لجريدة عمان:
2024-07-03@17:53:21 GMT

أول الضوء

تاريخ النشر: 2nd, April 2024 GMT

أول الضوء

ليس سهلا أن تستدرج الذاكرة على حين غرة لتكتب عن حدث بعيد مررت به ذات يوم، وأصعب ما في تلك الصعوبة الاختيار بين تلك الأحداث ما يعد حدثا فارقا في حياتك أو موقفا له الأثر الذي كان بعده على حياتك حيث أنت الآن عملا وأملا وعلما ومعرفة وحضورا ومكانة.

وإنني أذكر مما أذكره من مواقف الحياة هو أول يوم توجهت فيه إلى المدرسة التي عينت بها معلما لمادة اللغة العربية.

كان المعتاد أن نستلم رسالة التعيين التي تسمى رسالة مباشرة عمل موجهة من المديرية العامة للتربية والتعليم للمحافظة إلى مدير المدرسة التي سوف نباشر العمل بها مكتوب فيها تاريخ مباشرة العمل والذي يبدأ عادة مع أول يوم دراسي للطلبة. وقد استلمت تلك الرسالة في وقت مبكر قبل تاريخ مباشرة العمل بعشرة أيام تقريبا، فقلت في نفسي هي فرصة لأذهب إلى المدرسة قبل بداية دوام الطلبة أسلم المدرسة خطاب المديرية وأتعرف على الزملاء في الهيئتين التدريسية والإدارية وعلى مرافق المدرسة المختلفة، فقد كان المعلمون يداومون بأسبوع تقريبا قبل بدء دوام الطلبة.

ذلك الشعور المهيب أن تبدأ حياة جديدة ومع واحدة من أعظم المهن مهنة التعليم التي لها مكانتها الخاصة في مجتمعنا العماني، مع الإدراك التام للمسؤولية التي تتعدى جدران المدرسة وتتجاوز مفهوم الوظيفة المرتبطة بساعات معدودة على مكاتب تغلق بعد الثانية والنصف ليعود إليها أصحابها في صباح اليوم التالي، ذلك الشعور الفائض بالرهبة من لقب تلازمك مسؤوليته سلوكا وثقافة ومعرفة في كل مكان تكون فيه، وكأن عيون الرقيب عليك في كل زاوية من زوايا المجتمع.

أوقفت سيارتي خارج سور المدرسة بعيدا عن سيارات المعلمين التي أخذت المواقف الأقرب إلى بوابة المدرسة واستظل بعضها بالأشجار وارفة الظلال الواقعة بين المدرسة والشارع العام. كان أول فنجان قهوة مع حارس المدرسة الذي بدأ متذمرا من الحال وتأخر عمال النظافة في تنظيف المدرسة، حيث كانت فرصة لي لسؤاله عن مدير المدرسة والمعلمين والمدرسة بصورة عامة، وفي مجرى الحديث حذرني برفق من ضرب الطلاب ومعاقبتهم لأنهم سوف يستهدفون سيارتي خارج المدرسة.

وأنا أعبر الممر من غرفة الحارس إلى غرفة المدير شاكستني أسئلة ما زلت أحمل أثر نتائجها إلى اليوم ومنها هل أخطأت عندما اخترت التعيين في محافظة مسقط وتركت فرصة سانحة بامتياز لأتعين في مدرسة البلد أمام البيت بعيدا عن كل هذا التهديد الذي ألقاه الحارس على مسمعي؟ هل تراني أخطأت الاختيار حين خالفت مشورة بعض الأهل والأصدقاء باختيار التعيين بمدرسة البلد التي نشأت بها وترعرعت؟ كل ذلك كان عابرا بي على قلق يوجهني مع سبق الإصرار والترصد لخوض تجربة العمل بالمدينة حيث الفرص في التأهيل والتدريب لا يمكن أن تقارن بما تحظى به المدارس في القرى البعيدة الوادعة والهادية من ضجيج صراعات التنافس البشري في بيئات العمل.

دخلت مكتب مدير المدرسة الذي لا يقل مساحة عن مساحة الفصل المدرسي مزين ببعض اللوحات الفنية التي أظنها من أعمال الطلاب وعصى غليظة معلقة على الحائط خلف مكتب المدير أشعرتني بالحزم والهيبة بالإضافة إلى هيبة المدير الشخصية وسنين العمر المديدة التي قضاها في سلك التدريس.

سلمت عليه وبادرت بتعريف نفسي وأنني سأنضم إلى فريق العمل بالمدرسة معلما للغة العربية وسلمته خطاب المديرية العامة.

قرأ الخطاب ثم سألني لماذا اخترت مهنة التدريس؟ فكما هو سؤال اعتدناه في مرحلة الإعداد والمقابلات التي سبقت التعين، أجبت مباشرة كالمعتاد أيضا لأني أحب مهنة التعليم. عقب مباشرة وقال: هذه إجابة نسمعها من الستينيات، هل اخترت أن تكون معلما أو تم توزيعك إلى كلية التربية والتعليم؟

هذا السؤال الذي ظل شاغلا ذهني عند الحديث عن تقييم التعليم في سنوات لاحقة لم أستسغه حينها من المدير فأجبته لم آت لأظل معلما طوال حياتي؟ فباغتني بسؤال آخر مستفز كم سنة تود أن تبقى في التدريس فكان جوابي ثلاث سنوات. لم يخف امتعاضه من عدم جديتي وسألني لماذا جئت إلى المدرسة قبل موعد مباشرة العمل المكتوب بالخطاب؟ فقلت لكي أتعرف على المدرسة وأضفت أود رؤية المسرح أريد قيادة المسرح الطلابي.

تغيرت لهجة المدير تجاهي وبدأت النصائح تنهال علي بالاهتمام بالتدريس أولا فهي المهمة الأساسية لي وأن أنشطة المسرح وسواها تأتي لاحقا. ومن قلة المعرفة لدي ومدفوعا بعمر الشباب ومندفعا بحماس البدايات حاولت تغيير وجهة نظره فيما أنا عازم عليه. فبحكمة ذلك العمر المديد الذي قضاه في المدارس أعاد إلي الخطاب وقال عد من حيث جئت ونلتقي في اليوم المشار إليه في الخطاب.

لقد صنع ذلك اليوم لي ذاكرة لا تنسى حينما أتذكر أيام عملي في التربية والتعليم، وخاصة حين أعيد شريط الذكريات ومحطات العبور التي مررت بها طوال خمسة عشر عاما في وزارة التربية والتعليم يزداد إيماني أن ما نحدث به أنفسنا من طموح يتحقق معظمه حين نثابر لأجله، فذلك الحوار كان رؤية ذاتية ورغبة دفينة وإن لم تكن مكتوبة على خطة ورقية أعمل بها وأشتغل عليها. فبعد أربع سنوات في المدرسة نفسها ترقيت لأصبح مشرفا لمادة اللغة العربية بالمحافظة ثم بعد ثلاث سنوات نقلت إلى الوزارة لخوض تجارب وظيفية جديدة إلى أن غادرت الوزارة بعد خمسة عشر عاما للعمل في القطاع الخاص. ممتنا لتلك السنين التي أهلتني لأكون ما أنا عليه اليوم. ممتنا لذلك المدير وجميع زملائي ومن عملت معهم في تلك السنين. والتجارب مستمرة في القطاع الخاص.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

هاني عادل: شخصيتي في “أزمة ثقة” مختلفة.. وتعلمت كثيراً من هند صبري

متابعة بتجــرد: بدأ الفنان هاني عادل، تصوير مسلسله الجديد “أزمة ثقة” قبل أيام، تمهيداً لعرضه خلال الفترة المقبلة، عبر إحدى المنصات الرقمية، وهو ينتمي إلى الأعمال الاجتماعية التي تدور أحداثها في إطار من التشويق والإثارة.

وقال هاني، خلال حواره مع “الشرق”، إنّ العمل يتناول تأثير أزمة الثقة في حياة أشخاص تجمعهم علاقات مختلفة ومتشابكة، من خلال حدث كبير ومؤثر”.

وكشف طبيعة الشخصية التي يُجسدها داخل العمل، موضحاً أنه يؤدي دور “رمزي”، واصفاً تلك الشخصية بقوله: “بداخلها الخير والشر، والأحداث التي تتعرض لها، ستُحدد إذا كان سيستطيع التحكم في تلك الأفكار الشريرة وتكون معتدلة أم دون ذلك، فالاختيار سيكون صعباً للغاية”.

وأكد أنه تحمس لتلك التجربة، كون الشخصية التي يُجسدها تشهد تحولات كثيرة على المستوى النفسي، كما أن الدور يُعد جديد عليه تماماً، لم يسبق له تقديمه من قبل على الشاشة.

وأشاد بالتعاون مع الفنانة نجلاء بدر، والذي وصفها بـ”الموهوبة، وصاحبة خبرات كبيرة، وتلتزم بمواعيد التصوير دوماً، مما يُسهم في عدم إهدار الوقت، والتركيز داخل اللوكيشن”.

ويشارك في بطولة المسلسل بجانب هاني عادل ونجلاء بدر، كلّ من ملك أحمد زاهر، ومنة فضالي، والعمل تأليف أحمد صبحي، وإخراج وائل فهمي عبد الحميد، وتدور أحداثه في 15 حلقة، حول جريمة قتل غامضة، يُتهم بارتكابها عدة أشخاص، ويحاول كلّ منهم نفي هذا الاتهام عن نفسه، حيث يواجهون شكوك من أقرب الناس لهم بارتكاب هذه الجريمة.

“البحث عن علا 2”

وتطرق هاني عادل، إلى تجربته في مسلسل “البحث عن علا 2″، المُقرر عرضه عبر منصة “نتفليكس” في وقت لاحق من العام الجاري، قائلاً إن: شخصية “هشام” التي يُجسدها تُعد نموذجاً غير نمطي لشخصية الزوج الذي يطلق زوجته، لعدم شعوره بالسعادة معها، رغم حبه الشديد لها، وفي ظل التخبط الذي يعانيه بعد ذلك في حياته، لا يُقصر في حق أولاده أو حتى طليقته.ولفت إلى الجدل الذي أثير حول شخصيته في المسلسل، بعد عرض الجزء الأول من العمل عام 2022، قائلاً: “الجمهور تفاعل مع الدور بشكلٍ كبير، وأعتبر ذلك نجاحاً لي في تجسيد الشخصية”.

وتحدث عن تعاونه مع هند صبري، قائلاً: “من أولى الفنانات اللواتي تعاملت معهن في بدايتي الفنية، وعلاقتنا طيبة جداً على المستوى الفني والإنساني، ودائماً ما كانت تساعدني في الكواليس، وهي بالنسبة لي فنانة كبيرة وصديقة تعلمت منها الكثير”.

ويُشارك في بطولة الجزء الجديد بجانب هند صبري وهاني عادل، كلّ من ظافر العابدين، وسوسن بدر، والعمل تأليف مها الوزير، وإخراج هادي الباجوري.

أعمال جديدة

وكشف هاني عادل، عن تعاقده على مسلسلين جديدين، سيبدأ تصويرهما عقب انتهائه من تصوير “أزمة ثقة”، موضحاً أن المسلسل الأول بعنوان “حالة إنكار” بطولة خالد النبوي ويسرا اللوزي، وتأليف هشام هلال، وإخراج أحمد خالد، ومكون من 10 حلقات.

وأضاف أن المسلسل الثاني يحمل اسم “برغم القانون” يشارك في بطولته بجانب إيمان العاصي، والعمل تأليف نجلاء الحديني، وإخراج شادي عبد السلام.

ورأى أن المسلسلات القصيرة التي يشارك فيها حالياً تُشكّل تحدياً كبيراً أمام صُنّاعها، مبرراً ذلك بقوله: “نقدم أحداث شيقة ومشبعة بمشاعر مختلفة في وقتٍ قصير”.

وتابع “هذه النوعية من المسلسلات تمنح الكاتب والمخرج فرصة كبيرة للابتعاد تماماً عن المط في الأحداث الدرامية، وبالتالي يكون العمل أكثر تشويقاً للجمهور”.

واستعرض المعايير الذي يُطبقها في اختيار أعماله، لعل أبرزها السيناريو، ورؤية المخرج للمشروع بشكلٍ عام، فضلاً عن فريق العمل وضرورة وجود “كيمياء فنية” بين الممثلين، موضحاً أن ذلك يُسهم في تقديم عمل فني جيد ومميز.

غياب سينمائي

وحول غيابه عن السينما قرابة الـ5 أعوام، منذ فيلم “الكنز”، قال إن: الأفلام التي عُرضت عليه خلال الفترة الماضية لم تكن مناسبة له، متابعاً “تعاوني مع المخرجين شريف عرفة، والراحل محمد خان، وخيري بشارة وعمرو سلامة، جعلني أتمهل جيداً في انتقاء العروض التي أتلقاها، وأن تكون في مستوى أفلامي السابقة”

واختتم هاني عادل، حديثه مع “الشرق”، بالكشف عن مصير فريق “وسط البلد” الغنائي، خاصة بعد انتشار مزاعم مؤخراً حول انفصال أعضاء الفريق، قائلاً: “ربما يكون السبب وراء انتشار تلك الأنباء، هو عدم وجودنا على الساحة الفنية حالياً بالشكل الكافي، لكن هذا غير حقيقي”.

وأكد أن “الفريق سيعود قريباً بإطلاق ألبوم غنائي جديد، يُعبر عن هويتنا الموسيقية ولكن بتطور كبير في التناول وأدوات التنفيذ، والموضوعات”، متابعاً “هذه الفرقة أحدثت ثورة كبيرة في عالم الموسيقى المصرية والعربية، واستطاعت أن يكون لها مكاناً وتأثيراً  لا يمكن أن ينكره أحد، وأعتبر أننا في الفريق متميزين في صناعة الموسيقى أكثر من تسويقها”.

main 2024-07-02 Bitajarod

مقالات مشابهة

  • بعد وداع كوبا أمريكا.. أمريكيون يطالبون برحيل بيرهالتر
  • مدبولي: نثق في قدرة قطاع الاستثمار المحلي على تنفيذ مشروعات عالمية بمصر
  • هاني عادل: شخصيتي في “أزمة ثقة” مختلفة.. وتعلمت كثيراً من هند صبري
  • التجارة: بدء العمل بقرار إيقاع عقوبة مباشرة على كل من أخلّ بإيداع القوائم المالية
  • وزارة التجارة: بدء العمل بالقرار الوزاري بإيقاع عقوبة مباشرة على كل من أخلّ بإيداع القوائم المالية
  • بدء العمل بالقرار الوزاري بإيقاع عقوبة مباشرة على كل من أخلّ بإيداع القوائم المالية
  • التجارة: بدء العمل بالقرار الوزاري بإيقاع عقوبة مباشرة على كل من أخلّ بإيداع القوائم المالية
  • التعاون الدولي: 11 مليار يورو استثمارات أجنبية مباشرة في الطاقة والأمن الغذائي والمياه
  • مبادرة سنبله.. عمل .. مثابرة .. ونجاح”
  • إقفال مدرسة العائلة المقدّسة في عبرين... ما السبب؟