عبّر علماء البحار والمحيطات ومراكز الأبحاث ورصد البيئات البحرية عن قلقهم من تسارع ارتفاع درجات الحرارة، وذلك بعد بيانات حللها في وقت سابق معهد تغيّر المناخ في "جامعة مين" الأميركية تُظهر أن درجات حرارة سطح البحر المسجلة يوميا تخطت الأرقام القياسية لأعلى ارتفاع لها منذ عام 1982، وذلك بفعل التغيّرات المناخية التي شهدها العالم،

وأظهرت دراسات لاحقة أن ثمة تأثيرا مباشرا للنشاط البشري في تغيّر المناخ تجلى في ارتفاع حرارة سطح البحر، وعلى وجه التحديد تأثير الأنشطة المتعلقة بزيادة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بشكل كبير في اتساع الدورة الموسمية لدرجات حرارة سطح البحر.

اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4تغيّر المناخ يُنذر بزيادة معدل انتشار الأمراض المعديةlist 2 of 4باحثون يطورون نظاما لالتقاط ثاني أكسيد الكربون وتحويله إلى وقودlist 3 of 4اضطرابات سلاسل التوريد تُفاقم الخسائر الاقتصادية الناجمة عن تغيّر المناخlist 4 of 4مناطق التزلج في العالم في خطر.. ما الذي يُهددها؟end of list

ويُقصد بمصطلح "درجة حرارة سطح البحر" درجة حرارة أي جسم مادي يقع على السطح والذي عادة ما يُنسب إلى مستوى سطح البحر. وعند قياس درجة حرارة الماء على سطح المحيطات، فإن درجة حرارة السطح تُخصص باسم "درجة حرارة سطح البحر".

اتساع الدورة الموسمية لدرجات حرارة سطح البحر آخذ في التزايد ليصبح ارتفاع درجة حرارة الصيف أكثر وضوحًا من ارتفاع درجة حرارة الشتاء (شترستوك) البصمة البشرية

وفي دراسة جديدة قام بها فريق الباحثين من معهد وودز هول لعلوم المحيطات، قدمت الدراسة دليلا واضحا على وجود "بصمة" بشرية على تغيّر المناخ غيّرت في سعة الدورة الموسمية لدرجات حرارة سطح البحر.

وتقول الدراسة التي نشرتها دورية نيتشر كلايميت تشينج: "هناك إشارة لتغير المناخ بسبب الإنسان في درجات حرارة المحيطات المرتبطة بزيادة ثاني أكسيد الكربون".

ووفقا للبيان الصادر من معهد وودز هول لعلوم المحيطات، فإن التغيير في سعة الدورة الموسمية لدرجات حرارة سطح البحر هي واحدة من أبرز المؤشرات على خطورة الوضع البيئي في المحيطات في العالم.

يقول الباحث المشارك في الدراسة بنجامين سانتر، وهو باحث في قسم علوم المحيطات الفيزيائية بمعهد وودز هول لعلوم المحيطات: "التغيرات في درجات حرارة سطح البحر دليل على تغير المناخ بسبب الإنسان، إذ إنها مرتبطة بزيادة ثاني أكسيد الكربون، وهي ناتجة عن الأنشطة البشرية".

ومن ناحية أخرى يقول بيان معهد وودز هول لعلوم المحيطات: كان الدافع وراء الدراسة العمل السابق لفريق العمل بقيادة الباحث بنجامين سانتر، الذي عمل في مجال البصمات البشرية المناخية لأكثر من 30 عاما.

واستَخدمت الدراسات السابقة سجلات الأقمار الصناعية لتحديد البصمات البشرية في تغيير الدورة الموسمية لدرجة حرارة التروبوسفير من متوسطة إلى عليا. ومع ذلك، فهذه أول دراسة لبصمات الإنسان تكشف عن أنماط تفصيلية لتغير المناخ في درجات حرارة سطح البحر الموسمية.

دراسة: الإنسان كان السبب الرئيسي في التغيرات التي طرأت على درجة حرارة سطح البحر (شترستوك) نتائج الدراسة.. السبب هو الإنسان

وبحسب بيان معهد وودز هول لعلوم المحيطات، فإن الدراسة استخدمت أربع مجموعات مختلفة من بيانات الرصد، بما في ذلك سجلات الأقمار الصناعية وقياسات من السفن والعوامات التي يعود تاريخها إلى عام 1950.

وكشف تحليل هذه البيانات الشاملة عبر جميع المصادر، عن إشارات إلى تأثير بشري قوي في التغيرات الموسمية لدرجة حرارة سطح البحر.

يقول الباحث المشارك في الدراسة بنجامين سانتر: "كل هذه البيانات قدمت الاستنتاجات نفسها التي تدل على أن الانسان كان السبب الرئيسي في التغيرات التي طرأت على درجة حرارة سطح البحر".

كما أن المحاكاة مع التغيرات التاريخية في التأثير الفردي أكدت مجددا أن زيادات غازات الدفيئة هي المحرك الرئيسي للتغيرات في تكييف الهواء تحت الأرض، وهي من تأثير الهباء الجوي البشريّ المنشأ.

كما بينت الدراسة أن هناك زيادة في سعة الدورة الموسمية عند خطوط العرض الوسطى في نصف الكرة الأرضية الشمالي، ويتجلى هذا بشكلٍ خاص في نصف الكرة الشمالي حيث تكون أحجام أحواض المحيط أصغر من نصف الكرة الجنوبي، وحيث تتأثر التغيرات في درجات حرارة سطح البحر إلى حد كبير بأنماط الرياح المرتبطة باحترار الغلاف الجوي.

وهنا يرى الباحث الرئيسي في الدراسة الدكتور جيا روي شي، أن اتساع الدورة الموسمية لدرجات حرارة سطح البحر آخذ في التزايد، ليصبح ارتفاع درجة حرارة الصيف أكثر وضوحا من ارتفاع درجة حرارة الشتاء، وبالتالي فإن الآثار المترتبة على هذا التغير الناجم عن الإنسان في درجات حرارة المحيطات بعيدة المدى.

يقول روي شي: "من المتوقع أن يكون لهذه البصمة البشرية القوية في الدورة الموسمية لدرجة حرارة سطح المحيط تأثيرات واسعة النطاق في النظم البيئية البحرية، ويمكن أن يؤثر ذلك بشكل كبير في مصائد الأسماك وتوزيع العناصر الغذائية، حيث إن اكتساب نظرة ثاقبة للتأثير البشري في الدورة الموسمية له أهمية علمية واقتصادية واجتماعية".

ويضيف أن "نتائج هذه الدراسة تدحض الادعاءات القائلة بأن التغيرات الأخيرة في درجات الحرارة طبيعية، سواء بسبب الشمس أو بسبب الدورات الداخلية في النظام المناخي، والتفسير الطبيعي يكاد يكون مستحيلا فيما يتعلق بما ننظر إليه هنا (أي التغيرات في درجات الحرارة الموسمية لسطح البحر)، كما تَستبعد الدراسة الادعاء بأننا لسنا بحاجة إلى التعامل مع تغير المناخ على محمل الجد لأنه أمر طبيعي".

ومن ناحية أخرى قال بيان معهد وودز هول لعلوم المحيطات: تُعد هذه الدراسة بمثابة دعوة مقنعة للعمل، مع التركيز على الحاجة إلى أن تكون قرارات السياسة مستنيرة بالفهم العلمي للتأثيرات البشرية في المناخ والحاجة الملحة لمعالجة تغير المناخ على مستوى العالم.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ ترجمات حريات تغي ر المناخ ثانی أکسید الکربون ارتفاع درجة حرارة فی درجات حرارة تغی ر المناخ

إقرأ أيضاً:

بريطانيا قد تشهد موجات حار كارثية بعد سنوات.. علماء يحذّرون

شهدت بريطانيا في الصيف الماضي أعلى درجات حرارة مسجّلة في تاريخها، إذ بلغ متوسط الحرارة بين حزيران/يونيو، وآب/أغسطس 16.10 درجة مئوية، بزيادة قدرها 1.51 درجة عن المعدل الطويل الأمد.

وأشار مستشارو المناخ في تقرير لـ"ديلي ميل" إلى أن هذه الموجة قد تكون "لمحة عمّا هو قادم"، في ظل توقعات بأن تشهد العقود المقبلة صيفًا أشد حرارة وصعوبة. وبحسب لجنة تغيّر المناخ الحكومية البريطانية (CCC)، فإن على المملكة المتحدة الاستعداد لسيناريو ارتفاع حرارة الأرض بما لا يقل عن درجتين مئويتين بحلول عام 2050، وهو مستوى يفوق الحد المسموح به في اتفاقية باريس للمناخ البالغ 1.5 درجة مئوية.

وفي رسالة موجهة إلى الحكومة، حذّرت اللجنة من ضعف جاهزية البلاد لموجات الحر المتطرفة وما يرافقها من جفاف وحرائق غابات وفيضانات، مطالبة الوزراء باتخاذ إجراءات عاجلة. وقال الدكتور دوغلاس بار، كبير العلماء في منظمة السلام الأخضر في بريطانيا، إن «هذه الأرقام يجب أن تدق ناقوس الخطر في أروقة الحكومة»، مشددًا على أن تأثيرات الأزمة تمتد إلى قطاعات الصحة والإسكان والنقل والأعمال، ولا يجوز تركها لوزارة البيئة وحدها.

وأكدت اللجنة ضرورة بناء بنى تحتية جديدة – من مساكن وشبكات كهرباء ومرافق عامة – قادرة على الصمود أمام ارتفاع الحرارة حتى 4 درجات مئوية فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية بنهاية القرن. كما شددت على أهمية اختيار أنواع أشجار قادرة على تحمل المناخ المستقبلي لتخزين الكربون وتبريد المدن.

ورغم التحذيرات القاتمة، أوضحت اللجنة أن بلوغ هدف الحد من الاحترار إلى 1.5 درجة لا يزال ممكنًا، لكنها شددت على أن "إدارة المخاطر الحكيمة تتطلب الاستعداد لأسوأ السيناريوهات"، في ظل احتمال تجاوز درجة الحرارة حاجز الدرجتين بحلول منتصف القرن، ووصولها إلى 4 درجات مع نهاية القرن الحالي.

ويأتي هذا التحذير استجابة لطلب حكومي حول كيفية تعزيز خطط التكيّف مع آثار الاحترار الحتمي الناتج عن انبعاثات الغازات، وهي القضية التي تقول اللجنة إنها لم تحظَ بالاهتمام ذاته الذي تُمنح له سياسات خفض الانبعاثات.

وكانت بريطانيا قد شهدت هذا العام صيفًا استثنائيًا من حيث الحرارة والجفاف وتراجع المحاصيل، بعد 18 شهرًا من أمطار قياسية، فيما سُجل في عام 2022 أول تجاوز لدرجات الحرارة عتبة الـ40 مئوية، ما تسبب في وفيات وحرائق واسعة.

وتعتزم لجنة تغيّر المناخ إصدار تقرير موسّع في أيار/مايو المقبل يوضح الخطوات المطلوبة لتأهيل البلاد للتكيّف مع المناخ المتحوّل، داعية في الوقت ذاته إلى وضع إطار واضح لأهداف طويلة الأجل حتى عام 2050، يتضمن مراحل إنجاز كل خمس سنوات ومساءلة حكومية دورية.

وحذّرت اللجنة من أن ارتفاع الحرارة درجتين مئويتين فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية سيضاعف وتيرة وشدّة الظواهر الجوية المتطرفة، ويزيد فرص موجات الحر والجفاف، ويرفع منسوب البحر، كما سيؤدي إلى زيادة هطول الأمطار بنسبة تصل إلى 15 في المئة في الأيام الأكثر رطوبة، وارتفاع تدفق الأنهار بنحو 40 في المئة في بعض المناطق، ما يفاقم خطر الفيضانات. كذلك، يُتوقع تمدد موسم حرائق الغابات حتى الخريف مع ارتفاع عدد الأيام الملائمة لاشتعالها.

ودعت اللجنة الحكومة إلى ضمان مستقبل يقلل من آثار الحرارة على صحة السكان ورفاههم، ويحافظ على الأمن الغذائي ويدعم الأنظمة البيئية رغم التغير المناخي، مؤكدة ضرورة أن تظل البنى التحتية والخدمات الحيوية قادرة على العمل بفاعلية تحت الظروف القاسية، بما في ذلك خدمات الرعاية الصحية والاجتماعية والتأمين.

وقالت البارونة براون، رئيسة لجنة التكيّف التابعة للهيئة: «المواطنون في المملكة المتحدة يعانون بالفعل من آثار تغيّر المناخ، ويجب أن نستعد لمواجهتها ونساعدهم على الاستعداد أيضاً». وأضافت: «نريد من الحكومة أن تتعامل مع التكيّف بالجدية نفسها التي توليها لخفض الانبعاثات؛ فكلاهما متلازمان ولا يمكن الاستغناء عن أحدهما».

مقالات مشابهة

  • ركنة العين تسجل أقل درجة حرارة في الدولة
  • الاتحاد الأوروبي يدعو إلى طموح عالمي أكبر قبل قمة المناخ كوب 30
  • دراسة: غابات أستراليا المطيرة لم تعد مصارف أساسية للكربون
  • دراسة تتوقع نحو شهرين إضافيين من الحرارة الشديدة سنويا
  • طقس دافئ يفوق المعدلات الموسمية ابتداءً من الأربعاء
  • 17.1 أدنى درجة حرارة سجلت في الإمارات
  • 40 درجة في جدة.. «الأرصاد» يكشف أعلى وأدنى درجات الحرارة المتوقعة اليوم بالمملكة
  • بريطانيا قد تشهد موجات حر كارثية بعد سنوات.. علماء يحذّرون
  • بريطانيا قد تشهد موجات حار كارثية بعد سنوات.. علماء يحذّرون
  • الأرصاد يكشف عن أقل درجة حرارة في الدولة