رمضان في صيدا اللبنانية.. ليالٍ تراثية وأجواء تفيض بالحياة
تاريخ النشر: 2nd, April 2024 GMT
صيدا– تزدهر مدينة صيدا في جنوب لبنان بنسماتها الدينية والثقافية في رمضان، حيث تتجسد تقاليدها وعاداتها بشكل بارز. وتتنوع الفعاليات في المدينة خلال الشهر الفضيل، حيث تشهد الشوارع والأزقة نشاطا مميزا بين السكان والزوار من مختلف المناطق اللبنانية.
وتحتفظ المدينة التي تقع على ساحل المتوسط، وتبعد حوالي 40 كيلومترا جنوب العاصمة بيروت، بتراثها وعاداتها الشعبية بشكل لافت خلال هذا الشهر الفضيل.
وتشهد صيدا فعاليات ثقافية وفنية تعكس تراثها الغني، مثل المعارض الفنية والعروض والأمسيات الموسيقية التقليدية، والتي تجمع بين الجمال الفني وبعض العادات والتقاليد الرمضانية.
ورغم أجواء التصعيد العسكري في الجنوب اللبناني، عاشت المدينة رمضان كعادتها كل عام، وشهدت لياليها عروضا متنوعة شملت الفرق التراثية والكشفية والحكواتي والمسحراتي ومعرض للرسامين والحرفيين، بالإضافة إلى عروض الفرق الفلكلورية التي تجول بالزي التراثي في الأحياء، وهي تضرب الطبول والصنوج والدفوف وسط إنشاد موشحات دينية وزجل لبناني.
الحكواتي سعد الدين أبو سلطانية يحافظ على وجوده في ليالي رمضان في صيدا (الجزيرة) الحكواتيكثيرة هي التقاليد الشعبية والتراثية التي اندثرت في لبنان، إلا أن مدينة صيدا استطاعت الحفاظ عليها، وهنا يظهر "الحكواتي" بزيه التقليدي المعروف، والمؤلف من السروال والسترة المطرزة، ويرتدي الحزام التقليدي العريض والطربوش الأحمر، ويتخذ مكانه على كرسيه في المقهى.
اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4نورة بوحناش: مقاصد الحداثة مادية وهكذا تسلِّع رمضانlist 2 of 4مطبخ الخير.. مبادرة نسائية لإطعام الصائمين بمخيمات النزوح بإدلبlist 3 of 4لماذا تراجعت "موائد الأرحام" بالأردن في رمضان الجاري؟list 4 of 4حلوى "المخارق" الرمضانية.. فخر مدينة باجة التونسيةend of listوخلال جولة "الجزيرة نت" في مدينة صيدا، التقينا الحكواتي سعد الدين أبو سلطانية الذي حدثنا عن أيام الوالد والجد وكيف كانوا يجلسون في المقاهي ويروون القصص، وقال: "كانت أيام زمان طيبة وحلوة وبسيطة. وكان الوالد يروي لي القصص التي كان يسمعها من جده، وأنا بدوري أروي القصص التي سمعتها منه، وكانت هذه القصص غالبا ما تكون عن شخصيات تاريخية بطولية مثل عبلة وعنتر".
ويتابع حديثه ويقول: "في هذا الزمن، يُلاحظ غياب الحكواتي بشكل كلي مع تطور التكنولوجيا ووجود التلفاز، إلا أنه يحضر في شهر رمضان، ليروي القصص القديمة، ويعيد إحياء ذكريات أيام زمان".
تعج مدينة صيدا بالزوار للاستمتاع بأجواء رمضانية شعبية مميزة (الجزيرة) ساحة ضهر الميرالوجهة الثانية في الجولة كانت لساحة ضهر المير، وهي ساحة حوّلتها جمعية "الكشاف المسلم – مفوضية الجنوب" إلى مكان لإحياء التراث وتكريم كبار الحرفيين والحلوانيين في صيدا، كما تعتبر نقطة للتجمع والتلاقي بين الأهالي لخلق جو من الألفة والمحبة بينهم.
يقول مفوض الجنوب في جمعية "الكشاف المسلم" في لبنان رامي بشاشة للجزيرة نت: "لقد أصبح لدينا تقليد سنوي منذ أكثر من 6 سنوات لتنظيم سهرات تراثية ودينية خلال الشهر المبارك. وتتمتع هذه السهرات بأهمية كبيرة لأهالي المدينة، حيث تعزز الألفة والمحبة، وتجعل المدينة بأكملها تبدو كأنها عائلة واحدة".
ويضيف: "الجميع يجتمع في سهرات تتضمن المدائح والأناشيد، وتعمل على إضفاء جو من الفرح والبهجة، خاصة في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها المنطقة، سواء في قطاع غزة أو جنوب لبنان. ونحن نسعى كل عام لتنظيم هذه الفعالية لأهلنا في صيدا، بهدف تخفيف الآلام والمعاناة التي مر بها البلد خلال السنوات السابقة، خاصة من ناحية الأزمة الاقتصادية".
العادات القديمة لم تغب عن أجواء رمضان في صيدا (الجزيرة) ساحة باب السرايأما الواجهة الثالثة فهي باب السراي التي تعتبر أكبر ساحة عامة في قلب صيدا القديمة. ويعود اسمها إلى الباب الشهير لسراي فخر الدين الثاني، وهو أحد المعالم السياحية البارزة في المدينة.
تزينت الساحة بالأضواء الملونة والفوانيس الرمضانية، وتستقبل وفودا كثيرة حضرت للاستمتاع بالأجواء الرمضانية المميزة، حيث تنتشر فيها الحلويات الرمضانية والمشروبات والمأكولات الصيداوية الشعبية، بالإضافة إلى النشاطات الخاصة بالأطفال. وهذا ما يجعلها نقطة جذب رئيسية ومركزا نابضا بالحياة في المدينة.
مدينة صيدا تحافظ على عاداتها وتقاليدها الشعبية والروحانية في شهر رمضان (الجزيرة) خان الإفرنجبضعة أمتار تفصلنا عن وجهتنا الرابعة، خان الإفرنج، أحد أقدم الخانات الذي بُني في مطلع القرن الـ16. ويضم خان الإفرنج أكثر من 76 جناحا مخصصة للحرف اليدوية والمأكولات والحلويات، حيث يعرض هذا التنوع من قِبل أصحاب المشاريع والمؤسسات الصغيرة والناشئة، وهو ما يمكنهم من عرض وتسويق منتجاتهم.
إضافة إلى ذلك، يقام في خان الإفرنج أمسيات فنية تراثية تعكس جمال الثقافة المحلية، وتقدم أنشطة ترفيهية ماتعة تشمل رقص المولوي والفرق التراثية اللبنانية والفلسطينية والكشفية. ويمتد هذا النشاط عبر فترة الإفطار وحتى السحور، وهو ما يضفي عليها جوا مميزا وحيويا يجعلها وجهة مثالية للتمتع بأجواء رمضانية وتجربة ماتعة للزوار من خارج المدينة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ ترجمات حريات رمضان 2024 مدینة صیدا فی صیدا
إقرأ أيضاً:
«أيادي مصر».. نساء دمياط يبدعن في المعرض بمنتجات تراثية صديقة للبيئة
في قلب صحراء الوادي الجديد، وبين زحام معرض «أيادي مصر»، في ثاني أيامه، تجلت إبداعات نساء دمياط بمنتجاتهن التي حملت أصالة التراث الدمياطي، وتدوير ما يلقيه عليهن البحر المتوسط من صدف، حيث تفننت كل من «كاميليا نجم»، وبجوارها «منى عبد الله»، في تشكيل الصدف وبقايا شباك الصيد، تقفان بفخر بجوار معروضاتهما، وتشرحان للزوار كيف استطاعتا تحويل هذه المواد البسيطة إلى تحف فنية فريدة.
قصص نساء دمياط«هذه ليست مجرد منتجات، بل قصص تُروى»، تقول كاميليا بابتسامة، وهي تعرض مجسمًا خشبيًا صنعته بأيديها، وتقول بينما كان الدكتور مصطفى مدبولي رئيس الوزراء يتفقد جناح دمياط أمس، توقف طويلاً أمام تلك الأعمال اليدوية، مشيدًا بالمهارة والابتكار اللذين يعكسان روح التحدي والإبداع، ولم ينس أن يسأل عن المشبك الدمياطي، وفوجئ أننا بالفعل أحضرناه معنا.
قصة مشروع المدينة الصديقة للنساء«من داخل عزبة البرج، وتحديدًا من مشروع المدينة الصديقة للنساء، انطلقت هذه الرحلة» تحكي منى عبد الله، عضو المجلس القومي للمرأة بدمياط لـ«الوطن» عن المشروع، الذي افتُتح منذ 3 سنوات بمنحة من هيئة الأمم المتحدة للمرأة، لم يكن مجرد مركز لتعليم الحرف اليدوية، بل كان بوابة لتغيير حياة الكثيرات من سيدات دمياط، هنا، تعلمت نساء دمياط كيفية تحويل التراث إلى فرص اقتصادية، والتسويق لمنتجاتهن، والانطلاق بأحلامهن إلى آفاق جديدة.
«لم يكن المشروع مجرد منصة للتدريب، بل مكانًا لصنع الأحلام» تحكي منى تجربتها في المدينة الجديدة، والتي حصلت على جائزة اليونيسكو لمدن التعلم، وأثبت أن تمكين المرأة يمكن أن يكون مفتاحًا لتغيير مجتمعات بأكملها.
وتصف «منى»، المنتجات الدمياطية التي شاركت في المعرض، أنها لم تقتصر على المفروشات والإكسسوارات المصنوعة من الصدف، بل امتدت لتشمل المشبك، تلك الحلوى الدمياطية التي تروي حكايات الطفولة والمناسبات السعيدة.
نساء دمياط يصنعن من الفن رسالة ومن التراث مستقبلًابين الخشب المعاد تدويره والصور التي تحمل عبق التراث، والصدف الذي يحاكي أمواج البحر، استطاعت نساء دمياط أن يصنعن من الفن رسالة، ومن التراث مستقبلًا، وفي معرض «أيادي مصر»، ليست المنتجات فقط ما يُعرض؛ إنها قصص النساء، أحلامهن، وكفاحهن لتحويل التحديات إلى فرص، والأفكار إلى واقع.