974 ظهرت النسخة الأمريكية الأكثر جنونا، وتم وضع صاروخ باليستي أرضي من نوع Minuteman على منصة نقالة، وتم إدخال طائرة شحن ضخمة من طراز C5 Galaxy، وأثناء طيرانها على ارتفاع 20 ألف قدم، تم سحب مظلات كبيرة للصاروخ من الباب الخلفي للطائرة ووجهته للأعلى، ثم اشتعلت محركاتها وذهب إلى الفضاء.
وأكدت الصحيفة أن "هذه الطريقة الغريبة نجحت وعملت بشكل جيد، ومنذ ذلك الحين، تم إجراء المزيد من التجارب المماثلة، ما أثبت أن طائرات الشحن يمكن أن تصبح قواعد صواريخ متنقلة".
واستكملت بقولها: "هكذا أصبح الصاروخ الباليستي المحمول جوا وسيلة حربية ذات مزايا لا يتمتع بها أي صاروخ باليستي عادي"، مشددة على أن "الصاروخ يتميز بالدقة، ويمكن توجيهه عبر الأقمار الصناعية، ويسمح بضرب هدم بحجم رادار مضاد للطائرات من مسافات طويلة جدا، ويمكن استخدامه لاختراق الأنظمة الدفاعية، واختراق الطلعات الجوية دون تعريض الطائرات للخطر".
النسخة الإسرائيلية
وذكرت أن شركة رافائيل الإسرائيلية قامت بتطوير هذا الصاروخ، وبات يتم إطلاقه من طائرات F15 الحربية، إلى جانب إطلاق طائرة بدون طيار اسمها "روكس"، وهي تجمع بين الملاحة عبر الأقمار الصناعية وكاميرا ذكية، ما يمنحها دقة لا يتمتع بها أي سلاح يسقط من ارتفاع الفضاء.
وبحسب الصحيفة، فإن الجيش الإسرائيلي لا يكشف عن الصواريخ التي يستخدمها، لكن وثائق البنتاغون التي تم تسريبها قبل أسابيع من الهجوم على إيران، تشير إلى استخدام هذا الصاروخ الباليستي المحمول جوا.
وتابعت: "من الناحية النظرية إيران تمتلك صواريخ دفاعية من نوع S300 وS400 والتي يمكنها صد الصواريخ الباليستية، لكن هذا إنجاز معقد للغاية، ويجب التدرب عليه كثيرا حتى يكون ناجحا، وربما لا تفعل إيران ذلك في الوقت الحالي لأسباب متعلقة بالميزانية".
وأردفت بقولها: "نعم لدى إيران نفقات دفاعية كبيرة للغاية، لكن تطوير القدرة على اعتراض الصواريخ من الفضاء أمر مكلف للغاية"، مضيفة: "إلى أن تتمكن إيران من تحقيق مثل هذه القدرة الاعتراضية، فإن إسرائيل تتمتع نظيرا بالتفوق من خلال الصواريخ الباليستية المحمولة جوا".