عربي21:
2025-01-24@17:40:56 GMT

بصوت عربيّ واحد.. لا أبرياء في غزّة!

تاريخ النشر: 2nd, April 2024 GMT

لم يكن موقف النظام الإقليمي العربيّ من حرب الإبادة الجماعية في غزّة موقفًا انتظاريًّا، يترقب من موقع سلبيّ قضاء "إسرائيل" على حركة حماس، بوصفها صيغة من صيغ ما يسمى بـ "الإسلام السياسي"، وتعبيرًا من تعبيرات المقاومة في الأمّة، وعنصر تثوير وإحياء للقضية الفلسطينية، بما تمثله هذه القضية من إزعاج لهذا النظام لكونها أهمّ فاعل تسييس وتنوير لجماهير الأمة، وإنّما كان موقفه إيجابيًّا وفاعلاً، ولكن إلى جانب الإسرائيلي.



سبعة شهور من حرب الإبادة، ولم يكن من هذا النظام الإقليمي العربي، أدنى خطوة تجاه الفلسطينيين في غزّة، ولو لحفظ ماء الوجه، فمفهوم "حفظ ماء الوجه" تجاه الناس بات خلفه، لأنّ مراعاة مشاعر الناس تتناقض مع مفاهيم المرحلة الجديدة التي دخلها النظام العربي، والتي من سماتها إلغاء السياسة تمامًا من التداول في المجال العامّ، ولو على مستوى أحاديث المقاهي، وكسح أيّ محاولة للنظر إلى الأشياء بغير عيني السلطة السياسية، فمن انتهى به الأمر للتخندق الكامل المعلن في الصفّ الإسرائيلي، سوف يلغي تمامًا أيّ اعتبار للناس، وهو ما يعني إلغاء الناس من حيث كونهم كائنات حرّة، تتمتع بالإرادة المختارة، والعقل المميّز للأشياء. الناس الجدد في المرحلة الجديدة بلا إرادة ولا عقل، وإنما كائنات غريزية فحسب، وهو أمر ظاهر في التصورات "الإصلاحية" لبعض السلطات العربية التي تفتقت رؤاها على إعادة صياغة مجتمعها في قاعات الحفلات الغنائية، فالحرية تبدأ هنا وتنتهي هنا لأنها لا تخرج من هنا!

لم يكن الأمر عجزًا عن اتخاذ خطوة "حفظ ماء الوجه" ولم يكن امتناعًا لأنه لم يعد للناس اعتبار كرامة وحرية وإرادة فحسب، بل تواطؤ معلن، سارعت فيه بعض الدول لتشغيل إعلامها وقنواتها الفضائية وصحفها وأسطول لجانها الإلكترونية المعروف بـ "الذباب الإلكتروني" إمّا لشتم الشعب الفلسطيني، أو لتبرئة الاحتلال ضمنيًّا أو صراحة واتهام حماس بالتسبب بالإبادة التي لم يزل الاحتلال يقترفها من العام 1948 وإلى اليوم ولم تبدأ مع السابع من تشرين الأول/ أكتوبر.

وبقطع النظر عن الامتناع المهين، أو العجز المخزي، عن إدخال المساعدات لأهل غزة برًّا إلا بإذن القاتل ووفق شروطه وبعد تفتيشه، فإنّ الأمر لم يتوقف على مدّ الاحتلال بجسر برّي ينجده من نتائج عمليات جماعة "أنصار الله" اليمنية في بحر العرب، بل تبلور في تواطؤ كامل لإنجاز الأهداف السياسية لحرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية، ثم أخذ شكلاً أكثر وضوحًا مع التنسيق الإعلامي والاستخباراتي الذي وصل حدّ توزيع "سكريبت" واحد على المؤسسات الإعلامية التابعة للتحالف العربي المتذيل للحرب الإسرائيلية على الفلسطينيين في غزة، بالإلحاح المفرط هذه المرّة على تحميل حماس المسؤولية والتبشير بهزيمتها وتبرئة العدوّ، والعودة للدعاية التقليدية لاتهام حماس بكونها عنصرًا في خطة إخوانية مرّة أو إيرانية مرّة أخرى لزعزعة استقرار هذا البلد العربيّ أو ذاك، وذلك بعدما أعلنت أوساط إسرائيلية صراحة عن خطة إعلامية منسقة مع بعض الدول العربية لتبييض صورة "إسرائيل" لدى شعوب تلك الدول!

التدمير الكامل والممنهج لقطاع غزة، ومقتل عشرات الآلاف، وأضعافهم من الجرحى والجوعى والنازحين، لم يحرك شعرة في هذا النظام الإقليمي. لكن خروج مظاهرات مناصرة للفلسطينيين في بلد عربيّ يصيب النظام الإقليمي العربي بالجنون، وكأن صاعقة كهربائية جرت في عروقه، وهكذا بدأت ماكينة التنسيق الإعلامي فيه تشتغل بدأب على تشويه الجماهير، وتعيد إنتاج الدعاية الزائفة عن قدرات خارقة لحركة حماس التي من جهة يبشرون بهزيمتها ومن جهة يصورونها في قدرات أسطورية قادرة على تحريك الجماهير بخطابات قادتها، وكذلك عن قدرات الإخوان، تلك الجماعة المسحوقة المفككة المبعثرة الموادعة، هكذا يعيدون هذه الجماعة إلى الحياة ويصورون عشرات آلاف المتظاهرين خاتمًا في إصباعها!

لا يوجد شيء يفسر نزول إبادة الفلسطينيين بردًا وسلامًا على قلب النظام الإقليمي العربي، بينما ينتفض جزعًا من مظاهرات مناصرة للفلسطينيين في غزّة وجاءت متأخرة جدًّا في هذا البلد العربي أو ذاك، إلا ما سبق ذكره في الفقرة السابقة..يمكن تفنيد هذه الدعاية ببساطة، فلو سلّم المرء بها جدلاً، فذلك يعني إمّا أن تلك الأطراف المتهمة بتحريك الجماهير أقرب للجماهير من حكامها، أو أصدق في الدفاع عن الفلسطينيين، أو أنّ الموقف الرسمي العربي في عمومه، هو جزء من الآلة الحربية الإسرائيلية على غزة، ولذلك فهو يعدّ الهتاف ضدّ "إسرائيل" هتافًا ضدّه. لكن الانشغال في تفنيد ذلك ليس مهمًّا، لأنّنا لسنا إزاء محاججة عقلانية، ولا إزاء من ينتصح إن نُصح!

وإنما المهم أنّنا إزاء مغالطة مكشوفة مؤداها ومفادها أنّه لا بأس بإبادة الفلسطينيين في غزّة، سواء للموقف المعادي لحماس كونها حركة إسلامية، أو لنزعة الضيق والضجر من القضية الفلسطينية والرغبة في التخلص منها، أو لأن هذا النظام الإقليمي عاجز، أو لأنه ملحق بالسياسة الإسرائيلية. كلّ ذلك ليس مهمًّا. المهم أنّه لا بأس بتدمير غزة بأهلها إن كان هذا ثمن تدمير حماس أو ثمن التخلص من القضية الفلسطينية، وهو منطق بنيامين نتنياهو تمامًا، الذي يفترض حينًا أنه أصلاً لا أبرياء في غزة، أو يقرّر أنّه لا طريقة للتخلص من حماس إلا بإبادة الناس!

لا يوجد شيء يفسر نزول إبادة الفلسطينيين بردًا وسلامًا على قلب النظام الإقليمي العربي، بينما ينتفض جزعًا من مظاهرات مناصرة للفلسطينيين في غزّة وجاءت متأخرة جدًّا في هذا البلد العربي أو ذاك، إلا ما سبق ذكره في الفقرة السابقة..

يشفق النظام العربي على الجهاز السمعي للسفير الإسرائيلي من ضجيج المظاهرات، ويعدّ ذلك مسًّا بالأمن القومي العربي، فكيف توقع بعض مساكين الناس أنّ هذه الدول التي تحتضن سفارات إسرائيلية وتسجن أو تطرد أيّ مناصر لحماس أن تطرد السفير الإسرائيلي؟! في المقابل ينبغي أن تحضر الصورة الأخرى، وهي أنّه لا شيء يزعج في حرب الإبادة في غزة!

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الفلسطينية الاحتلال غزة احتلال فلسطين غزة مواقف عدوان مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات اقتصاد سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة هذا النظام فی غز ة أن ه لا لم یکن

إقرأ أيضاً:

ح.م.اس في السياقين العربي والفلسطيني

ح.م.اس في السياقين العربي والفلسطيني

#محمود_أبو_هلال

تم الافراج عن المناضلة اليسارية #خالدة_جرار ومن المنتظر الإفراج آخرين من اتجاهات مختلفة، بعد أن أدرجتهم حركة #حماس ذات الخلفية التاريخية الإخوانية ضمن قوائم الأسرى. وهذا بديهي وقد لا يحتاج منا لتعليل.. ولكن قد يتطلب نظرة موضوعية أشمل وأكبر من إدراج أسماء أسرى في صفقة التبادل.

بداية هناك معوقات في النظرة لحماس تزامنا مع ما جرى ويجري وبالتالي تحديد استحقاقات أهمها تعامل، الأنصار والخصوم مع حماس طبق مسلمات سياسية سابقة غير متجددة. فبعض الإسلاميين يعتبرونها جزءا من مشروعهم وفكرتهم، وبعض الأيدولوجيات يرونها إخوانا.. أي خصما سياسيا وفكريا يقتضي تكتيك التعامل معه انتهازيا.. إلى حين.
أما الأنظمة الرسمية العربية فهي بالكاد تخفي عداءها الجذري لها.

مقالات ذات صلة من كلّ بستان زهرة – 92- 2025/01/21

والحال أن حماس طِبق رؤية تاريخية هي حركة تحرير للأرض في زمن متأخر جدا عما يعرف بالموجة التقليدية للتحرر الوطني من الاستعمار التقليدي.
ولعل مقتل بعض الفصائل الفلسطينية أنها أرادت أن تواجه الكيان بأسلوب حركات التحرر التقليدية التي كانت، بشكل أو بآخر، برعاية استعمارية. ولأن حماس تتحرك من خارج البناية السياسية التي أنشأتها القوى المنتصرة في الحرب العالمية الثانية، تمت مواجهتها الآن من كامل المنتظم السياسي العالمي الرسمي، لأنه ما يزال محكوما كله بآليات الاستعمار القديم.
وفق هذا التصور قد نقول أن حماس موضوعيا هي حركة تحرر فلسطيني وعربي وعالمي في آن، وهي الآن طليعة المواجهة مع الامبريالية العالمية من حيث أرادنا أم لم نرد.

وحماس كما أراها هي حركة ما بعد دينية. إذ لا علاقة لها بالشعارات التي تشكلت على أساسها حركات ما يعرف ب”الصحوة الإسلامية” أو حركات الإصلاح الديني في ما عرف بعصر النهضة. الدين عند مقاتلي حماس هوية روحية وجدانية أخلاقية تتجاوز حدود السياسة الانقسامية كما تعلمها المؤدلجون فصائليا بالوراثة. لذلك نلاحظ نوعا من الأبوة الروحية للحركة في علاقتها بالفصائل المقاتلة الأخرى حتى ذات الخلفية الشيوعية، رغم تمنع متبادل أحيانا.
وحتى لا يكون كلامي إسقاطا نفسيا ذاتيا على شخصية الحمساوي الذي قد يكون متدينا تقليديا في محيط عربي ينتشر فيه التدين.. أؤمن أن فعل المقاومة الميدانية يغيّر جوهر الدين. يخلّصه من أثقال الجدل التراثي الفقهي ويشحنه بحرارة الجسد المقاتل المعبّأ بقداسة الحق والحرية.
وأرى أن حماس توصلت باكرا إلى تحديد بوصلتها وادركت بكل حكمة التمييز بين المسألة الوطنية والمسالة الديمقراطية وأسست تحالفاتها وخياراتها على هذا التمييز وهو ما يجب أن تدركه القوى الإسلامية والقوى “الحداثية” في العالم العربي على حد سواء.

مقالات مشابهة

  • التعليم العالي: مصر تشارك في المؤتمر الإقليمي لتعزيز التعاون حول التراث الوثائقي العربي
  • مصر تشارك في المؤتمر الإقليمي لتعزيز التعاون حول التراث الوثائقي العربي
  • صر تشارك في المؤتمر الإقليمي لتعزيز التعاون حول التراث الوثائقي العربي
  • استطلاع: تراجع شعبية نتنياهو وارتفاع المطالب باستقالته
  • "واحد من الناس" يحتفل بـ الإسراء والمعراج على شاشة الحياة.. الأحد
  • حماس في السياقين العربي والفلسطيني
  • ح.م.اس في السياقين العربي والفلسطيني
  • أرقام صادمة لعدد الحواجز والبوابات التي تحاصر الفلسطينيين في الضفة
  • أرقام صادمة لعدد الحواجر والبوابات التي تحاصر الفلسطينيين في الضفة
  • صحيفة عبرية: ابن سلمان قال إن الفلسطينيين أغبياء حاربوا إسرائيل