نفد طعامنا قبل 15 يوما.. الجوع يطارد سودانيين فارين من الحرب
تاريخ النشر: 2nd, April 2024 GMT
يطارد الجوع مواطني السودان في مناطق شاسعة من البلاد، بل وطالت الأوضاع المأساوية أيضًا اللاجئين في تشاد المجاورة، لدرجة أن أمّاً سودانية قررت العودة إلى منطقة "سربا" في دارفور بعد جوع لأسابيع.
وقررت جيسما الخير حسن، حسب تقرير لصحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، أن تعود من مخيم اللجوء في تشاد إلى سربا قبل 10 أيام، بحثا عن مساعدة لطفلها الأصغر عبد المجيد، البالغ عامين من العمر.
وأوضحت الصحيفة أن الطفل "ظل مريضا لحوالي 3 أسابيع، ولم يكن لدى الأم ما تمنحه إياه سوى الماء وعصيدة الدخن (وجبة تصنع من حبوب تحمل نفس الاسم)". وقالت الأم لأربعة أطفال: "نفد آخر طعام لدينا منذ 15 يوما".
وافتتحت منظمة الإغاثة الدولية العيادة الوحيدة لها داخل مستشفى مدمر يخدم سربا، المنطقة التي كانت تأوي ما يقرب من 150 ألف شخص قبل اندلاع القتال منذ أكثر من عام، بين قوات الجيش والدعم السريع.
أغلب غرف المستشفى أصبحت بلا سقف، واسودّت جدرانها بسبب النيران الناجمة عن القتال، فيما تناثرت قطع الأثاث على الأرض بينما يحاول المرضى الحصول على وصفة طبية، ويتواصلون مع المسؤولين عبر نافذة زجاجية محطمة.
وقال الطبيب المعالج للطفل عبد المجيد، إنه يعاني من سوء تغذية ناجم عن نقص فيتامين د والكالسيوم.
ونقل راديو "دبنقا" السوداني، الإثنين، أن تدفق اللاجئين يتواصل من عدد من القرى في ولاية غرب دارفور إلى مدينة أدري التشادية، بسبب الانفلات الأمني والانعدام التام للسلع وعدم توفر الرعاية الطبية.
وأشار إلى أن نحو ألفي لاجئ وصلوا إلى أدري من منطقة سربا خلال الأيام الماضية، موضحا أن المنطقة تشهد حالة "تشبه المجاعة".
وفي إشارة إلى امتداد تهديد الجوع والأوضاع الصحية والأمنية المأساوية عبر الحدود، أشار الراديو المحلي أيضًا إلى أنه في وقت سابق، كان بعض اللاجئين قد وصلوا من معسكر ملح في شرق تشاد إلى سربا، بسبب تردي الأوضاع وعدم تلقي المساعدات اللازمة.
وكان برنامج الأغذية العالمي قد أصدر بيانا الشهر الماضي، حذرت فيه مديرته التنفيذية، سيندي ماكين، من أن الأزمة في السودان قد تتحول "لأكبر أزمة جوع في العالم ما لم يتوقف القتال"، مضيفة أن الحرب "حطمت حياة الملايين وخلقت أكبر أزمة نزوح في العالم".
وذكرت: "قبل 20 عاماً كانت دارفور تشهد أكبر أزمة جوع في العالم، وقد احتشد العالم للاستجابة لها. لكن شعب السودان أصبح في طي النسيان اليوم. إن حياة الملايين والسلام والاستقرار في المنطقة بأكملها على المحك".
وحسب برنامج الأغذية العالمي، فإن هناك أكثر من 25 مليون شخص في جميع أنحاء السودان وجنوب السودان وتشاد، محاصرين في دوامة من تدهور الأمن الغذائي.
وأكد بيان البرنامج أن "90 بالمئة من الأشخاص الذين يواجهون مستويات طارئة من الجوع في السودان، عالقون في مناطق لا يستطيع برنامج الأغذية العالمي الوصول إليها".
وفي مارس الماضي، أوضحت منظمة أطباء بلا حدود الخيرية، أن طفلا يموت كل ساعتين في مخيم زمزم للنازحين في شمال دارفور، فيما أشارت تقديرات أممية أن حوالي 222 ألف طفل يواجهون خطر الموت في الأشهر المقبلة بسبب سوء التغذية، وفق "واشنطن بوست".
وقالت شهرزاد محمد، والدة الطفل إياد أحمدي (15 شهرا)، إنها لم تسمع شيئا عن زوجها الجندي منذ نوفمبر، ولا تستطيع توفير ما يكفي من حليب الثدي لطفلها، وتحاول كسب لقمة عيش ببيع الأكواب البلاستيكية لإطعام أطفالها الثلاثة الآخرين.
وأوضحت وفق الصحيفة الأميركية، خلال وجودها في جناح سوء التغذية داخل مستشفى الجنينة التعليمي، حيث تعمل منظمة أطباء بلا حدود: "أحيانا لا أتناول أي طعام على مدار اليوم، لو لم أقم ببيع ما يكفي".
المصدر: الحرة
إقرأ أيضاً:
تحالف نيروبي وقضايا الحرب والسلام في السودان
تم التوقيع على وثيقة تحالف نيروبي الذي ضم ٢١ جسم وممثلين للمجموعات وفقا للأسماء التي تمت تلاوتها في المنصة الرئيسية، موزعة بين ٩ حركات مسلحة و١١ جسم بين حزب وممثلين
الملاحظة الاولي فقد خلت القائمة من تمثيل للنساء الأمر الذي يضع مسألة المشاركة والنوع في الحكومة المرتقبة تحت إختبار حقيقي، في ظل زخم أحاط بالمؤتمر أو لقاء نيروبي تم ترديد هتاف وعبارات تجتر إنهاء التهميش مع ملاحظة سيادة الشعارات المناصرة للدعم السريع بشكل اكثر صدي من سواها ، فيبدو ان التهميش هنا جاء بعيدا عن مفهومه وتعريفه فهو يشمل النوع والقوميات، والاقليات، مع ملحوظ لتمثيل لاصحاب الديانات الاخري من غير المسلميين، عدا القائد جوزيف توكا الذين يمثل الحركة الشعبية / شمال اكثر من كونه ممثل لإحدي الطوائف المسيحية، ربما قد قصد بعدم تمثيل الطوائف الدينية بالرغم من ان الواقع المرتبط بالصراعات السياسية ظل يلقي بثقله عليها بشكل ايدلوجي يهدف إلي تقليص مساحة الحريات الدينية.
عطفا على قائمة الموقعين، في المنصة التاريخية للاحزاب التقليدية ظهر ممثلي أجنحة أو مجموعات الحزب الاتحادي الديمقراطي والاتحادي الموحد ابراهيم الميرغني ومحمد عصمت قد شكلا ثقلا اكبر من حزب الأمة الذي مثله اللواء معاش فضل برمة ناصر الذي،تنازعه نائبة رئيس الحزب الدكتورة مريم الصادق حول شرعية مشاركتة باسم حزب الامة، لكن يبقي التمثيل في لقاء نيروبي يطرح على الضفة الاخري ممثلين لذات الاحزاب، الأمر الذي يجعل التوزيع بين تحالف صمود وقمم توزيع للمواقف قد.يثير حالات عدم إعتراف من كلا المجموعتين تجاه الاخري وهنا يتفرع الصراع إلي أطراف الحرب وسياسي ليس حول وقف الحرب لكن شرعية التمثيل .
الموقعين على اتفاق سلام السودان ٢٠٢٠ تمثلوا في بعض قادة حركات تحرير السودان الدكتور الهادي ادريس عن المجلس الانتقالي،الاستاذ الطاهر حجر عن قوي التحرير، الاستاذ حافظ عبدالنبي عن التحالف السوداني الذي إنقسم قادته بين تحالف قمم والي جانب الجيش حيث تم تعيين السيد بحر كرامة واليا لغرب دارفور .
اللافت غياب اليسار السوداني من لقاء نيروبي سواء الحزب الشيوعي السوداني الذي كشف عن موقفه من لقاء نيروبي والقيام تقدم وقبلها وقف الحرب في السودان، البعثيين بجناحيهم وكذلك الناصريين، وهذا يدفع بسؤال الخيارات السلمية والعسكرية من قضايا الحرب والسلام في السودان.
الإدارة الأهلية كشف عن تمثيلها سلطان الفور احمد دينار الذي جاء ظهوره والحرب قد دمرت متحف السلطان "سيد الاسم" على دينار بالفاشر، ومن ناحية سياسية فادراجه في قائمة الموقعين جعل الأمر يبدو كأنها محاولة تعويض لغياب حركة تحرير السودان قيادة الأستاذ عبدالواحد نور من الوثيقة، والذي أمسك حتي الآن عن الادلاء باي تصريح، غياب نور وتحالف حركة التحرير بقيادة مناوي والاستقالات التي كشف عنها الإعلام لمؤيدي الحركة الشعبية قيادة الحلو بغرب دارفور، ومحاولة تمثيل المساليت بملك المساليت بمنطقة قريضة وليس السلطان سعد بحر الدين، يكشف ان موقف المجموعات السكانية الثلاثة الذين يعبرون عن اكبر سجل للضحايا والنازحيبن واللاجئين بدارفور خارج وثيقة نيروبي، فالبديهي ان موقف هذه المجموعات مرتبط بالعدالة كقضية جوهرية كامتداد لغياب المحاسبة منذ اندلاع أزمة السودان في دارفور ٢٠٠٣، بينما يظل التطابق النظري بين الإدارة الأهلية والقبيلة أمر في غاية الخطورة مثله مثل الاعتماد على القبيلة في التحليل السياسي ، بالضرورة سيقود إلي نتائج خاطئة .
بالنظر الي قائمة التوقيعات فإن شرق السودان جاء متضمنا إلي القوي النوقعة بمؤتمر البجا المعارض والأسود الحرة، ونفوذ الحزب الإتحادي الديمقراطي الاصل " مريدي سيدي الحسن"، جنوب كردفان الذي شملت خريطته الحركة الشعبية والحرب القومي السوداني، بإخراج ممثل المهنيين والفنيين الدكتور علاء نقد، والتجمع الاتحادي فإن الغالبية تمثل حركات انشقت تاريخيا من حركة تحرير السودان، بينها اربع مجموعات من موقعي وثيقة سلام السودان ٢٠٢٠، فيما جاء الجديد هو توقيع قمم الذي يمكن النظر اليه من زاوية مقابلة لصمود أو نتاج الشطار تحالف تقدم .
وفقا للوثيقة بأن أطرافها سيسعون إلي تكوين جيش من قوات المجموعات المسلحة المنضوية تحت الاتفاق، وهنا يثور السؤال حول موقف ممثلي المجتمع المدني، الفئات والشخصيات المستقلة من الخطوة لأنها قد تكون مفهومة موضوعيا في سياق السلم اما الحرب الراهنة فهذا قد يمتد إلي تطور اخر.
بالرغم من ان الحركة الشعبية لتحرير السودان قيادة الحلو قد منحت زخما لاتفاق نيروبي، فإن الأمر يعيد النظر إلي تحالف الجبهة الثورية السابق فالي جانب الحركة هنالك حركة العدل والمساواة قيادة صندل والقائد ابو القاسم امام الذي كان حينها تحت حركة تحرير السودان قيادة عبدالواحد نور الا انه مثل في نيروبي نحت حركة تحرير السودان الثورة الثانية، فجميع الأطراف كانوا في ذاك التحالف الذي انفض عقب هجوم ابوكرشولة في ٢٠١٤ بوقت قصير.
في ظل انعقاد المؤتمر استمر هجوم الدعم السريع على الفاشر، وكان كل من دكتور الهادي ادريس والاستاذ الطاهر حجر قد أعلنا الحياد من المجموعات الآخر التي تحالفت مع الجيش لتصبح القوة المشتركة التي تولت الدفاع ومقاونة سيطرة الدعم السريع على الفاشر، موقف كل من ادريس وحجر كان قد تطور إلي عمليات اجلاء المدنيبن وحماية قوافل محدودة من الإغاثة لتصل معسكر زمزم بشمال دارفور، الانضمام للوثيقة يعلن عمليا موقف جديد للنادي وحجر من حالة الفاشر، الأمر الذي يضع الامتحان الأول للتحالف وعنوان حكومة السلام، لأن الهجمات تعرض المدنيين للخطر بشكل رئيسي.
قبل ان يتم التوقيع على وثيقة نيروبي استمر القصف الجوي من قبل طيران الجيش لمناطق بدارفور وجنوب كردفان، الأمر الذي قد يقلل من التأثيرات التنظيمية المحتملة داخل بعض الحركات الموقعة، ولاسبما الحركة الشعبية، لأن استمرار الهجوم الجوي يمنح شرعية اكبر ويقلل من الاصوات الناقدة داخليا.
بالتوقيع من الممثلين على الوثيقة ينسدل الستار على الجزء الأول من العملية، ليطل الجزء الثاني المرتبط بادارة التحالف وهو ما ظل يمثل التحدي الأكبر على مر سجل التحالفات السياسية والعسكرية في السودان، التي من ضمنها أسئلة الشرعية للمجموعات المختلفة التي انقسمت ( عمليا) من بعض الاحزاب أو الحركات المسلحة، وكذلك موقف المجتمعين الدولي والاقليمي من التحالف، في كل الأحوال تراجع تقدم وانقسامها، والتحالف الجديد وموقف الجيش الذي يظهر في استمرارالعمليات العسكرية بما في ذلك القصف الجوي، يقابله موقف الدعم السريع في مواصلة القتال بما في ذلك الهجوم المستمر على الفاشر يشير إلي رجحان استمرار الحرب الي فترة ليست بالقصيرة، وقد تنتقل لمناطق آخري، بالإضافة إلي إنتشار معسكرات التدريب العسكري إلي مناطق أخري داخل وخارج السودان، مع ازدياد التسليح كما ونوعا لان معادلة الحرب تمضي اضطرادا مع الأطراف الخارجية الداعمة للحرب.
badawi0050@gmail.com