كنا نصنع «الكُلة» لتعليق الزينات.. ونستخدم «البوص» لصناعة الفوانيس
تاريخ النشر: 2nd, April 2024 GMT
دائماً يعود بى شهر رمضان الكريم إلى طفولتى، عندما كان أطفال الشارع يجتمعون لصنع زينات رمضان وتعليقها فى الشارع قبل بداية الشهر الكريم بأسبوع على الأقل، وكانت مهمتى صناعة الكُلَّة التى نلصق بها الزينات والرايات والأعلام فى الحبال الممتدة بها. وأحيانا أُحضر البوص الذى نستخدمه فى صناعة فانوس كبير أو مجسم لكعبة صغيرة سوداء نعلقهما فى وسط الشارع أعلى من مستوى حبال الزينة والرايات.
لم نكن ننفق من جيوبنا بطبيعة الحال، ولكن كنا نمر على أهالى الشارع لنجمع تكلفة الزينات والفوانيس المعلَّقة أو مجسم الكعبة، وكان أهالى الشارع يدفعون قروشًا بطيب خاطر تكفى لصناعة تلك الزينات والأعلام والرايات.
وأحياناً كانت بعض النسوة يطلقن الزغاريد أثناء تعليق تلك الزينات، ويقمن بالدعاء لنا ولأهل الشارع كله.
وعندما يحل الشهر الكريم نخرج ليلاً بفوانيسنا الصغيرة التى كانت تضاء بالشمع، ونذهب إلى مداخل المنازل ونردد: «إدونا العادة.. لبَّة وزيادة». والبيت الذى كان يعطينا العادة التى تتمثل فى بلح أو تمر أو مليمات وقروش نغنى له قائلين: «البيت ده كله عمار.. وصاحبه ربنا يحميه». أما البيت الذى لا يعطينا شيئًا ولا يفتح لنا نقول له: «عود كبريت على عود كبريت.. والبيت ده مليان عفاريت».
وطبعا معظم الجيران كانوا يتحاشون تلك الدعوة، فيجذلون لنا العطاء.
وذات مرة كان معنا أحد الأطفال الذى قال إن ولديه خرجا من البيت ولا يوجد هناك أحد، وعلى الرغم من ذلك ذهبنا لمدخل البيت ورددنا قولتنا الشهيرة: «عود كبريت على عود كبريت.. والبيت ده مليان عفاريت»، وكانت المفاجأة أن صديقنا الطفل أخذ يبكى بشدة ويقول لنا: لا تقولوا هذا على بيتنا.
وعندما كبرنا، وبدأت أجهزة التليفزيون تدخل بيوتنا بدأت المسلسلات والفوازير وحلقات ألف ليلة وليلة تشغلنا، ولم نعد نخرج للتسلية والمرور على بيوت الجيران. وقد استطعت فى سنوات كثيرة الجمع بين العبادات ومشاهدة المسلسلات فى شهور رمضان المتعاقبة، فعلى الرغم من روحانيات الشهر الكريم، فإن بعض المسلسلات كانت تأخذنا فى طريق هذه الروحانيات مثل مسلسل «محمد رسول الله» بأجزائه المتعددة وهى من تأليف عبدالحميد جودة السحار، ومثل مسلسل «الوعد الحق» من تأليف الدكتور طه حسين، ومسلسلات أخرى مثل عمر بن عبدالعزيز بطولة نور الشريف وعمر الحريرى، وغيرها من المسلسلات الدينية التى كانت تجذبنى أثناء الشهر الكريم.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الشهر الکریم
إقرأ أيضاً:
«الأزمة الاقتصادية» الباب الخلفى لمجتمع دموى
لم يعد الرأى العام المصرى يندهش أو حتى يهتز لأننا أصبحنا نبحر فى كل اللا معقَول بسبب الأحداث التى تفوق كل التوقعات والتكهنات وحتى الخيالات التى غالبًا ما تنتهى بسنياريوهات دمويه للعنف الأسرى أو بدافع الحب، هزت نسيج أسطورة المجتمع المصرى المتدين المعروف بالتدين والحياء، خلافات قد تكون تافهة تنسف كل المشاعر الإنسانية، وتدمير كلى وجزئى لكل أدبيات «العيش والملح»، والعشرة الطويلة على المرة قبل الحلوة.. الحقيقة المفزعة بأن هناك ظاهرة خطيرة بدأت تنتشر فى البيوت المصرية التى تحولت إلى قنابل موقوتة تسقط عند أول اختبار صعب للظروف المعيشية و«العيشة الضنك».. بسبب البطالة والظروف الاقتصادية الصعبة الذى يمر بها، تدل بل تؤكد على هشاشة العلاقات الأسرية. وتبادل الأدوار فى تحمل المسئولية بين أزواج ضعاف النفوس ومنزوعى العلاقة الروحية والربانية التى توثق الأخلاق وتهذب النفوس بالخوف من الله والظلم... لتتحول كل المشاعر إلى نزعة انتقامية تنتهى برغبة أكيدة بالتخلص من كليهما،. غالباً ما تقع الزوجة الطرف الأضعف كضحيه لهذا الخلل..جرائم قتل بشعه تهز عروش السماء وينفطر لها القلب وتخرج عن كل التوقعات أو حتى ما يستوعبه المنطق والعقل..والأسباب تافهة الذبح هو سيد كل نزاع بين العاشقين أو الزوج والزوجه وأمام أعين أولادهم فاجعة بكل المقاييس، تزامنًا من تزايد وتيرة العنف بشكل غير مسبوق فى ظاهرة باتت تهدد المجتمع المصرى بشكل خطير، للأسف الإعلام والدراما الهابطة ساعد فى تأجيجها هذه الظاهرة.
فمنتهى الهدوء والثبات والثقة قام زوج ببث فيديو مباشر بـ «سيلفى» مع زوجته التى قطع راسها أمام بناتها الثلاث بعد ٩ سنوات من العشرة انتهت بمشهد انتقامى دموى.. وآخر سابق «بطلها» طبيب قتل زوجته الطبيبة وأطفاله الثلاثة ذبحا فى دقائق وسط بركة من الدماء..وفى شوارع الإسماعيلية جريمة هزت أنحاء المحافظة، بعدما أقدم الشاب عبدالرحمن نظمى، الشهير بـ»دبور»، على ذبح عامل وسط الشارع أمام أعين المارة باستخدام سلاح أبيض «ساطور». ولم يكتف الشاب بذلك، بل فصل رأس العامل عن جسده وتجول بها بين المارة فى مشهد مرعب وسط ذهول، إذ سجل مقطع فيديو قتل شاب لجاره وفصل رأسه بطريقة مروعة باستخدام سكين، وفى محافظة الغربية قام شاب بقتل أفراد عائلته بطريقة بشعة، قام بالتخلص من عائلته المكونة، من والدته وشقيقه وشقيقته ذبحا بالسكين، وإشعال النيران فى أجسادهم بمركز قطور ، مشاهد الذبح اليومية التى ملأت أسماعنا هنا وهناك لم تفرق بين الطبقات بل انها النهاية البشعة لكل فئات المجتمع سواء المثقفة أو حتى الأمية، فى ظل انتشار «السوشيال ميديا» وسرعة البرق فى نشر الأفكار المسمومة الذى تسبب فى انتهاك الخصوصية للمواطن المصرى البسيط «أبوضحكة جنان» الشهير بخفة الدم و»القفشات» التى يحول المواقف الصعبة إلى ضحكات وابتسامات.. للأسف لم يعد دمه خفيفًا بل أصبح دمه رخيصًا، وتنوعت الأسباب التى يرجع إلى غياب الوعى الثقافى والدينى، وتعاطى المخدرات الرديئة الصنع آلتى انتشرت حالياً فى السوق المصرى والتى تفتك بالعقل وتغيبه وأسباب كثيرة وخطيرة أهمها ضياع الوازع الدينى وانهيار الأخلاق والضغوط والتوترات الاقتصادية الباب الخلفى الذى أفرز مجتمعًا مضغوطًا نفسياً وعصبيا وجسدياً عجز عن توفير حياة كريمة، يمكن تلخيصها فى عدة عوامل متداخلة، إذ إن تدهور الأوضاع الاقتصادية من تضخم وارتفاع الأسعار وزيادة معدلات البطالة، يعزز من مشاعر الإحباط والضغوط النفسية، مما يؤدى إلى تصاعد العنف كوسيلة للتنفيس عن الغضب. بالإضافة إلى ذلك يؤثر الفقر والظروف الاجتماعية الصعبة على تزايد الفجوة بين الطبقات الاجتماعية وضعف الخدمات الاجتماعية الأساسية مثل التعليم والرعاية الصحية، يعمق الإحساس بعدم العدالة الاجتماعية ويزيد من السلوكيات العدوانية.، ولابد من وضع السياسات العاجلة وزيادة الوعى الثقافى والاجتماعى ونشر الخطاب الدينى، عدة عوامل حربية كخطة عاجلة لوقف نزيف وجراح مجتمع فى طريقه إلى الانهيار، إلى جانب تراجع القيم المجتمعية، أدى إلى تغيرات فى التركيبة الاجتماعية وانخفاض الوعى بالقيم الإنسانية والتسامح، زادت من انتشار السلوكيات العدوانية والعنف كجزء من سلوكيات الاحتجاج أو الدفاع عن النفس، إضافة إلى أن تعدد مصادر الأسلحة والمخدرات فى بعض المناطق يجعل العنف أكثر شيوعًا.
رئيس لجنة المرأة بالقليوبية وسكرتير عام اتحاد المرأة الوفدية
[email protected]