بيانات العمل مُحبِطة ومتناقضة
تاريخ النشر: 2nd, April 2024 GMT
علي بن سالم كفيتان
تُوجد مئات الآلاف من فرص العمل حسب البيانات، ومع ذلك هناك زيادة مهولة في عدد الباحثين عن عمل، وفي البيان الأخير لمعالي وزير العمل وسعادة وكيل الوزارة، تمَّ الحديث عن أرقام كبيرة، وعبر المسؤولون بالوزارة عن ذلك بوجود أكثر من 100 ألف مواطن باحث عن عمل.
السياسات التي وضعتها الوزارة لم توفِّر الوظائف الكافية ولم تستطع حتى تثبيت الرقم، وظلت طوال أربع سنوات تبحث عن حجج مثل المستوى التعليمي المتدني، وقلة المهارات لدى الباحثين عن عمل، وعدم قبول الوظائف ذات الأجور المنخفضة، مع العلم بأنَّ الوزارة هي التي وضعت الحد الأدنى للأجور في الوقت الذي ما زالت فيه أكبر القطاعات تعج بالفرص ذات الدخول الجيدة؛ كقطاع النفط والغاز مثلًا؛ حيث لا زال الوافد يحظى بالأولوية والرعاية؛ سواء في الشركات الحكومية التي تُدير القطاع أو حتى الشركات التي تعمل معها، ونتوقع أن قطاع النفط والغاز قادر على استيعاب عدد كبير من القدرات الشابة المؤهلة غير المُستغلة، والمطلوب منها أن تعود لمهاراتها وهواياتها في أيام الصبا؛ فالشهادة الدراسية التي صرفت عليها الحكومة وأولياء الأمور الكثير، أصبحت مجرد ورقة تعترف أنك خضت تجربة تعليم طوال 22 عامًا بإشراف وزارة التربية والتعليم ثم وزارة التعليم العالي!
عندما نتحدث عن هذا الملف المُقلق، فنحن نعي أهميته وخطورته على المدى المنظور والمتوسط والبعيد، فليس مقبولًا أن تتجرد الجهات المعنية من مسؤولية التشغيل وتوفير الوظائف وتركها لسياسة العرض والطلب، كما يوصي البنك الدولي، فحتى أكبر الديمقراطيات في العالم ومن يملك ويتحكم في البنك الدولي وهي الولايات المتحدة الأمريكية يقاس أداء حكومتها من خلال توفير فرص العمل للمواطنين الأمريكيين، وعلى ضوء ذلك يُنتخب الرئيس الجديد لأمريكا.
ولو نظرنا إلى إحدى الشركات الكبرى على سبيل المثال في الدول غير البعيدة عنَّا، نجدها توظف 100 ألف شخص، وهذا الرقم يوازي اليوم حجم معضلتنا كدولة وقطاع خاص وسياسات واستراتيجيات لا تُفضي إلى حل. ومن هنا يجب أن نقيم مدى جديتنا لحلحلة ملف التشغيل بتصدر الحكومة للمشهد عبر توفير الفرص في الجهات الرسمية، على الأقل للأعداد الحالية من الشباب، الذين بلغ بعضهم سن الأربعين دون عمل، أو إيجاد استثمار حقيقي قابل للحياة يستطيع امتصاص أعداد الباحثين عن عمل.
الكل يشيد بالسياسة الحكيمة لمولانا جلالة السلطان المعظم -أيده الله- في تخطي الأزمة المالية الخانقة بعد الجائحة والركود الاقتصادي، والناظر اليوم لمُعطيات النمو الاقتصادي يرى تحسنًا ملحوظًا بحمد الله، كما تشير إحصائيات المركز الوطني للإحصاء والمعلومات إلى توفر فرص عمل بمئات الآلاف، أي أن هناك نموًا في الوظائف والمؤشر الاقتصادي للبلد.
السؤال الذي يفرض نفسه هنا: لماذا لم ينعكس ذلك على خفض أعداد الباحثين عن عمل؟ لا بُد من الإجابة على هذا التساؤل وليس التهرب منه والتحجج بالمستوى التعليمي للمخرجات أو قلة مهاراتهم أو عدم قبولهم بالوظائف منخفضة الدخل، فلو نظرنا للإحصائيات بتمعنٍ نجد ما يقرب من 70 ألف وظيفة مُجزية رواتبها تتعدى 700 ريال، وبإمكان العُمانيين شغلها بسهولة، لو كانت هناك جدية من وزارة العمل في الضغط على مؤسسات القطاع الخاص، وبعض هذه الوظائف في تخصصات إدارية، ما يعني فتح المجال لخريجي الإدارة والاقتصاد والقانون والحصول على العديد من الفرص في هذه الشركات. وهنا نطرح تساؤلًا آخر: لماذا لا تمتلك وزارة العمل المُمكِّنات لإلزام تلك الشركات بتوظيف العمانيين في هذه الوظائف؟
عندما نطرح هذا الموضوع بشكل متكرر، فهذا نابع من وعينا بتبعاته غير الحميدة على الوطن، وننظر بعناية للفاتورة الكبيرة التي سيتم دفعها من جانب آخر، فالمسألة ليست عرضا وطلبا؛ بل لها انعكاسات خطيرة تعيها الجهات الأمنية في البلد، مثل اللجوء لكسب المال عبر الاحتيال أو تجارة الممنوعات أو التهريب أو السرقات أو الإلحاد أو الانتحار لا قدر الله، أو حتى الوقوع فرائس لمنظمات عالمية تنشط بشكل متسارع في منطقتنا، التي أصبحت بؤرة للصراعات والحروب المدفوعة من أطراف تسعى لزعزعة الأمن والاستقرار في بلادنا التي حماها الله من شرور الوقوع في الفتن، ولهذا يجب علينا النظر لملف التشغيل بأهمية بالغة.
*****
مقترح
توجد لدينا في عُمان حوالي 2000 مدرسة حكومية وخاصة، فماذا لو استحدثنا وظيفة أخصائي قانوني لكل مدرسة لتوعية الطلاب منذ نعومة أظفارهم بحقوقهم وواجباتهم، وهذه الخطوة ستُولِّد 2000 فرصة لها مردود كبير على المجتمع، وتتوافق مع تطلعات اللجنة العُمانية لحقوق الإنسان ومع أهداف الألفية للتنمية 2030.
حفظ الله بلادي.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
هل ابتلاع بقايا الطعام التي بين الأسنان يفسد الصيام؟.. الإفتاء تجيب
تلقت دار الافتاء المصرية سؤالا مضمونه: "ما أثر ابتلاع بقايا الطعام التي بين الأسنان على الصيام؟ فهناك رجلٌ نوى الصيام، وبعد أن تسحَّر وجد بقايا طعامٍ قليلةً بين أسنانه، فغسل فمه وأسنانه ما استطاع، لكن بقي شيء يسير من تلك البقايا بين أسنانه، وفي أثناء النهار تحلَّلَت وجَرَت مع الرِّيق من غير قصدٍ منه لابتلاعها، فهل يفسد بذلك صومه؟.
وأجابت دار الافتاء عبر موقعها الرسمى عن السؤال قائلة: ان الشريعة الإسلامية مبنية على التيسير ورفع الحرج عن المكلَّفين، رعايةً لحالهم، وتحقيقًا لمصالحهم، وممَّا يدلُّ على ذلك قول الله تعالى في كتابه العزيز: ﴿يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾ [البقرة: 185]، وقوله عَزَّ وَجَلَّ: ﴿يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا﴾ [النساء: 28].
ومن مظاهر التيسير ورفع الحرج عن المكلَّفين أنْ سَلَكَت الشَّريعة الغرَّاء مسلك "العفو في الصِّيام عمَّا يعسُر الاحتراز منه من المُفطرات"، كما في "الموافقات" للإمام الشَّاطِبِي (4/ 58، ط. دار ابن عفان).
وكشفت عن ان ما يبتلعه الصَّائم من بقايا الطَّعام التي بين أسنانه لا يخلو من إحدى حالتين:
الأولى: أن يكون قليلًا جدًّا بحيث لا يتمكن الصائمُ من مَجِّه وإخراجه من الفم.
والثانية: أن يكون كثيرًا بحيث يستطيع الصائمُ تمييزَه والاحترازَ عنه بمَجِّه وإخراجه من فمه.
فإذا كان بقايا الطعام قليل بحيث لا يستطيع الصائمُ الاحترازَ عنه وإخراجَه من فمه، حيث يسبق إلى جوفه من غير قصد له إليه، فلا يفطر الصائم بها إجماعًا؛ لعُسر الاحتراز، وقد قال الله تعالى: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾ [البقرة: 286]، و﴿يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾ [البقرة: 185.وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» أخرجه الشيخان في "صحيحيهما" من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
وأضافت قائلة اما ان كانت تلك البقايا من الطعام كثيرةً يمكنه إخراجها من فمه وعدم ابتلاعها وَجَب عليه ذلك، ويفطر متى ابتلعها عمدًا.
ووجهت كلامها للسائل قائل: انه بناء على السؤال لا يفسد صوم الرجل المذكور بجريان ريقه بشيء يسيرٍ من بقايا الطَّعام من غير قصدٍ منه لابتلاعها.