يطارد الجوع مواطني السودان في مناطق شاسعة من البلاد، بل وطالت الأوضاع المأساوية أيضًا اللاجئين في تشاد المجاورة، لدرجة أن أمّاً سودانية قررت العودة إلى منطقة "سربا" في دارفور بعد جوع لأسابيع.

وقررت جيسما الخير حسن، حسب تقرير لصحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، أن تعود من مخيم اللجوء في تشاد إلى سربا قبل 10 أيام، بحثا عن مساعدة لطفلها الأصغر عبد المجيد، البالغ عامين من العمر.

وأوضحت الصحيفة أن الطفل "ظل مريضا لحوالي 3 أسابيع، ولم يكن لدى الأم ما تمنحه إياه سوى الماء وعصيدة الدخن (وجبة تصنع من حبوب تحمل نفس الاسم)". وقالت الأم لأربعة أطفال: "نفد آخر طعام لدينا منذ 15 يوما".

وافتتحت منظمة الإغاثة الدولية العيادة الوحيدة لها داخل مستشفى مدمر يخدم سربا، المنطقة التي كانت تأوي ما يقرب من 150 ألف شخص قبل اندلاع القتال منذ أكثر من عام، بين قوات الجيش والدعم السريع.

أغلب غرف المستشفى أصبحت بلا سقف، واسودّت جدرانها بسبب النيران الناجمة عن القتال، فيما تناثرت قطع الأثاث على الأرض بينما يحاول المرضى الحصول على وصفة طبية، ويتواصلون مع المسؤولين عبر نافذة زجاجية محطمة.

واشنطن تضغط لتوصيل مساعدات إلى السودان من تشاد قالت الولايات المتحدة، الخميس، إنها ستضغط على مجلس الأمن الدولي لاتخاذ إجراءات لتوصيل المساعدات إلى الأشخاص الذين يعانون الجوع في السودان، وقد تتضمن هذه الإجراءات تفويضا لعبور المساعدات من تشاد إذا لم يوفر الجيش السوداني الآليات الكاملة لتوصيل الإمدادات.

وقال الطبيب المعالج للطفل عبد المجيد، إنه يعاني من سوء تغذية ناجم عن نقص فيتامين د والكالسيوم.

ونقل راديو "دبنقا" السوداني، الإثنين، أن تدفق اللاجئين يتواصل من عدد من القرى في ولاية غرب دارفور إلى مدينة أدري التشادية، بسبب الانفلات الأمني والانعدام التام للسلع وعدم توفر الرعاية الطبية.

وأشار إلى أن نحو ألفي لاجئ وصلوا إلى أدري من منطقة سربا خلال الأيام الماضية، موضحا أن المنطقة تشهد حالة "تشبه المجاعة".

وفي إشارة إلى امتداد تهديد الجوع والأوضاع الصحية والأمنية المأساوية عبر الحدود، أشار الراديو المحلي أيضًا إلى أنه في وقت سابق، كان بعض اللاجئين قد وصلوا من معسكر ملح في شرق تشاد إلى سربا، بسبب تردي الأوضاع وعدم تلقي المساعدات اللازمة.

وكان برنامج الأغذية العالمي قد أصدر بيانا الشهر الماضي، حذرت فيه مديرته التنفيذية، سيندي ماكين، من أن الأزمة في السودان قد تتحول "لأكبر أزمة جوع في العالم ما لم يتوقف القتال"، مضيفة أن الحرب "حطمت حياة الملايين وخلقت أكبر أزمة نزوح في العالم".

وذكرت: "قبل 20 عاماً كانت دارفور تشهد أكبر أزمة جوع في العالم، وقد احتشد العالم للاستجابة لها. لكن شعب السودان أصبح في طي النسيان اليوم. إن حياة الملايين والسلام والاستقرار في المنطقة بأكملها على المحك".

تحذير من مسؤول رفيع.. هل تقود المقاومة الشعبية السودان إلى الحرب الأهلية؟ في انتقادات تعد الأولى من مسؤول رفيع بالجيش السوداني، حذر نائب القائد العام للجيش، شمس الدين كباشي، من "تسييس المعسكرات المخصصة لتدريب الشباب الذين تطوعوا للقتال إلى جانب الجيش"، وشدد على ضرورة "ضبط عمليات توزيع السلاح على المتطوعين".

وحسب برنامج الأغذية العالمي، فإن هناك أكثر من 25 مليون شخص في جميع أنحاء السودان وجنوب السودان وتشاد، محاصرين في دوامة من تدهور الأمن الغذائي.

وأكد بيان البرنامج أن "90 بالمئة من الأشخاص الذين يواجهون مستويات طارئة من الجوع في السودان، عالقون في مناطق لا يستطيع برنامج الأغذية العالمي الوصول إليها".

وفي مارس الماضي، أوضحت منظمة أطباء بلا حدود الخيرية، أن طفلا يموت كل ساعتين في مخيم زمزم للنازحين في شمال دارفور، فيما أشارت تقديرات أممية أن حوالي 222 ألف طفل يواجهون خطر الموت في الأشهر المقبلة بسبب سوء التغذية، وفق "واشنطن بوست".

وقالت شهرزاد محمد، والدة الطفل إياد أحمدي (15 شهرا)، إنها لم تسمع شيئا عن زوجها الجندي منذ نوفمبر، ولا تستطيع توفير ما يكفي من حليب الثدي لطفلها، وتحاول كسب لقمة عيش ببيع الأكواب البلاستيكية لإطعام أطفالها الثلاثة الآخرين.

وأوضحت وفق الصحيفة الأميركية، خلال وجودها في جناح سوء التغذية داخل مستشفى الجنينة التعليمي، حيث تعمل منظمة أطباء بلا حدود: "أحيانا لا أتناول أي طعام على مدار اليوم، لو لم أقم ببيع ما يكفي".

المصدر: الحرة

إقرأ أيضاً:

لجنة بالأمم المتحدة تحقق في صلة الإمارات بأسلحة مضبوطة في دارفور

لندن (رويترز) – قالت رسالة اطلعت عليها رويترز إن لجنة خبراء تابعة للأمم المتحدة مكلفة بمراقبة العقوبات في السودان تحقق في كيفية وصول قذائف مورتر مصدرة من بلغاريا إلى الإمارات إلى رتل إمداد لمقاتلي قوات الدعم السريع شبه العسكرية.

وتحمل قذائف المورتر التي ضبطت مع الرتل في نوفمبر تشرين الثاني في ولاية شمال دارفور بالسودان الرقم التسلسلي نفسه الذي أخبرت بلغاريا محققي الأمم المتحدة أنها صدرته إلى الإمارات في عام 2019. وأمكن رؤية الرقم التسلسلي في الصور ومقاطع الفيديو التي نشرها أعضاء الجماعات الموالية للحكومة على الإنترنت بعد عملية الضبط.

ووفقا لرسالة بتاريخ 19 ديسمبر كانون الأول من البعثة الدائمة لبلغاريا في الأمم المتحدة، والتي اطلعت عليها رويترز، أبلغت بلغاريا محققي الأمم المتحدة أنها شحنت قذائف مورتر عيار 81 مليمترا بالرقم التسلسلي نفسه إلى الجيش الإماراتي في عام 2019.

وقالت وزارة الخارجية البلغارية لرويترز إن أحدا لم يطلب إذن بلغاريا لإعادة تصدير الذخائر إلى طرف ثالث.

وقالت الوزارة “نعلن بشكل قاطع أن السلطات البلغارية المختصة لم تصدر ترخيصا لتصدير المنتجات المرتبطة بالدفاع إلى السودان”.

وأحجمت الأمم المتحدة عن التعليق على هذا التقرير.

ونفت الإمارات الاتهامات المتكررة لها بإذكاء الصراع من خلال تسليح قوات الدعم السريع في حربها ضد الجيش السوداني.

وأودى الصراع في السودان بحياة عشرات الآلاف وتسبب في نزوح الملايين. وخلصت الولايات المتحدة العام الماضي إلى أن أفرادا من قوات الدعم السريع والجماعات المسلحة المتحالفة معها ارتكبوا إبادة جماعية في القتال الدائر منذ أبريل نيسان 2023.

وعندما سألت رويترز مسؤولين إماراتيين عن الذخائر البلغارية، أشاروا إلى أحدث تقرير سنوي صادر عن لجنة خبراء الأمم المتحدة، والذي يتحدث بالتفصيل عن نتائج تحقيقاتها في تدفق الأسلحة والأموال إلى دارفور.

ولم يُنشر بعد التقرير الذي عُرض على مجلس الأمن الدولي هذا الشهر واطلعت عليه رويترز. وتقتصر إشارته إلى الإمارات على دورها في حفظ السلام في السودان.

وقال المسؤولون الإماراتيون لرويترز إن التقرير “يوضح أنه لا توجد أدلة دامغة على أن الإمارات قدمت أسلحة أو دعما ذا صلة لقوات الدعم السريع”.

وتوثق لجنة الأمم المتحدة عملية ضبط الذخائر التي جرت في نوفمبر تشرين الثاني في تقريرها السنوي. واعترضت جماعة موالية للحكومة مركبات تابعة لقوات الدعم السريع كانت تنقل قذائف مورتر وذخائر أخرى، ونشرت مقاطع فيديو وصورا للأسلحة التي صادرتها. ولم يتطرق تقرير المحققين إلى مصادر الذخائر.

لكن الرسائل المتبادلة بين مسؤولين إماراتيين ولجنة الأمم المتحدة تظهر أن المحققين مستمرون في تتبع دور الإمارات في الصراع.

وتظهر الرسائل، التي اطلعت عليها رويترز، أن السلطات الإماراتية رفضت تلبية طلب محققي الأمم المتحدة بإرسال بيانات الشحنات الخاصة بنحو 15 طائرة مختلفة انطلقت من مطارات الإمارات وهبطت في أم جرس ونجامينا في تشاد.

وراسلت لجنة الأمم المتحدة السلطات الإماراتية بتاريخ 26 نوفمبر تشرين الثاني لطلب بيانات شحنات الرحلات الجوية. وردت الإمارات على اللجنة في العاشر من ديسمبر كانون الأول ورفضت تقديم هذه المعلومات متعللة بعدم قدرتها على الالتزام بالموعد النهائي لضيق الوقت.

وقدمت الإمارات في المقابل تفاصيل عن مواد تزن حوالي 22 طنا وتضم أغذية وأدوية ومركبات مدنية نقلتها ثلاث رحلات جوية إلى أم جرس في تشاد. وتمثل المواد الواردة في الرسالة حوالي نصف سعة طائرات الشحن آي.إل-76 التي يمكنها حمل ما يصل إلى 40 طنا في الرحلة الواحدة.

ولم ترد الإمارات على أسئلة رويترز عن البيانات.

والسؤال الرئيسي للمحققين هو من الذي يقدم السلاح لقوات الدعم السريع، التي عززت سيطرتها على جزء كبير من دارفور في حملة دموية.

ورفع السودان دعوى قضائية على الإمارات أمام محكمة العدل الدولية الشهر الماضي يتهمها فيها بانتهاك التزاماتها بموجب اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها حين قامت بتسليح قوات الدعم السريع شبه العسكرية. وبدأت المحكمة نظر الدعوى الأسبوع الماضي.

وتنفي الإمارات هذه التهمة، وتقول إن المحكمة ليس لديها اختصاص لنظر هذه الدعوى.

   

مقالات مشابهة

  • رئيس مبادرة عودة الوافدين السودانيين لبلادهم: مدن كاملة لجأت للمحروسة.. شكرًا مصر تحملت 2 مليون وافد
  • لجنة بالأمم المتحدة تحقق في صلة الإمارات بأسلحة مضبوطة في دارفور
  • بسبب الحصار الإسرائيلي.. الجوع والمرض يفتكان بمئات الأطفال في غزة
  • السودان.. 20 قتيلًا في قصف لقوات الدعم السريع على مخيم "أبو شوك"
  • عماد السنوسي يوضح حقيقة الحرب الدائرة في السودان نافضًا عنها غبار الروايات المتداولة دوليًا
  • الرئيس السيسي والبرهان يتفقان على دعم مساعدة السودانيين في مناطق الحرب
  • عودة النازحين السودانيين-مناورة سياسية فوق أنقاض وطن ممزق
  • تعليقا على مقالة االاستاذ/جلبير الاشقر : الكارثة الأخرى: إبادة ومجاعة في السودان
  • البرهان في مصر اليوم.. وملفات الحرب وإعادة الإعمار تتصدر المباحثات.. الدعم السريع يفاقم معاناة السودانيين باستهداف البنية التحتية
  • السودان يشهد أكبر «أزمة نزوح» في العالم