الألفاظ الحضارية في كتاب تمهيد قواعد الإيمان مشروع بين أبٍ وولد
تاريخ النشر: 2nd, April 2024 GMT
خصصت جائزة السلطان قابوس للثقافة والفنون والآداب في نسختها العاشرة فرع الثقافة لتحقيق التراث العماني، وقد نال الباحث حارث بن محمد بن شامس البطاشي الجائزة عن تحقيقه كتاب (تمهيد قواعد الإيمان وتقييد شوارد ومسائل الأحكام والأديان) للعالم المحقق سعيد بن خلفان بن أحمد الخليلي (ت:1287هـ).
ولئن كان الكتاب قد لا يختلف عن المطولات من كتب الفقه وأصول الدين العمانية من حيث الموضوع، غير أنه مختلف بلا شك من حيث تعدد المحتوى وتفرع بعض المسائل وبعض الجوابات المطولة التي كان منهج العلامة الخليلي فيها وفي مثيلاتها من كتبه الأخرى وراء تسميته بـ«المحقق».
ولعل أبرز ما امتاز به الكتاب عن غيره أنه مرجع في تتبع الكثير من القضايا الاجتماعية والسياسية والاقتصادية في زمان المؤلف.
ومعلوم من قصة هذا الكتاب أنه جمعٌ لبعض آثار المحقق كان وراءه جهد تلميذه الفقيه محمد بن خميس السيفي (ت:1333هـ)، غير أنه لم يقتصر على الجوابات الفقهية، بل ضمَّنه بعض رسائله وكتبه، كما ضمَّنه بعض جوابات غيره من العلماء ممن سبقوه أو عاصرهم، مثل أبي نبهان جاعد بن خميس، وابنه ناصر بن أبي نبهان، وسلطان بن محمد البطاشي.
وقد استوقفني في عمل محقق الكتاب تخصيصه ملحقًا للألفاظ والمصطلحات العمانية الواردة في النص، وهو مشروعٌ بدأه في حياة والده العلامة محمد بن شامس البطاشي (ت:1420هـ) حيث طلب منه العون للتعريف ببعض الألفاظ والمصطلحات العمانية، وقد قيّد والده بخطه مؤرخًا ذلك الطلب في شهر رجب 1420هـ ثم أدركته المنية في آخر تلك السنة، فاستدرك ابنه محقق الكتاب ما بقي من ألفاظٍ لم يُعرِّف بها والده، وما كان من تعريف والده نسبه إليه في حواشي التحقيق.
صدرت نشرة الكتاب المحققة عن مكتبة الشيخ محمد بن شامس البطاشي سنة 1431هـ/2010م ولم تكن قبلها سوى نشرة وزارة التراث القومي والثقافة (سابقا) سنة 1406هـ/1986م وهي نشرة ضعيفة متواضعة بغير تحقيق، مليئة بالتصحيف والسقط والأخطاء. ولما كان المخطوط في أربع قِطعٍ كبيرة فقد جاءت النشرة المحققة في ثلاثة عشر جزءًا مع جزءين آخرين للفهارس، تضمن أولهما ملحق المصطلحات العمانية الواردة في الكتاب، وقد قسمها المحقق إلى أربعة أقسام، خصص الأول لمصطلحات الزراعة والسقي، والثاني للعملات والأوزان والمكاييل والمسافات، والثالث للقبائل والجماعات، والرابع للمصطلحات الأخرى من غير تلك الأقسام.
جاء في القسم الأول التعريف بأشهر مصطلحات الأفلاج في عُمان مما ورد في مسائل الكتاب، وكذا المصطلحات المتعلقة بزراعة النخل والأموال الخضراء والمزروعات الأخرى، وقد نال «الفلج» النصيب الأوفر من حيث عدد مرات وروده في الكتاب.
ومن التعريفات التي عرّف بها العلامة البطاشي الأب: «عامد الفلج»، فقال: «عامد الفلج: ساقيته الأم التي يجري فيها الفلج» ومصطلح «كَفْت الفلج» الذي عرَّفه بأنه: «منعه من أهله وقعده لمغرمٍ أصابه». كما فصَّل في التعريف بـ«البادَّة» بذكر التقسيمات المتعارف عليها، وذكَرَ في ثنايا التعريف أن أهل بَلَده المسفاة يسمون أول النهار «النجخ». أما التعريفات في القسم الثاني فقد تصدرتها النقود التي جرى تداولها في عمان بتسمياتها المحلية مثل: الغازي والقرش والعباسية والتومان واللارية والمحمدية والشاخة، ثم ألفاظ الكيل مثل: مَنّ عُمان ومَنّ مسكد، وكياس عُمان، والبهار والفراسلة، وبعض الأوعية مثل: الجراب والثوج والجونية، ووحدات القياس مثل: الذراع والباع والفرسخ. وأما القسم الثالث ففيه التعريف ببعض القبائل العمانية، وبعض الشعوب والأمم والأعراق مما جاء ذكره في الكتاب. وفي القسم الرابع التعريف بجملة من الألفاظ الحضارية التي جاءت في الكتاب وفي غيره، منها مثلًا: «الأعداد المَتْرَبيّة» ومعناها طريقة رسم الأعداد بالأرقام، بعد أن كانت تُرسَم بالحروف فقط، كأن يُكتَب الرقم «9» هكذا بدل «تسعة»، وهي قضية ناقشها عدد من الفقهاء قبل المحقق الخليلي. ومما جاء في هذا القسم من ألفاظ: الخَطّ: أي الرسالة، والخشبة: السفينة [الشراعية]، والطارش: الرسول، والطّفال: اللَّبِن [الطوب] الطيني المستعمل للبناء، والعشور: الضرائب، والنول: الكراء أو أجرة حمل الناس أو المتاع، والزانة: السلاح، والدّمَام: السقف، والوطايا: النعال، والنواد: النعاس، والكاتلي: السرير، والبندر: البلد الكبير على ساحل البحر، والبهطة: العطيّة. وهكذا كان جمع تلك الألفاظ والتعريف بهاء ضمن أعمال تحقيق كتاب فقهي كبير، غير أننا نعدّه إضافة مهمة في خدمة القاموس العماني.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: فی الکتاب محمد بن
إقرأ أيضاً:
الدكتور أيمن أبو عمر: الوطن نعمة تستوجب الشكر.. وحبه نابع من الإيمان
أكد الدكتور أيمن أبو عمر، من علماء وزارة الأوقاف، على أن حب الوطن نعمة تستوجب الشكر، وأن التضحيات التي قدمها المصريون على مدار التاريخ هي ثمرة لعقيدة راسخة في وجدان هذا الشعب الأصيل.
وقال الدكتور أيمن أبو عمر، خلال تصريحات تلفزيونية له: "ربنا بيقول: (وذكِّر فإن الذكرى تنفع المؤمنين)، وواجبنا النهارده إننا نفوق ونستيقظ على النعمة الكبيرة دي.. نعمة الوطن اللي لازم نحافظ عليها بالغالي والنفيس، وده اللي حصل فعلاً من آبائنا وأجدادنا".
وأضاف: "كل بيت في مصر قدم حاجة.. شهيد أو مصاب أو حتى الاستعداد الدائم للتضحية.. دي مش مجرد حكايات.. دي عقيدة بتعيشها قواتنا المسلحة وبيعيشها الشعب المصري كله".
وأكد أن المدرسة والمسجد والمنزل هي محاضن لغرس هذا الإيمان: "المدرس مع الطلبة بيعيش ده، والبيت بيغرس ده، وده من صميم الدين وتعاليمه، لأن حب الوطن من الإيمان".
خطيب الجامع الأزهر: أدعو الذين أسرفوا على أنفسهم بالاعتذار لجموع الناس وللوطنيذكر أن خطيب الجامع الأزهر، أشار إلى أن عيد تحرير سيناء يذكرنا بنصر الله عزّ وجلَّ، ومن الأمانة أن نواكب هذا العيد، بأن ننصر الله عزّ وجلَّ، وأن ننصر دينه وشريعته، لكن نرى بين الحين والآخر من يخوضون في شريعة الله ويشككون في الثوابت ويوَلون وجوه الناس عن المهمات الحياتية التي تعيش فيها الأمة إلى وجهات أخرى مكررة منذ سنوات بنصها وتفصيلها، فكان من الواجب على من أثار الثائرة، أن يتقِي الله عزّ وجلَّ في إثارة الناس، فلا يعكر عليهم دينهم، ولا يعكر على الوطن، استقراره وأمنه والفكر والاجتماعي، ويخوض في ثوابت الدين ليشتت أفكار الناس وأذهانهم واهتماماتهم، ويجرهم إلى هذا الكلام الذي تستغربه عقولهم ولا تعيه أفئدتهم، وهذا ما نبه عليه النبي ﷺ بأن كتاب الله وسنة نبيه ﷺ ليست مضماراً لأغراض دنيوية، وفي القرآن الكريم ما يشير إلى ذلك، فعلينا الاستيقاظ حتى لا نؤخذ بجرتهم.
وختم د. الصغير حديثه بقوله: عند الاحتفال بعيد تحرير سيناء لابد أن نذكر بأسباب النصر، ولابد أن يندحر وينزوي أولئك المغدورون الذين يلحدون في آيات الله ويحرفون الكلم عن مواضعه، فكلامهم مردود عليه بنص الكتاب والسنة، وهذا الكلام يفتح بابا ومجالا كبيرا لتحكيم الناس بشرع الله، فالإدعاء بالمساواة بين البنين والبنات، والأخوات والأخوة، والأب والأم، والزوج والزوجة، ادعاء باطل، والزعم بأن الآيات تقرر حقاً وليس واجباً أمر مرفوض ولا يعقل، فهذه أنصبة مفروضة، وهي حدود الله عزّ وجلَّ، لا ينبغي علينا أن نتجاوزها أو نعتدي عليها، يقول تعالى: ﴿وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ﴾. ففكرة وضع قانون يخالف شريعة القرآن المحكمة وطرحه للاستفتاء أكبر كذبة، ويرد عليها بقوله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ۗ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا﴾.
ودعا خطيب الجامع الأزهر، الذين أسرفوا على أنفسهم بوجوب الرجوع ووجوب الاعتذار لجموع الناس وللوطن، فنحن في وقت أحوج ما نكون فيه بأن نذكر بأن نكون على قلب رجل واحد، وأن نثبت الناس على الحق، وأن ننبذ الفرقة بدل أن ننشرها يقول تعالى: ﴿وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ﴾، مذكراً إياهم بالتوبة والاستغفار، وتقدير الأمر بقدره، وبالعلم الذي سوف يسألون عنه يوم القيامة ماذا عملوا فيه؟