محمد تقي العثماني: التجار أدخلوا الإسلام بلاد الهند والعلماء لهم دور في حفظه
تاريخ النشر: 2nd, April 2024 GMT
قال الدكتور محمد تقي العثماني، رئيس جامعة دار العلوم في باكستان، إن الإسلام حين دخل شبه الجزيرة الهندية لم يدخل من خلال الحرب أو الجماعات الدعوية وإنما من خلال التجار العرب الذين قدموا إليها للتجارة.
وتناول العثماني، في حلقة اليوم الثلاثاء (2024/4/2) من برنامج "الشريعة والحياة في رمضان"، تاريخ دخول الإسلام لشبه الجزيرة الهندية ودور علماء الهند في الدعوة للإسلام وحفظ العلوم الإسلامية واهتمام مسلمي باكستان والهند بقضايا المسلمين المختلفة.
وتحدث الدكتور العثماني عن تاريخ شبه القارة الهندية التي تحوي الآن دول باكستان والهند وبنغلاديش، وكيف أنها كانت في السابق مقسمة إلى قسمين شمالي عرف باسم السند وجنوبي والذي كان معروفا باسم الهند، وكان مواطنوها يعبدون الأصنام ولهم في ذلك مذاهب ومسالك مختلفة.
وذكر أن الإسلام دخل بداية إلى المنطقة الجنوبية والتي كانت تسمى الهند، حيث جاء بعض التجار المسلمين العرب للعمل وكسب الرزق، ولم يصلوا ضمن حملة عسكرية أو جماعة دعوية، لكن خلقهم الطيب وسيرتهم الزكية ومعاملاتهم الحسنة، دفعت أهل الأرض للميل إلى دين الإسلام والسؤال عنه ثم الدخول فيه.
بعدها، انتقل الإسلام بذات الطريقة إلى جزيرة سريلانكا التي كانت تسمى حينئذ سرنديب، حيث سكن فيها بعض التجار العرب وتأثر بهم أهلها ودخلوا الإسلام، حسب حديث رئيس جامعة دار العلوم في باكستان.
وأضاف أنه وأثناء عودة بعض العرب إلى بلادهم عبر البحر، حمل عليهم ملك السند، فكتبت امرأة من المسلمين رسالة للحجاج بن يوسف الثقفي الذي كان أميرا على البصرة وقتها، فبعث إليهم القائد محمد بن القاسم وفتحوا السند، ثم انتشر الإسلام فيها، وبعدها جاء ملوك من أفغانستان وفتحوا بلاد الهند.
دور التجارلكن الدكتور العثماني يؤكد أن انتشار دين الإسلام سبق ذلك من خلال دور التجار، الذين كانوا يعاملون غير المسلمين معاملة أخوية، ثم ما قام به العلماء بعدهم من دعوة خالصة بالموعظة الحسنة والحكمة، حتى أصبح المسلمون ثلث السكان في مجموع أراضي الهند والسند.
وأشار الدكتور العثماني إلى دور العلماء المؤثر في مواجهة موجات الاستعمار المتتابعة على القارة الهندية، بدءا من الاستعمار الهولندي ثم الفرنسي وأخيرا استعمار بريطانيا التي حكمت البلاد بكل وحشية وجبروت واستبداد وقتلت الأبرياء وصلبت من دعا إلى تحرير البلاد.
وتناول العلامة الباكستاني الدور الرائد لشبه القارة الهندية في حفظ علم الحديث النبوي، بعد ذكره لمحة تاريخية عن تنقله بين البلدان، حيث انتقل من الحجاز إلى الشام ثم العراق، وبعدها إلى بلاد ما وراء النهر (بخارى وسمرقند)، وفيها دوّنت الكتب الستة، الأمهات في علم الحديث.
ثم حين لحق الاستعمار الروسي هذه البلاد، انتقل علم الحديث إلى البلاد الهندية والتي لم تكن تعرف من الحديث شيئا، لكن الله قيّض علماء هذه المنطقة لحفظ الحديث ودراسته -حسب العثماني- ومنهم الشيخ علي المتقي الذي ألّف كتابه الشهير "منهج العمال في سنن الأقوال والأفعال".
وبعدها، ظهر محمد طاهر الذي ألّف "تذكرة الموضوعات" والذي جمع فيه أقوال العلماء والمحدثين في وضع الحديث أو ضعفه، ثم الشيخان عبد الحق الدهلوي وولي الله الدهلوي، والذي ظهر في عصر كانت العلوم الحديثية في الهند قد خمدت أنوارها، لذا عمل على تجديده في المنطقة.
وأشار الدكتور العثماني إلى أن ولي الله الدهلوي سافر إلى الحجاز وتتلمذ على الشيخ إبراهيم الكردي، وبعدها عاد بعلوم الحديث للهند وكان مرجعا في ذلك الزمان، فضلا عن أن علوم الحديث المنتشرة في باكستان وبنغلاديش والهند، يرجع الفضل بعد الله في انتشارها، إليه.
حفظ علم الحديثكما لفت إلى أن علماء الهند شرحوا كتب الأحاديث الستة شرحا واضحا ومعمقا، ومن ذلك شرح صحيح البخاري للشيخ محمد أنور، وكذلك شرح سنن الترمذي للشيخ عبد الرحمن المباركفوري، مضيفا أن الشيخ رشيد رضا حين زار الهند أبدى إعجابه بجهود هؤلاء العلماء في نشر علوم الحديث.
وسلط رئيس جامعة دار العلوم في باكستان، الضوء على خصوصية الواقع في بلاد الهند، والتي أثمرت اجتهادا خاصا حول قضايا مختلفة، خاصة في فترات الاستعمار الأجنبي، ومن ذلك اعتبار بلاد الهند في تلك المرحلة دار حرب وليست دار إسلام.
كما تناول الجهود المتميزة في أسلمة القوانين الوضعية، وأشار في هذا السياق إلى كتابات عدة له باللغات العربية والإنجليزية والأردية حول مرونة أحكام الشريعة والمساحات التي تركها الإسلام للتقنين حسب الظروف الزمانية والمكانية بشرط عدم مخالفة الأصول الشرعية.
وأشار الدكتور محمد تقي العثماني إلى عمله على مدونة تهدف لجمع كل ما روي عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بدرجاته المختلفة (صحيح وحسن وضعيف)، ظهر منها 18 مجلدا، وهو مستمر في إعدادها حيث من المتوقع أن تصل إلى 40 مجلدا.
وأكد العثماني أن المسلمين في شبه القارة الهندية دائما ما يهتمون بقضايا المسلمين والقضية الفلسطينية بشكل خاص، وللعلماء دور مهم في ذلك، مشيرا إلى أن المسلمين في باكستان والهند يدعمون إخوانهم في غزة عبر جمع المساعدات، لأنهم يعتبرون القضية الفلسطينية قضيتهم الأولى.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ ترجمات حريات فی باکستان علم الحدیث
إقرأ أيضاً:
تحديد موعد الهجوم الهندي على باكستان
وأوضح الوزير -في منشور على منصة إكس- أن الهند ستشن هذه الضربة العسكرية "متذرعة بواقعة بهلغام (في إقليم كشمير المتنازع عليه)".
وأضاف أن "أي عدوان سيُقابل برد حاسم. وستتحمل الهند المسؤولية الكاملة عن أي عواقب وخيمة في المنطقة".
وتأتي تصريحات الوزير الباكستاني بالتزامن مع تحركات عسكرية مستمرة منذ أيام على الحدود البرية بين الجارين النوويين، وتحذيرات من حرب وشيكة جديدة بينهما.
تحشيد وتصعيد عسكري
وأعلنت باكستان أمس إسقاط طائرة مسيرة هندية بإقليم كشمير، في وقت تستعد فيه لمقاضاة نيودلهي بعد تعليق معاهدة لتقاسم مياه نهر السند، عقب الهجوم المسلح في بهلغام الذي خلف قتلى وجرحى الأسبوع الماضي.
ولم تعلق الهند على هذا الأمر فورا، وقال جيشها إن القوات الباكستانية أطلقت النار مجددا من أسلحة خفيفة قرب خط المراقبة في كشمير، مؤكدا أن قواته ردت "بشكل منضبط وفعال" دون الإبلاغ عن ضحايا، بينما لم تؤكد إسلام آباد هذه الواقعة، رغم إفادة سكان على جانبها بسماع إطلاق نار.
وبالتزامن مع ذلك، أغلقت الهند أكثر من نصف المواقع السياحية بالجزء الخاضع لسيطرتها من إقليم كشمير بدءا من أمس، لتشديد الإجراءات الأمنية بعد الهجوم الذي استهدف سائحين الأسبوع الماضي.
وفي باكستان، قال وزير الدفاع خواجة محمد آصف أول أمس إن التوغل العسكري الهندي بات وشيكا، وسط تصاعد التوتر بين البلدين اللذين يمتلكان سلاحا نوويا.
وأكد آصف -في مقابلة مع وكالة رويترز- أن بلاده عززت قواتها تحسبا لتوغل هندي وشيك، مشيرا إلى اتخاذ قرارات إستراتيجية بهذا السياق.
واعتبر أن الخطاب الهندي أصبح أكثر تصعيدا، وأن جيش بلاده حذر الحكومة من احتمال توغل وشيك من جانب الهند، دون أن يكشف تفاصيل إضافية بشأن تقديره لقربه.
وقال آصف إن باكستان في حالة تأهب قصوى لكنها لن تستخدم ترسانتها النووية إلا إذا "كان هناك تهديد مباشر لوجودنا".
شرارة الأزمة
وفي 22 أبريل/نيسان الجاري، أطلق مسلحون النار على سياح في منطقة بهلغام التابعة لإقليم كشمير والخاضعة لإدارة الهند، مما أسفر عن مقتل 26 شخصا وإصابة آخرين.
وبعد الهجوم، قطع رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي زيارته الرسمية إلى السعودية وعاد إلى نيودلهي، ليعقد فور وصوله اجتماعا أمنيا رفيع المستوى مع كبار المسؤولين لتقييم الوضع.
وقال مسؤولون هنود إن منفذي الهجوم جاؤوا من باكستان، في حين اتهمت إسلام آباد الجانب الهندي بممارسة حملة تضليل ضدها.
وقررت الهند تعليق العمل بمعاهدة مياه نهر السند لتقاسم المياه، في أعقاب الهجوم، وطالبت الدبلوماسيين الباكستانيين في نيودلهي بمغادرة البلاد خلال أسبوع.
كما أوقفت الهند منح التأشيرات للمواطنين الباكستانيين، وألغت جميع التأشيرات الصادرة سابقا.
ومن جانبها، نفت إسلام آباد اتهامات نيودلهي، وقيّدت عدد الموظفين الدبلوماسيين الهنود في العاصمة، وأعلنت أنها ستعتبر أي تدخل في الأنهار خارج معاهدة مياه نهر السند عملا حربيا، وعلّقت كل التجارة مع الهند وأغلقت مجالها الجوي.
وألمحت حكومة إسلام آباد إلى أنها قد تعلّق اتفاقية شِملا الموقعة بعد حرب عام 1971 مع الهند، والتي أدت إلى إقامة خط السيطرة بين الطرفين.
وكانت جبهة المقاومة، وهي امتداد لجماعة لشكر طيبة (عسكر طيبة) المحظورة في باكستان، أعلنت مسؤوليتها عن الهجوم في بهلغام.
وكالات