يضع الهجوم الذي استهدف القنصلية الإيرانية في دمشق، طهران في موقف صعب، حسب حديث خبراء لموقع "الحرة"، ويعطي مؤشرا على أن "قواعد الاشتباك بين إيران وإسرائيل آخذة في التغير"، مما قد يؤسس لمرحلة جديدة على صعيد المواجهة.

منذ سنوات تشن إسرائيل ضربات على مواقع في سوريا، تركزت قبل السابع من أكتوبر 2023 على شحنات الأسلحة والصواريخ الإيرانية الدقيقة، القادمة عبر طرق البر والبحر والجو.

لكن وبعد الحرب في غزة، أخذت الهجمات مسارا تصعيديا، وصل إلى حد استهداف مستشارين وقادة إيرانيين داخل شققهم السكنية، واستهدافهم داخل موقع دبلوماسي، هو القنصلية الإيرانية بالعاصمة السورية، الإثنين.

الهجوم أسفر عن مقتل 7 قادة ومستشارين وفق وسائل إعلام إيرانية، أبرزهم العميد البارز بـ"الحرس الثوري"، محمد رضا زاهدي، والعميد محمد هادي حاج رحيمي، إضافة إلى حسين أمان اللهي، وآخرين.

ولم تقم إسرائيل بتبني الهجوم حتى الآن، في قاعدة عامة تتبعها منذ سنوات، فيما تخيم على المشهد مئات الهجمات التي نفذتها في سوريا، وضربت بها أهدافا عسكريا إيرانية وسورية.

لكنه لاقى استنكارا عبّرت عنه دول عربية وروسيا، شريكة إيران في دعم نظام الأسد.

وبدورها، هددت طهران على لسان رئيسها إبراهيم رئيسي بالقول، إن "الضربة لن تمر دون رد". واعتبر القائد في "الحرس الثوري"، العميد أحمد خادم أن "الرد سيكون ساحقا وغير مسبوق".

سفير إيران في دمشق، حسين أكبر، الذي نجا من الهجوم نفسه، أكد أيضا أن إيران "سترد بحزم"، وأشار إلى أن استهداف مبنى القنصلية نفذته "طائرات إسرائيلية" بستة صواريخ من اتجاه الجولان.

هل تغيّرت قواعد الاشتباك؟

يعتبر البعض في إيران هجوم القنصلية بمثابة "إعلان حرب من قبل إسرائيل على إيران"، كما يقول الباحث الأمني الإيراني، حميد رضا عزيزي.

ويضيف لموقع "الحرة"، أن الهجوم "يمثل تحولا عن المواجهة السابقة، حيث يضرب بشكل مباشر الأراضي الإيرانية المتمثلة في قنصليتها في سوريا، بدلا من استهداف ضباط في مواقع محددة".

رضا عزيزي، وهو زميل زائر في المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية (SWP)، يعتبر أن الواقع يشير إلى أن "قواعد الاشتباك بين إيران وإسرائيل آخذة في التغير".

ويوضح أن إسرائيل كانت في مراحل سابقة تمتنع عن استهداف ضباط "الحرس الثوري"، وتركز على الوكلاء فقط وشحنات الأسلحة.

لكن ومنذ حرب غزة، كان هناك بالفعل تحول لاستهداف القادة الإيرانيين رفيعي المستوى.

وتزعم بعض المصادر أن الهجوم جاء ردا على هجوم على سفينة إسرائيلية في الليلة السابقة، في ميناء إيلات، نسبته ميليشيات عراقية لنفسها، كما يشير الباحث الأمني.

ويعتقد عزيزي أن ما سبق يشير إلى "قاعدة جديدة للاشتباك من جانب إسرائيل، تقوم على فكرة: (الانتقام المباشر من إيران على أي هجمات يشنها وكلاؤها)".

ورغم أن إسرائيل لم تعلق، فإن المحلل المقيم فيها، يوآف شتيرن، يرى أن "استهداف قادة إيرانيين رفيعي المستوى بهذه الدقة والمكان والتوقيت الملائمين، يدل على قدرات عالية استخباراتيا وعملياتيا".

ولا يعتقد أن ما حصل يعد بمثابة "تمهيد لحرب واسعة النطاق"، بل يندرج في إطار "المناوشات القائمة".

ومع ذلك، يشير شتيرن لموقع "الحرة" إلى أن إسرائيل تحاول توجيه ضربات موجعة للتواجد الإيراني في سوريا، وبالتحديد ضد "العقول المدبرة لما يحدث في المنطقة ضد إسرائيل".

ويضيف أن الموقف الإسرائيلي هو "عدم القبول بما يحدث"، وأن "الرد وتصعيده جزء من الاستعداد في حالة الانتقال لحرب مفتوحة".

"4 مستويات"

ولم يسبق أن ردّت إيران بشكل مباشر على إسرائيل. وبعدما كانت الأخيرة تلتزم بذلك أيضا خرجت عن الخط، عصر الإثنين، باستهداف القنصلية في دمشق.

ومع ذلك، سبق أن أعلن "الحرس الثوري" الإيراني في يناير الماضي، قصف ما وصفها بـ"مراكز تجسس للموساد" في أربيل بصواريخ باليستية.

وقبل ضربة القنصلية.. نُسب لإسرائيل هجوم في منطقة المزة فيلات، أسفر عن مقتل 5 من قادة "الحرس الثوري"، وآخر في السيدة زينب قتل فيه القيادي البارز، رضي موسوي.

كما تعرضت مواقع عسكرية في حلب شمالي سوريا لقصف "إسرائيلي"، الجمعة، مما أسفر عن مقتل 32 عنصرا من ميليشيات تدعمها إيران، من بينها حزب الله اللبناني.

وما بين هذه الضربات، قتل أكثر من 5 قادة من الحرس الثوري بهجمات متفرقة، بين دمشق وريفها ومدينة حمص وسط البلاد.

وعلى خلاف الهجمات السابقة، يرى الباحث في الشؤون الإيرانية، محمود البازي، أن هجوم القنصلية كان "استثنائيا بكل المقاييس".

ويشرح حيثيات "4 مستويات" من قواعد الاشتباك بين إيران وإسرائيل، موضحا كيف وصلت الأمور إلى حد ضرب موقع دبلوماسي بشكل مباشر.

قبل السابع من أكتوبر كانت إسرائيل تركز في استهدافها على قيادات وأفراد الوكلاء والمعدات والصواريخ، التي يتم تجهزيها في سوريا، سواء للاستخدام المحلي أو لنقلها إلى لبنان.

وفي هذه المرحلة، كما يقول البازي لموقع "الحرة"، كانت إسرائيل تتجنب استهداف الضباط والعناصر البشرية الإيرانية.

لكن بعد 7 أكتوبر "قرأت بعناية تامة" عدم رغبة ما يعرف بمحور المقاومة وإيران "بالانخراط بمواجهة مباشرة ومفتوحة، لذلك وسعت من عمليات الاغتيال في المواقع السورية التي يتواجد فيها الإيرانيون".

ويضيف أنها "استغلت هذا الوضع لتعميق الخسائر البشرية لإيران في سوريا وحزب الله في لبنان، في الوقت الذي تتلقى فيه ضربات غير ذات خسائر بشرية كبيرة من جبهة حزب الله في شمال إسرائيل".

"ضربة القنصلية وما بعدها"

الباحث يوضح أن "المستوى الثالث" من قواعد الاشتباك الذي اختبرته إسرائيل في هجومها على القنصلية، هو استهداف قادة رفيعي المستوى في موقع يعتبر أرضا إيرانية حسب القوانين الدولية.

ويشير إلى أنه "استهداف رمزي ويختبر بعناية قدرة إيران على التحمل، دون الانخراط في المواجهة المباشرة".

ولم تجرب إسرائيل حتى الآن المستوى الرابع من قواعد الاشتباك، وهو المستوى الأخير، كونها تعتقد، وفق البازي، بأن "اللجوء إليه يعني المواجهة الحتمية المفتوحة على جميع الجبهات وهو استهداف الأراضي الإيرانية".

ويعتبر الباحث الأمني عزيزي، أن "هجوم القنصلية ومقتل مسؤولين رفيعي المستوى مثل زاهدي، بمثابة رسالة لكل من إيران ونظام الأسد في سوريا".

مفاد الرسالة: "قدرة إسرائيل واستعدادها لتصعيد ردها على وجود القوات الإيرانية في سوريا"، وفق الباحث. 

ويرى عزيزي أن إيران باتت أمام "قرار حاسم في الرد"، وأن الفشل "قد يقلل بشكل كبير من مكانتها" بين ما يعرف بمحور المقاومة، ويعرض قواته وقادته لمزيد من الهجمات، مما قد يهدد أي رد فعل بتوسيع الصراع.

"التبرير لم يعد مجديا"

وفي طريقة تعاطيها مع الهجمات السابقة، كانت إيران تبرر جزئيا عدم الرد على الهجمات بحقيقة أن الأهداف كانت "سورية"، ولم يكن لدى دمشق أي نية للرد. 

لكن الآن "لم يعد التبرير مجديا"، حيث تم ضرب هدف إيراني بحت، كما يوضح الباحث الأمني عزيزي.

ويقول إنه "من الواضح أن إيران هذه المرة لا تستطيع استهداف أربيل وغيرها، وتدعي أنها قامت بالانتقام". 

ولذلك ومن أجل الحفاظ على مصداقيتها، "تشعر بالحاجة إلى رد مباشر. لكن كيف وأين سيكون هو السؤال الرئيسي؟"، على حد ما أشار إليه الباحث الأمني، متسائلا.
وباعتقاد البازي، فإن الرد عبر قصف إدلب أو أربيل، أو عبر الوكلاء، "لن يكون كافيا لاستعادة الردع المناسب أو إرضاء الأوساط السياسية والنخب الإيرانية".

ولهذا السبب يقول البازي إن "إيران ستبحث عن رد مدروس سيكون مباشرا ولا يدفع إسرائيل في نفس الوقت إلى توسيع نطاق الحرب، ليشمل مواجهة معها".

"طبيعة الرد لن تكون متسرعة"، حسب الباحث المختص بالشؤون الإيرانية.

ويعتقد أن "الإيرانيين سينتظرون الفرصة المناسبة، كاستهداف سفينة إسرائيل أو استهداف سفارات إسرائيل حول العالم".

"مغامرة لها أهداف"

وكانت المخابرات الإسرائيلية تتابع منذ فترة طويلة العميد زاهدي، الذي كان مسؤولا عن التسليح والتنسيق مع حزب الله اللبناني وغيره من الميليشيات الموالية لإيران في لبنان وسوريا، حسب موقع "أكسيوس" الأميركي.

ونقل عن مسؤول إسرائيلي قوله، الثلاثاء إن "نافذة عملياتية لاستهدافه (زاهدي) لم تُفتح إلا في الأيام الأخيرة".

ويعتقد البازي أن هدف إسرائيل من "المغامرة" في ضربة القنصلية يرتبط بـ"محاولة قطع الارتباط اللوجستي بين سوريا وإيران، عبر استهداف القيادات الإيرانية المسؤولة عن توريد الأسلحة إلى حزب الله والتنسيق معه قبل شن عملية عسكرية واسعة النطاق ضده".

وبينما يقول إن "إسرائيل وصلت إلى قناعة تامة بأن الحرب مع حزب الله لا مفر منها" يضيف أنها تحاول استعدادا لذلك "قطع الارتباط اللوجستي والاستراتيجي الذي توفره القيادات الإيرانية العليا في سوريا".

أما فيما يتعلق بالمواجهات مع حزب الله، فإن "توقيته يأتي بعد تقرير مصير الهجوم العسكري على رفح، وقد تأخذ إسرائيل فترة استراحة ومن ثم ستقوم بمهاجمة حزب الله"، كما يرجح الباحث المختص بالشؤون الإيرانية.

لكن المحلل السياسي الإسرائيلي شتيرن، لا يعتقد أن هناك نية لشن حرب على حزب الله أو سوريا أو الوجود الإيراني في سوريا.

ويضيف أن "الهدف ستكون موجعة.. ليس فقط ضد إسرائيل بل ضد إيران أيضا".

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: قواعد الاشتباک هجوم القنصلیة رفیعی المستوى الحرس الثوری إیران فی فی سوریا حزب الله إلى أن

إقرأ أيضاً:

ما علاقة إسرائيل بالأقليات في سوريا؟

في واحد من أقسى مشاهد الخزي الوطني والقومي، انتهكت الطائرات الإسرائيلية أمس سماء سوريا، وهذا امر ليس جديدا، لكن المفارقة الأشد حرجا أن حكومة الاحتلال زعمت أنها تدافع عن الدروز الطائفة السورية التي عرفت طوال تاريخها بأنها من أشد المدافعين عن عروبة سوريا واستقلالها.

إن ما جرى يعكس مفارقة قاسية في تاريخ سوريا الحديث. ولعل هذا يذكر بخزي قديم، ففي صيف عام 1982، اجتاحت القوات الإسرائيلية جنوب لبنان تحت غطاء عملية "سلامة الجليل"، لكن الهدف لم يكن فقط طرد منظمة التحرير الفلسطينية، بل التأسيس لتحالف استراتيجي مع الطائفة المارونية، بوصفها الحليف الأكثر قابلية للتموضع في "شرق أوسط جديد" قائم على كيانات طائفية متناثرة. وقد دعمت إسرائيل حينها صعود بشير الجميل إلى رئاسة الجمهورية، ونسّقت عسكريًا مع ميليشيات "القوات اللبنانية"، التي سرعان ما ارتكبت مجزرتي صبرا وشاتيلا تحت أنظار الجيش الإسرائيلي. لقد مثّلت تلك اللحظة الذروة العلنية لاستراتيجية إسرائيل الأمنية العميقة: تفتيت الكيانات العربية المركزية عبر بوابة الأقليات، وتحويل الطائفة إلى شريك سياسي وظيفي يخدم توازنات الهيمنة.

ورغم أن المشروع الماروني-الإسرائيلي انهار سريعًا تحت ثقل المقاومة والرفض الشعبي، إلا أن أثره ظل حاضرًا في الذاكرة الإسرائيلية كدرس استراتيجي، يُستدعى كلما احتدمت الفوضى في بلد عربي متعدد الطوائف.

إعلان

وهكذا، تعود هذه الرؤية اليوم – في خضم الحالة السورية – بثوب مختلف، لتعيد إنتاج السؤال: ما علاقة إسرائيل بالأقليات في سوريا؟ وهل نحن أمام إعادة تدوير لتحالف الأقليات على نمط لبناني قديم، ولكن بأدوات سورية جديدة؟

"تحالف الأقليات".. الفرضية الأمنية لإسرائيل

منذ بداية الثورة السورية في عام 2011، لم تُخفِ إسرائيل اهتمامها المتزايد بمآلات الصراع السوري، خاصة فيما يتعلق بوضع الأقليات الدينية والإثنية داخل البلاد. ومع تصاعد الفوضى، وانهيار مركزية الدولة، وانكفاء النظام السابق إلى جيوب طائفية ضيقة، بدأت تتبلور استراتيجية إسرائيلية أكثر جرأة تجاه الداخل السوري، عُرفت إعلاميًا واستخباراتيًا باسم "تحالف الأقليات". هذه الاستراتيجية، وإن كانت غير معلنة رسميًا، إلا أنها باتت تتجلى في سلسلة من المبادرات الميدانية، السياسية والإنسانية التي اتخذتها تل أبيب حيال المكونات الأقلوية في سوريا.

منذ بداية الثورة السورية، لم تُخفِ إسرائيل اهتمامها المتزايد بمآلات الصراع السوري، خاصة فيما يتعلق بوضع الأقليات داخل البلاد (الفرنسية)

تروج الاستراتيجية الإسرائيلية مجموعة من المقولات أبرزها أن الأقليات في المشرق العربي (الدروز، العلويون، المسيحيون، الأكراد، والإسماعيليون) تعيش في ظل قلق وجودي مستمر، خاصة في ظل ما تعتبره تل أبيب "تهديد الأغلبية السنية ذات التوجهات الإسلامية". ومن هنا، ترى إسرائيل في هذه الأقليات شركاء محتملين، أو على الأقل أطرافًا قابلة للاستثمار في الصراع طويل الأمد الذي يدور في جوارها. لكن العلاقة ليست متساوية، ولا تُبنى على أسس تحالف صريح، بل غالبًا ما تُدار عبر رسائل غير مباشرة، دعم إنساني انتقائي، وتنسيق لوجستي محدود في مناطق النفوذ. كما أن هذه الطوائف جزء أصيل من مكونات الشعب السوري تاريخيا. فيكف تسعى إسرائيل إلى خلخلة هذا النسيج؟

إعلان الدروز.. العلاقات الشائكة

يُعرف الدروز تاريخيا بأنهم حاملو لواء استقلال الدولة السورية من خلال رمزهم التاريخي سلطان باشا الأطرش الذي يوصف بأنه قائد الثورة السورية الكبرى التي قاتلت الاحتلال الفرنسي.

لكن الأزمة السورية الحالية تباعد بين بعض قياداتها وبين القيادة الجديدة التي تتولى السلطة منذ سقوط نظام الأسد، علاوة على انقسام الدروز أنفسهم بين تيارات وفئات تؤيد التقارب مع السلطة الجديدة بوصفها رمزا للدولة السورية وبين فئات أخرى تناوئ دمشق لاعتبارات فكرية وسياسية معقدة.

ولعل وجود جزء من الطائفة الدرزية المنضوية تحت سلطة إسرائيل في الأراضي المحتلة، يخلق نوعا شائكا من العلاقة بين الدروز وإسرائيل من جهة، وبين الدروز والدولة السورية من جهة أخرى.

ولعل واحدة من أكبر الإشكاليات أن إسرائيل، التي تضم داخلها أقلية درزية واسعة ومندمجة في مؤسسات دولة الاحتلال، تنظر إلى دروز جبل العرب (السويداء) والدروز المنتشرين في جنوب سوريا كامتداد مجتمعي وثقافي. وقد شهد العام 2025 تدخلًا إسرائيليًا غير مسبوق حين شنت غارة جوية في محيط صحنايا قرب دمشق، معلنةً أنها استهدفت مجموعة متطرفة كانت تخطط لمهاجمة مواقع درزية. سبق هذه الضربة إرسال مساعدات إنسانية إلى السويداء شملت 10 آلاف طرد غذائي، في خطوة وُصفت بأنها رسالة مزدوجة: دعم وحماية.

ورغم أن بعض الزعامات الدرزية السورية أعربت عن قلقها من هذا التقارب العلني، خشية أن يُنظر إليهم كعملاء، فإن إسرائيل لا تزال تستثمر في خطاب "الحماية"، وتروّج لنفسها كضامن لوجود الدروز في منطقة تشهد تمدد الجماعات السلفي، حسب الزعم الإسرائيلي.

يُعرف الدروز تاريخيا بأنهم حاملو لواء استقلال الدولة السورية (الفرنسية)

هناك حرج تاريخي يعاني منه الدروز في المنطقة العربية، فزعيم الدروز في إسرائيل موفق طريق يروج سردية نتنياهو، وطائفته نفسها هناك ترتبط مع الإسرائيليين بحلف تاريخي يسمى "حلف الدم". وفيما كانت إسرائيل أمس تقصف أحياء في دمشق، كان طريف يتفاخر أن ثمة تغييرا كبيرا سيحدث في المنطقة.

إعلان العلويون.. من النظام إلى القلق

الطائفة العلوية، التي ارتبطت بمجملها لعقود بالنظام البعثي وبالعائلة الأسدية، وجدت نفسها في موقع هش بعد سقوط النظام. وتشير تقارير إسرائيلية إلى تلقيها رسائل غير رسمية من بعض أبناء الطائفة يطلبون فيها "الدعم أو الحماية". ورغم غياب أي تنسيق علني، فإن مصادر استخباراتية إسرائيلية تتحدث عن استعداد لتقديم مساعدات "غير مباشرة"، تشمل الدعم الإنساني أو المعلوماتي، في حال اندلاع تهديد واسع قد يؤدي إلى إبادة الطائفة في الساحل السوري.

قطعا لا توجد معلومات مؤكدة عن تنسيق رسمي وواسع النطاق بين العلويين وإسرائيل، وتشير مواقع وصحف إلى وجود اتصالات ومناشدات من بعض الأفراد أو المجموعات العلوية تنشد الدعم والحماية.  لكن تظل هذه الاتصالات محدودة وغير معلنة رسميًا، وتعكس تعقيدات المشهد السوري الحالي وتعدد الأطراف الفاعلة فيه.​

وفي الأشهر الأخيرة، ظهرت مناشدات من بعض أفراد الطائفة العلوية تدعو إسرائيل إلى التدخل لحمايتهم مما وصفوه بالاضطهاد والتهديدات التي يتعرضون لها. على سبيل المثال، نشرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية تقارير عن رسائل استغاثة من علويين يطلبون فيها المساعدة من إسرائيل. كما تداولت وسائل التواصل الاجتماعي مناشدات مماثلة تطالب بحماية دولية للعلويين في الساحل السوري.

ويظهر أفراد يصفون أنفسهم بأنهم علويون من الساحل ويدخلون في نقاشات علنية مع رموز إعلامية إسرائيلية في مساحات منصة إكس والتواصل الاجتماعي ويخوضون نقاشات مطولة تدعو إلى تدخل إسرائيلي فوري لحماية العلويين، لكن ذلك لا يقاس عليه ولا يعد أمرا رسميا يعبر عن عموم العلويين.

ووفقًا لتقارير إعلامية، هناك اقتراحات داخل الأوساط الإسرائيلية لدعم العلويين بشكل سري، بهدف تمكينهم من الدفاع عن مناطقهم واستنزاف خصوم مشتركين، مثل "الجماعات الإسلامية المتطرفة".  وتؤكد هذه التقارير على أهمية السرية في أي تنسيق محتمل، لتجنب ردود فعل سلبية من الأطراف الأخرى في المنطقة.

مشهد عام لمدينة اللاذقية في الساحل السوري (الجزيرة) المسيحيون.. الحياد المضطرب

​ لا توجد مؤشرات على وجود علاقات أو تنسيق مباشر بين المسيحيين في سوريا وإسرائيل. وخلال السنوات الماضية، حافظ المسيحيون على موقف محايد نسبيًا، مع ميل إلى دعم النظام السابق بقيادة بشار الأسد، الذي قدم نفسه كحامٍ للأقليات. وبعد سقوط نظام الأسد وتولي هيئة تحرير الشام مقاليد السلطة بقيادة أحمد الشرع، أبدى المسيحيون مخاوفهم من النظام الجديد، رغم تطمينات القادة الجدد بحماية الأقليات. وتشير تقارير إلى أن بعض المسيحيين في حلب شعروا بالخوف في الأيام الأولى بعد استيلاء هيئة تحرير الشام، لكنهم لاحقًا أفادوا بأنهم لا يشعرون بقلق كبير، وأن الكنائس تعمل بشكل طبيعة.

إعلان

ورغم أن إسرائيل تسعى إلى بناء علاقات مع الأقليات في سوريا، بما في ذلك المسيحيين، إلا أن المسيحيين السوريين لم يُظهروا اهتمامًا علنيًا بالتعاون مع إسرائيل.

الطائفة المسيحية في سوريا، والتي تضم تقليديًا الأرثوذكس والكاثوليك والآشوريين والسريان، فضلت غالبًا النأي بنفسها عن كل الاستقطابات.  ولا توجد علاقات رسمية أو تنسيق معلن بين المسيحيين في سوريا وإسرائيل. ورغم محاولات إسرائيل لاستمالة الأقليات ضمن استراتيجيتها الإقليمية، يبدو أن المسيحيين السوريين يفضلون الحفاظ على موقف داخل الدولة السورية، مع التركيز على حماية وجودهم الثقافي والديني في ظل التغيرات السياسية والأمنية المتسارعة في البلاد.​

أما إسرائيل، من جهتها، فإنها تحاول توظيف خطاب حماية المسيحيين إقليميًا، خاصة في المحافل الغربية، لكنها لا تجد فيهم شريكًا مباشرًا. وتُبدي تل أبيب اهتمامًا ضمنيًا بالمسيحيين في سوريا، بوصفهم جزءًا من تراث الشرق، وكمجموعة يمكن استخدامها دبلوماسيًا للضغط على الغرب بشأن الاضطهاد الديني، لكنها لم تتجاوز حدود الخطاب الرمزي والدبلوماسية الإعلامية، دون الدخول في علاقة وظيفية كما تفعل مع الدروز أو كما تدرس مع العلويين.

الإسماعيليون: الحضور الرمزي

الطائفة الإسماعيلية، المتمركزة في مدينة السلمية وبعض نواحي حماة، عُرفت باعتدالها الفكري. واتسمت الطائفة تاريخيًا بموقفها المعارض للنظام السوري، حيث شارك العديد من أبنائها في الاحتجاجات السلمية التي اندلعت في عام 2011.  ومع ذلك، تعرضت الطائفة لضغوط من مختلف الأطراف، بما في ذلك النظام السوري والجماعات المسلحة، مما أدى إلى انقسام داخل الطائفة بين مؤيدين ومعارضين للنظام.​

مدينة السلمية بريف حماة (الجزيرة)

مؤخراً، قام زعيمها الروحي الأمير كريم آغا خان بتقديم دعم مالي للحكومة السورية الجديدة، في خطوة فُسرت كمحاولة لضمان حماية الطائفة، وليس تعبيرًا عن اصطفاف سياسي. ولم يُسجل أي مؤشرات على تقارب أو تواصل مع إسرائيل، ما يجعل الإسماعيليين خارج دائرة "التحالف الوظيفي" الذي تحاول تل أبيب بناؤه في سوريا.

ورغم محاولات إسرائيل للتقرب من الأقليات في سوريا ضمن استراتيجيتها الإقليمية، إلا أن الطائفة الإسماعيلية لم تُظهر أي اهتمام بالتعاون مع إسرائيل. ويظهر أن الطائفة الإسماعيلية تفضل الحفاظ على موقف تحت مظلة الدولة السورية، مع التركيز على حماية وجودها الثقافي والديني في ظل التغيرات السياسية والأمنية المتسارعة في البلاد.​

إسرائيل والأكراد.. استراتيجية التفكيك الإقليمي

منذ ستينيات القرن الماضي، سعت إسرائيل إلى بناء علاقات سرية مع القوى الكردية، خاصة في شمال العراق بقيادة مصطفى البرزاني، وذلك في إطار هدفها الاستراتيجي بإضعاف الدول العربية المركزية. ودعمت تل أبيب الأكراد عسكريًا ولوجستيًا، عبر وساطة إيرانية آنذاك، بهدف استنزاف العراق ومنعه من التحول إلى قوة إقليمية تهدد أمنها. هذه العلاقة لم تكن قائمة على دعم "حق تقرير المصير" بمفهومه التحرري، بل على توظيف الأقليات القومية في خدمة مشروع إسرائيل الأمني، الذي يقوم على تفتيت الدول المحيطة إلى وحدات إثنية قابلة للضبط.

إعلان

ومع اندلاع الثورة السورية عام 2011، رأت إسرائيل في تمدد القوى الكردية المسلحة مثل وحدات حماية الشعب فرصة نادرة لإضعاف سوريا وإزاحة مركزيتها، وربما دعم قيام كيان كردي مستقل بحكم الأمر الواقع. وبالرغم من أن الدعم العلني للأكراد جاء من الولايات المتحدة، فإن إسرائيل رأت فيهم حليفًا "وظيفيًا" في وجه خصومها الإقليميين، دون أن تترجم ذلك إلى اعتراف دبلوماسي أو سياسي. فالأكراد في نظرها "شريك دون دولة"، يمكن الاستفادة منه ما دام يتقاطع مع أهدافها، والتخلي عنه عند تبدّل الظروف. وهكذا، تشكل العلاقة بين الطرفين نموذجًا حيًا لتحالف الأقليات، حيث تُمنح الهوية مقابل الوظيفة، وتُقدّم الحماية مقابل الاستثمار في الفوضى.

تدعم إسرائيل الأكراد كـ"وظيفة استراتيجية"، لا كمبدأ سياسي. فكلما تصادمت مصالحهم مع خصوم إسرائيل، يصبح الأكراد ورقة دعم. وإذا تغيّر السياق، يمكن غضّ الطرف عنهم.

محددات الأمن القومي الإسرائيلي.. الطائفة والتجزئة شرط البقاء

إن فهم الديناميكيات المعقدة داخل سوريا يتطلب إلقاء نظرة معمقة على الأسس النظرية التي توجه تفكير إسرائيل. إذ أن فهم العقل النظري الإسرائيلي شرط أساس لفهم السلوك العدواني والانتهاكات المستمرة التي تقوم بها إسرائيل بحق الدولة السورية.

يستند الأمن القومي الإسرائيلي، منذ تأسيس الدولة، إلى مبدأ جوهري يتمثل في تفتيت المحيط العربي إلى كيانات طائفية وإثنية أصغر من إسرائيل ديموغرافيًا وجغرافيًا، لضمان تفوقها الاستراتيجي والسيطرة على المجال الإقليمي. هذا المبدأ، الذي تكرس بوضوح في "استراتيجية يينون" في ثمانينيات القرن الماضي، يفترض أن استقرار إسرائيل لا يتحقق في ظل دول قومية قوية، بل في بيئة مفككة تتنازعها هويات دينية وعرقية، يسهل التحكم بها عبر الدعم أو الإخضاع أو التحييد. ومن هنا، تنظر إسرائيل إلى الأقليات لا كمجرد مكونات اجتماعية، بل كوكلاء محتملين في معركة الهيمنة على الجوار العربي.

إعلان

ويمكن القول إن إسرائيل ومنذ تأسيسها عام 1948 قد بنت استراتيجيتها الأمنية على جملة من المحددات النظرية والعملية التي لا تتعامل مع الأمن فقط بوصفه مسألة دفاعية، بل بوصفه مشروعًا بنيويًا لتشكيل المجال الجيوسياسي المحيط بها على نحو يخدم وجودها كدولة يهودية في قلب منطقة عربية وإسلامية معادية بطبيعتها التاريخية والثقافية.

وقد تمحورت إحدى هذه المحددات الجوهرية حول ضرورة تفتيت المجتمعات المحيطة إلى كيانات إثنية وطائفية صغيرة، بما يجعل إسرائيل، رغم كونها "دولة أقليّة يهودية"، تبدو "منسجمة" مع محيطٍ ممزّق عرقيًا ودينيًا، ويُسهل عليها إدارة التهديدات واحتواء الطموحات القومية العربية أو الإسلامية.

نتنياهو قال في خطاب رسمي إنه لن يسمح بإقامة خلافة إسلامية (الفرنسية) تفكيك الدولة العربية

يتجلى هذا المنظور بوضوح في الورقة التي نشرها الصحفي الإسرائيلي عوديد يينون عام 1982 بعنوان: "استراتيجية إسرائيل في الثمانينيات"، وهي وثيقة شهيرة ترسم خريطة طريق لمستقبل الشرق الأوسط من وجهة نظر الأمن القومي الإسرائيلي.
وترى هذه الوثيقة أن بقاء إسرائيل مرهون بتحول العالم العربي من دول قومية قوية إلى كيانات طائفية متصارعة، على غرار ما حدث في لبنان، باعتباره نموذجًا قابلًا للتكرار في العراق، وسوريا، ومصر، والسودان.

يقول يينون: "يجب على إسرائيل أن تُعيد رسم الخريطة السياسية للعالم العربي من خلال تفكيك كياناته إلى طوائف دينية ومجموعات إثنية، لأنه لا يمكن التعايش مع دول عربية قوية ومتماسكة".

هذه الرؤية لم تكن معزولة أو هامشية، بل تجد أصداءها في وثائق رسمية وتقارير لمراكز الأبحاث الإسرائيلية الكبرى مثل مركز بيغن-السادات للدراسات الاستراتيجية، ومعهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي INSS.

دولة الطائفة مقابل الطوائف

بما أن إسرائيل تأسست على أساس ديني وإثني (دولة يهودية للشعب اليهودي)، فهي تجد في الدولة الوطنية العربية الحديثة القائمة على الانتماء القومي والهوية الجامعة تهديدًا وجوديًا. ولذلك، فإن خلق محيط مماثل لها، أي ممزّق إلى "هويات فرعية" (دروز، سنة، علويون، أكراد، شيعة، مسيحيون، إسماعيليون…)، يسمح لإسرائيل ألا تبدو استثناءً، بل نموذجًا آخر من "دولة الطائفة"، وسط طوائف متجاورة.

إعلان

وقد سعت إسرائيل، في تطبيق هذا التصور، إلى بناء تحالفات مع الأقليات التي تشعر بالتهديد من محيطها السني، مثلما فعلت مع الميليشيات المارونية في لبنان، ومع الأكراد في العراق، والدروز أيضا. هذه التحالفات لم تكن مبنية على روابط قيمية، بل على وظيفة الأقليات كرافعة لإضعاف الدولة المركزية وتفكيك المجتمعات من داخلها.

لقد شكّل التحالف مع الموارنة في الثمانينيات النموذج التطبيقي الأول، بينما برز التنسيق مع الأكراد في العراق بعد عام 2003، ومع فصائل درزية محلية في جنوب سوريا خلال العقد الأخير، كاستراتيجيات متكاملة تصب في مشروع الإضعاف البنيوي للجوار.

ويرى معظم المنظّرين الإسرائيليين أن التهديد الوجودي لا يتمثل فقط في الجيوش، بل في إمكانية وجود "دولة قومية عربية قوية ومتماسكة وديمقراطية". فمثل هذه الدولة، حتى لو لم تكن معادية، تُفكك من الداخل السردية الصهيونية التي تبرر "خصوصية" إسرائيل، وتشكل منافسًا أخلاقيًا وسياسيًا لها أمام المجتمع الدولي.

المنظّرون الإسرائيليون يرون أن التهديد الوجودي لا يتمثل فقط في الجيوش، بل في إمكانية وجود دولة عربية قوية ومتماسكة وديمقراطية (رويترز)

ولذلك، فإن تفكيك العراق إلى شيعة وسنة وأكراد، وتفكيك سوريا إلى علويين ودروز وسنة، وإضعاف مصر عبر حصارها بالملفات الإقليمية، كلها تدخل في تعريف موسّع للأمن القومي الإسرائيلي.

الهدف النهائي ليس فقط تفكيك الدول، بل خلق بيئة شرق أوسطية يسهل ضبطها. إسرائيل لا تطمح إلى احتلال مباشر، بل إلى محيط يمكنها فيه أن تلعب دور "الضامن الأمني"، أو "العرّاب الطائفي" الذي يوازن بين الفرقاء، ويضرب هذا الطرف أو يرضي ذاك وفقًا لمصالحها.

وفي هذا السياق، يصبح وجود دويلات أو كيانات صغيرة مثل دولة علوية، أو منطقة كردية، أو حكم ذاتي درزي، أكثر ملاءمة من سوريا موحدة، أو عراق مركزي.

إعلان

إن استراتيجية الأمن القومي الإسرائيلي، كما تتجلى في كتابات المنظّرين والسياسيين والواقع العملي، تقوم على تفكيك المحيط العربي إلى وحدات إثنية وطائفية أصغر منها، بهدف التخلص من الكيانات الكبيرة التي قد تشكل خطرًا سياسيًا أو ثقافيًا أو ديمغرافيًا.
فكلما صغرت الجغرافيا، وكلما تشظّت الهويات، ازدادت قدرة إسرائيل على البقاء بوصفها "الدولة اليهودية الوحيدة"، منسجمة مع محيط طائفي لا يُحرجها سياسيًا، ولا ينافسها استراتيجيًا.

ما بعد التحالف.. ما بعد الدولة

لا تبني إسرائيل علاقاتها مع الأقليات السورية على أسس دبلوماسية أو اعتراف متبادل، بل على معادلات أمنية عابرة، تُستخدم بحسب الحاجة. وهي لا ترى في هذه المجموعات "أقليات" فقط، بل أدوات توازن، وصمامات أمان محتملة في صراع طويل على شكل الدولة والسلطة في سوريا. لكن الرهان على الطائفة قد يكون خادعًا: فالأقليات ليست حلفاء طبيعيين ولا أدوات وظيفية، بل مجتمعات ذات إرادة وتاريخ، يمكنها أن تقاوم أو أن تنسحب، وقد تقلب الطاولة حين يُظن أنها مجرّد تفصيل.

مقالات مشابهة

  • جيش الاحتلال يزعم استهداف عنصر بقوة الرضوان التابعة لحزب الله
  • ما علاقة إسرائيل بالأقليات في سوريا؟
  • عاجل. جنبلاط: إسرائيل تسعى لاستغلال الدروز لإحداث فتنة في سوريا
  • الخارجية الروسية: رفع حكومة الاحتلال الحصانة عن أونروا انتهاك خطير لميثاق الأمم المتحدة
  • إسرائيل تشن هجوما على صحنايا بدمشق بدعوى حماية الدروز
  • محافظ القاهرة: رفع كفاءة المنطقة المحيطة بموقف السلام النموذجي
  • إيران تعدم مدانا بتهمة التجسس لحساب إسرائيل
  • في حضور ناهد السباعي.. محمود حميدة يصدم الجمهور.. "الفن عاجز عن التغير"
  • القاهرة الإخبارية: واشنطن تبلغ إسرائيل نيتها تمديد التفاوض مع إيران
  • نعيم قاسم: الاعتداء على الضاحية الجنوبية جاء لتثبيت قواعد للاحتلال