تحليل :هل تهديدات ترامب بـالعنف أمر لا يجب تجاهله؟!
تاريخ النشر: 2nd, April 2024 GMT
واشنطن"د. ب. أ": في عالم يعاني من التوترات السياسية والاجتماعية، يثير التهديد بالعنف قلقا متزايدا، خاصة عندما يأتي من شخصية عامة مؤثرة، مثل الرئيس السابق دونالد ترامب. ويصبح من الضروري التعامل مع قضايا التهديدات بالعنف بجدية وتحليلها بعناية وعدم تجاهلها على اعتبار انها دعاية انتخابية لا اكثر.
وقال الكاتب الأمريكي تيموثي أوبراين في تحليل نشرته وكالة بلومبرج للأنباء، إن ترامب نشر مقطع فيديو قصير على منصته للتواصل الاجتماعي "تروث سوشال"، يتضمن صورة للرئيس جو بايدن مقيد اليدين والقدمين، وهو محتجز في الجزء الخلفي من شاحنة صغيرة.
ويضيف أوبراين: "ربما يرى المرء أن هذا مجرد فيديو مضحك من ترامب على حساب منافس سياسي... حسنا، فإن تصرفات ترامب أكثر اندفاعية وشراسة من الرؤساء السابقين بشكل عام".
وأوضح أوبراين أن الطريق من الوقت الحالي وحتى انتخابات الرئاسة الأمريكية المقررة في نوفمبر سيكون طويلا على نحو غير عادي، وأن ترامب سيواصل تعبيده بتهديدات العنف ونداءات الشر والتفرقة، فهذا هو الشر الذي يحركه، وتجنب مثل هذا الشر شيء طبيعي فقط لأي شخص يتعرض لمسرحياته وتهديده. ويقول إن النظر في الاتجاه الآخر يوفر قدرا من الراحة والاستمرارية في عصر مروع وصادم.
ويعتمد ترامب على ذلك بالطبع، فهو يريد تأجيج مشاعر أكثر أتباعه تحمسا بينما يؤثر سلبا على قدرة الآخرين على التحمل والصبر بسبب تهديداته المستمرة. هذا هو السبب في أن أي مجتمع يقدر التجربة الأمريكية، بعيوبها، وبكل ما فيها، يحتاج إلى تجنب فكرة التعامل مع سلوك ترامب على أنه "مجرد ترامب".
ويقول أوبراين إن ترامب ربما لم يدقق بعناية في الصور التي نشرها لبايدن، أو ربما يشعر بالمتعة من إثارة الفوضى، وإنه يعتقد أن الآخرين يجب أن يشعروا بالمتعة أيضا. ومن أجل نقاش كامل، يتعين ضمان هذه النقاط. ولكن تصاعدت الانتقادات بشأن منشور ترامب حول بايدن يوم السبت الماضي واكتسبت زخما في اليوم التالي.
وركزت الانتقادات على أمر واضح، ألا وهو أن ترامب يحتفي بالعنف الموجه ضد الرئيس الحالي. وعلى الرغم من هذه المخاوف، لم يهتم ترامب بإزالة منشوره، فقد رضي بالسماح لرسالته بالبقاء.
ويرى أوبراني أن ذلك كان ختاما ملائما لفترة نشاط ترامب، فقد استهدف بشكل متواصل ابنة القاضي خوان ميرشان، الذي يشرف على محاكمته في قضية احتيال جنائي بنيويورك. وزعم ترامب عبر منصته للتواصل الاجتماعي الأسبوع الماضي وحتى عطلة نهاية الأسبوع أن مشاركة ابنة ميرشان في أنشطة سياسية للديمقراطييين تعني أن والدها لا يمكن أن يكون نزيها.
واستهدف ترامب القضاة بشكل منتظم، في نفس الوقت الذي كان يواجه فيه جميع القضايا القضائية التي تحيط به الآن، كما فعل ذلك في الماضي، وأصدر ميرشان أمرا يمنعه من توجيه انتقادات لممثلي الادعاء وموظفي المحكمة وأفراد أسرهم. ومع ذلك، لم يتضمن الأمر ميرشان وأفراد عائلته. ولذلك، لم يُضع ترامب وقتا كبيرا في مهاجمة ميرشان وابنته علنا، مما يجعلهما عرضة للخطر.
ويرى أوبراين أن الأمر جلي بالنسبة للقضاة الذين يراقبون كل هذا وهو يتكشف أمامهم.
وقال القاضي ريجي والتون في مقابلة مع شبكة (سي إن إن) الأخبارية: "إنه أمر مقلق للغاية لأنني اعتقد أنه هجوم على سيادة القانون عندما يتعرض القضاة للتهديد، وخاصة عندما تكون أسرهم محل تهديد".
وخرج مايكل لوتيج، وهو قاض اتحادي سابق ورمز في الدوائر القانونية المحافظة، إلى وسائل التواصل الاجتماعي بنفسه بعد رؤية مقابلة والتون، حيث غرد: "تشهد الأمة نزع الشرعية بشك حازم عن كل من أجهزتها القضائية الاتحادية وعلى مستوى الولايات، والتفكيك المنهجي لنظام العدالة وسيادة القانون من قبل رجل واحد - الرئيس السابق للولايات المتحدة".
وهناك أيضا سجل حافل يمكن تمييزه بسهولة هنا، فقد حرض ترامب على العنف الذي اجتاح مبنى الكابيتول الأمريكي في 6 يناير 2021.كما رافقته نداءات العنف منذ اللحظة التي نزل فيها السلم المتحرك في برج ترامب عام 2015 للإعلان عن أول محاولة رئاسية ناجحة له. لقد كانت تلك السمات المميزة لتجمعاته وخطاباته ووجوده على وسائل التواصل الاجتماعي وفترة رئاسته.
ويميل ترامب ومحاموه إلى القول بأن الرئيس السابق يمارس فقط حقه بموجب التعديل الأول لحرية التعبير عندما ينتقد بايدن وغيره ممن هم أكثر عرضة للخطر. لكن حرية التعبير لا تحمي الدعوات إلى العنف أو التحريض على الأعمال الإجرامية.
ولأن "ترامب على وجه التحديد هو ترامب"، فإن المساءلة تكتسب أهمية. إنه يطمح إلى أن يكون في أقوى منصب في العالم، في نهاية المطاف، وستزداد الآثار السلبية للسماح له بتحويل القانون ليلائم مصالحه الشخصية مع اقترابه من العودة للمكتب البيضاوي. يجب أن يلتزم ترامب بمعايير أعلى، لا بمعايير أكثر تسامحا، لأنه رئيس سابق وقد يكون رئيسا مستقبليا. إن كلماته وأفعاله وتهديداته تحمل وزنا ضخما، غير عادي.
ويقول أوبراين إنه يجب على جهاز الخدمة السرية زيارة ترامب وسؤاله عما كان يقصد من وراء نشر مقطع فيديو يتسم بالتهديد عن بايدن، كما يفعل الجهاز مع أي مواطن آخر يفعل نفس الشيء.
ويجب على القاضي ميرشان إعادة النظر في أمر التزام الصمت وجعله أكثر صرامة. وإذا انتهكه ترامب مرة أخرى، فعليه أن يلقيه في السجن. وإذا شعرت المحكمة العليا برغبة في التحرك بشكل أسرع مما فعلت، فعليها أن تخبر ترامب أنه ليس محصنا إزاء سيادة القانون.
ويختم أوبراين تحليله بالقول إن على الناخبين مواصلة استيعاب كل هذا، وبصفة خاصة الجمهوريين الذين يقولون إنهم يقدرُون القانون والديمقراطية. ومهما كان الأمر مرهقا ومحبطا ومملا، يجب على الجميع أن يواصلوا متابعة ترامب عن كثب خلال الأشهر القادمة، والنظر إلى كل ما يقوم به على أنه بالفعل اعتداء على النسيج والأسس الأساسية للمجتمع المدني.
الجدير بالذكر، أن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب قدم امس ضمانة بقيمة 175 مليون دولار أمام القضاء الأميركي لتجنّب المصادرة القانونية لأصوله بعد الحكم عليه بغرامة قدرها 454 مليون دولار بتهمة الاحتيال المالي، وفقاً لوثيقة قضائية تمّ نشرها.
وكان أمام الرئيس السابق للولايات المتحدة، المرشّح للعودة إلى البيت الأبيض، مهلة حتى الخميس لتقديم هذه الضمانة التي تغطّيها شركة تأمين والتي تعادل وديعة، في هذه القضية المدنية التي استأنف فيها.
ويخضع ترامب للمحاكمة ابتداءً من 15 أبريل، ولكن بتهم جنائية هذه المرة، في قضية دفع أموال لإسكات نجمة الأفلام الإباحية ستورمي دانيالز في فترة حملته الانتخابية عام 2016، في سابقة تاريخية لرئيس أميركي سابق.
وكانت محكمة استئناف في نيويورك خفّفت الضغوط المالية على الملياردير الجمهوري قبل أسبوع، وذلك من خلال خفض الكفالة إلى 175 مليون دولار.
وقال المرشح الجمهوري للرئاسة في نوفمبر "أحترم بشدّة قرار محكمة الاستئناف وسأودع 175 مليون دولار... بسرعة كبيرة، خلال عشرة أيام".
وكان قد حُكم على دونالد ترامب في منتصف فبراير بدفع غرامة قدرها 454 مليون دولار مع ولديه إريك ودون جونيور، بتهمة الاحتيال المالي عبر إمبرطوريتهم العقارية "منظمة ترامب".
واتُهموا في إطار هذه المحاكمة بتضخيم أصولهم بشكل كبير طوال العقد الأول من القرن الـ21 للحصول على قروض أفضل من البنوك.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الرئیس السابق ملیون دولار ترامب على
إقرأ أيضاً:
عين ترامب على غرينلاند.. طموح تغذيه المصالح والثروات
من جهة يعد الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب بعالم أفضل، برفعه شعارات لا للحروب، وعزمه وقف كل ما هو مندلع منها، بدءاً من نيران أوكرانيا المشتعلة منذ قرابة 3 سنوات، وجحيم غزة، ومن جهة أخرى، يهدد ويتوعد بلغة ظاهرها هزل وباطنها جد بالسيطرة على جزيرة غيرينلاند وقناة بنما، وأكثر من ذلك بجعل كندا الولاية الأمريكية الـ51.
تلك التصريحات عكست بشكل جوهري كيف ستبدو سياسة ترامب الخارجية تجاه حلفاء الولايات المتحدة التقليدين سواء من كانوا في أوروبا أو حتى في أمريكا الشمالية، كما أظهرت طموحاته بشكل جلي، ومساعيه المتجددة لشراء غرينلاند من الدنمارك لما تعنيه من أهمية للمصالح الأمريكية، ولموقعها البارز، ولكونها مطمعاً تتسابق عليه روسيا والصين، ومنجم ثروات تسيل لعاب رئيس يمجد الصفقات، بحكم خلفيته المالية الشهيرة.
وفي الحقيقة، قطع ترامب وعده بشراء غرينلاند أول مرة في ولايته الأولى عام 2019، مغرياً الدنمارك التي كانت تعاني حينها من أزمة اقتصادية بصفقة عقارية خيالية، لكن مسعاه رُفض بشدة من الدولة الاسكندنافية، وفي عهده الثاني ظل حلم الجزيرة المعزولة ذات الكثافة السكانية المحدودة والثروات اللا محدودة يراود أحلام الرئيس العائد إلى البيت الأبيض والحالم بأمريكا أولاً، وفي هذه المرة سلك ترامب طريقاً آخر حين قال إن سيطرة الولايات المتحدة على الجزيرة يُعد أمراً ضرورياً للأمن القومي، فما هي أهمية غرينلاند لترامب، وأين تقع، وهل يمكن حقاً شرائها؟
أين تقعتقع غرينلاند في شمال المحيط الأطلسي بين أوروبا وأمريكا، وتفصلها عن الجزير الكندية مسافة 28 كيلومتراً فقط، وتبلغ مساحتها أكثر من 2.17 مليون كم مربع، وتغطي الثلوج 80% من أراضيها لوقوع معظمها داخل القطب الشمالي، وهي أكبر من المكسيك، وتتمتع الجزيرة بموقع استراتيجي يجذب أنظار منافسي الولايات المتحدة.
ورغم حجمها الهائل، إلا أن عدد سكانها لا يتجاوز الـ57 ألفاً فقط، وبينهم عربي واحد، ينحدر من أصول لبنانية، ويدعى وسام الزقير (أو الصغير).
ردا على ترامب.. تظاهرات في بنما والدنمارك ترفع سقف إنفاقها الدفاعي في غرينلاند https://t.co/zjO85LWQev pic.twitter.com/HeU4k6xsCw
— مونت كارلو الدولية / Monte Carlo Doualiya (@MC_Doualiya) December 25, 2024والجزيرة تقع جغرافياً داخل قارة أمريكا الشمالية، لكنها في الواقع جزء من أوروبا، إذ تعتبر منطقة ذاتية الحكم تابعة للدنمارك، وخضعت لحكم كوبنهاغن في أوائل القرن الـ18 أي قبل أكثر من 200 عام، ويمثلها في البرلمان الدنماركي نائبان فقط.
ثرواتهاوتزخر الجزيرة البيضاء النائية بالموارد الطبيعية، بما في ذلك المعادن الأرضية النادرة مثل النيوديميوم والديسبروسيوم، حسب الجمعية الملكية للكيمياء، إضافة لاحتوائها على الوقود الأحفوري.
وأكثر ما يميز الجزيرة ثلوجها الدائمة، وشروق الشمس النادر، الذي يتواصل فيها لشهرين متتالين من 25 مايو (أيار) إلى 25 يوليو (تموز)، وفقاً لوزارة الخارجية الدنماركية.
قناة بنما: غرينلاند والقناة ليستا للبيع.. لماذا يهدد ترامب بالاستيلاء عليهما؟ - BBC News عربي https://t.co/BoFXPRw8k7
— BBC News عربي (@BBCArabic) December 25, 2024 كم ستكلف؟يقول الدنماركيون ورئيس وزراء الجزيرة موتى إيجيدي، إن إراضيهم ليست للبيع، وهذا يجعل تخمين سعرها صعباً، لكن الخبراء يؤكدون أن الناتج المحلي الإجمالي لغرينلاند يبلغ أكثر 3.2 مليار دولار، كما أنها تتلقى إعانة سنوية تقدر بحوالي 600 مليون دولار من حكومة الدنمارك، وفق ما ذكره موقع الشرق.
وعلى سبيل المقارنة، فإن تكلفة شراء الولايات المتحدة لألاسكا من الإمبراطورية الروسية عام 1867 بلغت 7.2 مليون دولار، وهو ما يعادل حوالي 150 مليون دولار بالقيمة الحالية، وهي صفقة تُعتبر رابحة للغاية.
أهميتها لأمريكاتربط الجزيرة بين أمريكا وأوروبا وروسيا عبر القطب الشمالي، وتحتفظ الولايات المتحدة فيها بقاعدة بيتوفيك الفضائية. كما تحتل غرينلاند موقعاً استراتيجياً للتجارة حيث تسعى القوى العالمية إلى توسيع نطاقها في الدائرة القطبية الشمالية. وترى روسيا على وجه الخصوص، المنطقة كفرصة استراتيجية، وفق تقرير لـ"بي بي سي".
سوابقلم تقتصر طموحات ترامب التوسعية على غرينلاند وسبقت بتهديدات لإعادة قناة بنما الاستراتيجية إلى السيطرة الأمريكية، كما قال في مقترح ساخر وجهه إلى رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، إن الولايات المتحدة يمكن أن تضم كندا كولاية رقم 51.
قصة قناة بنما.. من روزفلت إلى تهديدات ترامب - موقع 24فتح ترامب جبهة جديدة قبل توليه الرئاسة رسمياً في 20 يناير (كانون الثاني) القادم، بتهديده استعادة السيطرة على قناة بنما المائية الحيوية والتي تربط المحيطين الهادئ بالأطلسي، لكن الحكومة البنمية ردت على لسان رئيسها بالرفض التام، مع التأكيد على أحقيتها المطلقة في السيطرة على أهم ممر تجاري في أمريكا ...لكن عرض ترامب لشراء غرينلاند ليس الأول من نوعه، وسبقه إليه الرئيس الأمريكي الراحل هاري ترومان حين طلب شراءها من الدنمارك لقاء 100 مليون دولار أمريكي.
وبالعودة إلى التاريخ، يجد أحدنا أن الولايات المتحدة قدرت من خلال صفقات مالية شراء أراض عديدة، على رأسها ألاسكا، كما اشترت أمريكا إقليم لويزيانا من فرنسا عام 1803 مقابل 15 مليون دولار أمريكي.
وهناك أيضاً سابقة مع الدنمارك، حيث باعت كوبنهاغن للولايات المتحدة جزر الهند الغربية التي تعرف الآن بجزر فيرجن الأمريكية عام 1917 لقاء 25 مليون دولار ذهبي.