75 عاما على الناتو.. محطات بارزة في علاقته مع روسيا
تاريخ النشر: 2nd, April 2024 GMT
موسكو- منذ انهيار الاتحاد السوفياتي عام 1991، مرت العلاقات بين روسيا وحلف شمال الأطلسي (ناتو) بمراحل متنوعة تراوحت بين التقارب إلى درجة التعاون الإستراتيجي، والتباعد إلى درجة الخصومة واتخاذ خطوات تصعيدية متبادلة.
وشكل ملف توسع الناتو شرقا أول انهيار كبير في العلاقات بين الطرفين، إذ تعتبر موسكو أن قبول أعضاء جدد في الحلف يستلزم تقليص فترة النشر الإستراتيجي لقواته، ما يبقي لروسيا وقتا أقل لرفع قواتها إلى الاستعداد القتالي.
ودخلت العلاقات في أزمة إضافية ونوعية مع بداية الحرب الروسية-الأوكرانية وإعلان بروكسل وقوفها الكامل إلى جانب كييف وتقديم مساعدات عسكرية واقتصادية وسياسية لها في الحرب مع موسكو.
فيما يلي أبرز محطات العلاقة بين روسيا والحلف منذ مطلع تسعينيات القرن الماضي وحتى الآن:
في ديسمبر/كانون الأول 1991، انضمت روسيا إلى مجلس التعاون لشمال الأطلسي، وهو برنامج يهدف إلى تحسين علاقات الحلف مع الدول خارج الكتلة. وفي عام 1997، تمت الاستعاضة عن هذه الصيغة بمجلس الشراكة الأوروبية الأطلسية، الذي ضم كافة الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي والدول الشريكة في المنطقة الأوروبية الأطلسية.
في يونيو/حزيران 1994، انضمت روسيا إلى برنامج الشراكة من أجل السلام، وأرسلت قوة لحفظ السلام تحت رعاية الناتو إلى غرب البلقان.
وشهد مايو/أيار 1997 التوقيع على القانون التأسيسي بين روسيا وحلف الناتو في باريس، ليصبح الأساس الرسمي للعلاقات الثنائية.
ونصت الوثيقة على عقد اجتماعات وإنشاء بعثة روسية دائمة لدى الحلف في بروكسل، بالإضافة إلى مكتب إعلامي وبعثة اتصال عسكرية تابعة لحلف شمال الأطلسي في موسكو. وتضمنت الوثيقة تعهدا من قبل الحلف بعدم نشر قوات بالقرب من حدود روسيا على أساس دائم.
وفي مارس/آذار 1998 تم إنشاء بعثة دبلوماسية لروسيا لدى الناتو لتعزيز الحوار الثنائي. وفي مارس/آذار 2000، صرح القائم بأعمال الرئيس فلاديمير بوتين بأنه لا يستبعد إمكانية انضمام روسيا إلى حلف شمال الأطلسي ولكن مع الكثير من التحفظات.
وفي سبتمبر/أيلول 2000، تم افتتاح مكتب معلوماتي للناتو في موسكو ملحق بالسفارة البلجيكية. وفي عام 2001 استمر التقارب بين روسيا والحلف بعد هجمات 11 سبتمبر/أيلول في الولايات المتحدة، وتطور التعاون الثنائي في مكافحة الإرهاب.
وشهد العام 2002 ذروة التقارب والتعاون بين الطرفين، من خلال التوقيع على إعلان روما "العلاقات بين روسيا والناتو: نوعية جديدة"، والذي بموجبه تم إنشاء مجلس روسيا والناتو في مايو/أيار من ذلك العام. وتتمثل مهام المجلس في تنسيق وتطوير المواقف المشتركة بشأن القضايا الرئيسية، وفي المستقبل، نقل العلاقات بين روسيا والحلف إلى مستوى أعلى مع إمكانية العضوية الكاملة.
وفي 2003 اقترح وزير الدفاع الروسي، سيرغي إيفانوف، أن يقوم الحلف بالعبور الجوي للوحدات العسكرية عبر الأراضي الروسية، وقبل الناتو هذا الاقتراح.
مرحلة البرود
في العاشر من فبراير/شباط 2007 دخل البرود العلاقات بين الجانبين بعد خطاب بوتين في مؤتمر ميونخ للأمن والذي قال فيه إن روسيا والحلف متحدان فقط في مكافحة تهريب المخدرات.
وبدأ التوتر بين الجانبين في 2008 بسبب المناقشات داخل حلف الناتو حول إمكانية انضمام أوكرانيا وجورجيا. وفي حين أصرت واشنطن على عضويتهما، وقال الحلف إن بوسعهما أن تصبحا أعضاء في الحلف عندما تلبيان متطلبات المنظمة، أكدت موسكو وجود نية لتوسيع التحالف شرقا، واعتبرت أن ذلك يشكل تهديدا لها.
في أبريل/نيسان 2008 صرح رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة الروسية، يوري بالويفسكي، بأنه إذا انضمت أوكرانيا وجورجيا إلى الناتو، فإن موسكو ستستخدم "التدابير العسكرية وغيرها" للدفاع عن مصالحها على الحدود.
وفي أغسطس/آب 2008 تعمق الخلاف بين روسيا وحلف شمال الأطلسي بشأن الحرب التي استمرت 5 أيام في جورجيا، وسط اتهامات لموسكو باستخدام القوة العسكرية غير المتناسبة. وحتى ربيع عام 2009، تم تعليق اجتماعات مجلس روسيا والناتو وتجميد تنفيذ عدد من البرامج المشتركة.
تدهورت العلاقات تماما في مارس/آذار 2014، حيث تم تعليق كافة أشكال التعاون تقريبا بعد ضم روسيا لشبهة جزيرة القرم واندلاع الصراع المسلح في شرق أوكرانيا، مع اتهام الحلف موسكو بالتدخل في الصراع والقيام بأعمال عدوانية.
في الثامن من أبريل/نيسان 2014، حظر الحلف دخول جميع موظفي البعثة الروسية إلى مقاره باستثناء المندوب الدائم ونائبه ومساعده، وأمر بتخفيض عدد المندوبين الدائمين من 70 إلى 50 شخصا.
ولأول مرة منذ انتهاء الحرب الباردة، لم تتم دعوة روسيا لحضور قمة الناتو التي انعقدت في المملكة المتحدة في سبتمبر/أيلول 2014 وبحثت الوضع في أوكرانيا و"التهديدات" الروسية، وتقرر فيها تشكيل قوة عمل على درجة عالية من الاستعداد في حالة وقوع هجوم روسي على أي من دول الناتو.
في ديسمبر/كانون الأول 2014، تبنت روسيا عقيدة عسكرية جديدة تعتبر تعزيز القدرات العسكرية للناتو واقتراب الحلف من حدودها أحد التهديدات الرئيسية.
في حين اعتبرت قمة الناتو في يوليو/تموز2016 روسيا التهديد الرئيسي لأعضاء الحلف، واعتمدت برنامجا لزيادة القدرات الدفاعية في البيئة السيبرانية للحماية من الإجراءات المحتملة من جانب موسكو.
في 2018 تحدث الناتو عن "أنشطة استفزازية روسية" على حدوده الغربية، وكذلك في البحر الأسود وبحر البلطيق، وأدان حادثة تسميم ضابط الاستخبارات الروسية السابق سيرغي سكريبال وابنته يوليا في سالزبوري (بريطانيا) ونسبها إلى روسيا.
وشهد عام 2019 انتهاء الحوار بصيغة روسيا-حلف شمال الأطلسي بشكل فعلي، وصرح وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، بأن الناتو يعتبر "المسألة الأوكرانية" أولوية، بينما موسكو لا تنوي مناقشة هذا الموضوع بهذه الصيغة.
وفي مارس/آذار 2021، اتهم المشاركون في اجتماع مجلس وزراء خارجية دول الناتو روسيا بزعزعة استقرار الوضع في الدول المجاورة وأكدوا أن العلاقات معها لن تتحسن في المستقبل القريب.
وفي أكتوبر/تشرين الأول 2021، طرد الحلف 8 من موظفي البعثة الدائمة الروسية وألغى منصبي اثنين آخرين وخفض طاقم البعثة من 20 إلى 10 أفراد، وردت موسكو بتعليق عمل بعثتها وأوقفت الاتصالات العسكرية وأنشطة مكتب معلومات الحلف في موسكو.
وقدمت السويد وفنلندا في مايو/أيار 2022 طلبات للانضمام إلى الحلف، وفي الخامس من يوليو/تموز من نفس العام، تم التوقيع على بروتوكولات انضمامهما إلى التحالف. وتأخرت عملية التصديق بسبب معارضة كل من تركيا وهنغاريا.
ومؤخرا في الأول من أبريل/نيسان، وصف رئيس الوفد الروسي في مفاوضات فيينا حول الأمن العسكري والحد من التسلح، قسطنطين غافريلوف، العلاقات الحالية بين روسيا والحلف بأنها أسوأ من الحرب الباردة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ ترجمات حريات العلاقات بین روسیا حلف شمال الأطلسی فی مارس آذار حلف الناتو
إقرأ أيضاً:
بين عناد كييف واشتراط موسكو.. ما موقف روسيا من السلام والحرب؟
موسكو- بدأ موضوع مفاوضات السلام بين روسيا وأوكرانيا، الذي كان قد تراجع إلى الخلف بسبب "الحروب الجمركية"، يعود بسرعة إلى جدول الأعمال.
فمنذ أيام، بدأت الصحافة الغربية تنشر معلومات "من الداخل" حول كيفية سير المفاوضات لإنهاء الأعمال العدائية والشروط التي يطرحها طرفا النزاع.
وأثارت مقالة نشرتها صحيفة فايننشال تايمز، في 22 من أبريل/نيسان الجاري، ضجة كبيرة، حيث زعمت أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اقترح على الولايات المتحدة وقف الأعمال العسكرية على طول خطوط المواجهة الحالية.
لكن الكرملين رد بسرعة على هذه المعلومات على لسان المتحدث باسمه، ديمتري بيسكوف، بقوله "هناك الكثير من الأخبار المزيفة التي يجري نشرها الآن ومن مصادر محترمة، لذلك يجب الاستماع فقط إلى المصادر الأصلية".
"العرض الأخير"يأتي ذلك بينما تجري مناقشات مكثفة لتفاصيل "العرض الأخير" للسلام الذي قدَّمته واشنطن إلى كييف في 17 أبريل/نيسان، وينتظر البيت الأبيض الرد عليه.
وقال نائب الرئيس الأميركي جيه دي فانس إن أميركا قدَّمت لروسيا وأوكرانيا "اقتراحا واضحا للغاية للتوصل لاتفاق سلام، ويجب على الطرفين الآن إما قبوله وإما مواصلة عملية التفاوض دون الولايات المتحدة"، ناصحا طرفي النزاع بـ"وضع أسلحتهما، وتجميد الصراع، والاتجاه نحو بناء بلديهما".
إعلانوزعمت وسائل الإعلام الغربية أن العرض الروسي جاء خلال اللقاء بين الرئيس الروسي والمبعوث الخاص للرئيس الأميركي دونالد ترامب في 11 أبريل/ نيسان الجاري واستغرق أكثر من 4 ساعات.
وحسب الكرملين، كان الموضوع الرئيسي للمفاوضات هو تسوية الصراع الأوكراني، دون الكشف عن مزيد من التفاصيل.
الكرملين: الصراع في #أوكرانيا سينتهي فورا إذا سحبت كييف قواتها من المناطق الأربع المنصوص عليها في دستورنا pic.twitter.com/wS3OVDgsZ0
— قناة الجزيرة (@AJArabic) April 23, 2025
مصالح روسياويرى الباحث في النزاعات الدولية فيودور كوزمين، أن الهدنة التي أعلنتها موسكو في عيد الفصح كانت خطوة في سياق البحث عن حل سلمي للصراع الأوكراني لكنها لم تلق الرد "المناسب" من كييف، وبالتالي من غير الممكن اليوم التنبؤ بما إذا كانت المفاوضات التي بدأتها الولايات المتحدة بين موسكو وكييف ستؤتي ثمارها.
ويقول كوزمين للجزيرة نت، إنه في حال واصلت كييف موقف "العناد" ولم تتوصل لإبرام اتفاق مع موسكو، فقد تتوقف واشنطن عن "خدماتها" كوسيط، وتتخذ -ردا على ذلك- مواقف متشددة تجاه أوكرانيا.
ويتابع أن روسيا من خلال إجراء العملية التفاوضية، تعلم مُسبقا أن أوكرانيا غير مستعدة للسلام بأي شكل من الأشكال.
وفي هذه الحالة، يواصل كوزمين، ستكون مهمة المفاوض الروسي هي إدارة المفاوضات لأطول فترة ممكنة، لأن هذه العملية تصب في مصلحتها، فضلا عن أنها مفيدة لكل من روسيا والولايات المتحدة في آن واحد.
وحسب قوله، فإن اقتراح بوتين "بإعادة صياغة" مبادرة دونالد ترامب "المتسرعة" لوقف إطلاق النار غير المشروط في أوكرانيا، مع الأخذ في الاعتبار المصالح الروسية، يسمح لموسكو بمحاولة "الاستيلاء" على المبادرة في عملية التفاوض بشأن أوكرانيا.
ويتابع، أنه لتحقيق هذه الغاية يتعين إقناع واشنطن بعدم الاستماع كثيرا بشأن "الخطوط الحمر" التي وضعتها كييف ومبادرات الدول الأوروبية.
إعلانويضيف الباحث كوزمين أن الكرملين خرج من "فخ الاختبار" الأميركي لمدى صدق الرغبة في السلام، وفي الوقت ذاته، أبقى بوتين قضية شرعية الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على جدول الأعمال، ويعمل على أن يقوم ترامب بحلها قبل إعلان وقف إطلاق النار، بحيث يبقى السؤال فقط حول من سيعطي الأوامر للقوات المسلحة الأوكرانية بوقف إطلاق النار وعن ثمن تلك الأوامر.
ضماناتمن جهته، يرى مدير مركز التنبؤات السياسية، دينيس كركودينوف، أن بوتين يروج لصيغة يتم فيها إجراء مفاوضات السلام بين اللاعبين الرئيسيين، روسيا والولايات المتحدة، في حين يتابع المشاركون الآخرون الأخبار فقط، حسب قوله.
ويقول للجزيرة نت إن موسكو أكدت مرارا وتكرارا على مختلف المستويات أن الضمانات الخارجية للامتثال للاتفاقيات مهمة بالنسبة لها، حتى لا تتكرر تجربة اتفاقية مينسك 2.
وعلى هذا الأساس -يضيف كركودينوف- من المهم لروسيا أن "تستبعد" أوكرانيا ودول الاتحاد الأوروبي من المناقشات مع أميركا بشأن العناصر الرئيسية للتسوية المستقبلية، بحيث تؤدي لتشكيل مسار إستراتيجي جديد للعلاقات بين موسكو وواشنطن، وتبقى أوكرانيا مجرد أحد المواضيع في سياق المفاوضات بين الطرفين، مثل البرنامج النووي الإيراني أو مشاريع الغاز في القطب الشمالي.
ويضيف أن صيغة المفاوضات المغلقة مع المبعوث الأميركي الخاص ستيفن ويتكوف، مناسبة "بشكل مثالي" لتحقيق هذا الهدف.
سلاح ليزر جديد من طراز "تريزوب" أوكراني حيث تشترط روسيا نزع أسلحة كييف (مواقع التواصل)
اشتراطات دسمةويشير إلى أن روسيا لم تكن راضية عن النسخة الأميركية الأوكرانية، التي تدعو إلى وقف فوري للأعمال العدائية في البر والجو والبحر، تليها مفاوضات بشأن شروط السلام.
في حين تتواصل العمليات "السلبية" بالنسبة لموسكو، بل تتكثف، مثل استمرار المساعدات العسكرية الغربية واسعة النطاق لكييف والنقاش حول نشر "قوات الدعم" الأوروبية في شكل ألوية تابعة لحلف شمال الأطلسي على الأراضي الأوكرانية.
إعلانويلفت الخبير السياسي كركودينوف، إلى أن الشروط الأولية التي وضعتها روسيا لوقف إطلاق النار، كوقف تسليم الأسلحة الغربية للقوات الأوكرانية، وإلغاء التعبئة القسرية، ووقف تدريب وإعادة تجهيز الوحدات الجديدة، والتحقق من الامتثال لهذه المتطلبات، حددت على الفور الإطار الذي تحتاجه موسكو.
ويختم بأنه في مرحلة الاتفاق على وقف إطلاق النار، يتحرك الكرملين في اتجاه خيارات "نزع السلاح" في أوكرانيا التي نوقشت في وقت سابق في إسطنبول، وتتمثل بوضع "قيود صارمة" على الإمكانات القتالية للقوات الأوكرانية وعدد أفرادها وملف التعبئة، فضلا عن القيود المفروضة على الإمدادات الغربية من الأسلحة وأنواع أخرى من المساعدات العسكرية.