قواعد اشتباك آخذة في التغير.. إيران بموقف صعب بعد هجوم القنصلية بدمشق
تاريخ النشر: 2nd, April 2024 GMT
يضع الهجوم الذي استهدف القنصلية الإيرانية في دمشق، طهران في موقف صعب، حسب حديث خبراء لموقع "الحرة"، ويعطي مؤشرا على أن "قواعد الاشتباك بين إيران وإسرائيل آخذة في التغير"، مما قد يؤسس لمرحلة جديدة على صعيد المواجهة.
منذ سنوات تشن إسرائيل ضربات على مواقع في سوريا، تركزت قبل السابع من أكتوبر 2023 على شحنات الأسلحة والصواريخ الإيرانية الدقيقة، القادمة عبر طرق البر والبحر والجو.
لكن وبعد الحرب في غزة، أخذت الهجمات مسارا تصعيديا، وصل إلى حد استهداف مستشارين وقادة إيرانيين داخل شققهم السكنية، واستهدافهم داخل موقع دبلوماسي، هو القنصلية الإيرانية بالعاصمة السورية، الإثنين.
الهجوم أسفر عن مقتل 7 قادة ومستشارين وفق وسائل إعلام إيرانية، أبرزهم العميد البارز بـ"الحرس الثوري"، محمد رضا زاهدي، والعميد محمد هادي حاج رحيمي، إضافة إلى حسين أمان اللهي، وآخرين.
ولم تقم إسرائيل بتبني الهجوم حتى الآن، في قاعدة عامة تتبعها منذ سنوات، فيما تخيم على المشهد مئات الهجمات التي نفذتها في سوريا، وضربت بها أهدافا عسكريا إيرانية وسورية.
لكنه لاقى استنكارا عبّرت عنه دول عربية وروسيا، شريكة إيران في دعم نظام الأسد.
وبدورها، هددت طهران على لسان رئيسها إبراهيم رئيسي بالقول، إن "الضربة لن تمر دون رد". واعتبر القائد في "الحرس الثوري"، العميد أحمد خادم أن "الرد سيكون ساحقا وغير مسبوق".
سفير إيران في دمشق، حسين أكبر، الذي نجا من الهجوم نفسه، أكد أيضا أن إيران "سترد بحزم"، وأشار إلى أن استهداف مبنى القنصلية نفذته "طائرات إسرائيلية" بستة صواريخ من اتجاه الجولان.
هل تغيّرت قواعد الاشتباك؟يعتبر البعض في إيران هجوم القنصلية بمثابة "إعلان حرب من قبل إسرائيل على إيران"، كما يقول الباحث الأمني الإيراني، حميد رضا عزيزي.
ويضيف لموقع "الحرة"، أن الهجوم "يمثل تحولا عن المواجهة السابقة، حيث يضرب بشكل مباشر الأراضي الإيرانية المتمثلة في قنصليتها في سوريا، بدلا من استهداف ضباط في مواقع محددة".
رضا عزيزي، وهو زميل زائر في المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية (SWP)، يعتبر أن الواقع يشير إلى أن "قواعد الاشتباك بين إيران وإسرائيل آخذة في التغير".
ويوضح أن إسرائيل كانت في مراحل سابقة تمتنع عن استهداف ضباط "الحرس الثوري"، وتركز على الوكلاء فقط وشحنات الأسلحة.
لكن ومنذ حرب غزة، كان هناك بالفعل تحول لاستهداف القادة الإيرانيين رفيعي المستوى.
وتزعم بعض المصادر أن الهجوم جاء ردا على هجوم على سفينة إسرائيلية في الليلة السابقة، في ميناء إيلات، نسبته ميليشيات عراقية لنفسها، كما يشير الباحث الأمني.
ويعتقد عزيزي أن ما سبق يشير إلى "قاعدة جديدة للاشتباك من جانب إسرائيل، تقوم على فكرة: (الانتقام المباشر من إيران على أي هجمات يشنها وكلاؤها)".
ورغم أن إسرائيل لم تعلق، فإن المحلل المقيم فيها، يوآف شتيرن، يرى أن "استهداف قادة إيرانيين رفيعي المستوى بهذه الدقة والمكان والتوقيت الملائمين، يدل على قدرات عالية استخباراتيا وعملياتيا".
ولا يعتقد أن ما حصل يعد بمثابة "تمهيد لحرب واسعة النطاق"، بل يندرج في إطار "المناوشات القائمة".
ومع ذلك، يشير شتيرن لموقع "الحرة" إلى أن إسرائيل تحاول توجيه ضربات موجعة للتواجد الإيراني في سوريا، وبالتحديد ضد "العقول المدبرة لما يحدث في المنطقة ضد إسرائيل".
ويضيف أن الموقف الإسرائيلي هو "عدم القبول بما يحدث"، وأن "الرد وتصعيده جزء من الاستعداد في حالة الانتقال لحرب مفتوحة".
"4 مستويات"ولم يسبق أن ردّت إيران بشكل مباشر على إسرائيل. وبعدما كانت الأخيرة تلتزم بذلك أيضا خرجت عن الخط، عصر الإثنين، باستهداف القنصلية في دمشق.
ومع ذلك، سبق أن أعلن "الحرس الثوري" الإيراني في يناير الماضي، قصف ما وصفها بـ"مراكز تجسس للموساد" في أربيل بصواريخ باليستية.
وقبل ضربة القنصلية.. نُسب لإسرائيل هجوم في منطقة المزة فيلات، أسفر عن مقتل 5 من قادة "الحرس الثوري"، وآخر في السيدة زينب قتل فيه القيادي البارز، رضي موسوي.
كما تعرضت مواقع عسكرية في حلب شمالي سوريا لقصف "إسرائيلي"، الجمعة، مما أسفر عن مقتل 32 عنصرا من ميليشيات تدعمها إيران، من بينها حزب الله اللبناني.
وما بين هذه الضربات، قتل أكثر من 5 قادة من الحرس الثوري بهجمات متفرقة، بين دمشق وريفها ومدينة حمص وسط البلاد.
وعلى خلاف الهجمات السابقة، يرى الباحث في الشؤون الإيرانية، محمود البازي، أن هجوم القنصلية كان "استثنائيا بكل المقاييس".
ويشرح حيثيات "4 مستويات" من قواعد الاشتباك بين إيران وإسرائيل، موضحا كيف وصلت الأمور إلى حد ضرب موقع دبلوماسي بشكل مباشر.
قبل السابع من أكتوبر كانت إسرائيل تركز في استهدافها على قيادات وأفراد الوكلاء والمعدات والصواريخ، التي يتم تجهزيها في سوريا، سواء للاستخدام المحلي أو لنقلها إلى لبنان.
وفي هذه المرحلة، كما يقول البازي لموقع "الحرة"، كانت إسرائيل تتجنب استهداف الضباط والعناصر البشرية الإيرانية.
لكن بعد 7 أكتوبر "قرأت بعناية تامة" عدم رغبة ما يعرف بمحور المقاومة وإيران "بالانخراط بمواجهة مباشرة ومفتوحة، لذلك وسعت من عمليات الاغتيال في المواقع السورية التي يتواجد فيها الإيرانيون".
ويضيف أنها "استغلت هذا الوضع لتعميق الخسائر البشرية لإيران في سوريا وحزب الله في لبنان، في الوقت الذي تتلقى فيه ضربات غير ذات خسائر بشرية كبيرة من جبهة حزب الله في شمال إسرائيل".
"ضربة القنصلية وما بعدها"الباحث يوضح أن "المستوى الثالث" من قواعد الاشتباك الذي اختبرته إسرائيل في هجومها على القنصلية، هو استهداف قادة رفيعي المستوى في موقع يعتبر أرضا إيرانية حسب القوانين الدولية.
ويشير إلى أنه "استهداف رمزي ويختبر بعناية قدرة إيران على التحمل، دون الانخراط في المواجهة المباشرة".
ولم تجرب إسرائيل حتى الآن المستوى الرابع من قواعد الاشتباك، وهو المستوى الأخير، كونها تعتقد، وفق البازي، بأن "اللجوء إليه يعني المواجهة الحتمية المفتوحة على جميع الجبهات وهو استهداف الأراضي الإيرانية".
ويعتبر الباحث الأمني عزيزي، أن "هجوم القنصلية ومقتل مسؤولين رفيعي المستوى مثل زاهدي، بمثابة رسالة لكل من إيران ونظام الأسد في سوريا".
مفاد الرسالة: "قدرة إسرائيل واستعدادها لتصعيد ردها على وجود القوات الإيرانية في سوريا"، وفق الباحث.
ويرى عزيزي أن إيران باتت أمام "قرار حاسم في الرد"، وأن الفشل "قد يقلل بشكل كبير من مكانتها" بين ما يعرف بمحور المقاومة، ويعرض قواته وقادته لمزيد من الهجمات، مما قد يهدد أي رد فعل بتوسيع الصراع.
"التبرير لم يعد مجديا"وفي طريقة تعاطيها مع الهجمات السابقة، كانت إيران تبرر جزئيا عدم الرد على الهجمات بحقيقة أن الأهداف كانت "سورية"، ولم يكن لدى دمشق أي نية للرد.
لكن الآن "لم يعد التبرير مجديا"، حيث تم ضرب هدف إيراني بحت، كما يوضح الباحث الأمني عزيزي.
ويقول إنه "من الواضح أن إيران هذه المرة لا تستطيع استهداف أربيل وغيرها، وتدعي أنها قامت بالانتقام".
ولذلك ومن أجل الحفاظ على مصداقيتها، "تشعر بالحاجة إلى رد مباشر. لكن كيف وأين سيكون هو السؤال الرئيسي؟"، على حد ما أشار إليه الباحث الأمني، متسائلا.
وباعتقاد البازي، فإن الرد عبر قصف إدلب أو أربيل، أو عبر الوكلاء، "لن يكون كافيا لاستعادة الردع المناسب أو إرضاء الأوساط السياسية والنخب الإيرانية".
ولهذا السبب يقول البازي إن "إيران ستبحث عن رد مدروس سيكون مباشرا ولا يدفع إسرائيل في نفس الوقت إلى توسيع نطاق الحرب، ليشمل مواجهة معها".
"طبيعة الرد لن تكون متسرعة"، حسب الباحث المختص بالشؤون الإيرانية.
ويعتقد أن "الإيرانيين سينتظرون الفرصة المناسبة، كاستهداف سفينة إسرائيل أو استهداف سفارات إسرائيل حول العالم".
"مغامرة لها أهداف"وكانت المخابرات الإسرائيلية تتابع منذ فترة طويلة العميد زاهدي، الذي كان مسؤولا عن التسليح والتنسيق مع حزب الله اللبناني وغيره من الميليشيات الموالية لإيران في لبنان وسوريا، حسب موقع "أكسيوس" الأميركي.
ونقل عن مسؤول إسرائيلي قوله، الثلاثاء إن "نافذة عملياتية لاستهدافه (زاهدي) لم تُفتح إلا في الأيام الأخيرة".
ويعتقد البازي أن هدف إسرائيل من "المغامرة" في ضربة القنصلية يرتبط بـ"محاولة قطع الارتباط اللوجستي بين سوريا وإيران، عبر استهداف القيادات الإيرانية المسؤولة عن توريد الأسلحة إلى حزب الله والتنسيق معه قبل شن عملية عسكرية واسعة النطاق ضده".
وبينما يقول إن "إسرائيل وصلت إلى قناعة تامة بأن الحرب مع حزب الله لا مفر منها" يضيف أنها تحاول استعدادا لذلك "قطع الارتباط اللوجستي والاستراتيجي الذي توفره القيادات الإيرانية العليا في سوريا".
أما فيما يتعلق بالمواجهات مع حزب الله، فإن "توقيته يأتي بعد تقرير مصير الهجوم العسكري على رفح، وقد تأخذ إسرائيل فترة استراحة ومن ثم ستقوم بمهاجمة حزب الله"، كما يرجح الباحث المختص بالشؤون الإيرانية.
لكن المحلل السياسي الإسرائيلي شتيرن، لا يعتقد أن هناك نية لشن حرب على حزب الله أو سوريا أو الوجود الإيراني في سوريا.
ويضيف أن "الهدف ستكون موجعة.. ليس فقط ضد إسرائيل بل ضد إيران أيضا".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: قواعد الاشتباک هجوم القنصلیة رفیعی المستوى الحرس الثوری إیران فی فی سوریا حزب الله إلى أن
إقرأ أيضاً:
خارجية السعودية تدعو لرفع العقوبات عن سوريا.. ماذا عن احتمالات الحرب بين إيران والاحتلال؟
شدد وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، على ضرورة رفع العقوبات المفروضة على سوريا بعد سقوط نظام المخلوع بشار الأسد، مشيرا في الوقت ذاته إلى أنه لا يعتقد بتصاعد احتمالات الحرب بين إيران والاحتلال الإسرائيلي خلال ولاية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وقال الوزير السعودية خلال مشاركته في المنتدى الاقتصادي العالمي 2025، بمدينة دافوس السويسرية، الثلاثاء، إن هناك فرصة كبيرة لنقل سوريا باتجاه إيجابي، مؤكدا ضرورة بذل المزيد لرفع العقوبات عن دمشق.
???? وزير الخارجية السعودي:
???? هناك فرصة كبيرة لنقل #سوريا باتجاه إيجابي
???? لدى الإدارة السورية رغبة كبيرة للتعاون مع المجتمع الدولي
???? يجب بذل المزيد لرفع العقوبات عن سوريا #قناة_العربية pic.twitter.com/Jox651u7Iz — العربية (@AlArabiya) January 21, 2025
وأضاف أن الإدارة الجديدة في سوريا "ورثت دولة منهارة ويجب أن يبنوها من الصفر وهذه ليست عملية سهلة خصوصًا وأنهم لم يتوقعوا أن يكونوا حيث هم الآن"، داعيا إلى إظهار بعض الصبر مع الإدارة في دمشق ومد يد العون إليها.
وشدد وزير الخارجية السعودي، على ضرورة البناء على "التطورات الإيجابية" ومساعدة سوريا وشعبها في سبيل تحقيق مستقبل أفضل"، حسب تعبيره.
وتطرق الوزير السعودي إلى اللقاء الثنائي مع الوفد السوري برئاسة نظيره أسعد الشيباني بالإضافة إلى اللقاءات الموسعة التي استضافتها الرياض بشأن سوريا، موضحا أنهم "رأوا رغبة ملحة من الإدارة في دمشق للعمل مع المجتمع الدولي ولتشارك بطريقة مسؤولة"، مشيرا إلى أن الإدارة السورية "منفتحة على سماع التعليقات للمضي على المسار الصحيح".
وأشار إلى أن "سوريا دولة محطمة في حاجة ماسة إلى إعادة الإعمار. وكلما بكرنا في المشاركة وقدمنا مزيدا من الدعم، كلما زادت فرص نجاح الانتقال واستقراره".
يأتي ذلك في ظل تواصل توافد الوفود الإقليمية والدولية إلى العاصمة السورية دمشق من أجل لقاء الإدارة السورية الجديدة، التي أرسلت بدورها وفدا رفيع المستوى برئاسة وزير الخارجية في جولة موسعة على عدد من الدول العربية، بالإضافة إلى تركيا.
وضم الوفد السوري الذي زار الإمارات والسعودية وقطر والأردن وتركيا، كل من وزير الدفاع مرهف أبو قصرة ورئيس الاستخبارات العامة أنس خطاب.
احتمالات الحرب بين إيران والاحتلال
وفي سياق منفصل، أشار وزير الخارجية السعودي، إلى أنه لا يعتقد أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ستزيد من احتمالات اندلاع حرب بين إسرائيل وإيران، حسب وكالة رويترز.
وأعرب فيصل بن فرحان عن أمله في أن يقابَل نهج ترامب تجاه إيران باستعداد طهران للتعامل بشكل إيجابي مع الإدارة الأمريكية ومعالجة قضية برنامجها النووي"، مضيفا "بشكل واضح، فإن أي حرب بين إيران وإسرائيل، أو أي حرب في منطقتنا، هو أمر يجب أن نحاول تجنبه قدر الإمكان".
وتابع قائلا "لا أعتقد أن الإدارة الأمريكية الجديدة تسهم في خطر اندلاع الحرب، بل على العكس من ذلك، كان الرئيس ترامب واضحا تماما في أنه لا يحبذ الصراع".
وتفاقمت مخاوف اندلاع الحرب بين الاحتلال الإسرائيلي وإيران على خلفية الهجمات المتبادلة بين الجانبين، والتي وقعت خلال عام 2024، بالتزامن مع العدوان الوحشي على قطاع غزة والحرب الواسعة التي بدأتها "إسرائيل" ضد لبنان.