لشهر رمضان مكانة عظيمة فى نفوس المسلمين، منذ فرض الله الصيام، فى السنة الثانية من الهجرة، وللعشر الأواخر من هذا الشهر مكانة استثنائية، نظراً لما تحويه هذه العشر من بركات وروحانيات، فهى أفضل الفضل، وهى خير الخير فإن كان الله سبحانه قد فضل شهر رمضان على سائر الشهور فإنه سبحانه قد فضل العشر الاواخر منه على سائر الليالى.
وها نحن قد مرت بنا العشر الأوائل، ثم أعقبها العشر الأواسط، وبقى من رمضان ثلثه الاخير وهى العشر الاواخر، وهى أيام عشر فيها من الخير ما ليس فى غيرها يكفى أنها حوت ليلة هى خير من ألف شهر. وإن كان الفقهاء قد اتفقوا على أفضلية شهر رمضان وعظمته، فقد اتفقوا أيضا على عِظم العشر الاواخر منه، ففيها يتضاعف الأجر والثواب، فهى فضل الفضل، وخير الخير. ومعلوم أن حُسن النهاية يطمس تقصير البداية، وكذلك فإن الاعمال بالخواتيم، وهذه الليالى والايام قد خصها الله سبحانه بمزايا لا توجد فى غيرها، وبعطايا لا يمكن تحصيلها فى سواها، ويظهر عظمة هذه الليالى والأيام، فى أن النبى صلى الله عليه وسلم قد خصها بأعمال لم يكن يفعلها فى غيرها فكان صلى الله عليه وسلم إذا أقبلت العشر الأواخر من شهر رمضان: كثر اجتهاده.
روى عن عائشة رضى الله عنها قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتهد فى العشر الأواخر ما لا يجتهد فى غيره) ومن أمثلة اجتهاده صلى الله عليه وسلم فى تلك الأيام أنه كان يُحيى ليله كله بالكثير من العبادات من صلاة وذكر واستغفار وقراءة القرآن.
روى عن عائشة رضى الله عنها قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر أحيا الليل، وأيقظ أهله، وجد وشد المئزر) فكان صلى الله عليه وسلم يوقظ أهله فى تلك الليالى المباركة للعبادة والذكر حرصاً على اغتنام الأجر والثواب فينبغى على المسلم الاقتداء بالنبى صلى الله عليه وسلم فهو الأسوة والقدوة، فهذه الليالى عظيمة الثواب والأجر، فالخاسر من ضيع هذا الثواب والفائز من جد واجتهد، فلا يدرى أحدنا لعله لا يدركها مرة اخرى.
د. ياسين عثمان طه
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: نفحات العشر الأواخر رمضان مكانة للعشر الأواخر كان الله ى العشر الاواخر فضل الفضل صلى الله علیه وسلم شهر رمضان
إقرأ أيضاً:
حكم زواج المتعة ومواضع النهي عنه
زواج المتعة.. قالت دار الإفتاء المصرية، إن زواج المتعة حرامٌ شرعًا؛ لما ثبت من نسخه وتحريمه تحريمًا مؤبدًّا بقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «أَيُّهَا النَّاسُ، إِنِّي قَدْ كُنْتُ أَذِنْتُ لَكُمْ فِي الِاسْتِمْتَاعِ، أَلَا وَإِنَّ اللهَ قَدْ حَرَّمَهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» رواه ابن ماجه.
حكم زواج المتعة في الإسلامونهى الله تعالى عن زواج المتعة في ست مرات وفي ست مناسبات ليؤكد النسخ والإلغاء، وجاء ذلك كالآتي: أحدها في خيبر، والثانية في تبوك، والثالثة يوم الفتح، والرابعة بعد ذلك في عام الفتح، والخامسة في عمرة القضاء، والسادسة في حجة الوداع.
وروي عن بعض الصحابة من إباحته قد ثبت رجوعهم عن ذلك، وإذا تمَّ فإنه لا يُعدُّ نكاحًا ولا تترتب عليه آثار النكاح الشرعية.
مفهوم زواج المتعة
وزواج المتعة هو أن يقول الرجل للمرأة: أتمتع بك مدة كذا بكذا من المال، وقد ورد أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أذن فيها في غزوة غزاها، واشتد على الناس فيها العزوبة، ثم ثبت ثبوتًا قاطعًا أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى عنها ونسخ هذه الإباحة؛ ثبت ذلك بطريقة تبلغ حد التواتر؛ فقد ثبت عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه نهى عنها ست مرات .
حكم زواج المتعة
قال جمهور الصحابة والتابعين والفقهاء إن نكاح المتعة باطلٌ لا ينعقد أصلًا؛ لنهي الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، ولأنه لم يكن زواجًا بإجماع علماء المسلمين، والله سبحانه وتعالى قال في وصف المؤمنين: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ﴾ [المؤمنون: 5-6].
والمعقود عليها عقد متعة ليست زوجًا باتفاق المسلمين حتى عند الشيعة؛ فإنهم لا يرتبون لها حقوق الزوجة من نفقة وميراث، كما أن الجمهور استدلوا على بطلانه بما يأتي:
أولًا: إن الأحاديث جاءت مصرحة بتحريمه؛ فعن سبرة الجهني رضي الله عنه: "أنه غزا مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم في فتح مكة، فأذن لهم في متعة النساء. قال: فلم أخرج حتى حرَّمها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم" رواه مسلم. وفي لفظ رواه ابن ماجه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حرَّم المتعة فقال: «أَيُّهَا النَّاسُ، إِنِّي قَدْ كُنْتُ أَذِنْتُ لَكُمْ فِي الِاسْتِمْتَاعِ، أَلَا وَإِنَّ اللهَ قَدْ حَرَّمَهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ»، وعن عليٍّ رضي الله عنه: "أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن متعة النساء يوم خيبر، وعن لحوم الحمر الأهلية" رواه البخاري.
ثانيًا: إن عمر رضي الله عنه حرَّمها وهو على المنبر أيام خلافته، وأقره الصحابة رضي الله عنهم وما كانوا ليقروه على خطأ لو كان مخطئًا.
ثالثًا: نقل عن البيهقي عن جعفر بن محمد أنه سُئل عن المتعة فقال: هي الزنا بعينه.
زواج المتعة
رابعًا: ولأنه يقصد به قضاء الشهوة ولا يقصد به التناسل ولا المحافظة على الأولاد وهي المقاصد الأصلية للزواج، فهو يشبه الزنا من حيث قصد الاستمتاع دون غيره، ثم هو يضر بالمرأة؛ إذ تصبح كالسلعة التي تنقل من يد إلى يد، كما يضر بالأولاد حيث لا يجدون البيت الذي يستقرون فيه ويتعهدهم بالتربية والتأديب.
توجيه ما روي من إباحة زواج المتعة عند بعض الصحابة والتابعين
روي عن بعض الصحابة وبعض التابعين أن زواج المتعة حلال، واشتهر ذلك عن ابن عباس رضي الله عنهما الذي ثبت رجوعه عن فتواه، فقد جاء في "تهذيب السنن": [وأما ابن عباس فإنه سلك هذا المسلك في إباحتها عند الحاجة والضرورة، ولم يبحها مطلقًا، فلما بلغه إكثار الناس منها رجع عنها، وكان يحمل التحريم على من لم يحتج إليها] اهـ.
قال الشوكاني عنه في "نيل الأوطار" (6/ 164، ط. دار الحديث): [وعلى كل حال فنحن متعبدون بما بلغنا عن الشارع، وقد صحَّ لنا عنه التحريم المؤبد، ومخالفة طائفة من الصحابة غير قادحة في حجيته ولا قائمة لنا بالمعذرة عن العمل به، كيف وإن الجمهور من الصحابة قد حفظوا التحريم وعملوا به ورووه لنا حتى قال ابن عمر رضي الله عنهما فيما أخرجه عنه ابن ماجه بإسناد صحيح: "إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أذن لنا في المتعة ثلاثًا ثم حرمها، والله لا أعلم أحدًا تمتع وهو محصن إلا رجمته بالحجارة"] اهـ.