الرضا هو باب الراضى الأعظم الذى منه يُدخل إليه، لأن السُّخط هو الحجاب عن الله: (فأما الإنسان إذا ما ابتلاه ربه فأكرمه ونعمه فيقول ربى أكرمن وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول ربى أهانن)، (فمن رضى فله الرضا ومن سخط فله السخط).
والرضا هو موافقة النفس التامة على ما يواجهها من أحوال وأقوال وأفعال وإدراكات سواء أحبَّتْ ذلك أم كرهَته.
تلك الموافقة التى يترتب عليها سكون النفس وبقاء الفؤاد والوجدان فى اطمئنان وارتياح فيما يلاقيه الإنسان من مشقة أو مكابدة أو ألم.
والراضى هو الموقِن بأنه لا تبديل لكلمات الله، ولا وارد لحكمه من ناحية، ومن ناحية أخرى يتيقن أن الله لا يريد له الا الخير.
ولا يتحقق ذلك الرضا للراضى إلا إذا استوى عنده المنع والعطاء.
وهذه المرتبة فى الرضا من أعمال القلوب تعدُّ نظيراً للجهاد فى أعمال الجوارح ؛ لذلك جزاؤها مضاعف: ففى الآخرة (من رضى بالله ربا وبالإسلام ديناً وبمحمد نبياً وجبت له الجنة)، وفى الدنيا:(ارض بما قسم الله لك تكن أغنى الناس). والرضا أعز منالاً من الصبر، فالإنسان قد أُمِر بالصبر (واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور)، لكنه أُوْصِى بالرضا لأن الرضا متعلق بأمور:
أولها: التسليم: (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا فى أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً).
ويكون التسليم بثلاثة أشياء:
١. ما عجزت عن إدراكه العقول من أمور الغيبيات طالما أن الوحى ثابت بها متيقَّن والنص عليها صحيح مثل أحداث يوم القيامة والنعيم، والعذاب، وعالم الجن والملائكة.
٢. أن الله هو الفعَّال فى ملكه لما يريد، ولا رادّ لحكمه من أحد كائناً من كان من إنس أو جان وأنه المتصرف وحده فى الكون نفعا أو ضرا، عطاء أو منعا.
٣. التسليم بالقضاء والقدر خيره وشره، وهذا الرضا بالقضاء والقدر مثل الإيمان قول باللسان واعتقاد بالجنان وعمل بالأركان فالرضا القولى يوميا بعد كل أذان للصلوات، وفى المساء: (من قال حين يمسي: رضيت بالله رباً وبالإسلام دينا وبمحمد رسولاً وجبت له الجنة).
وعلامة التسليم والرضا بالقدر:
١. ترك الاختيار قبل وقوع القضاء بأن يلجأ الانسان إلى الاستخارة.
٢. فَقْد المرارة والحسرة والجزع عند وقوع القضاء.
٣. دوام الحب لله بعد وقوع القضاء.
الثانى: المحبة لله التى تجعل كل ما يأتى من عند الحبيب حبيبا إلى النفس، وكل ما يأتى من عند الجميل جميل بالقلب.
وكما أن الحبيب لا يرى فى الوجود سوى محبوبه ولا يعمل إلا على مرضاته فكذلك الأمر مع الله: (قل إن صلاتى ونسكى ومحياى ومماتى لله رب العالمين).
الثالث: قبول ذلك القول الذى يجازى به الله الإنسان عدلا: (هل جزاء الاحسان إلا الإحسان)، وفضلاً يجازيه برضا مثله وزيادة، فرِضا المثل مكافأة والزيادة تجعل الرضا يزيد فى قلب الراضى عن ربه.
لذلك تقدَّم ذِكْر رضا الله على رضا العبدفى المواضع الأربعة التى ورد بها قوله تعالى (رضى الله عنهم ورضوا عنه) ؛ ولهذا اختلف أهل الفرقان والمحبة من أهل الطريق الصوفى حول الرضا: هل هو مقام يأتى بالكسب أم حال يأتى بالوهب؟ والغالب أنه يبدأ بالمجاهدة ثم ينتهى بالوهب والمنح الربانى.
اللهم اجعلنا عبدك الراضى لترضى رضا يُسْتغنى به عن كل سواه.
د. عبدالراضى عبدالمحسن
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: على مائدة القرآن باب الله الأعظم
إقرأ أيضاً:
بيان للمكتب الاعلامي للرئيس نجيب ميقاتي... هذا ما جاء فيه
صدر عن المكتب الاعلامي للرئيس نجيب ميقاتي البيان الاتي:
قبيل إحالتها على التقاعد، أصدرت القاضية السابقة غادة عون سلسلة من الدعاوى والملاحقات القضائية، استهدفت قطاعات اقتصادية ومالية حيوية في لبنان، ولا سيما القطاع المصرفي، وشملت احدى هذه الدعاوى التي وقعتها في 28 شباط 2025-اي في آخر يوم عمل قبل تقاعدها، السيد طه ميقاتي وشقيقه دولة الرئيس نجيب ميقاتي .
وفي هذا السياق، ومن منطلق احترام دولة الرئيس وعائلته للمؤسسات القضائية والقانونية، سيتبع عبر المحامين المكلّفين من قبلهم،المسار القانوني لإحقاق الحق، عند تبلغهم اي امر قضائي في هذا الصدد ، مع التأكيد على الاتي:
أولاً: استمرار مسلسل الادعاءات غير المستندة إلى أي دليل، اذ ليست المرة الأولى التي تحاول فيها القاضية السابقة غادة عون توجيه اتهامات جزافا ضد دولة الرئيس وعائلته، من خلال الزجّ باسمهم في معاملات مصرفية وتحويلات مالية مزعومة وامتيازات مختلقة، إضافة إلى مزاعم بوجود “أساليب احتيالية” غير مثبتة.
لا علاقة لدولة الرئيس وشقيقه وعائلتهما بأي من هذه الادعاءات، لا من قريب ولا من بعيد، مما يجعلها جزءاً من ملفّات مفبركة تهدف إلى التضليل والتشهير، من دون أيّ مستند قانوني أو واقعي.كما ان هذه الدعاوى تدل على جهل باصول العمل التجاري والمالي. كما ان الادعاء الاخير يتناول عملية تمت عام 2010 وكانت مطابقة للقانون.
لقد أثبت القضاء اللبناني نزاهته سابقاً عبر إصدار أحكام برّأت الرئيس ميقاتي وعائلته من ادعاءات مشابهة ساقتها القاضية عون، مثل قضية القروض المصرفية التجارية وغيرها، والتي سقطت بمجرد عرضها على القضاء. وما تباهي القاضية عون بدورها كـ “رأس حربة” في هذه الملفات إلا الدليل الواضح على الدوافع غير القانونية وغير المهنية التي كانت تحرّك هذه الدعاوى.
ثانياً: تسييس القضاء وتوظيفه في معارك لا تمتّ إلى القانون بصلة
إن احترام الحقيقة والمهنية والموضوعية يفرض عدم استغلال الأزمات الاقتصادية والمالية التي يعاني منها البلد، ومن ضمنها أزمة المودعين في المصارف، لتحقيق أهداف خاصة أو لتصفية حسابات سياسية. إن زجّ أسماء شركات وأفراد في قضايا مفبركة وتوجيه اتهامات مغرضة لا يخدم إلا الفوضى، ويضرّ بمناخ الاستثمار والاستقرار الاقتصادي في لبنان، بدلاً من الإسهام في معالجة الأزمات المالية الحقيقية.
ثالثاً: ان السجلّ القانوني والمالي لدولة الرئيس وعائلته ناصع، وهم يرفضون أي محاولة للتشهير بهم.
نؤكد جازمين أن لا حكم قضائيا مبرماً صدر بحقّ الرئيس وشقيقه، أو بحق أي شركة تابعة لهما، أو أي مسؤول إداري ينتمي إليهما، لا في لبنان ولا في أي دولة أخرى، في أي من الملفات أو التهم التي تروّجها القاضية السابقة غادة عون، سواء تعلقت بصرف النفوذ أو الإثراء غير المشروع أو تبييض الأموال أو هدر المال العام أو غيرها.
إن كل أعمال العائلة تتم وفق أعلى معايير الحوكمة والشفافية، وتحت سقف القانون، وبالتزام صارم بالقوانين المحلية والدولية. والعائلة ملتزمة بمبدأ الفصل بين العام والخاص، وتعمل في إطار الأنظمة المؤسساتية التي تحكم الشركات الرائدة عالمياً.
بناءً على كل ما سبق، يؤكد دولة الرئيس وعائلته احتفاظهم الكامل بحقوقهم لناحية ملاحقة أو مقاضاة كل من يثبت تورّطه، سواء مباشرة أو بالواسطة، في فبركة مثل هذه الملفات، والترويج لهذه الادعاءات الباطلة، والعمل على نشرها بغرض التشهير والإساءة، خدمةً لاهداف لا علاقة لها بالحقيقة أو بالقانون.
ان دولة الرئيس وعائلته بانتظار أن يقول القضاء كلمته الفصل في هذه الادعاءات الأخيرة التي ساقتها القاضية السابقة غادة عون. ويبقى القضاء اللبناني النزيه هو المرجع، ومعه الرأي العام اللبناني الذي يدرك جيداً الفارق بين الحقيقة والتضليل، وبين العدالة والاستهداف السياسي.