مسعود أحمد بيت سعيد

masoudahmed58@gmail.com

 

 

أمام كل منعطف تاريخي تتجلى مظاهر الأزمة العربية بأشكالها المتعددة وتتجلى معها كذلك الحاجة إلى تقصي أسبابها، والأبحاث الجدية التي تناولت الأزمة والأسباب تضع الإصبع على التجزئة وتعزو إليها حالة البؤس والضعف والخذلان.

ولا شك أن الموضوع قد أشبع بحثا وتمحيصا، غير أن تلك الجهود الفكرية قد غرقت في طمي القطرية المقيتة، وفي غمرة الأحداث المؤلمة يبرز مجددا أهمية التضامن العربي كعنوان لا مندوحة عنه في تعزيز المناعة الوطنية والقومية، ولن يتأتى ذلك بدون بعث الأفكار التقدمية الوحدوية ونشرها بين صفوف الجماهير الشعبية، ومهما تعاظمت المواجع، لن تثني المؤمنين بحق هذه الأمة العظيمة في الحرية والوحدة والسيادة والتقدم الاجتماعي عن التكرار، وإن اعتبر ذلك من مكرور الكلام، وحين التمعن والتدقيق في ما تتعرض له الأمة العربية من مآسٍ ونكبات، فإن الدلائل تتجه نحو الدوائر الإمبريالية الغربية والفرنسية البريطانية على وجه الخصوص الذين مزقوا الجسد العربي، وذلك بعد سقوط الدولة العثمانية واستقلال الحواضر العربية الدائرة في فلكها، دون إعفاء النظم والتيارات العربية الذين نذروا أنفسهم لخدمة مشاريع الإمبريالية والصهيونية.

وقد قيل الكثير حول الدور البريطاني في مساعدة العرب على التخلص من السيطرة العثمانية إلّا أن المؤكد أن الحركة القومية العربية الرامية للاستقلال سبق وجودها الإرهاصات الأولية للسقوط العثماني؛ وهي من الأسباب الرئسية التي ساهمت في مراكمة تناقضاتها الخاصة وتفجيرها والتعجيل بانهيارها، في حين امتطت بريطانيا التطلعات العربية وتلمست خطاها وسط تفاعلاتها الداخلية ووجهتها بما يخدمهم مآربها ومتابعة تنفيذ اتفاقية "سايكس- بيكو" وتنصيب نفسها مع حليفتها الاستعمارية فرنسا أوصياء على الأمة العربية، وللتخفيف من هول الكارثة فقد وجدوا في مصطلح الانتداب غير المتداول حينها على نطاق وأسع ضالتهم، اعتقادا منهم أن تغيير الأسماء يغير من طبيعة الأشياء؛ حيث استصدروا قرارا من عصبة الأمم بانتدابهم مناصفة على الأمة العربية، وتعتبران أول من وقف في وجه فكرة قيام كيان عربي موحد؛ حيث استشعرتا مبكرًا ما تمثله الوحدة العربية من تهديد لوجودهم وقد انفردتا بزرع فكرة مواجهة العروبة بالإسلام وهي من الإشكاليات التي ما زالت قائمة إلى الآن. وقد كشفت الأيام أن فكرة الوحدة الإسلامية المعاصرة هي بالأساس فكرة غربية حاكتها الدوائر الاستعمارية لقطع الطريق على كل الصيغ الوحدوية العربية، وذلك بحسب ما هو موثق في مذكرات ساستهم الكبار.

ورغم طوباوية الفكرة وعدم قابليتها للتطبيق العملي وملاءمة شروط ومتطلبات العصر الحديث إلّا أنها ما زالت تغزو أذهان النخب المغتربة عن واقعها. وبما أن دحض الأفكار ليس مسألة نظرية بقدر ما تختبر صحتها في حيز الإمكانية الواقعية والممارسة العملية فإن المقاربة الموضوعية تتطلب سؤالًا محددًا ربما يفي بالغرض وهو: هل وحدة سلطنة عمان ودولة الإمارات العربية المتحدة أو أحدهما مع المملكة العربية السعودية أقرب للمنطق أم وحدة أحدهما مع إندونيسيا أو حتى إيران الأقرب جغرافيًا واجتماعيًا ونفسيًا؟ وما هي المشتركات التي ترجح الثانية قياسًا بالأولى؟ وهل مواجهة العامل الديني بالعوامل الأخرى الجغرافية والتاريخية واللغوية والتكوين النفسي التي بلورتها قرون طويلة من الصراعات الوجودية والعذابات المشتركة وصهرتها في بوتقة واحدة وأبرزت شخصيتها وخصوصيتها بين الأمم كظاهرة اجتماعية راسخة بحاجة إلى اجتهادات، خصوصًا وأن الجانب العقائدي من الناحية التاريخية لم يكن عنصر تفرقة أو نقيضاً للعروبة التي وحدت أبناءها في صد الحملات الصليبية بصرف النظر عن معتقداتهم الروحية.

من هنا فإنَّ لندن وباريس بمواقفهم العدوانية التاريخية تتحملان الجزء الأكبر من التراجيديا العربية، وفي هذه اللحظات التي تتعالى فيها الدعوات لملاحقة الكيان الصهيوني الفاشي ومحاكمته أمام محكمة العدل الدولية، وإن كانت نتائجها معروفة؛ إذ لم يسجل التاريخ أن حاكموا المستعمرين أنفسهم، ورغم ذلك لا يجوز الاستنكاف عن استخدام كافة الأشكال النضالية التي لا تخلو من الفوائد بل يجب توسيع إطار الملاحقة قانونيًا وأخلاقيًا لتشمل كافة المستعمرين الذين بنوا حضارتهم وأمجادهم على جماجم الشعوب المستعمرة وفتح سجلات إجرامهم القديمة والحديثة وتعريتهم أمام الرأي العام العالمي والضمير الإنساني المعذب وفي المقدمة فرنسا، وتلك العجوز الشمطاء التي ارتكبت أكبر الجرائم في العصر الحديث؛ سواء تلك المتعلقة بتقسيم الوطن العربي واستعماره ونهب ثرواته أو بمنح الصهيونية وعدها المشؤوم "وعد بلفور" بإنشاء كيان صهيوني على جزء عزيز من الأرض العربية، كانت منتدبة عليها بموجب شريعة الغاب في خطوة عملية على طريق استكمال بقية حلقات المواجهة وإجبارهم على الرحيل من أرض العروبة الطاهرة.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

رفضت قرار المتعجرف ترامب بتصنيف أحرار اليمن بالإرهاب:القرار يخدم الأجندة الصهيونية.. وموقف اليمن المناصر للمقدسات وسام شرف في سجل التاريخ

يحيى الثلايا: قرار ترامب ينبئ عن العجز ومحصلة للنجاح الأسطوري للهجمات اليمنية. عدنان إبراهيم: التصنيف الأمريكي للأنصار بالإرهاب يأتي خدمة للعدو الصهيوني

 

قرار الولايات المتحدة بخصوص تصنيف أحرار اليمن في دائرة الإرهاب والعنف لا ينفصل عن جرائم أمريكا ونهجها العدائي ضد شعوب العالم.

وحول هذا الموضوع أجرينا استطلاعا مع عدد من الشخصيات نتابع الحصيلة:

الثورة /

 

بداية مع المهندس عدنان يحيى إبراهيم -المؤسسة العامة للطرق والجسور- مدير الإدارة العامة للجسور، الذي أكد ان بلادنا تمضي بإرادة إيمانية لا تقهر في مسار بناء الوطن القوي المزدهر وتعزيز الأداء الخدمي والتنموي في كل المجالات تنفيذاً لاستراتيجية الشهيد الرئيس صالح الصماد “يد تحمي ويد تبني”، وأشار إلى أن المرحلة المقبلة من تاريخ الوطن والشعب هي مرحلة ترسيخ قيم التضامن والإخاء والحفاظ على النسيج الاجتماعي الموحد ليمن الإيمان والحكمة والجهاد .

وجدد الأخ مدير الإدارة العامة للجسور التأكيد على أن التصنيف الأمريكي للشعب اليمني في قوائم الإرهاب والعنف، مؤامرة لخدمة الكيان الصهيوني ويعكس هذا القرار النجاح الكبير الذي حققته القوات المسلحة اليمنية في معركة إسناد الشعب الفلسطيني والانتصار للمقدسات الإسلامية .

وقال: الإدارة الأمريكية تحاول حجب الأنظار عن فداحة الخسارة التي لحقت بالكيان الإسرائيلي في قطاع غزة وهزيمة حاملات الطائرات الأمريكية في البحار والمحيطات على يد القوات المسلحة اليمنية.

وأشاد المهندس عدنان إبراهيم بالدور البطولي والتاريخي ليمن الأنصار في دعم كفاح الأحرار في أرض الجهاد المقدس والتصدي للتوحش الصهيوامريكي، مباركاً الانتصار التاريخي للمقاومة الباسلة .

الإسهام الفاعل

الدكتور إبراهيم المؤيد- رئيس الهيئة العامة لتنظيم شؤون النقل البري، أشاد بالانتصار التاريخي الذي حققته المقاومة الإسلامية في قطاع غزة وجنوب لبنان مشيداً بالإسهام اليماني الفاعل في تحقيق هذا الإنجاز الجهادي.

وقال: قرار أمريكا بخصوص تصنيف أحرار اليمن في دائرة الإرهاب والعنف لا ينفصل عن جرائم الولايات المتحدة ونهجها العدائي ضد شعوب العالم .

واكد ثبات يمن الإيمان والحكمة والجهاد في مواقفة الداعمة للحقوق العربية والإسلامية والتصدي لمخططات الأشرار على كل المستويات ولفت الدكتور إبراهيم المؤيد إلى أهمية الوعي بخطورة الصراع مع أعداء الأمة وضرورة توحيد المواقف والطاقات من اجل ردع الأعداء .

أحرار اليمن

الأخ غازي احمد علي- مدير عام كهرباء محافظة صنعاء بارك الاسهام اليمني البطولي والتاريخي في تحقيق الانتصار في قطاع غزة وإرغام كيان الاحتلال على إيقاف جرائمة الوحشية بحق الأشقاء في فلسطين وجنوب لبنان

وقال: القرار الأمريكي بتصنيف احرار اليمن في دائرة الإرهاب والعنف يمثل امتداداً لسياسة الانحطاط الأمريكية والتجند الواضح في صف الإجرام الإسرائيلي بحق أبناء الأمة العربية والإسلامية

وتابع بقوله : يمن العروبة والانتماء يستمد من تعاليم الإسلام الحنيف وقيم الإسلام المحمدي الثبات على الحق وعدم الرضوخ للطغيان المعاصر

وأشاد مدير عام كهرباء محافظة صنعاء بالإسناد اليماني الجماهيري والعسكري والإعلامي خلال 15 شهراً من عمر معركة طوفان الأقصى التي تمثل فاتحة الانتصار على الاستكبار ورموز الشر العالمي، منوهاً بأهمية تماسك المحور المقاوم استمرار لمواجهه المناط الذي يمثلها الانتهاكات الإسرائيلية بحق الأشقاء في فلسطين ولبنان.

الإسناد المتعاظم

الأخ يحيى الثلايا- المؤسسة المحلية للمياه مدير المنطقة الأولى في أمانة العاصمة صنعاء أوضح ان قرار الرئيس الأمريكي لن يوهن المسار الجهادي الذي تسير عليه الجمهورية اليمنية في مواجهه طغيان واشنطن وسعيها المحموم لاستهداف الوطن اليمني .

واكد أن قرار الولايات المتحدة بشأن تصنيف أحرار اليمن في دائرة الإرهاب والعنف لن يكسر عزم الشعب اليمني في مواصلة الإسناد المتعاظم للقضية الفلسطينية .

وأشار إلى أن هذا القرار هو محصلة للنجاح الأسطوري للعمليات اليمنية في عمق كيان الاحتلال واذلال رمز الهيمنة الأمريكية المتمثل بحاملات الطائرات، ودعا إلى أهمية أن تكون قضية المقدسات حاضرة في المشهد الإقليمي الإسلامي باعتبار هذه القضية هي ركيزة الوحدة والتضامن.

وتابع قائلاً : لقد نوه قائد الثورة المباركة إلى اضرار التفرقة والتشرذرم التي يعمل عليها العدو للتفريق بين أبناء الأمة بغرض الهاء العرب والمسلمين عن القضايا المهمة وعدوهم الحقيقي وعن المخاطر والتحديات التي تواجه أمتنا، مبيناً ان الأعداء يبذلون جهدهم لتأجيج الصراعات في البلدان العربية والإسلامية حتى يتم شطب فلسطين من دائرة الاهتمام وحيا الأخ يحيى الثلايا جهود أبناء اليمن على كل المستويات من اجل بناء الوطن القوي المزدهر، بما يحقق تطلعات الاكتفاء الذاتي وحماية السيادة الوطنية.

الانتصار للمقدسات

فيما اعتبر الدكتور / عبدالله المنقذي- مدير عام ضرائب محافظة صنعاء التصنيف الأمريكي للشعب اليمني في قوائم الإرهاب والعنف مؤامرة مكشوفة لخدمة الكيان الغاصب ويعكس هذا القرار النجاح الذي حققته القوات المسلحة اليمنية في معركة إسناد الشعب الفلسطيني والانتصار للمقدسات.

وقال: الإدارة الأمريكية تحاول حجب الأنظار عن فداحة الخسارة التي لحقت بالكيان الإسرائيلي في قطاع غزه وهزيمة حاملات الطائرات الأمريكية في البحار والمحيطات على يد القوات المسلحة اليمنية.

وتابع قائلاً: احرار العالم وكل الشعوب المناهضة للاستبداد يدركون مدى التورط الأمريكي والشراكة الكاملة في ارتكاب جريمة العصر بحق الأبرياء في الوطن الفلسطيني السليب ولن تفلح هذه المخططات في إخفاء الحقائق .

مشيداً بالإسهام اليماني الفاعل في معركة طوفان الأقصى معركة التحرر والانعتاق.

وأكد الدكتور عبدالله المنقذي أن العالم اليوم أصبح أكثر وعياً بالإجرام الصهيو أمريكي الذي يشكل الخطر الحقيقي للسلم والأمن الدوليين.

الموقف البطولي

من جانبه استنكر الأخ فهد دهمش- وكيل مصلحة الضرائب للقطاع المالي والإداري قرار الولايات المتحدة بشأن تصنيف احرار اليمن في دائرة الإرهاب والعنف، وأشار إلى أن هذا القرار هو استمرار للسياسة التدميرية التي تنتهجها إدارة ترامب ضد شعوب العالم .

ولفت إلى أن هذا القرار يعكس مدى الانزعاج الأمريكي من الموقف اليمني البطولي والتاريخي المساند للقضية الفلسطينية ونجاح العمليات العسكرية في حصار الملاحة الاسرائيلية والسفن المرتبطة بالكيان اليهودي، وفي هذا الإطار جدد المكتب السياسي لأنصار الله العهد مع فلسطين وغزة أن اليمن مستمر في موقفه التضامني المبدئي مع الشعب الفلسطيني، مؤكداً ان قواتنا المسلحة ستظل في حالة ترقب واستعداد لأي تصعيد عسكري على اليمن ومواجهة خروق الاتفاق في غزة.

ونوه الأخ فهد دهمش بأن الولايات المتحدة تقف سداً منيعاً أمام أي تسوية سياسية في اليمن والمنطقة بما يخدم أهداف الصهيونية العالميةـ مباركاً الانتصار التاريخي للمحور المقاوم ضد التوحش الصهيوامريكي.

مقالات مشابهة

  • رفضت قرار المتعجرف ترامب بتصنيف أحرار اليمن بالإرهاب:القرار يخدم الأجندة الصهيونية.. وموقف اليمن المناصر للمقدسات وسام شرف في سجل التاريخ
  • خبير: الموقف العربي أمام اختبار تاريخي لمواجهة المخططات الخارجية
  • لـ 6 مارس.. الجنايات تؤجل محاكمة المتهم الثاني في قتل زوجته بالشرقية
  • الاتحاد البرلماني العربي يستنكر “التصريحات العنصرية” التي تدعو إلى تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة
  • غشة: “الفوز على خنشلة يسمح لنا بالخروج من فترة الفراغ التي مررنا بها”
  • كاريكاتير.. تصريحات ترامب الصهيونية تستفز العالم
  • دليل الشباب العربي لفهم الصهيونية ومخاطرها على العروبة
  • أوهام الصداقة الإمبريالية والصهيونية
  • رئيس لجنة التصدير: إحياء الوحدة الاقتصادية العربية ضرورة لإنقاذ الأمة
  • محاكمة غيابية لمسير مالي لشركة محل تحقيق قضائي بسبب إختلاس أموال