برلمانيان بريطانيان للجزيرة نت: هكذا تتجنب لندن التورط في جرائم إسرائيل بغزة
تاريخ النشر: 2nd, April 2024 GMT
لندن- وقّع أكثر من 134 عضوا في البرلمان البريطاني وأعضاء من مجلس اللوردات خطابا إلى وزير الخارجية ديفيد كاميرون ووزيرة الأعمال والتجارة كيمي بادينوك، يدعون فيه الحكومة إلى فرض حظر على مبيعات الأسلحة لإسرائيل.
وأكد الخطاب ضرورة اتخاذ إجراء فوري لتعليق تراخيص تصدير الأسلحة إلى إسرائيل.
والتقت الجزيرة نت النائبين عن حزب العمال بالبرلمان البريطاني جيرمي كوربن وريتشارد بورغون اللذين وقّعا على هذا الخطاب لمزيد من التفاصيل بشأنه.
قرار أخلاقي
وفي حديث مع الجزيرة نت، أكد بورغون أنه على الحكومة الالتزام بالقرار الأخلاقي المتسق مع القانون الدولي. وتساءل "عندما ننظر لقرار مجلس الأمن الذي طالب بوقف فوري لإطلاق النار، كيف لحكومتنا ألا تمتثل له، وخاصة مع تجاهل الحكومة الإسرائيلية للقرار، تستمر حكومتنا في بيع الأسلحة لها، يجب أن يتوقف ذلك فورا".
وقال إنه على الحكومة البريطانية الحذر من "التورط والتواطؤ في جرائم الحرب التي ترتكبها إسرائيل في الوقت الراهن في قطاع غزة".
وعن المسيرات الحاشدة الداعمة لغزة، أضاف بورغون "الحركة الجماهيرية الحاشدة التي تطالب بوقف فوري لإطلاق النار تسهم بشكل فاعل في تغيير موقف الحكومة البريطانية الرسمي وتجبرها على التصويت لصالح القرار في الأمم المتحدة وهو ما لم تفعله الحكومة من قبل".
وتابع "رغم أن هذا القرار مرحب به فإنه غير كاف، فعلى حكومتنا أن تضغط من أجل وقف إطلاق النار، والأهم من ذلك أن تتوقف عن السماح لإسرائيل بالحصول على أسلحة، وهو مطلب واسع في البرلمان من كلا الحزبين، ونحتاج مزيدا من الضغط لتحقيق ذلك".
وتطرق بورغون لمسألة فرض الحكومة البريطانية عقوبات على المستوطنين الإسرائيليين المتطرفين، مطالبا بفرض المزيد منها، وأن تشمل عقوبات تتعلق بتسليح تل أبيب، واعتبرها واجبا أخلاقيا وقانونيا ملزما لتجنب التواطؤ في جرائم الحرب.
إجراء حاسموكانت وزارة الخارجية البريطانية أعلنت في فبراير/شباط الماضي فرض عقوبات على 4 مستوطنين إسرائيليين متطرفين ارتكبوا انتهاكات لحقوق الإنسان ضد المجتمعات الفلسطينية.
وقال بورغون "المستوطنات غير شرعية بموجب القانون الدولي، وما يجب أن يترتب على ذلك هو الدفع بإجراء حاسم ضدها، وما رأيناه في العقوبات ضد المستوطنين المتطرفين ضروري، خاصة مع تجاهل الحكومة الإسرائيلية قرار وقف إطلاق النار، لكن يجب اتخاذ المزيد من الإجراءات ضد هذه المستوطنات".
وسلط النائب الضوء على مشاكل المستوطنات غير الشرعية التي يديرها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مؤكدا أنها تجعل حل الدولتين شبه مستحيل، خاصة من الناحية الجغرافية، وأنها عائق يعرقل ويمنع محاولات إقامة دولة فلسطينية.
واستنكر قرار وقف تمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) وقال "من الواضح أنه خطأ أخلاقي، أونروا تقوم بعمل حيوي لا يمكن تعويضه في غزة في وقت مروع بين معاناة ودمار وقتل".
وأضاف "طالبنا في البرلمان باستئناف تمويل أونروا بشكل عاجل امتثالا لقرارات الدول الأخرى، وهو التزامنا الأخلاقي، فكيف ينددون بالتنكيل بالمدنيين في غزة، وفي الوقت نفسه يوقفون التمويل".
تواطؤ
بدوره قال جيرمي كوربن زعيم حزب العمال السابق للجزيرة نت "أشعر بالخزي والاشمئزاز ليس فقط لأن حكومتنا تصدّر أسلحة لإسرائيل وتدعمها عسكريا، ولكنها أيضا تسمح باستخدام مطارات بريطانيا كنقاط عبور لاستخدامات عسكرية متعلقة بالحرب على غزة".
وأضاف "كما تُستخدم بعض الطائرات الحربية في تلك الرحلات الجوية بين إسرائيل وقبرص لا أعرف -كنائب برلمان- ماذا يوجد فيها".
ورفع كوربن في البرلمان التماسا للحكومة البريطانية في ديسمبر/كانون الأول الماضي يطالبها بالإفصاح عن طبيعة الأعمال العسكرية التي تتم في قاعدة سلاح الجو البريطاني "أكروتيري" (RAF) في قبرص.
ولم تجب الحكومة البريطانية -حتى اليوم- على سؤال كوربين وماهية استخدام هذه القاعدة من قبل الجيش الأميريكي، والتي أشارت تقارير إلى استخدامها في توصيل أسلحة إلى إسرائيل.
وقال زعيم حزب العمال السابق إن قرار محكمة العدل الدولية كان حاسما باعتبار العدوان على غزة يرتقي للإبادة الجماعية، مما يعني أن أي جهة تقوم بالإمداد العسكري -الدائم أو المؤقت- لإسرائيل، فهي متواطئة".
كما يعني -بحسب كوربن- أن الحكومة البريطانية الحالية عرضة للمحاكمة أمام الجنائية الدولية، وهذا يتضمن كل الدول الموقعة على اتفاقية روما، "ولكنهم أيضا متواطئون على جرائم حرب".
وتنص المادة الرابعة من الاتفاقية على "التزام الدول الأطراف باتخاذ تدابير لمنع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، بما في ذلك عن طريق سن التشريعات ذات الصلة ومعاقبة مرتكبيها، سواء كانوا حكاما مسؤولين دستوريا أو موظفين عموميين أو أفرادا عاديين".
وعليه، يطالب النواب واللوردات الـ134 وآخرون بإدراج كل ذلك تحت بند وقف الإمداد العسكري لإسرائيل إلى جانب وقف تصدير الأسلحة لها، امتثالا لقرار العدل الدولية والاتفاقيات الدولية الملزمة للدول الموقعة باتخاذ التدابير لمنع جريمة الإبادة الجماعية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ ترجمات حريات الحکومة البریطانیة فی البرلمان
إقرأ أيضاً:
بين الفوضى والحكومة العسكرية.. خيارات إسرائيل بعد حظر الأونروا بغزة
تعيش إسرائيل حالة من التردد وعدم اليقين بشأن البدائل الممكنة لتقديم المساعدات الإنسانية في غزة، وذلك بعد حظرها عمل وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا).
وحسب المقال الذي نشرته الكاتبة عيناف حلبي في يديعوت أحرونوت اليوم الأربعاء، فإن انسحاب الأونروا يثير مخاوف حقيقية من حدوث فوضى إنسانية غير مسبوقة في القطاع.
وتسلط الكاتبة الدرزية الإسرائيلية الضوء على الخيارات الصعبة لإسرائيل لاستبدال الوكالة، التي توظف 13 ألف شخص في غزة، كما أنها تشكك في مدى فاعلية الحكومة الإسرائيلية في توزيع المساعدات على مئات الآلاف من النازحين، وتشير إلى عدد من السيناريوهات البديلة التي تحمل مخاطر وتحديات خاصة بها.
الفوضى المحتملةتصف حلبي -في مقالها- سيناريو الفوضى بوصفه أكثر السيناريوهات الواقعية التي قد تحدث في حال انسحاب الأونروا من غزة. وتشير إلى أن هنالك أكثر من 600 شاحنة محملة بالمساعدات تنتظر الدخول، ولكن يبدو أن توقف الأونروا عن العمل قد يضعف الجهود، ويحول دون توزيعها بشكل منتظم وفعال، مما يعرض النازحين لمخاطر عديدة، خاصة مع تأخر هذه المساعدات في المستودعات.
وتضيف حلبي أن انسحاب الأونروا سيترك فراغا لا يسهل ملؤه، إذ تنقل عن أحد النازحين قوله: "إن الفوضى في التوزيع تزداد سوءا يوما بعد يوم، فعديد من المساعدات تباع في الأسواق، بينما يحصل النازحون فقط على بقاياها".
ومع انسحاب الأونروا، دعمت إسرائيل بعض المنظمات الإنسانية الأجنبية لسد الفراغ، منها "المطبخ المركزي العالمي" الذي قتلت إسرائيل 7 من موظفيه في غارة على سياراته في أبريل/نيسان الماضي.
وقالت الكاتبة إن عددا من هذه المنظمات يواجه تحديات كبيرة بسبب الظروف الأمنية التي تعوق نشاطها، وعدم قدرتها على سد كافة الاحتياجات.
وأشارت إلى منظمات أخرى مثل النداء الإنساني في المملكة المتحدة، التي توزع الطرود الغذائية عن طريق موظفيها من سكان غزة، بالإضافة إلى منظمة "أنيرا" الأميركية، التي توزع الطعام المطبوخ على النازحين في المواصي وخان يونس، فضلا عن استمرار عمل هيئة الإغاثة الإنسانية التركية (IHH) التي توزع المساعدات عن طريق متطوعين أتراك وسكان غزة.
ولكنها لا تنسى أن تشير إلى التهديدات الأمنية، خصوصا القصف الإسرائيلي الذي يجعل حياتهم في خطر حقيقي ويدفعهم للمغادرة، كما تتجاهل سعي إسرائيل لإضعاف حكومة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) من خلال استهداف شخصياتها التي كانت تقوم بدور مهم في تنسيق توزيع المساعدات.
وتلفت الانتباه إلى أن بعض المنظمات تعترف بأن عددا من المواد يذهب بالفعل إلى الأسواق، مما يبرز عجز المنظمات عن توفير الأمن اللازم في عملية التوزيع.
وبالإضافة إلى المساعدات المستمرة التي تدخل غزة، يقدم تحالف من 6 دول بانتظام مساعدات جوية إلى غزة. وتقوم طائرات من الأردن ومصر والولايات المتحدة وبلجيكا وهولندا وفرنسا بإسقاط المساعدات التي تتكون عادة من مغذيات ووجبات جاهزة للأكل.
ولم تثبت هذه الطريقة فعاليتها، إذ قُتل عدد كبير من النازحين بإلقاء المساعدات مباشرة على خيامهم.
الحكومة العسكريةوحسب الكاتبة، فإن أحد الخيارات المطروحة على طاولة الحكومة الإسرائيلية هو إقامة حكومة عسكرية مؤقتة، تتولى من خلالها القوات الإسرائيلية مسؤولية توزيع المساعدات.
ولكن هذا الخيار يواجه صعوبات كبيرة، أبرزها التكلفة الهائلة المقدرة بـ5 مليارات شيكل سنويا (نحو 1.33 مليار دولار)، بالإضافة إلى المخاطر الأمنية الكبيرة التي قد يتعرض لها الجنود، إذ إن "الاحتكاك اليومي مع سكان غزة سيعرضهم للخطر ويضعهم في مواجهة مباشرة مع السكان".
كما ترى حلبي أن هذا الخيار قد يؤدي إلى زيادة الضغوط الدولية على إسرائيل، مما قد يجعل من الصعب عليها تطبيق هذا السيناريو، خصوصا أن المجتمع الدولي غالبا ما يعارض إقامة حكومات عسكرية على أراض محتلة.
وتقول حلبي إن إسرائيل جربت خيار التعاون مع العشائر والعائلات الكبيرة في غزة كبديل آخر، ولكنها تؤكد أن "هذه الجهود لم تصل إلى نتائج ملموسة بسبب تهديدات حركة حماس، التي تنظر إلى هذه الخطوات على أنها محاولة لزرع نفوذ إسرائيلي بطرق ملتوية".
وفي حين تتجاهل حلبي أن عددا من وجهاء العشائر رفضوا التعاون مع إسرائيل من تلقاء ذاتهم، فإنها تعتبر أن هذه العشائر "عائلات إجرامية أحيانا، حيث إنها مدججة بالسلاح وتتمتع بنفوذ كبير، مما قد يجعل منها شريكا صعب التعامل معه"، حسب الكاتبة.
دور محتمل للسلطة الفلسطينيةوفي المقابل، تشير الكاتبة إلى أن مصر، بوصفها وسيطا إقليميا، تواصل دعم فكرة استعادة السلطة الفلسطينية السيطرة على قطاع غزة. وترى القاهرة أن هذا السيناريو يمكن أن يحقق استقرارا مستداما في غزة ويعيد تنظيم عمليات توزيع المساعدات.
لكن العقبة الرئيسية تكمن في استمرار الخلاف بين حركتي فتح وحماس، إذ إن "الاتفاق الوطني بين الطرفين لم يتحقق حتى الآن، مما يجعل من غير الواضح إذا ما كان هذا الخيار قابلا للتطبيق فعليا".
ومع ذلك، فإن السلطة الفلسطينية مهتمة باستعادة السيطرة على غزة، رغم الوضع الاقتصادي المتردي الذي تعيشه، إذ يرى مسؤولوها أن العودة إلى غزة قد تمكنهم من فرض النظام وتحقيق الأمن في القطاع. إلا أن إسرائيل تخشى أن يؤدي هذا إلى عودة نفوذ حماس تدريجيا، وهو أمر لا ترغب فيه تل أبيب بأي شكل.
ختاما، رغم أن حلبي ترى أن هذه الخيارات المتاحة أمام إسرائيل قد تتغير مع تطور الأوضاع، لكنها تؤكد حالة الحيرة الإسرائيلية في اتخاذ قرار واضح بشأن بدائل الأونروا في غزة، إذ إن "كل خيار يحمل تحديات خاصة به، فضلا عن الضغوط الدولية المتوقعة التي قد تواجهها إسرائيل في حال اتخاذها خطوات مثيرة للجدل مثل إقامة حكومة عسكرية".