عربي21:
2025-02-01@07:59:38 GMT

بصوت عربيّ واحد.. لا أبرياء في غزّة!

تاريخ النشر: 2nd, April 2024 GMT

لم يكن موقف النظام الإقليمي العربيّ من حرب الإبادة الجماعية في غزّة موقفًا انتظاريًّا، يترقب من موقع سلبيّ قضاء "إسرائيل" على حركة حماس، بوصفها صيغة من صيغ ما يسمى بـ "الإسلام السياسي"، وتعبيرًا من تعبيرات المقاومة في الأمّة، وعنصر تثوير وإحياء للقضية الفلسطينية، بما تمثله هذه القضية من إزعاج لهذا النظام لكونها أهمّ فاعل تسييس وتنوير لجماهير الأمة، وإنّما كان موقفه إيجابيًّا وفاعلاً، ولكن إلى جانب الإسرائيلي.



سبعة شهور من حرب الإبادة، ولم يكن من هذا النظام الإقليمي العربي، أدنى خطوة تجاه الفلسطينيين في غزّة، ولو لحفظ ماء الوجه، فمفهوم "حفظ ماء الوجه" تجاه الناس بات خلفه، لأنّ مراعاة مشاعر الناس تتناقض مع مفاهيم المرحلة الجديدة التي دخلها النظام العربي، والتي من سماتها إلغاء السياسة تمامًا من التداول في المجال العامّ، ولو على مستوى أحاديث المقاهي، وكسح أيّ محاولة للنظر إلى الأشياء بغير عيني السلطة السياسية، فمن انتهى به الأمر للتخندق الكامل المعلن في الصفّ الإسرائيلي، سوف يلغي تمامًا أيّ اعتبار للناس، وهو ما يعني إلغاء الناس من حيث كونهم كائنات حرّة، تتمتع بالإرادة المختارة، والعقل المميّز للأشياء. الناس الجدد في المرحلة الجديدة بلا إرادة ولا عقل، وإنما كائنات غريزية فحسب، وهو أمر ظاهر في التصورات "الإصلاحية" لبعض السلطات العربية التي تفتقت رؤاها على إعادة صياغة مجتمعها في قاعات الحفلات الغنائية، فالحرية تبدأ هنا وتنتهي هنا لأنها لا تخرج من هنا!

لم يكن الأمر عجزًا عن اتخاذ خطوة "حفظ ماء الوجه" ولم يكن امتناعًا لأنه لم يعد للناس اعتبار كرامة وحرية وإرادة فحسب، بل تواطؤ معلن، سارعت فيه بعض الدول لتشغيل إعلامها وقنواتها الفضائية وصحفها وأسطول لجانها الإلكترونية المعروف بـ "الذباب الإلكتروني" إمّا لشتم الشعب الفلسطيني، أو لتبرئة الاحتلال ضمنيًّا أو صراحة واتهام حماس بالتسبب بالإبادة التي لم يزل الاحتلال يقترفها من العام 1948 وإلى اليوم ولم تبدأ مع السابع من تشرين الأول/ أكتوبر.

وبقطع النظر عن الامتناع المهين، أو العجز المخزي، عن إدخال المساعدات لأهل غزة برًّا إلا بإذن القاتل ووفق شروطه وبعد تفتيشه، فإنّ الأمر لم يتوقف على مدّ الاحتلال بجسر برّي ينجده من نتائج عمليات جماعة "أنصار الله" اليمنية في بحر العرب، بل تبلور في تواطؤ كامل لإنجاز الأهداف السياسية لحرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية، ثم أخذ شكلاً أكثر وضوحًا مع التنسيق الإعلامي والاستخباراتي الذي وصل حدّ توزيع "سكريبت" واحد على المؤسسات الإعلامية التابعة للتحالف العربي المتذيل للحرب الإسرائيلية على الفلسطينيين في غزة، بالإلحاح المفرط هذه المرّة على تحميل حماس المسؤولية والتبشير بهزيمتها وتبرئة العدوّ، والعودة للدعاية التقليدية لاتهام حماس بكونها عنصرًا في خطة إخوانية مرّة أو إيرانية مرّة أخرى لزعزعة استقرار هذا البلد العربيّ أو ذاك، وذلك بعدما أعلنت أوساط إسرائيلية صراحة عن خطة إعلامية منسقة مع بعض الدول العربية لتبييض صورة "إسرائيل" لدى شعوب تلك الدول!

التدمير الكامل والممنهج لقطاع غزة، ومقتل عشرات الآلاف، وأضعافهم من الجرحى والجوعى والنازحين، لم يحرك شعرة في هذا النظام الإقليمي. لكن خروج مظاهرات مناصرة للفلسطينيين في بلد عربيّ يصيب النظام الإقليمي العربي بالجنون، وكأن صاعقة كهربائية جرت في عروقه، وهكذا بدأت ماكينة التنسيق الإعلامي فيه تشتغل بدأب على تشويه الجماهير، وتعيد إنتاج الدعاية الزائفة عن قدرات خارقة لحركة حماس التي من جهة يبشرون بهزيمتها ومن جهة يصورونها في قدرات أسطورية قادرة على تحريك الجماهير بخطابات قادتها، وكذلك عن قدرات الإخوان، تلك الجماعة المسحوقة المفككة المبعثرة الموادعة، هكذا يعيدون هذه الجماعة إلى الحياة ويصورون عشرات آلاف المتظاهرين خاتمًا في إصباعها!

لا يوجد شيء يفسر نزول إبادة الفلسطينيين بردًا وسلامًا على قلب النظام الإقليمي العربي، بينما ينتفض جزعًا من مظاهرات مناصرة للفلسطينيين في غزّة وجاءت متأخرة جدًّا في هذا البلد العربي أو ذاك، إلا ما سبق ذكره في الفقرة السابقة..يمكن تفنيد هذه الدعاية ببساطة، فلو سلّم المرء بها جدلاً، فذلك يعني إمّا أن تلك الأطراف المتهمة بتحريك الجماهير أقرب للجماهير من حكامها، أو أصدق في الدفاع عن الفلسطينيين، أو أنّ الموقف الرسمي العربي في عمومه، هو جزء من الآلة الحربية الإسرائيلية على غزة، ولذلك فهو يعدّ الهتاف ضدّ "إسرائيل" هتافًا ضدّه. لكن الانشغال في تفنيد ذلك ليس مهمًّا، لأنّنا لسنا إزاء محاججة عقلانية، ولا إزاء من ينتصح إن نُصح!

وإنما المهم أنّنا إزاء مغالطة مكشوفة مؤداها ومفادها أنّه لا بأس بإبادة الفلسطينيين في غزّة، سواء للموقف المعادي لحماس كونها حركة إسلامية، أو لنزعة الضيق والضجر من القضية الفلسطينية والرغبة في التخلص منها، أو لأن هذا النظام الإقليمي عاجز، أو لأنه ملحق بالسياسة الإسرائيلية. كلّ ذلك ليس مهمًّا. المهم أنّه لا بأس بتدمير غزة بأهلها إن كان هذا ثمن تدمير حماس أو ثمن التخلص من القضية الفلسطينية، وهو منطق بنيامين نتنياهو تمامًا، الذي يفترض حينًا أنه أصلاً لا أبرياء في غزة، أو يقرّر أنّه لا طريقة للتخلص من حماس إلا بإبادة الناس!

لا يوجد شيء يفسر نزول إبادة الفلسطينيين بردًا وسلامًا على قلب النظام الإقليمي العربي، بينما ينتفض جزعًا من مظاهرات مناصرة للفلسطينيين في غزّة وجاءت متأخرة جدًّا في هذا البلد العربي أو ذاك، إلا ما سبق ذكره في الفقرة السابقة..

يشفق النظام العربي على الجهاز السمعي للسفير الإسرائيلي من ضجيج المظاهرات، ويعدّ ذلك مسًّا بالأمن القومي العربي، فكيف توقع بعض مساكين الناس أنّ هذه الدول التي تحتضن سفارات إسرائيلية وتسجن أو تطرد أيّ مناصر لحماس أن تطرد السفير الإسرائيلي؟! في المقابل ينبغي أن تحضر الصورة الأخرى، وهي أنّه لا شيء يزعج في حرب الإبادة في غزة!

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الفلسطينية الاحتلال غزة احتلال فلسطين غزة مواقف عدوان مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات اقتصاد سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة هذا النظام فی غز ة أن ه لا لم یکن

إقرأ أيضاً:

“هآرتس”: الحشود التي تعبر نِتساريم حطّمت وهم النصر المطلق‎

وأكمل بالقول: “معظم فترة الحرب، رفض نتنياهو مناقشة الترتيبات لما بعد الحرب في قطاع غزة، ولم يوافق على فتح باب لمشاركة السلطة الفلسطينية في غزة، واستمر في دفع سيناريو خيالي لهزيمة حماس بشكل تام. والآن، من يمكن الاعتقاد أنه اضطر للتسوية على أقل من ذلك بكثير”.

ورأى هرئيل أن رئيس حكومة العدو، هذا الأسبوع، قد حقق ما أراده، إذ إن حماس وضعت عوائق في طريق تنفيذ الدفعات التالية من المرحلة الأولى في صفقة الأسرى، لكن نتنياهو تمكن من التغلب عليها، على حد تعبيره، موضحًا أنه: “حتى منتصف الليل يوم الأحد، تأخر نتنياهو في الموافقة على عبور مئات الآلاف من الفلسطينيين إلى شمال القطاع، بعد أن تراجعت حماس عن وعدها بالإفراج عن الأسيرة أربيل يهود من “نير عوز””، ولكن بعد ذلك أعلنت حماس نيتها الإفراج عن الأسيرة، وفق زعمه، فعلّق هرئيل: “حماس وعدت، والوسطاء تعهدوا، أن يهود ستعود بعد غد مع الجندية الأخيرة آغام برغر ومع أسير “صهيوني” آخر، والدفعة التالية، التي تشمل ثلاثة أسرى “مدنيين” (من المستوطنين)، ستتم في يوم السبت القادم”. لذلك، قاد تعنّت نتنياهو – ومنعه عودة النازحين الفلسطينيين – على تسريع الإفراج عن ثلاثة أسرى صهاينة في أسبوع، على حد ادعاء الكاتب.

تابع هرئيل: “لكن في الصورة الكبيرة، قدمت حماس تنازلًا تكتيكيًّا لإكمال خطوة استراتيجية، أي عودة السكان إلى شمال القطاع”، مردفًا: “أنه بعد عودتهم إلى البلدات المدمرة، سيكون من الصعب على الكيان استئناف الحرب وإجلاء المواطنين مرة أخرى من المناطق التي عادت إليها حتى إذا انهار الاتفاق بعد ستة أسابيع من المرحلة الأولى”، مضيفًا: “على الرغم من نشر مقاولين أميركيين من البنتاغون في ممر “نِتساريم” للتأكد من عدم تهريب الأسلحة في السيارات، لا يوجد مراقبة للحشود التي تتحرك سيرًا على الأقدام، من المحتمل أن تتمكن حماس من تهريب الكثير من الأسلحة بهذه الطريقة، وفق زعمه، كما أن الجناح العسكري للحركة، الذي لم يتراجع تمامًا عن شمال القطاع، سيكون قادرًا على تجديد تدريجي لكوادره العملياتية”.

وادعى هرئيل أن حماس تلقت ضربة عسكرية كبيرة في الحرب، على الأرجح هي الأشد، ومع ذلك، لا يرى أن هناك حسمًا، مشيرًا إلى أن هذا هو مصدر الوعود التي يطلقها “وزير المالية في كيان الاحتلال” بتسلئيل سموتريتش، المتمسك بمقعده رغم معارضته لصفقة الأسرى، بشأن العودة السريعة للحرب التي ستحل المشكلة مرة واحدة وإلى الأبد، ويعتقد هرئيل أن: “الحقيقة بعيدة عن ذلك، استئناف الحرب لا يعتمد تقريبًا على نتنياهو، وبالتأكيد ليس على شركائه من “اليمين المتطرف”، القرار النهائي على الأرجح في يد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ومن المتوقع أن يستضيف الأخير نتنياهو قريبًا في واشنطن للاجتماع، وهذه المرة لا يمكن وصفه إلا بالمصيري”.

وأردف هرئيل ، وفقا لموقع العهد الاخباري: “ترامب يحب الضبابية والغموض، حتى يقرر، لذلك من الصعب جدًّا التنبؤ بسلوكه”، لافتًا إلى أنه وفقًا للإشارات التي تركها ترامب في الأسابيع الأخيرة، فإن اهتمامه الرئيسي ليس في استئناف الحرب بل في إنهائها، وأكمل قائلًا: “حاليًا، يبدو أن هذا هو الاتجاه الذي سيضغط فيه على نتنياهو لإتمام صفقة الأسرى، وصفقة ضخمة أميركية – سعودية – صهيونية وربما أيضًا للاعتراف، على الأقل شفهيًّا، برؤية مستقبلية لإقامة دولة فلسطينية”.

وقال هرئيل إن “نتنياهو، الذي أصرّ طوال السنوات أنه قادر على إدارة “الدولة” (الكيان) وأيضًا الوقوف أمام محكمة جنائية، جُرّ أمس مرة أخرى للإدلاء بشهادته في المحكمة المركزية، رغم أنه يبدو بوضوح أنه لم يتعاف بعد من العملية التي أجراها في بداية الشهر، واستغل الفرصة لنفي الشائعات التي تفيد بأنه يعاني من مرض عضال، لكنه لم يشرح بشكل علني حالته الصحية”، مشددًا على أن نتنياهو الآن، من خلال معاناته الشخصية والطبية والجنائية والسياسية، قد يُطلب منه مواجهة أكبر ضغط مارسه رئيس أميركي على رئيس وزراء الكيان الصهيوني.

 

مقالات مشابهة

  • أهالي حماة يحيون الذكرى السنوية الـ 43 لمجزرة حماة الكبرى التي ارتكبها النظام البائد عام 1982.
  • سموتريتش يهدد باستئناف حرب غزة.. المحور العربي المعتدل يطالبنا بتدمير حماس
  • بث مباشر.. المصريون أمام معبر رفح للتعبير عن رفض تهجير الفلسطينيين
  • فعالية في حلب إحياءً للذكرى الثانية عشر لمجزرة نهر قويق التي ارتكبها النظام البائد
  • ‏"يديعوت أحرونوت": تعليمات إسرائيلية بتعطيل الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين بعد المشاهد التي جرت خلال تسليم الأسيرين الإسرائيليين في خان يونس
  • بالأسماء.. الفصائل المسلحة التي «حلّت نفسها» وشاركت بـ«مؤتمر النصر» في سوريا
  • السيسي وتهجير الفلسطينيين إلى مصر!!
  • “هآرتس”: الحشود التي تعبر نِتساريم حطّمت وهم النصر المطلق‎
  • تفاصيل حلقة مروة ناجي في "واحد من الناس" لإحياء ذكرى أم كلثوم
  • حميد الأحمر: ''الظروف والجهات التي أوصلت الحوثيين إلى صنعاء وتواطئت معهم قد تغيرت ومأرب عصية عليهم''