المؤلف: د. هيثم مزاحم

الناشر: دار الرافدين – بيروت – طبعة أولى - 2017

 

يحاول الباحث اللبناني هيثم مزاحم في كتابه "لماذا تحدث الثورات؟"، دراسة الثورات وتشريح أسبابها، انطلاقاً من قراءة أهم الثورات العالمية وتحليل ظروفها والدوافع التي أدت إليها، في محاولة لفهم لماذا وكيف تحدث الثورات، وذلك من خلال معرفة القواسم المشتركة للثورات من جهة، ومعرفة الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها الشعوب الثائرة قبل الثورة من جهة أخرى.

ولعل أبرز هذه الأعمال التي درسها الكاتب هي دراسة الفيلسوفة الأميركية – الألمانية حنّة أرندت عن الثورة المعنونة "في الثورة")1)، ودراسة الباحث الأميركي كرين برينتن المعنوّن "تشريح الثورة"(2)، ودراسة المؤرخ البريطاني إريك هوبزباوم "عصر الثورة: أوروبا(1789– 1848)"(3)، وآراء المؤرخ الفرنسي ألكسي دو توكفيل في كتابه "النظام القديم والثورة"(4)، إضافة إلى كتابات أخرى عن الثورات الفرنسية والأميركية والروسية والإيرانية والعربية.  


 

حنّة أرندت ونظرية الثورة

حنّة أرندت تحدثت عن الثورة بشكل عام، عن ماهيتها وأفكارها ونتائجها، وعن الثورة الفرنسية والأميركية والفرق بينهما. ونظرت في المبادئ التي تقع في أساس الثورات جميعها بدءاً من الأمثلة الكبرى الأولى في أميركا وفرنسا، مروراً بكيفية تطوّر نظرية الثورة وممارستها.  

في معنى "الثورة" Revolution

كلمة ثورة كانت تعني في الأصل أمراً مختلفاً باللغتين العربية واللاتينية. فمصدر كلمة "ثورة" في اللغة العربية هو فعل (ثار – يثور) ومعناه غضب وهاج. فقد استخدم العرب كلمة ثورة بمعنى الغضب والهياج(5)، ولم تستخدم الكلمة كمصطلح سياسي واجتماعي بمعنى التغيير الجذري والانقلاب والتمرد وتغيير النظام إلا في العصر الحديث. واستخدم العرب سابقاً كلمة خروج للتعبير عن التمرد أو الثورة على الحاكم والنظام.

أما استخدام كلمة ثورة باللغة اللاتينية Revolution كمصطلح سياسي واجتماعي وعلمي بمعنى التغيير الجذري والتحوّل فهو حديث أيضاً. أصل الكلمة نشأ في علم الفلك. وكانت كلمة ثورة Revolution مصطلحاً فلكياً استخدمه العالم الفلكي نيكولاس كوبرنيكوس. فالكلمة كانت تشير إلى حركة دائرية متكررة، أي إلى دورات الكواكب التي لا يُمكن تغييرها أو تبديلها أو حتى التأثير عليها. وعندما نقلت الكلمة إلى المجال السياسي، كان معناها تعاقب الحكومات والدول في دورة لا يُمكن للبشر تبديلها وتغييرها (6).

مصطلح الثورة

لا بدّ من العودة إلى اللحظة الأولى التي استخدمت فيه كلمة "ثورة" بهذا الاسم. في 14 تموز / يوليو 1789 سقط سجن الباستيل في باريس. وحين سمع الملك الفرنسي لويس السادس عشر من رسوله ليانكورت بسقوط الباستيل وتحرير بضعة سجناء منه، وتمرد القوات الملكية قبل وقوع الهجوم الشعبي، قال الملك في وجه رسوله "إنه تمرد"، فصححه ليانكورت قائلاً: "كلا يا صاحب الجلالة، إنها ثورة!"، إذ اعتُبرت الثورة، كسيل، كتيار جارف، كأمر لا يقاوم(7).

في تعريف الثورة

ليس ثمة تعريف واحد للثورة. يقول المؤرخ الأميركي كرين برينتن في كتابه "تشريح الثورة" إن الثورة من الكلمات التي تتصف بالغموض، وقائمة الأحداث والأفعال المرتبطة بهذه الكلمة غير محدودة، فهناك الثورة الفرنسية الكبرى، والثورة الأميركية، والثورة الصناعية، والثورة في هاييتي، وثورة اجتماعية، وثورة السود في أميركا، وثورة في تفكيرنا، وثورة في صناعة السيارات الخ... أي أن كلمة الثورة صارت مرادفاً لكلمة "تغيير" ربما مع الإيحاء بأن هذا التغيير مفاجئ أو لافت للنظر (8).

ويعرّف برينتن الثورة بالاستبدال المفاجئ والعنيف للفئة الحاكمة التي تتولى إدارة النظام السياسي بفئة أخرى لم يكن لها نصيب أنذاك من إدارة الدولة والحكم، وذلك عبر انتفاضة عنيفة أو انقلاب أو عصيان مسلح أو نوع آخر من الخيانة (9).

الباحث آرثر باور عرّف الثورات في بداية القرن العشرين بأنها المساعي الناجحة أو غير الناجحة التي تهدف إلى إيجاد تغييرات في بنية المجتمع من طريق استخدام القوة والعنف (10).

يرى المؤلف مزاحم أن التعريف الذي يتبناه علم الاجتماع لمصطلح الثورة هو أنها تغيير جذري أساسي وعميق في المجتمع وبناه الاجتماعية، خصوصاً حين يكون فجائياً ومصحوباً بالعنف. أما التعريف السياسي التاريخي فهو أن الثورة تعني تغيير النظام السياسي الحاكم ورموزه. وإذا جمعنا بين التعريفين فيمكن - بحسب مزاحم - الخروج بتعريف أشمل هو: الثورة تغيير جذري غير سلمي للنظام السياسي ورموزه وبناه السياسية والاجتماعية، وربما الاقتصادية والثقافية والدينية، وهذا التغيير يكون عادة فجائياً ومصحوباً بالعنف.

وفي مدخل "ثورة" في الترجمة العربية ﻟ"معجم الماركسية النقدي"، نقرأ، نقلاً عن أعمال كارل ماركس وإنجلس الكاملة: "كل ثورة تلغي المجتمع القديم [...] ثورة اجتماعية، وكل ثورة تلغي السلطة القديمة [...] ثورة سياسية". يصف ماركس الثورة السياسية بأنها العنف المفاجئ الذي يولّد المجتمع الجديد من رحم المجتمع القديم (11).

الحرية والتحرّر

المفهوم الحديث للثورة، بحسب حنة أرندت، يرتبط "ارتباطاً لا انفصام له بالفكرة التي تقول إن مسار التاريخ قد بدأ من جديد فجأة، وبأن قصة جديدة تماماً، قصة لم تروَ سابقاً ولم تُعرف قط، هي على وشك أن تظهر". هذا المفهوم لم يكن معروفاً قبل اندلاع الثورتين الفرنسية والأميركية في نهاية القرن الثامن عشر. أما عقدة هذه الحكاية الجديدة فهو ظهور الحرية. وقد عبّر عن ذلك أحد منظري الثورة الفرنسية، جان أنطوان نيكولا دو كاريتا كوندورسيه، بقوله: إن كلمة ثورة "لا تنطبق إلا على الثورات التي يكون هدفها الحرية" (12).

وتميّز أرندت بين "الحرية" و"التحرر". فهما ليسا مثل بعضهما. فالتحرّر  (liberty) قد يكون هو شرط الحرية  (Freedom)، ولكنه لا يقود إليها آلياً.. فحتى النية بالتحرّر لا تتشابه مع الرغبة في الحرية (13).

والحرية المقصودة هي الحرية السياسية، وهي ما قصده كوندورسيه والثوريون الفرنسيون حين زعموا أن الثورة تهدف إلى الحرية وأن مولد الحرية شكّل بداية لحكاية جديدة تماماً، فعلينا أن نلاحظ أولاً أنهم ما كان بوسعهم أن يفكروا فقط بتلك الحريات التي نربطها اليوم بالحكومة الدستورية، وهي الحريات التي تدعى الحقوق المدنية (14).

هذه الحرية هي حصيلة الحقوق الأساسية الثلاثة، التي منها تتفرع كل الحقوق: الحياة، الحرية، الملكية. وأغلب الثورات جاءت من أجل استرداد هذه الحقوق، والاسترداد هنا يأتي بمعنى أنها حقوق تولد مع المرء. فالحرية لا تعني سوى التحرّر من الكبح الذي لا مبرّر له، أي القدرة على التنقل والتجمع للمطالبة بالحقوق، والتحرّر من الحاجة والخوف. إن كل هذه الحريات هي نتائج للتحرّر، لكنها ليست المحتوى الحقيقي للحرية، والذي هو المشاركة في الشؤون العامة أو الدخول في الميدان العام. والثورة هدفت إلى ضمان الحقوق المدنية وكذلك إلى التحرّر من الحكومات التي تجاوزت سلطاتها وانتهكت الحقوق القديمة والثابتة. إذاً التحرّر (Liberty) هو استعادة الحقوق الأساسية الثلاث، الحياة والحرية والملكية، بينما الحرية (freedom)، هي المشاركة في الشؤون العامة، أي في العمل العام والميدان السياسي. (15)

والثورة تشتعل شرارتها الأولى بالعنف. ولكن العنف لا يكفي لوصف ظاهرة الثورة، وإنما التغيير هو الوصف الأجدر بها؛ ولا يمكننا الحديث عن الثورة إلا عندما يحدث التغيير ويكون بمعنى بداية جديدة، وإلا حين يستخدم العنف لتكوين شكل مختلف للحكومة لتأليف كيان سياسي جديد، وإلا حين يهدف التحرّر من الاضطهاد إلى تكوين الحرية (16).

كرين برينتن وتشريح الثورة

كتب الباحث والمؤرخ الأميركي كرين برينتن كتاب "تشريح الثورة" عام 1938 وقام بتوسيعه عام 1964. وحاول فيه تأسيس نمط تتبعه معظم الثورات. وقد جمع المعلومات من أربع ثورات كبرى: الثورة الأميركية، الثورة الفرنسية، الثورة الروسية البلشفية، والحرب الأهلية في إنكلترا.

يحلّل المؤلف ميول مجتمع يسبق ثورة كبرى، وهو يرى أن هذا المجتمع يجمع عادة بين التوترات الاجتماعية والسياسية بسبب التدهور التدريجي لقِيَم المجتمع. إن فكرته عن الثورة هي أنها عملية قلب السلطة مما يؤدي إلى تولّي المتطرفين السلطة ثم تهدأ الأمور. وقد شبّه الثورة بحمى ترتفع بسبب شكاوى أفراد شعب ما. ومن أعراض هذه الحمى انهيار هيكل السلطة. تستعر الحمى ثم يصبح واضحاً أن الناس لا يتحمّلون تلك الحمى وتحلّ سلطة أفضل محلّ هذا الاهتياج ويصبح الشعب أسعد. فكرة برينتن عن الثورة هي أنها في الحقيقة جدول معيّن للأحداث يفترض أنها تحدث وتُظهر التغيير. لكن هذا التغيير منظّم وسلمي وتدريجي. فالمجتمع الأميركي مستقر وسط مجتمعات تشهد تغييراً ثورياً، لأن الأميركيين يخافون قليلاً من الثورات ويتمسكون بشعار القرن التاسع عشر "تطور وليس ثورة" (17).

وضع برينتن أربع مراحل تمر بها الثورة كما يلي (18):

المرحلة الأولى التمهيدية، وأبرز خصائصها: التنافر الطبقي، والحاكم غير الكفؤ، ونقل المفكرين للولاء، وفشل استخدام القوة ضد الثورة.

وأعراض الثورة تتمثل في أن الطبقة الوسطى هي القوة الدافعة وراء الثورة وأنها تعبّر بصوت عالٍ عن سخطها بسبب قيود اقتصادية معيّنة تفرضها الحكومة عليها. وتكون الحكومة حينها غير كفوءة إطلاقاً. وتنهار البيروقراطية ولا تتمكن من إدارة البلاد على نحو فعّال. وقد يكون السبب وجود حاكم أخرق أو نقص مالي مزمن في الحكومة. وأخيراً يعاني الحزب الحاكم من تخلّي المثقفين عنه، وهم الذين يعتبرون ضمير المجتمع.

المرحلة الثانية، "حدوث الثورة نفسها"، وتتميّز بخصائص يحددها برينتن في: الانهيار المالي، وزيادة الاحتجاجات ضد الحكم، والأحداث المثيرة، واستيلاء المعتدلين على السلطة، وفترة شهر العسل. ويصف هذه المرحلة بـ"الحمى الصاعدة" والمتمثّلة في تصاعد سخط الطبقة الوسطى، حيث يثور الشعب وتتوّج ثورته بمعركة، مثل اجتياح سجن الباستيل في الثورة الفرنسية. وينهار الهيكل الحكومي تحت ضغط الديون المالية والانتفاضة الشعبية، ثم يشكّل المعتدلون أو الوسط السياسي حكومة جديدة. غير أن الحكومة المعتدلة الجديدة تظهر أنها غير قادرة على الصمود في وجه مشاكل إدارة الدولة والأزمة الاقتصادية ووضع دستور جديد وغير ذلك.

المرحلة الثالثة، وتسمى مرحلة الأزمة، وخصائصها: تولّي المتطرّفين السيطرة، وإبعاد المعتدلين عن السلطة، والحرب الأهلية، والحرب الخارجية، وتركيز القوة في مجلس ثوري يسيطر عليه رجل قوي. وتبلغ الثورة الذروة عندما يصبح المعتدلون عاجزين عن أداء مهمة حكم البلاد، ويطيح بهم المتطرفون بالقوة. كما تتورط الحكومة الجديدة عادة في حرب خارجية في محاولتها نشر مبادئ الثورة. كما تبدأ الثورة بفقد زخمها ولا يعود الشعب يساندها إلا خوفاً من التطهير.

في كل المجتمعات الأربعة التي درســها برينتن، شهدت السنوات التي سبقت نشوب الثورة مشاكل اقتصادية أو مالية خطيرة من نوع خاص. في عام 1789 عجّلت الدعوة إلى اجتماع الطبقات الثلاث في فرنسا بالثورة والتي أصبحت محتمة بسبب وضع الحكومة المالي السيء. وشهدت روسيا، في عهد القيصر قبل الثورة، الانهيار الشامل في كل مجالات النشاط الاجتماعي. وكان ارتفاع الأسعار وندرة المواد عاملين بارزين في التوتر عام 1917 (19).  

ويرى برينتن أنه في كل تلك المجتمعات كانت الحكومة هي التي تواجه مشاكل مالية وليس المجتمعات نفسها. فلم تنشب ثورات مع اقتصاديات متدهورة أو في مجتمعات تشهد بؤساً أو كساداً اقتصادياً واسع الانتشار وطويل الأمد. ولن نجد في أي من مجتمعات العهد البائد أي شيء يشبه الأزمة الاقتصادية الواسعة النطاق.. لكن الرجال الذين صنعوا الثورة الفرنسية لا بدّ أنهم عانوا كثيراً من الحرمان الاقتصادي، وربما دفع ارتفاع الأسعار الناس من الفقراء ومتوسطي الحال إلى الثورة (20).

في المستعمرات في الولايات المتحدة الأميركية، كان هناك ضيق وضغوط اقتصادية، ولكن لم تكن هناك طبقة مسحوقة تنوء في الفقر.. وحتى في روسيا عام 1917، باستثناء الانهيار المروّع للجهاز الحكومي بتأثير الحرب، فإن القوة الإنتاجية للمجتمع عموماً كانت بالتأكيد أكبر من أي وقت سابق في تاريخ روسيا. ويرى بيرنتن أن العوز الاقتصادي ليس من العلامات على الثورة التي تحتاج إلى إمعان النظر فيها. ويستشهد بقول تروتسكي: "إن مجرد وجود الفاقة لا يكفي لإحداث عصيان مسلّح. ولو كان الأمر كذك لكانت الجماهير دوماً في تمرد"  (21).

عدم كفاءة الحكم

كانت الحكومات في المجتمعات الأربعة التي درسها برينتن غير كفوءة نسبياً ونفد نبسياً صبر المحكومين (22).

المراحل الأولى من الثورة

المراحل الأولى التي سبقت اندلاع الثورة شهدت تصعيداً للاحتجاجات ضد طغيان الحكومة وسيلاً من المنشورات والمسرحيات والخطب وتفجّر النشاط من جانب مجموعات الضغط المعيّنة. الحكومة فشلت في قمع المعارضة لأنها كانت قوية وفعّالة ومصممة فيما كانت الحكومة تفتقد الحماسة والفعالية بل إن المعارضة كسبت أكثر من نصف وكلاء الحكومة. بدأت الثورة الروسية بحدث واحد هو أعمال شغب في بتروغراد في مارس/ آذار 1917. وأبرز التاريخ أحداثاً مثيرة كالقتال في كونكورد في أميركا، وسقوط الباستيل في فرنسا، بوصفها بدايات الثورة. لكن لم يثق الثوريون دائماً من تحويل الهيجان الثوري إلى ثورة، ولم يكن الانتقال من الهيجان إلى العمل أمراً فجائياً ومحدداً في الثورات الأربع  (23).

التلقائية أم التخطيط؟

ثمة فروق لافتة للنظر في التخطيط المسبق للخطوات الأولى في الثورات الأربع. اندلعت الثورة الإنجليزية في إحدى أقدم الهيئات البرلمانية وأرسخها. ونشبت الثورة الأميركية بشكل رئيسي في نيو إيغلاند بين ناس تعوّدوا على اجتماعات مجالس المدن والمستعمرات. وتطوّرت الثورة الفرنسية من اجتماعات هيئة تشريعية بلا سوابق. وبدأت الثورة الروسية في أعمال شغب في شوارع العاصمة واستمرت من دون الاستفادة من أية هيئة برلمانية. وثمة فروق بين الثورات الأربع في الشخصية وفروق في الوقت والمكان. غير أن الأهم – بحسب برينتن – هو وجود اتساقات في الثورات الأربع، ذات صلة بالمسار الكلّي للحركات الثورية. فالحكومات القائمة في جميع المجتمعات الأربعة حاولت جمع الأموال من الناس الذين رفضوا الدفع. وبدأت ثلاث ثورات من أصل أربع منها بين من عارضوا ضرائب معيّنة ونظّموا احتجاجات ضدها ووصلوا أخيراً إلى نقطة الهيجان من أجل إسقاط الحكومة القائمة واستبدالها.

ثمة اتساق ثانٍ: الأحداث في المرحلة الأولى للثورة تُبرز نتيجة السخط ضد النظام القديم، طرفين في حالة تعارض واضح وينجم عنف أولي عن ذلك. وينتصر فريق الثورةعلى فريق النظام القديم في نهاية المراحل الأولى. كتب تروتسكي، أحد قادة الثورة البلشفية في روسيا، أن لا أحد خطط أو توقع الثورة عندما نشبت، وأنها تطوّرت من البيانات الاشتراكية العادية وأعمال شغب بسيطة تتعلق بالخبز (24).

دور القوة في الثورة

ثمة اتساق يمكن تمييزه في المراحل الأولى من الثورات الأربعة. فلم تسقط أية حكومة أمام الثوار المهاجمين إلا بعد فقدها السيطرة على القوات المسلحة أو فقدها القدرة على استخدامها على نحو فعّال أو فقدها السيطرة على تلك القوات بسبب تدخل قوات أجنبية أقوى. ولم ينجح أي من الثوريين في ثوراتهم إلى أن أصبحت القوة المسلحة الفعالة إلى جانبهم (25).  

*************

الهوامش:

1 -حنّة أرندت، في الثورة، ترجمة: عطا عبد الوهاب الناشر، المنظمة العربية للترجمة – بيروت، الطبعة الأولى – 2008.

2 -كرين برينتن، تشريح الثورة، ترجمة: سمير عبد الرحيم الجلبي، دار الفارابي - بيروت- وهيئة أبوظبي للثقافة والتراث  (كلمة) - الطبعة الأولى- 2009

3 -إريك هوبزباوم، عصر الثورة في أوروبا (1789- 1848)، ترجمة: فايز الصيّاغ، المنظمة العربية للترجمة - طبعة أولى، بيروت، 2007.

4- Alexis de Tocqueville, L'Ancien Régime et la Révolution,  (Flammarion, Paris, 1988)

5- أنظر: ابن منظور، أبو الفضل جمال الدين، لسان العرب، ج 3، د.ط، دار صادر، بيروت، لبنان.

6 -حنة أرندت، مصدر سابق، ص 66.

7 المصدر نفسه، الصفحات  57- 66.

8 - كرين برينتنن، تشريح الثورة، مصدر سبق ذكره، ص 23.

9- برينتن، ص 24؛ أنظر أيضاً: Crane Brinton, The Anatomy of Revolution, Vintage Books, New York, 1955, p.4.

10-تشارلمز جونسن، التحوّل الثوري: دراسة نظرية لظاهرة الثورة، نقلاً عن منوجهر محمدي، الثورة الإسلامية في إيران مقارنة بالثورتين الفرنسية والروسية، تعريب: حيدر نجف، دار المعارف الحكمية، بيروت، طبعة أولى، 2010، ص 20.

11  - فرانسواز ميلونيز، مقدمة كتاب أليكسي دو توكفيل، النظام القديم والثورة؛ وأنظر أيضاً: محمد الحمامصي، خليل كلفت يترجم "النظام القديم والثورة الفرنسية" ، موقع إيلاف الالكتروني، الخميس 1 سبتمبر 2011 ، الرابط الالكتروني:

http://www.elaph.com/Web/Culture/2011/9/679971.html

12- أرندت، مصدر سابق، ص 38.

13 -المصدر نفسه، ص 38 – 39.

14-المصدر نفسه، ص 42.

15- المصدر نفسه، ص 40 – 44.

16-المصدر نفسه، ص 47.

17-كرين برينتن، مصدر سابق، ص 26.

18- المصدر نفسه، مقدمة المترجم ص 8 -10.

19- المصدر نفسه، ص 51- 52.

20- المصدر نفسه، ص 52 – 53.

21- المصدر نفسه، ص 54 –60.

22- المصدر نفسه، ص 61 – 65.

23- المصدر نفسه، الصفحات 66 –110.

24- المصدر نفسه، ص 114 – 127.

25-المصدر نفسه، ص 118 – 128.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

«الحرية المصري»: عودة التصنيع بشركة النصر بارقة أمل لتوسيع الإنتاج المحلي

ثمن حزب الحرية المصري، إعادة تشغيل وبدء الإنتاج بمصنع الأوتوبيسات الخاص بشركة النصر، بعد توقفها منذ نحو 15 عاما، مؤكدًا أن عودة التصنيع بالشركة مرة أخرى يعد بارقة أمل كبيرة لعودة الصناعات المصرية، وفتح أبواب العمل والعودة إلى تطلعات الاكتفاء الذاتي من الاحتياجات بل وتصدير المنتجات عالية الجودة.

وقال النائب أحمد مهني، نائب رئيس حزب الحرية المصري والأمين العام وعضو مجلس النواب، في بيان له، إن أعمال التطوير الجارية بالشركة، أمر في غاية  الأهمية حيث إن التطوير ومواكبة العصر يساهم في إصدار منتج محلي عالي الجودة، خاصة وأن استهداف الوزارة لاستغلال جميع مصانعها وإدخالها في دورة الإنتاج، والاستثمار في بعض الصناعات المغذية للنمو وتعميق الصناعة، يؤكد أن الأمر يسير وفق دراسة واضحة ندعمها ونتمنى لها النجاح.

وأضاف عضو مجلس النواب، أن شركة النصر لها تاريخ كبير في هذا المجال ومحاولات مزج الخبرات مع الفكر الحديث سيجعل هناك تطور كبير في الإنتاج، مشيرًا إلى أن الشركة أكدت على تنويع المنتجات لتشمل النقل الخفيف، وسيارات الجولف، والتوك توك الكهربائي، ما يلبي احتياجات الجميع ويجعلها منافس أصيل في السوق المصرية.

وتابع عضو مجلس النواب، أن النهوض بالصناعة الوطنية، كان من بين مطالبنا للحكومة الجديدة، وتنفيذ هذه الخطوة يؤكد أن الحكومة تسير على الطريق الصحيح، ونأمل في تحقيق المزيد من النجاح والتقدم بهذا المجال.

مقالات مشابهة

  • «الحرية المصري»: عودة التصنيع بشركة النصر بارقة أمل لتوسيع الإنتاج المحلي
  • حدود الحرية في قانون الإعلام الجديد!
  • الحديث القدسي: لماذا حرّم الله الظلم على نفسه؟
  • الحرية بعد عقود: القضاء الفرنسي يفرج عن السجين اللبناني الأشهر في العالم
  • من خزائن القصور إلى مزادات جنيف.. قلادة ماري أنطوانيت التي أشعلت الثورة تباع لشخص غامض!
  • شلقم: أخطر الحروب هي التي يشنها الشعب على نفسه
  • أهوال غزة تحدث الآن في لبنان.. متحدث اليونيسيف يكشف
  • بنك الخرطوم ينقل بشريات لعملاءه
  • توم مارتن: الإفراج المشروط عن جورج عبد الله خطوة أولى نحو الحرية
  • اتحاد ملاك الإيجارات القديمة يكشف عدد الشقق التي تدور حولها الخلافات