في الأزمات والكوارث التي تصيب الأوطان تكون الحاجة لإخراجها منها إلى التوافق الوطني بين كل قوى الخير والسلام في الوطن أياً كان انتماؤها السياسي والديني والمذهبي والحزبي والعرقي والمناطقي حاجة وضرورة في نفس الوقت سواءً كانت هذه القوى في السلطة أو في المعارضة، لأن التنوع والتعدد موجود باستمرار ويفترض أنه محل احترام الجميع.
وفي اعتقادي أن شركاء الوطن من جميع الانتماءات يهمهم بالفعل لا بالشعارات حال الوطن وإن بنسب متفاوتة من الحماس والإيمان بحق الإنسان في الحياة بأمن وسلام واطمئنان وبحقوق الإنسان كافة التي تعبَّر عن المجتمع الدولي الحقيقي وليس من يسعى لاحتكار تمثيل المجتمع الدولي وبث الإرهاب الدولي باسمه في كل العالم!.
والوطن اليمني مع الأسف الشديد بفعل بعض أبنائه أو المحسوبين عليه، انزلق كما هو واضح إلى هاوية الانقسام والتشرذم بصورة تهدد وجوده برمته وليس فقط وجود الدولة المدنية لفقدان الكيان السياسي والشرعية المعبَّرة عن إرادة كل أبنائه دون تمييز، وأهم أسباب ذلك فقدان الثقة بالقوى السياسية المتلاعبة بمصير اليمن والمتسابقة على رهنه لتحقيق أجندتها الخاصة، ومع ذلك فإن غالبية اليمنيين بكل تأكيد وأمل لم ولن يفقدوا ثقتهم بأنفسهم وبوطنهم وبالله.
إن الإصرار على عدم الاستفادة من تجارب التاريخ واستمرار التجاهل والتعامي عنها، لم يعد فقط علامة من علامات فشل الدولة اليمنية، بل يهدد وجودها رغم الثقة الكبيرة في امتلاك اليمنيين القدرة والإيمان الإنساني والحضاري والديني على مواجهة العواصف والكوارث والرغبات الجامحة في التفرد والاستبداد وقادرون على تحديد الأولويات والتفريق بينما هو آني واستراتيجي ولا يعوزهم الوعي والإدراك الكافيين بخطورة استمرار التدخلات الإقليمية والدولية السلبية في شؤون وطنهم، وحين أقول السلبية فإني أقصد التمييز بينها وبين العلاقات الطبيعية المفترضة التي تقوم بين الدول في الظروف العادية على التعاون الاستراتيجي والحياتي الذي يخدم البلدان، وفي الظروف الاستثنائية والطوارئ من اضطرابات أو كوارث طبيعية تقوم على مد يد العون والمساعدة على الخروج من هذه الظروف، وفي كلتا الحالتين لا بد أن تبنى العلاقات بين الدول على ترسيخ مبدأ حسن النية في التعامل وتجنب التدخل الهادف إلى سلب الحق في السيادة واستثمار الثروات والقدرة على نسج علاقات متوازنة محترمة مع الجوار والعالم تقوم على التعاون ورعاية المصالح المشتركة المشروعة، وهذه هي العلاقة المطلوبة لليمن مع العالم، القابلة للبقاء والديمومة وتحقيق السلام على المستوى الوطني والإقليمي والدولي، أما علاقات الاستلاب والعمالة والتدخل لنهب الثروات والتحكم في القرار السياسي فهي علاقات، لا تنتج سوى الأحقاد والخيبات والتوجس والتوحش وعدم الثقة والاضطرابات المستمرة والضياع.
إن تيار التوافق الوطني لا شك مصيب في طرح موضوع البحث في الدولة المدنية الحديثة وأين الخلل؟ لأن التوافق الجاد غير المشغول بتقاسم السلطة والنفوذ الذي اعتاد بعض فرقاء العمل السياسي من خلاله على تحويل اليمن وكأنها ملكية خاصة إلى كعكة يتقاسمها ذوو القوة والنفوذ خارج موجبات الانتماء الوطني.
الدولة المدنية الحقيقية تتأسس داخلياً على المواطنة المتساوية أو دولة القانون وخارجياً على الاحترام المتبادل بين الدول، بما يمكنها من نسج علاقات تعاون سوية والتحدث بلغة المصالح المشروعة وتحقيقها ورفض علاقة التبعية، وهذا هو الطريق الذي يحقق السلام الداخلي لأي دولة ويساعد على تحقيق السلام العالمي.
في حضرة الأمل
طاحونة الأوهام تطحن الطغاة
من تحالف الشمس والمطر
تضحك الأرض من دموع السماء.
المصدر: الثورة نت
كلمات دلالية: الدولة المدنیة
إقرأ أيضاً:
النائب حازم الجندي: وعي المصريين طوق نجاة الوطن من مؤامرات أهل الشر
قال النائب المهندس حازم الجندي عضو مجلس الشيوخ، عضو الهيئة العليا في حزب الوفد، إن العام الجديد يهل على الأمة العربية وتشهد المنطقة تحديات كبيرة في ظل تصاعد الأحداث العالمية والصراعات الإقليمية التي باتت تهدد الأمن القومي العالمي والعربي والمصري الأمر الذي يفرض على الجميع الاصطفاف الوطني خلف القيادة السياسية وجميع مؤسسات الدولة المصرية لمواجهة هذه التحديات.
وزيرة البيئة تستعرض إنجازات قطاع المحميات خلال عام 2024وأكد النائب المهندس حازم الجندي في بيان له اليوم، ضرورة وضع تصورات شاملة لدعم السياسات الوطنية واستراتيجيات ورؤى الدولة في مواجهة التداعيات المباشرة وغير المباشرة لما تشهده المنطقة من أزمات، وكذلك أيضا دعم جهود القيادة السياسية بزعامة الرئيس عبد الفتاح السيسي في مواقفها الإقليمية والدولية في دعم قضايا الدول المجاورة وعلى رأسها القضية الفلسطينية وحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته ومحاسبة قوات الاحتلال الإسرائيلي على جرائمه التي تهدد الأوضاع الإنسانية وتزعزع أمن واستقرار المنطقة بالكامل.
وشدد عضو مجلس الشيوخ على أهمية دور النخب المصرية في دعم جهود الدولة وتعزيز قدراتها في مواجهة التحديات وتعزيز مستوى الوعي المجتمعي تجاه الأحداث في المنطقة وخطورة تداعياتها على الأوضاع المحلية، بالإضافة إلى تحركات بعض القوى الدولية وأهل الشر لمحاولة تهديد الأمن القومي المصري ببث الفتن والشائعات وإثارة البلبلة في الشارع المصري.
واختتم قائلا: إن وعي المصريين بالمخاطر المحيطة وما يحاك ضد الدولة من مخططات ومؤامرات، وإصرارهم على الاصطفاف الوطني والتلاحم والتماسك المجتمعي، والوقف خلف القيادة السياسة والدولة المصرية، سيظل هو طوق النجاة من هذه التحديات، بما يضمن أمن واستقرار الوطن والمنطقة بالكامل .