سيناريو لن يتكرر.. عملية كسارة البندق في الجنوب
تاريخ النشر: 2nd, April 2024 GMT
موقع "declassifieduk" يصف تلك العملية العسكرية البريطانية بجنوب اليمن الذي كان حينها تحت الاحتلال قائلا إن "حملة ردفان كانت سلسلة من العمليات العسكرية البريطانية خلال حالة الطوارئ في عدن في يناير ومايو 1964. وقعت في منطقة ردفان الجبلية بالقرب من الحدود مع الجمهورية العربية اليمنية. بدأ رجال القبائل المحليون المرتبطون بجبهة التحرير الوطني في مداهمة الطريق الذي يربط عدن ببلدة الضالة".
العملية العسكرية البريطانية الأولى للقضاء على تلك الثورة اليمنية العارمة في مناطق اليمن الجنوبية أطلق عليها اسم "كسارة البندق"، وقد بدأت في يناير عام 1964 بمشاركة ثلاثة كتائب بريطانية متمركزة هناك معززة بسلاح الجو الملكي.
في "عملية كسارة البندق"، نفذت طائرات سلاح الجو الملكي البريطاني 600 طلعة قتالية جوية فوق جبال ردفان، أطلقت خلالها 2500 صاروخ و200000 قذيفة مدفعية.
الموقع البريطاني الإلكتروني ذاته لفت إلى أن الغارات الجوية البريطانية الأولى التي نفذت مطلع العام الجاري على مواقع الحوثيين في اليمن " الذين تجرأوا على تحدي الدعم الغربي لإسرائيل على غزة"، بذريعة تعرض المدمرة، "إتش إم إس دايموند"، للهجوم من قبل طائرات يمنية مسيرة، يتزامن مع الذكرة الستين "لحملة بريطانية منسية في البلاد تنطوي على القوة الغاشمة والهجمات المتعمدة على المدنيين، كما تظهر الملفات التي رفعت عنها السرية".
مناطق اليمن الجنوبية كانت تحت السيطرة البريطانية منذ عام 1839، وكان ميناء عدن يعتبر رصيدا استراتيجيا حيويا للإمبراطورية البريطانية.
ردت السلطات البريطانية على الثورة في مناطق اليمن الجنوبية في عام 1964 "بإطلاق العنان للقمع الوحشي في شوارع عدن، بما في ذلك إقامة مركز استجواب كان يعرف بشكل ساحر باسم (معمل الأظافر). كان التعذيب والضرب والإعدام بإجراءات سريعة أمرا روتينيا".
منطقة ردفان التي انطلقت منها شرارة الثورة بجنوب اليمن حينها كانت ضمن الكيان الاستعماري البريطاني الذي خلقته بريطانيا وأطلقت عليه اسم اتحاد جنوب الجزيرة العربية وكان عبارة عن مجموعة من المشيخات والسلطنات التي كونتها لندن.
المملكة المتحدة لم تكن تمانع في منح الاستقلال لـ"جنوب الجزيرة العربية"، ولكن بشرط كشف عنه السير كينيدي تريفاسكيس، مفوضها السامي في عدن في الوثائق السرية التي رفعت عنها السرية بقوله إن هذا الاستقلال يجب أن "يضمن انتقال السلطة الكاملة بشكل حاسم إلى أيد صديقة"، وأن يترك هذا الإقليم " معتمدا علينا وخاضعا لنفوذنا".
اليمنيون قالوا كلمتهم في ذلك الوقت من خلال ثورة عارمة ضد الاحتلال البريطاني جنوب اليمن، و"كان رد السلطات البريطانية في ظل حكومة أليك دوغلاس المحافظة شرسا. دعا وزير المستعمرات دنكان سانديز في أبريل 1964 إلى (القمع الشديد) للثورة، وأن يسمح للجيش البريطاني (باستخدام أي أساليب ضرورية)".
ما كان يزعج البريطانيين في ذلك الوقت هو الاحتجاجات الدولية" ولذلك شددوا على ضرورة التقليل منها بدعاية مناسبة، مع المحافظة في نفس الوقت على الهدف المتمثل في "جعل الحياة غير سارة للقبائل إلى درجة تحطيم معنوياتهم والحصول على خضوعهم".
توجيه سياسي صدر للقوات البريطانية في أبريل 1964 طالب القوات البريطانية بضرورة اتخاذ "إجراءات عقابية تؤذي المتمردين، وبالتالي تترك وراءها ذكريات لن تتلاشى بسرعة".
وهذا ما حصل بالضبط، حيث كتب بريان دروهان، الباحث في أكاديمية "ويست بوينت" العسكرية الأمريكية بعد تحليله للملفات البريطانية التي رفعت عنها السرية يقول إن "سكان ردفان شعروا بالقوة الكاملة للإكراه الاستعماري حيث قصفت القوات البريطانية القرى وذبحت الماشية ودمرت المحاصيل".
كما تلقى الجنود البريطانيون أوامر "بمصادرة الممتلكات وحرق الأعلاف وتدمير مخازن الحبوب والماشية. وسمحت قواعد الاشتباك للقادة باستخدام القصف الجوي والمدفعي إلى أقصى حد ضروري، إذا رفضت القرى الاستسلام"، مع الإشارة أيضا في هذا التوجيه الرسمي البريطاني، بضرورة القبول في مثل هذه الظروف بسقوط "ضحايا من النساء والأطفال"!
الوثائق البريطانية السرية كشفت أن طائرة قاذفة بريطانية استهلكت في هجوم واحد 600 طلقة مدفع عيار 20 ملليمتر وأسقطت 20 قنبلة، واعترف الطيار بأنه أطلق نيران مدفعه الرشاش على قطيع من الماعز، وأنه ألقى ست قنابل على قطيع ماعز آخر، واستهدف 11 رأس من الماشية، وعلى "الناس" من دون تحديد، إضافة على استهداف 14 شخصا كانوا يختبئون تحت الأشجار.
وزارة الدفاع البريطانية تحدثت في ذلك الوقت عن عدم وجود قيود على استخدام "القنابل المضادة للأفراد" التي يبلغ وزنها 20 رطلا، على غرار ما يسمى الآن بالقنابل العنقودية. ما كان يهم وزير الدفاع البريطاني في ذلك الوقت، بيتر ثورنيكروفت، أوصى به رئيس اركان القوات الجوية ويتمثل في "ضمان سرية العملية" أثناء استخدام هذه القنابل.
باستخدام القوة الغاشمة وأساليب القمع الوحشية واستهداف المدنيين تمكنت القوات البريطانية في أواخر يوليو عام 1964 من استعادة السيطرة إلى حين على المناطق التي خرجت عن سيطرتها، وواصلت فرض حظر بري على التنقل من خلال تسيير دوريات برية وجوية.
بنهاية المطاف، وبعد حرب تحرير طويلة ودامية، رحل البريطانيون عما يعرف بـ"اتحاد جنوب الجزيرة العربية" وأصبحت هذه المنطقة جزءا من جنوب اليمن المستقل في عام 1967، وبقيت في الذاكرة اليمنية وحشية الجيش البريطاني. وحشية تجددت مطلع هذا العام بعد مرور ستة عقود من تلك الحقبة الرهيبة.
المصدر: ٢٦ سبتمبر نت
كلمات دلالية: فی ذلک الوقت جنوب الیمن
إقرأ أيضاً:
الإمارات تعيد دعم فصائلها في اليمن وسط تحولات جديدة في المشهد السياسي والعسكري
الجديد برس|
في خطوة لافتة، أعادت الإمارات تحريك دعمها للفصائل الموالية لها في جنوب وغرب اليمن، بعد سنوات من التقليل من دعم هذه الفصائل. جاء هذا التحرك بالتزامن مع تطورات في المشهد تقودها أمريكا وتنبئ بتحييد التحالف السعودي- الاماراتي
وكان الرئيس الإماراتي محمد بن زايد قد قام بزيارة إلى قائد الفصائل المدعومة إماراتياً في الساحل الغربي لليمن، طارق صالح، الذي يتلقى العلاج في أحد مستشفيات أبوظبي بعد تعرضه لحادث في منطقة الساحل.
وتزامن هذا مع إعلان بن زايد عن استئناف صرف مرتبات مقاتلي الفصائل الموالية للمجلس الانتقالي الجنوبي، حيث تم تخصيص ألف درهم سعودي للمقاتلين المؤهلين و500 درهم للآخرين.
هذه الخطوة تأتي في وقت حساس، حيث كانت الإمارات قد أوقفت صرف المرتبات لهذه الفصائل في السنوات الأخيرة، وهو ما يثير تساؤلات حول دوافع العودة إلى دعم هذه الفصائل بشكل متزايد.
وقد تم تفسير هذا التحرك في إطار الضغوط السعودية التي تهدف إلى تفكيك الفصائل الموالية للإمارات في جنوب وغرب اليمن.
وتشير مصادر سياسية إلى أن إعادة الإمارات دعمها لهذه الفصائل، التي كانت قد تخلت عنها بعد إعلان انسحابها من اليمن قبل سنوات، تأتي في وقت حرج وسط تصاعد المساعي الأمريكية لإعادة تشكيل التحالفات السياسية في اليمن. وتستهدف هذه المساعي تحييد التحالف السعودي الإماراتي، واستعادة تأثير القوى التقليدية المناهضة للإمارات، وعلى رأسها حزب الإصلاح، جناح الإخوان المسلمين في اليمن.
في السياق نفسه، عادت الولايات المتحدة لدعم تحالف جديد أطلق عليه “التكتل الوطني للأحزاب”، وهو تحالف يضم قوى سياسية عدة، بما في ذلك حزب الإصلاح، في محاولة لتشكيل سلطة جديدة قد تمثل بديلاً للفصائل الموالية للإمارات والسعودية في جنوب البلاد.