هسبريس: الرئاسي لا يمكنه توجيه ليبيا لمنظومة جديدة اقترحها تبون بخلاف الاتحاد المغاربي
تاريخ النشر: 2nd, April 2024 GMT
ليبيا – تناول تقرير تحليلي نشرته صحيفة “هسبريس” المغربية الناطقة بالإنجليزية تصريحات الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون بشأن نية إنشاء كيان مغاربي جديد.
التقرير الذي تابعته وترجمته صحيفة المرصد نقل عن سياسيين ليبيين تمسكهم بالاتحاد المغاربي بصورته الخماسية الحالية وعدم الحاجة لما دعا إليه تبون من كيان ثلاثي جديد يضم بلاده إلى جانب تونس وليبيا مع تأكيدهم على وجوب العمل على توحيد الجهود لتفعيل مؤسسات وهياكل هذا التكتل الإقليمي.
ووفقًا للتقرير عبر وزير الخارجية المكلف في حكومة الاستقرار عبد الهادي الحويج عن وجهة نظره قائلًا:” إن المغرب العربي ليس بحاجة لإنشاء كيانات جديدة فلدينا مؤسسات قائمة ومستقرة ولا نحتاج إلا لتفعيل عملها وتقويتها ما يتطلب رفع مستوى الشراكة بين الدول لصالح الشعوب المغاربية والعربية والإفريقية”.
وأضاف الحويج قائلًا:” ليبيا تترأس اليوم الاتحاد المغاربي وتتمسك بهذا الخيار وتريد تعزيز التعاون المشترك بين دول المغرب العربي التي لا يزال حجم تجارتها ضعيفًا مقارنة بالكتل الإقليمية الأخرى فنحن نعيش في فضاء مغاربي واحد وما نحتاجه اليوم هو التفكير مصلحة شعوب المنطقة وشبابها ونسائها”.
وقال الحويج:” الأهم من أي خطوة أخرى في هذا الإطار هو تعزيز مؤسسات الاتحاد المغاربي مثل مجلس الشورى والبنك المغاربي والمحكمة المغاربية وغيرها من الهياكل فهذه الكتلة التي كانت حلم كل شعوب دولها إذ لم تحقق بعد الأهداف التي أنشئت من أجلها بسبب بعض العوائق الموضوعة هنا وهناك”.
من جانبه عبر مصدر مسؤول بمجلس الدولة الاستشاري عن وجهة نظره بالقول:” في ظل حالة الانقسام التي تمر بها ليبيا مع وجود حكومتين ومجلسين تشريعيين لا يتمتع المجلس الرئاسي بصلاحية تمثيل كافة الكيانات السياسية فالمنطقة الشرقية والقوات بمعسكر الرجمة على سبيل المثال خارج سيطرة هذا المجلس”.
وأضاف المصدر قائلًا:” ولذلك لا يمكن للرئاسي إبرام اتفاقيات طويلة الأمد مع أي دولة فما يمكنه إبرامها مع دول الجوار لا يمكن أن تخرج عن مجالات محددة مثل مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات أو الحد من الهجرة غير الشرعية أو ضبط الحدود الليبية مع هذه الدول”.
وقال المصدر:” ومن الممكن أن تكون الاتفاقيات تتعلق بتسهيل حركة الأشخاص والبضائع على الحدود الليبية الجزائرية التونسية خاصة في ظل التطورات الأخيرة في منفذ رأس جدير الحدودي والانتهاكات الأمنية التي أدت إلى إغلاق هذا المعبر المهم”.
وتابع المصدر بالقول:” أي اتفاق أو أي تنسيق للرئاسي مع تونس أو الجزائر لا يمكن أن يخرج عن هذا الإطار ولا يمكن أن يتجاوز اتفاقات منطقة المغرب العربي برمتها أو المساس بحقوق الدول المغاربية والمجلس لا يريد أن يضع نفسه في موقف المواجهة مع أي دولة فالجوار بحاجة للأمن والاستقرار”.
ترجمة المرصد – خاص
المصدر: صحيفة المرصد الليبية
كلمات دلالية: لا یمکن
إقرأ أيضاً:
تونس.. التراث العثماني تاريخ مشترك في المغرب العربي
على مدى يومي الأربعاء والخميس الماضيين، استضافت تونس "المؤتمر الدولي حول التراث العثماني" في المغرب العربي، والذي نظمه مركز الأبحاث حول التاريخ الإسلامي والفن والثقافة "إرسيكا" التابع لمنظمة التعاون الإسلامي، في منتجع الحمامات السياحي شمال شرق تونس. حيث اجتمع باحثون من الجزائر وتونس والمغرب لدراسة التراث العثماني والنظر في كيفية تثمينه والمحافظة عليه.
التراث طريق للمستقبلتحدث رئيس قسم الأبحاث والمنشورات بمركز "إرسيكا"، جنكيز طومار، عن نشاطهم في تنظيم مؤتمرات وورشات عمل ومعارض وطباعة كتب عن كل المنطقة العربية وخاصة الأقطار المغربية.
مضيفا أن الفترة العثمانية كانت مهمة في مناطق المغرب العربي، ليس سياسيا فقط، بل من الناحية الإدارية والاقتصادية وأيضا العمارة والثقافة والتراث، والآثار العثمانية موجودة في الكتب والخرائط حول هذه المنطقة. وأن الأرشيف العثماني لدى تركيا يحتوي على كثير من الوثائق المرتبطة بهذه الفترة.
مستعرضا جهود المركز في هذا السياق، أشار طومار إلى دورهم في تنظيم كثير من المؤتمرات التي تجمع الأساتذة في المغرب العربي والأجانب والأتراك، موضحا جدوى تلك اللقاءات أنه غالبا لا يتم الاستفادة من أبحاث الأساتذة داخل أو خارج تركيا بسبب عدم اجتماعهم سويا، في حين أن تلك المؤتمرات والورشات تتيح ذلك التعاون وتقديم الأفكار والدراسات الجديدة بالنسبة للمستقبل، ونشر الكتب بالعربية والفرنسية والإنجليزية وبعدة لغات.
ويجمع المؤتمر الأساتذة المغاربة والأتراك للتشارك في دعم الآثار وبحث ودراسة تلك الفترة العثمانية، وبناء علاقات مستقبلية جيدة في العالم الإسلامي.
هذه هي المرة الثانية لإقامة هذا المؤتمر حول التراث العثماني في تونس، ويأمل طومار بتنظيمه في تركيا بالمرة القادمة.
جنكيز طومار: الفترة العثمانية كانت مهمة في مناطق المغرب العربي، ليس سياسيا فقط، بل من الناحية الإدارية والاقتصادية (الأناضول) الأتراك والعرب.. علاقات وديةيؤكد طومار على ودية العلاقات بين تركيا والعالم العربي والمغرب العربي، موضحا أن التراث الموجود من الحقبة العثمانية ليس للأتراك وحدهم ولا للعرب وحدهم، بل هو تراث إسلامي وإنساني يفيد بأننا هنا منذ القِدم. مؤكدا أن ما يحدث الآن في بعض المناطق في سوريا والعراق وهدم بعض الآثار الإسلامية والعثمانية، يمحو وجود هذه الثقافة.
وشدد على أهمية العمارة والآثار للمستقبل وللأجيال القادمة، حتى ترى تلك الأجيال أن التاريخ مشترك بين الشعوب في العالم الإسلامي. ومؤكدا على أهميتها سياحيا، فتونس تمتلك تاريخا كبيرا من قرطاج إلى الرومان والإسلام والفترة العثمانية.
مشيرا إلى ثراء الفترة الإسلامية والعثمانية، وأن تراث تلك الفترة لا يقتصر على العمارة فقط، بل يمتد إلى التراث اليدوي والمعماري والفني.
قصور البايات في خطر"التراث العثماني في تونس يتركز في العاصمة وضواحيها" هذا ما قاله "محمد العيدودي" المهندس وباحث التراث التونسي، في إطار دراسات قام بها لإنجاز رسالته للدكتوراه، التي اهتمت بقصور البايات في تونس. والبايات -وخاصة الحسينيين منهم (نسبة للباي حسين بن علي)- عثمانيون حكموا تونس من 1705 إلى 1956.
وأضاف العيدودي أن الدولة كانت الوريث الرئيسي لقصور البايات بعد خروج فرنسا (مارس/آذار 1956) وبلغ عددها -بحسب المؤرخين مثل المؤرخ الفرنسي جاك ريفو والمؤرخة التونسية بية العبيدي- حوالي 200 قصر تعود للفترة العثمانية، ولكن مع الأسف لم يبق منها سوى 35 قصرا، أحصى منها 15 قصرا، بين قصور متروكة، وقصور تم إعادة توظيفها لاستخدامها بصورة مختلفة كمراكز إدارات رسمية.
توظيف القصور العثمانيةوأشار العيدودي إلى أن غالبية القصور التي أعيد توظيفها استُخدمت في حاجات إدارية، مثل مقرّات إدارية وتعليمية، وبعضها استخدم متاحف، والبقية لا تتوفر بشأنها الدراسات اللازمة.
وباعتبارها إرثا عثمانيا يهم تونس، طالب العيدودي الدولة بتكثيف الاهتمام بها بإنجاز خارطة حولها وإيجاد مصادر لتمويل ذلك. ولفت إلى ضرورة استكمال مراجعة مجلة التراث، ليُسمح بتحويل هذه القصور ضمن المباني التراثية، لعدم إحاطة المجلة بالموضوع من كل جوانبه، مما يكبل عمليات إنقاذ التراث.
ولكي ترتب الدولة معلما أو تحميه لا بد أن تساهم في كلفة إعادة تهيئته، وفقا لمجلة التراث، ويطالب العيدودي بحل هذا على مستوى مجلة التراث، حتى يمكن استعادة الموجود وعدم تركه مهملا، فبعض القصور لا تزال مسكونة عشوائيا من قبل بعض العائلات، ولضعف الإمكانيات، لم تتمكن الدولة من إعادتها لتثمينها وإعادة الحياة لها من جديد.
ونبّه العيدودي إلى أن أول خطوة للحفاظ على هذا التراث هي الاعتراف به وجرده وإحصاؤه وإنجاز خريطة للمباني القديمة، فبعض المعالم قد نجت بالفعل، والدولة وجدت الإمكانيات للحفاظ عليها، ولكن البقية لم يتم ترتيبها أو حصرها وظلت مغمورة وسط بنايات أخرى.
وأكد العيدودي أن قصور البايات تعد تراثا مهما لحقبة تاريخية غنية في تونس، ويجب إعادة تثمينها وتوظيفها.
رشيدة الديماسي: المدرسة الصادقية هي معمار ثمين جدا وجميل ومشرف على العديد من الأماكن الأخرى بالمدينة العتيقة (الأناضول) معمار ثمينمن ناحيتها، أكدت الباحثة التونسية رشيدة الديماسي على أهمية المدارس في التراث العثماني بالمغرب العربي، وخاصة العمارة بتونس، بقولها إن "المدرسة الصادقية رمز ونموذج كبير للمدارس العثمانية من حيث العمارة المدرسية، فهي معمار ثمين جدا وجميل ومشرف على العديد من الأماكن الأخرى بالمدينة العتيقة، وهي بنايات عثمانية مثل مستشفى عزيزة عثمانة وساحة القصبة ودار الباي".
وتابعت الديماسي أن المدرسة مبنية في مكان مرتفع يسمى سنان باشا، فيه واجهتان، واحدة تفتح على ثكنة قديمة هدمت لبناء معلم جديد (قبالة وزارة الدفاع)، والثانية على شارع باب بنات (بالمدينة العتيقة) وهي بناية ضخمة زاد توسعها من الجانبين وبُنيت على الجانبين قبتان وصومعة. الصومعة رمز للتعليم الزيتوني التقليدي الذي يؤدى في الجوامع والمساجد وخاصة الجامع الكبير جامع الزيتونة الموجود في المدينة العتيقة، وهو معلم بارز.
وذكرت الديماسي أن خير الدين باشا (1820-1890) قد تولى رئاسة الوزراء بتونس قبل أن يغادرها لإسطنبول ليشغل منصب الصدر الأعظم العثماني، وهو المصلح الذي عينه محمد الصادق باي الذي أدخل تغييرات كبيرة في التعليم، ووقتها كانت فرنسا تستعد لدخول تونس وبدأت تتسرب.
وقالت إن تلك المدرسة الصادقية قد أنشئت في مطلع فبراير/شباط 1875 في ثكنة في نهج جامع الزيتونة (الرابط بين جامع الزيتونة وباب البحر)، وبعد زيارة خير الدين باشا فرنسا، أدخل نمطا أوروبيا على البناية الجديدة التي انتقلت إليها المدرسة فيما بعد (وهي فيها إلى اليوم).
لوحة للمصلح التونسي والوزير الأكبر خير الدين باشا وهي في معرض عهد الأمان بقصر سعيد في العاصمة تونس (الجزيرة) مدارس عثمانية عريقةرصدت الديماسي وجود مشارب أخرى فنية أندلسية إسبانية وعربية في تلك المدارس، إلى جانب تدريس الكيمياء والفيزياء والجبر واللغات لحاجة الإدارة إلى مترجمين، وإلى جانب العربية، أدخل خير الدين عدة لغات أخرى للتدريس مثل اللغة الفرنسية والإنجليزية والتركية. ولبناء تلك المدرسة، تم جلب المرمر من مدينة كارارا في إيطاليا.
وأوضحت الديماسي أن المدارس العثمانية وجدت في تونس خلال القرن الـ17 والـ18 والـ19 وحتى القرن الـ20. وإلى جانب المدرسة الصادقية، هناك مدارس أخرى عديدة في مدينة تونس، منها المدرسة الطابعية (نسبة إلى الوزير يوسف صاحب الطابع 1765-1815)، والمدرسة الباشية، والمدرسة الأندلسية.
وأكدت أن المعهد الوطني للتراث والوكالة الوطنية لحماية التراث (الحكوميين)، يحمي التراث العثماني العمراني وغيره، وتم تسجيل المدرسة الصادقية بالمعالم التاريخية في اليونسكو عام 1995.
ووفق المصادر التاريخية، استمر الوجود العثماني بتونس من العام 1574 ميلادي، عندما حرر القائد سنان باشا تونس من السيطرة الإسبانية، إلى غاية عام 1881 عندما احتلت فرنسا تونس.