"الدختر".. للدكتور أحمد شفيق الربيعي
تاريخ النشر: 2nd, April 2024 GMT
خالد بن سعد الشنفري
صدر مؤخرا كتاب يوثق لمراحل مهمة من حياة المرحوم الدكتور أحمد شفيق الربيعي في ظفار ونشاطاته في المجالات الطبية والتطبيب فيها.
الكتاب بقلم ابن بار من أبنائه هو العميد ركن متقاعد عادل بن أحمد شفيق الربيعي، ويعد هذا الكتاب شبه سيرة شخصية مختصرة للدكتور، وذلك طبيعي لأن الكاتب ابن للدكتور وليس بأكبر أبنائه سنًا؛ بل أوسطهم تقريبًا، لكنه على ما يبدو كان قريبًا من والده ليحظى منه بهذه المعلومات القيمة ليتحفنا بمعلومات مهمة وشيّقة عن هذه الشخصية الفذة التي كان لها دور بارز ومهم وإنساني جدًا في تاريخ ظفار وحياة المجتمع الظفاري، في فترة من الزمن، أقل ما يقال عنها أنها كانت من أصعب وأثقل المراحل على هذا المجتمع الظفاري، الذي كان يعيش شبه عزلة ليس عن الوطن الأم عُمان لبعده الجغرافي عن ولاياتها ومدنها؛ بل ولعدم وجود طريق بري مُمهّد يربطها بها آنذاك سوى البحر، ولبُعدها أيضًا عن أي تجمع بشري فاعل ونشط آخر من جوارها الجغرافي.
كنتُ قد اجتهدت قبل ثلاث سنوات من الآن في كتابة مقال متواضع عن هذه الشخصية التي لم تحظ للأسف بأيِّ نوع من التوثيق رغم أهمية دورها في المجتمع الظفاري على مدى أكثر من ثلاثة عقود من تلك الحقبة، وقد تفضل الأخ العزيز العميد عادل بالإشارة إلى هذا المقال في كتابه مشكورًا؛ بل إنه ضمن مقالي ذلك عن "الدختر" في كتابه وذيّله به.
اليوم بصدور هذا الكتاب ووجوده حاليًا على أرفف مُعظم المكتبات في صلالة سيجد المهتمون من شبابنا ضالتهم في التزود بمعلومات ومعارف مُهمة عن المرحوم الدكتور أحمد شفيق "الدختر"، وعن تلك المرحلة من تاريخ مجتمعنا الظفاري، خصوصًا أنَّ الكاتب عادل ليس بغريب عن القلم والكتابة، فلقد شغل مناصب عسكرية في التوجيه المعنوي، وله كتابات عديدة في ذلك خصوصًا في مجلة "جند عُمان" وبرامج التوجيه المعنوي.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
"معًا نتقدم".. النسخة اللامركزية في ظفار
د. عبدالله باحجاج
العنوان أعلاه بمثابة مُقترح نُقدِّمه لتتبناه كل مُحافظة على غرار الملتقى السنوي "معًا نتقدَّم"، والذي تنظمه الأمانة العامة لمجلس الوزراء، وقد جاءتنا فكرة المُقترح من تنظيم المجلس البلدي بمُحافظة ظفار لقاءً سنويًا تعريفيًا لعدد من المؤسسات الحكومية في ظفار، وفي عام 2024 أُقيم اللقاء السنوي تحت رعاية صاحب السُّمو السيد مروان بن تركي آل سعيد محافظ ظفار، وفي الخامس من مارس الماضي عُقد اللقاء بحضور سعادة رئيس بلدية ظفار.
انحصرت جلسات ذلك اللقاء على فروع ومكاتب الوحدات الحكومية في المحافظة، بحضور أعضاء المجلس البلدي، ويشهد كل لقاء سنوي استعراض أبرز المشاريع المُنجَزة خلال عام، والكشف عن الخطط المستقبلية لفروع ومكاتب الوحدات. وهي جلسات مُغلقة بمعنى أنها محصورة على مُمثلي تلكم الجهات دون مشاركة المجتمع المحلي مباشرة. فلماذا لا تكون هذه اللقاءات السنوية على غرار ملتقى "معًا نتقدَّم"، بحيث يُدعى لها الفاعلون في المحافظة من كُتَّاب وإعلاميين ومؤسسات المجتمع المدني ومهتمين بالشأن المحلي العام، وأن تكون تحت رعاية المحافظ؛ أي تحويل اللقاء السنوي إلى منصة حوار حول المُتحقَّق من الإنجازات والمُخطَّط له على المدى الزمني القصير.
هذه فرصة تُتاح للجهات الحكومية- المركزية واللامركزية- للتعريف بإنجازاتها، والكشف عن خططها، وتوضيح مُسوِّغات خياراتها التنموية والخدمية أمام الرأي العام المحلي؛ لأنَّ أي خيار تنموي أو خدمي من المؤكد له مبرراته العقلانية والوطنية، ولا بُد أن تصل للرأي العام المحلي، كما سنخرج من النقاشات بآراء بنَّاءة يُمكن الأخذ بها في خطط التطوير المقبلة.
هنا تتجسَّد فلسفة وغاية "معًا نتقدَّم" على صعيد اللامركزية كالنسخة المطبقة على صعيدنا الوطني، وهذا يخدم مسار اللامركزية- نظام المحافظين- لتعزيز التشاركية المجتمعية المسؤولة في مساراتها التنموية والخدمية. وهذه التشاركية نعوِّلُ عليها كثيرًا في كسب الرضا الاجتماعي المحلي، وفي تفعيل أدوار المؤسسات اللامركزية الحكومية والمستقلة وفروع المركزية؛ حيث ستحرص كل جهة وفرع على تقديم المنجزات الجديدة وذات الجودة سنويًا؛ لأنها ستكون تحت الرقابتين السياسية والاجتماعية المباشرة.
معظم فروع ومكاتب المركزية واللامركزية الخدمية مثل البلدية والتجارة والصناعة والبيئة والسياحة والتربية والتعليم والعمل والثقافة والرياضة والشباب والتنمية الاجتماعية، تستعرض سنويًا إنجازاتها، والقليل منها يخرج للرأي العام، ولا يتفاعل معها لعدم وجود إعلام وصحافة ناقلة للحدث بعيون المواطن والوطن، وإنما بما اعتادت عليه التغطيات التقليدية، وبالتالي فإنَّ رسالة الإنجازات المؤسسية لا تصل للرأي العام بمضامينها ووفق سياقاتها الزمنية ومعايير خياراتها التنموية، ولا تدفع بالفاعلين الذين شرفوا وتشرفوا بحمل الأمانة الوطنية على الإبداع وعلى الحرص على تقديم إنجازات نوعية وكمية كل سنة.
ولو أخذنا مثلًا عرض إنجازات بلدية ظفار؛ فهناك فعلًا ما يستحق التشاركية التفاعلية، فعرضها التفصيلي حول مشاريع البنية الأساسية، والتعرف على آخر مستجدات مشروع "بوليفارد الرذاذ" في منطقة إتين بصلالة الذي يُعد من أبرز المشاريع السياحية التي ستُعزِّز القطاع السياحي؛ هل وصلت رسالة إنجازاتها للرأي العام المحلي والوطني؟ التساؤل نفسه يُطرح على إنجازات فروع وزارات الصحة والتنمية الاجتماعية والعمل في محافظة ظفار؟ والسبب أنَّ عرض الإنجازات يجري في جلسات غير تشاركية. فكيف نكسب الرضا الاجتماعي في ظل هذا الانغلاق؟!
مثال آخر للاستدلال به، أنه في جلسة استعراض الجهود في ملف الأمن الغذائي ودور منطقة النجد فيه، استلزمت دواعي المصلحة الوطنية إثراء النقاشات ومعرفة حجم النسب المئوية المتحققة من أهداف وخطط الدولة في جعل النجد الظفاري، يمثل سلة غذاء متكاملة، وهنا كان ينبغي أن يُسمع صوت الرأي الآخر.
ومما سبق تتجلى مشروعية مقترحنا تطبيق تشاركية "معًا نتقدَّم" على صعيد كل محافظة وبصورة سنوية، وتحت رعاية المحافظين، لكي تصل المنجزات السنوية إلى الرأي العام، ومن ثم كسب الرضا الاجتماعي، والمساهمة الاجتماعية المباشرة في إنضاج الإنجازات والخطط، وحمل الفاعلين على تقديم الجديد كل سنة؛ لأنهم سيكونون تحت الرقابة الاجتماعية التي ستحفز الجهود على تقديم الجديد بجودة عالية.
ولماذا تحت رعاية المحافظين؟ لأن نظام المحافظين يجعل كل محافظة وحدة مُستقلة ماليًا وإداريًا يُمثِّلُها المحافظ، والمتأمِّل في ديناميات أو قوى كل واحدة منها، سيجد أنها ذاتها على الصعيد الوطني، لكنها بصورة تعكس توجهات البلاد نحو اللامركزية. ففي كل محافظة، محافظ ووالٍ ومجلس بلدي وأعضاء بمجلس الشورى وفروع لغرفة تجارة وصناعة عُمان ومؤسسات المجتمع المدني الزراعية والاجتماعية والمهنية والثقافية والصحفية.. إلخ، فلماذا لا تُشرَك في مثل هذه النقاشات المسؤولة تحت رعاية المحافظ؛ باعتباره رئيس الوحدة ومسؤول النظام اللامركزي في المحافظة؟!
الفصل الرابع الخاص بالمحافظ في قانون نظام المحافظات، بالمادة 11، نقرأ عن اختصاصات المحافظ أنه يتولى "التنسيق مع رؤساء الوحدات الحكومية بشأن أداء فروعها ومكاتبها في المحافظة في ضوء التقارير المرفوعة إليه من الولاة"، كما إن من صلاحيات الولاة حسب المادة 13 من ذات القانون "متابعة أداء فروع ومكاتب الوحدات الحكومية الأخرى في الولاية، ورفع تقارير دورية بشأنها الى المحافظ".
ومما تقدَّم تظهر الحاجة الوطنية في أولويتها اللامركزية، لنسخ فلسفة وغاية ملتقى "معًا نتقدَّم" من على المستوى الوطني الى المحافظات، لكي تُصبح قناة اتصالية تشاركية بين بين الأطراف سالفة الذكر في كل محافظة، لكسر الفجوة الفاصلة بين جهود ونتائج المركزية واللامركزية في كل محافظة، ومعرفة أفكار ومقترحات كل مجتمع محلي بشأن المُتحَقَّق والمُخطَّط، وهذا من دواعي تعزيز الإدارة المحلية، تماهيًا مع نظام اللامركزية وتفعيله، من حيث التطبيق من جهة، والاعتداد بالبُعد الاجتماعي لكل محافظة من جهة ثانية، ولأن التقدُّم في حقبة مُتغيِّرة تحتمه التشاركية بمنطق "معًا نتقدَّم".
رابط مختصر