ولكم في دولة البيرو اسوة حسنة
تاريخ النشر: 2nd, April 2024 GMT
أبريل 2, 2024آخر تحديث: أبريل 2, 2024
ابراهيم الخليفة
تناقلت وسائل الإعلام يوم السبت (30) مارس المنصرم خبر، يفيد قيام الشرطة البيروفية وبمشاركة مكتب المدعي العام وبطلب من النيابة العامة منزل رئيسة الجمهورية (دينا بولو ار تي) للتحقق والمصادرة بشأن شبهات فساد مرتبط بساعات رولكس Rolex watches الفاخرة لم تصرح بها سابقا عند توليها رئاسة البلاد، وفي وقت سابق من الشهر نفسه بدأت السلطات تحقيقا طال الرئيسة عبر تحقيق صحفي ذكر أنها تضع ساعات فاخرة من مصدر مجهول لم يفصح عنها في السجلات الرسمية ، و سعرها الثمين لا يتناسب والراتب الحكومي الذي تتقاضاه ، من جانبها نفت الرئيسة البالغة من العم (61 )عاما التهمة هذه ،وقالت “انها دخلت قصر الحكومة بيد نظيفة وستغادر بيد نظيفة”
ولمن ليس لديه معلومات عن جمهورية البيرو تقع جمهورية البيرو في الغرب من قارة امريكا الجنوبية عاصمتها ليما، اللغة الرسمية الاسبانية، ويقدر عدد نفوسها بحدود الثلاثين مليون نسمة، وفق موسوعة ويكيبيديا.
الغرض من استعراض هذا الخبر، والطريق الغريبة التي اقتحمت فيها الاجهزة التنفيذية منزل الرئيسة باستخدام معاول خاصة لكسر باب المنزل دون الاخذ بنظر الاعتبار ان المنزل المستهدف هو تابع لرئيسة البلاد الجدية في التعامل مع الشبهة لأهمية المال العام وقدسيته عند بعض الانظمة كونه ثروة الشعب وملك الاجيال القادمة، والتجاوز عليه يعد أحد حلقات الفساد المستشري في بنية البعض من الانظمة السياسية .
وإذا ما أسقطنا حادثة اقتحام الأجهزة التنفيذية والقانونية في البيرو على العراق الذي يصنف ضمن الدول الأكثر فسادا في العالم، بعد العام 2003 إذ احتل المرتبة 157 عالميا بين 180 دولة ضمن مؤشرات مدركات الفساد الذي أصدرته منظمة الشفافية الدولية ، نجد فرق كبير بين الجانبين في إجراءات مكافحة الكسب غير الشرعي ، وبالنسبة للعراق فقد نوهت عنه مندوبة الأمين العام للأمم المتحدة جينين هينيس بلاسخارت بالقول “إن الطبقة السياسية الحاكمة في بغداد فشلت حتى الآن في وضع المصلحة الوطنية فوق أي شيء آخر، وجاءت تصريحات المسؤولة الأممية أمام مجلس الأمن الدولي في اجتماعه الدوري لمناقشة الوضع في العراق. وشددت على أن “الفساد سمة أساسية في الاقتصاد السياسي في العراق امام اجراءات حكومية خجولة في مكافحته والحد من فاعليته في تأخير عجلة التطور والانماء في البلد ” والذي استحوذ فيه البعض من السياسيين وقادة الاحزاب، وحتى المدراء في المناصب الدولة، ثروات طائلة على شكل ارصد او استثمارات وشقق فاخره في داخل البلد وخارجه هذه الثروات لا تتناسب ومرتباتهم الحكومية، وهناك قصص كبيرة يتم تداولها عبر وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي Social Media عن ممتلكات ومدخرات هؤلاء دون ان تكون هنالك مسالة قانونية عن كيفية استحواذهم على ذلك والثراء غير المبرر على حساب المال العام، اذا ما تم مقارنة ثرواتهم غير المشروعة بحادثة شبهة في امتلاك رئيسة البيرو لساعات فاخرة دون ان تصرح بها وعن مصدر الحصول عليها، لنجد ان هنالك هوة كبيرة Big gap بين فلسفة او نظرة الاجهزة الرقابية للبلدين اتجاه الكسب غير المشروع الذي هو احد اذرع الفساد ، وطريقة التعامل معه ، في الوقت الذي تعيش فيه البعض من العائلات العراقية دون خط الفقر اذا تقدر احصائيات وزارة التخطيط ان نسبة الفقر في البلاد بنحو (25% )من الاجمالي العام للسكان نتيجة سوء استثمار ثروات البلد، من هنا تبرز اهمية التعامل الجاد في مكافحة الفساد والكسب غير المشروع والدعوة إلى ضرورة تشريع قانون من اين لك هذا، وتطبيقه على السلطتين التنفيذية والتشريعية في امل من يحد من الفساد الذي ينخر مفاصل الدولة وبالتالي المساعدة في انجاح البرنامج الحكومي، سيما وان هياة النزاهة وهي احد الاجهزة الرقابية اعلنت في وقت سابق تنفيذ حملتها للبلاغ عن تضخم الاموال والكسب غير الشرعي.
إذن المتفحص أو الناظر بإمعان الفيديو الذي يوثق اقتحام الاجهزة الرقابية البيروفيه لدار سكن الرئيسة والكيفية التي كسرت بها باب رئيسة الجمهورية دون اي مقاومة أو ممانعة بشرية رغم ما يمثله من رمزية لأيقن مدى قوة القانون وسلطته في المحافظة على المال العام، على النقيض ما تقوم به الاجهزة الرقابية في بلدنا التي تصطدم بالمحددات السياسية والحزبية أو الإجراءات الاسترضائية ، فالكل يتحدث عن استشراء الفساد ولكن الكل متهم فيه من وجهة نظر الجمهور ، وبالرغم من البيانات التي تصدر يوميا عن الاجهزة الرقابية في مكافحة الفساد نجد ان وتيرة الفساد تثبت حضورها بقوة دون ان نجد انخفاضا معتبرا فيها وان وجد فهو هامشي لا يرتقي إلى خطورة الظاهرة وتداعياتها على حركة البناء والانماء والتطور، ربما يعود ذلك على الالية المعتمدة من جانب الجهات المعنية بالمكافحة والمعوقات التي تصطدم بها في تنفيذ مهامها ،مثل عدم وجود الإرادة السياسية الجادة وتفعيل التشريعات الحاكمة والمحسوبية والمنسوبية والتوافقات في بعض مفاصل مكافحة الفساد والتراخي والتغاضي عن ذلك ولهذا قلنا ولتكن لنا في دولة بيرو اسوة حسنة في آلية مكافحة الفساد.
مرتبطالمصدر: وكالة الصحافة المستقلة
كلمات دلالية: الاجهزة الرقابیة مکافحة الفساد
إقرأ أيضاً:
مسؤول بالأونروا: غزة في مجاعة والوضع تجاوز الكارثة
قال المستشار الإعلامي لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) عدنان أبو حسنة إن الوضع في قطاع غزة وصل إلى مرحلة ما بعد الكارثة، ومخازننا باتت فارغة تماما من المواد الغذائية، مؤكدا أن إسرائيل لا تسمح بإدخال مجرد زجاجة مياه أو لقاح لإنقاذ طفل.
وأضاف أبو حسنة -في مقابلة مع الجزيرة نت- أن الأونروا (أكبر منظمة إنسانية تعمل في قطاع غزة) لم يتبق في مخازنها أي مواد إغاثية يمكن توزيعها على السكان، فقد نفدت بالكامل، والأمر نفسه لدى برنامج الغذاء العالمي.
وأشار إلى أن الوضع في غزة وصل إلى نقطة حاسمة، فهناك عشرات الآلاف الذين يتضورون من الجوع، ونرى الآن مشاهد مروعة من انتشار الجوع والمجاعة في معظم مناطق القطاع.
وعلى مدى اليومين الماضيين، أعلنت عدة جهات نفاد المخزون الغذائي بالكامل من القطاع، وتوقفت المخابز عن العمل بعد نفاد الدقيق ووقود الطهي، كما أعلنت منظمة أوكسفام على لسان منسقة الشؤون الإنسانية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا روث جيمس أن أوكسفام دعت مع منظمات إنسانية أخرى مرارا إلى إعادة فتح المعابر لتفادي مجاعة وكارثة إنسانية.
مأساة إنسانية
وفي ما يتعلق بتفاصيل الوضع الحالي في القطاع، قال المستشار الإعلامي للأونروا إن إحصاءات الوكالة تقول إن 95% من سكان غزة كانوا في الأساس يعتمدون على المساعدات الإنسانية لتلبية احتياجاتهم اليومية. مؤكدا أن عملهم الميداني كان يصمد نتيجة توزيع المواد الغذائية من خلال التكايا والمطابخ، أما "الآن وبعد نفاد جميع المواد المتاحة، فقد أصبحنا في مواجهة مباشرة مع مأساة إنسانية كبرى".
إعلانوالأونروا وكالة أممية تُعنى بتنفيذ برامج إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، وتأسست في الثامن من ديسمبر/كانون الأول 1949، وتقدم خدماتها لنحو 5.9 ملايين شخص، ويعيش نحو ثلثي هذا العدد في 58 مخيما معترفا به للاجئين في الأردن ولبنان وسوريا والضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة.
وذهب أبو حسنة في حديثه للجزيرة نت إلى أنه لأول مرة منذ بدء عمل الأونروا "نقترب من دخول الشهر الثاني لمنع إدخال أي مواد إغاثية أو مساعدات إنسانية إلى القطاع".
واستعرض الوضع في السابق، فقد "كان الجدل يدور حول عدد الشاحنات التي يتم إدخالها -80 أو 120 شاحنة مثلا- ولكن الآن فإن إسرائيل تمنع دخول أي شيء على الإطلاق، وهذا يشمل المواد الإغاثية والأدوية والوقود والمياه، وحتى اللقاحات الأساسية ضد أمراض خطيرة مثل شلل الأطفال والكوليرا".
وشدد المستشار الإعلامي للأونروا على أن هذه الإجراءات غير مسبوقة وتجعل الوضع أكثر كارثية، خاصة في ظل أن "معظم السكان يشربون مياها غير صالحة للشرب" في الوقت الحالي.
ومنذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، تمنع إسرائيل إدخال المساعدات الإغاثية والطبية للقطاع، كما أغلقت كل المعابر التي تدخل منها المساعدات، في ظل "المستوى الخطير الذي بلغته الكارثة الإنسانية التي صنعها الاحتلال الفاشي، ودخول أهالي القطاع مرحلة المجاعة الفعلية"، حسب ما أعلنته حركة المقاومة الإسلامية (حماس) الجمعة الماضي.
النداءات الدولية
وعند سؤاله عن التحرك الدولي لإنقاذ نحو 2.5 مليون فلسطيني في القطاع، قال أبو حسنة "للأسف الشديد، فرغم وجود نداءات وضغوط دولية مستمرة، فإننا لم نرَ أي ترجمة عملية لها على الأرض، وهناك حراك دبلوماسي وسياسي وإعلامي كبير، ولكن حتى الآن ترفض إسرائيل الاستجابة لهذه الضغوط والمطالبات الإنسانية بفتح المعابر والسماح بإدخال المساعدات اللازمة لإنقاذ حياة السكان".
إعلانأما دور وكالة الأونروا نفسها، فذهب مستشارها الإعلامي إلى أن "القضية اليوم تتجاوز مستوى الأونروا أو الأمم المتحدة، وتصل إلى النظام العالمي بأسره". موضحا أن هناك متغيرات وتحديات تواجه العالم حاليا.
وأضاف المتحدث أن "ما نواجهه الآن هو انهيار للقيم والمبادئ التي أنشئت الأمم المتحدة على أساسها بعد الحرب العالمية الثانية، ونشهد انتهاكا صارخا للقانون الدولي الإنساني، حيث لا أحد يستطيع فرض إدخال حتى زجاجة ماء إلى غزة أو لقاح لإنقاذ حياة طفل".
اختبار صعب
وأشار أبو حسنة إلى أننا "اليوم نحن أمام لحظة مفصلية ليست فقط لغزة، بل للنظام العالمي بأسره، فإذا لم يستطع العالم التحرك لفرض احترام أبسط الحقوق الإنسانية وإنقاذ أرواح الملايين في قطاع غزة، فإننا نكون قد فقدنا مقومات النظام الإنساني الذي نعمل تحت مظلته".
وختم تصريحاته للجزيرة نت بأن "الكرة الآن في ملعب المجتمع الدولي الذي يجب أن يتحرك فورا وبكل قوة لفرض إدخال المواد الإغاثية الأساسية إلى غزة، فالأرواح في خطر، والمجاعة ليست مجرد احتمال، بل هي واقع بدأنا نلمس آثاره على الأرض".
يُذكر جيش الاحتلال الإسرائيلي يشن عدوانا على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وراح ضحيته حتى الآن أكثر من 52 ألف شهيد، وإصابة نحو 118 ألف شخص، بالإضافة إلى أعداد غير معلومة من الضحايا تحت ركام منازلهم، ولا تستطيع فرق الإسعاف والدفاع المدني الوصول إليهم، حسب إحصاءات وزارة الصحة في قطاع غزة.