الاقتصاد نيوز - بغداد

قبل أيام، وقع العراق مع إيران اتفاقاً يستورد بموجبه 50 مليون متر مكعب من الغاز يومياً على مدى 5 سنوات، ما يطرح تساؤلات عدة بشأن أسباب هذه الخطوة رغم أنه بلد غني بالغاز والنفط.

ما حجم الإنتاج؟

يملك العراق احتياطيات من الغازٍ تقدر بـ131 تريليون قدم مكعب، محتلاً بذلك المرتبة 11 عالمياً حسب وكالة الطاقة الأميركية.

إلا أن ضعف البنى التحتية قلّص القدرة الإنتاجية اليومية إلى النصف، لتسجل نحو 1.5 مليار قدم مكعب من الغاز المصاحب.

النصف المتبقي يترك ليحترق في الهواء، مسبباً خسارة بملايين الدولارات، ويزيد من الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري، في بلد مهدد بحدوث أزمة حقيقية جراء التغير المناخي، وفق الأمم المتحدة.

أكبر مشاريع إنتاج الغاز تقودها "شركة غاز البصرة" وهي مشروع مشترك بين الحكومة العراقية التي تملك 51%، وبين كلّ من "شل" (44%) و"ميتسوبيشي" اليابانية (5%).

بالإضافة إلى هذا المشروع الضخم، فإن الإنتاج المتبقي يتم من خلال بعض المحطات الصغيرة المنتشرة في جنوب البلاد.

أين يستخدم الغاز؟

ينتج العراق حالياً 27 ألف ميغاواط من الطاقة الكهربائية عبر محطات تعمل غالبيتها على الغاز، ولكن الطاقة الإنتاجية تنخفض في بعض الأحيان إلى 17 ألف ميغاواط.

هذه الكمية في حالتها القصوى، لا تسد حاجة البلاد من الكهرباء، إذ يحتاج العراق إلى زيادة الإنتاج للوصول إلى 40 ألف ميغاواط من أجل ضمان توفير طاقة على مدار اليوم.

لسد هذه الفجوة، تلجأ بغداد إلى استيراد نحو 50 مليون متر مكعب من جارتها إيران منذ 2017. ووصلت إمدادات الغاز الإيرانية منذ 2017 إلى أكثر من 52 مليار متر مكعب، بقيمة زادت عن 15 مليار دولار، وفق تصريحات نائب وزير النفط الإيراني لشؤون الغاز مجيد جكني.

الاعتماد على الغاز الإيراني غير المستقر، بالإضافة إلى التعقيدات الجيوسياسية على غرار العقوبات الأميركية على طهران، والأمنية الداخلية على غرار "العمليات التخريبية" والهجمات التي تطال شبكة الكهرباء، سببت انقطاعات متكررة للكهرباء في البلاد، تحولت عام 2021 إلى احتجاجات دامية.

لماذا تقطع إيران الإمدادات؟

منذ انسحاب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب من الاتفاق النووي مع إيران، فاقمت إعادة فرض العقوبات من صعوبات استيراد الطاقة من طهران.

رغم أن الولايات المتحدة تضغط على بغداد لإنهاء اعتمادها على الغاز الإيراني، إلا أن عدم جهوز البنية التحتية، وعجز الإنتاج عن تغطية الطلب المحلي، دفعا واشنطن إلى منح العراق تمديدات للاستثناء من العقوبات، تسمح للبلاد بإتمام عمليات الاستيراد. آخر تمديد والذي حمل الرقم 22، كان في مارس الماضي.

كنتيجة طبيعية للعقوبات، فإن بغداد تواجه صعوبة في سداد المبالغ المالية المترتبة عليها لإيران، في حين تلجأ الأخيرة إلى قطع الإمدادات أو تخفيفها كوسيلة للضغط، ما يخفف من قدرة البلاد على إنتاج الكهرباء وتضطر إلى قطع الكهرباء عن المواطنين.

سدد العراق في يونيو الماضي، مديونيات مشتريات الغاز الطبيعي من إيران بالكامل، بحسب تصريحات رئيس "شركة الغاز الوطنية الإيرانية" (National Iranian Gas Co)، التي نقلتها وكالة أنباء "شانا" الحكومية.

تأتي هذه التصريحات بعد أن أعلنت وزارة الخارجية العراقية عن ترتيبات جوهرية مع الولايات المتحدة بشأن إسقاط العقوبات التي حالت دون أن يسدد العراق نحو 2.7 مليار دولار مستحقة عليه لطهران مقابل الشحنات.

لكن استفادة إيران من هذه الأموال محدودة، فبموجب العقوبات الأميركية، لا يمكن صرف مدفوعات العراق مقابل الغاز الإيراني، إلا من الحسابات المقيّدة في العراق، بإذن من الولايات المتحدة، لتشتري بها إيران احتياجاتها الإنسانية.

هل من حلول؟

لحل أزمة الكهرباء، يلجأ العراق إلى زيادة الإنتاج من حقول الغاز لديه وصولاً إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي بحلول 2030. وهناك العديد من المشاريع التي يفترض أن تدخل إلى شبكة الإنتاج قريباً.

من هذه المشاريع، محطة معالجة الغاز في حقل الحلفاية في الجنوب، والذي تنفذه شركة "سي أن بي سي" الصينية والمتوقع أن تبدأ الإنتاج منه هذه السنة، بواقع 500 مليون قدم مكعب يومياً.

كما أن هناك مشروعاً قيد التنفيذ بنسبة إنجاز وصلت الى 47% مع شركة "بيكر هيوز" لإنشاء معمل تسييل الغاز في الناصرية، وهو مشروع يستثمر الغاز من حقول الغراف وحقول الناصرية.

ومن المشاريع الأخرى، محطة معالجة الغاز في الرطاوي، وهو مشروع تقوم به شركة "توتال أنرجي" الفرنسية بكلفة 4 مليارات دولار، بهدف إنتاج 600 مليون قدم مكعب من الغاز المصاحب يومياً، والذي يهدف الى تجميع الغاز من حقل رطاوي والحقول الأخرى المجاورة.

بالإضافة إلى ما سبق، وقعت شركة "نفط الهلال" الإماراتية مشروع إنتاج الغاز من حقلي الخشم الأحمر وجلابيات كمر في ديالى، بهدف إنتاج 250 مليون قدم مكعب يومياً في منتصف 2025 كأول مرحلة.

وفي إقليم كردستان العراق، ينتج حقل "خور مور" الذي تشغله شركة "دانة غاز" الإماراتية، نحو 500 مليون قدم مكعب يومياً من الغاز، والذي يسد حاجة الإقليم.

تحاول الحكومة الاتحادية في بغداد الحصول على 100 مليون قدم مكعب يومياً من هذا الحقل لتشغيل محطة كركوك في شمال العراق. لكن المفاوضات لم تصل بعد إلى أي نتيجة.

هذه ليست نهاية قائمة المشاريع التي يسعى العراق لتطويرها بهدف تعزيز الإنتاج، ولكن هناك بعض المشاريع توقف العمل بها منذ سيطرة تنظيم "داعش" على مساحة واسعة من البلاد في 2014، ما أدى إلى انسحاب الشركات المشغلة لها، على غرار حقلي "عكاز" في الأنبار الذي يحتوي على احتياطي يقدر بـ6 تريليونات قدم مكعب، و"المنصورية" في ديالى والذي يحتوي على احتياطي يقدر بـ4.5 تريلين قدم مكعب.

بعيداً عن الإنتاج، وقعت وزارة النفط في مارس الماضي مذكرة تفاهم مع "سيمنز" و"شلمبرجير"، للاستثمار في معالجة وإيقاف حرق الغاز من الحقول النفطية، وهو ما يمكن أن يساعد البلاد في استغلال الغاز وتحويله إلى طاقة مفيدة تستخدم في توليد الكهرباء.

إضافة لهذه الحلول، تبحث بغداد عن مصادر جديدة للغاز على غرار قطر وتركمانستان، كما وقعت اتفاقيات مع السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي والأردن، للحصول على الكهرباء عبر ربط الشبكة الوطنية مع شبكات هذه الدول.

المصدر: وكالة الإقتصاد نيوز

كلمات دلالية: كل الأخبار كل الأخبار آخر الأخـبـار ملیون قدم مکعب یومیا الغاز الإیرانی على غرار الغاز من من الغاز

إقرأ أيضاً:

جبل.. بي بي سي تلاحق عراقيًا خطيرًا في بلجيكا

السومرية نيوز-دوليات

انطلاقًا من حادثة غرق قارب في البحر شمال فرنسا قبل حوالي شهرين، ما أدى لوفاة خمسة أشخاص، من بينهم طفلة تدعى سارة، قادت شبكة "بي بي سي" البريطانية، تحقيقا وملاحقات طويلة للمهرب الرئيسي المسؤول عن وفاة هؤلاء الأشخاص بينهم الطفلة سارة، والمهرب عراقي كردي، يطلق عليه لقب "جبل". يتحدث فريق بي بي سي، عن كيفية تمكنه من التوصل الى "جبل" العراقي في بلجيكا، ويقول وصلنا إلى "أنتويرب في أيار، وبدأنا العمل على خطة لتحديد موقع جبل ومواجهته، وقد زودنا أحد عملائه السابقين بصورة له، كما زودنا مصدر آخر بنسخة من جواز سفره العراقي وبطاقة هوية أوروبية يبدو أنها صدرت في عام 2021 في بلدة إيطالية نائية على أحد التلال، حيث تجري هناك تحقيقات في عمليات الجريمة المنظمة".

اكتشفنا أن الاسم الحقيقي لهذا الشخص الملقب جبل، هو "ريبوار عباس زنكنة"، كردي من شمال العراق، غير متزوج، ويبدو أنه مسلم متدين، جبل نفسه مهاجر، لكن وضع هجرته غير واضح، ومن المعروف أنه كان يعيش مؤخرًا في كاليه وبروكسل وأنتويرب، قيل لنا إنه عمل مع شريكين وقد يكون هناك شخصية أكثر أهمية في العراق.

التقى زميلنا محمود، الذي يتحدث العربية ويتظاهر بأنه مهاجر يبحث عن طريق إلى بريطانيا، بوسيط في صالون حلاقة في أنتويرب، والذي أكد أنه يعرف جبل وسيرتب له الاتصال بنا، انتظرنا قرابة أسبوعين، ولكن في النهاية رن هاتفنا في وقت متأخر من إحدى الليالي.

جاء الصوت في الهاتف، "مرحبا. إذن، هل تريد الذهاب إلى بريطانيا؟ كم عدد المقاعد التي تحتاجها؟ هل أنت مستعد؟"

فريق بي بي سي كان يراقب المهرب جبل في معسكر للاجئين في لوكسمبورج حيث حاول الاختفاء هناك، تحدث جبل إلينا بعبارات قصيرة ومختصرة. وفي تلك المكالمة، وفي مكالمتين هاتفيتين لاحقتين، أكد لنا أنه لا يزال مهتم جدا بالموضوع، مؤكدا لنا أن الرحلة عبر القناة كانت "آمنة"، وأنه طور من الأداء منذ وفاة سارة.

سألنا جبل "كم شخص منكم مستعد؟"، مضيفا أنه ليس من الممكن العبور في اليوم التالي نظرا لأن الطقس في كاليه لم يكن جيدا بما يكفي، ولكن بعد ساعات من تلك المكالمة الأولى، علمنا من مصدر أن جبل غادر أنتويرب مؤخرا على عجل. وكان السبب أنه الاعتقال لتورطه في الوفيات الخمس التي وقعت في أبريل/نيسان، كان جبل هاربا.

في ذلك المساء الأول في لوكسمبورغ، تمكن زميلنا من التحدث إلى جبل عبر الهاتف، وادعى أيضا بأنه مهاجر يدعى محمود، وفي تحرك منسق، قام زميل آخر من بي بي سي بالتجول حول محيط المجمع في نفس الوقت، وأطلق بوق السيارة على فترات منتظمةـ وعند الاستماع إلى المحادثة، سمعنا بوضوح صوت بوق سيارة زميلنا الآخر في خلفية المكالمة مع المهرب للتأكد من أنه موجود في هذا المجمع".

لقد كان جبل هنا في المجمع، ولكن كيف نغريه للخروج دون إثارة الشكوك؟ إذا هرب مرة أخرى وفشلنا في تعقبه، فسنعود إلى نقطة البداية، كان الخيار الوحيد هو المراقبة، وهكذا، لمدة ثلاثة أيام، ظل فريقنا يراقب، ويرصد مدخل المجمع، وكان هناك من يراقب من نقطة عالية تطل على المركز، مما يمنحنا رؤية للداخل.

وأخيرا في اليوم الثالث وقبل الساعة الثالثة ظهرا بقليل رصدنا جبل، وكان يخرج مع مجموعة من المهاجرين الآخرين، استدار إلى اليسار، متجها نحو محطة الترام، عندها بدأ فريقنا في الركض نحوه، كان المهرب يتجول بلا مبالاة عبر ساحة عامة تغمرها أشعة الشمس، ولم يكن ليدرك أن هناك أحدا يلاحقه.

بدا رجلا قصير القامة، ممتلئ الجسم، يبلغ من العمر 39 عاما، يرتدي بدلة خضراء شاحبة وقبعة بيسبول، وكأنه شخص عادي يقوم بنزهة بعد الظهر سيرا من مركز استقبال المهاجرين إلى محطة ترام قريبة، قلنا له لقد عرفناك انت المهرب، وبينما كنا نتحدث إليه، بادرنا قائلا، "ليس أنا يا أخي. لا أعرف أي شيء ما مشكلتك؟"، بدا قلقا، لكنه حافظ على صوته منخفضا ولم يواجهنا بينما كان يتراجع نحو محطة الترام.

أخرجت صورة لسارة، وسألته عما إذا كان هو المسؤول عن وفاة الطفلة البالغة من العمر سبع سنوات. هز رأسه مرة أخرى، ثم اتصلنا برقم هاتفه، كان بإمكانه تجاهله، كان بإمكانه الانتظار في صمت حتى وصول الترام، ولكن عندما طلبنا منه الرد على هاتفه، وإظهاره لنا، بدا مرتبكا للحظة، لكنه فعل ما طلبناه، اقتربنا، ورأينا شاشة الهاتف ورأينا رقم هاتفنا الذي كنا نستخدمه للاتصال به منذ أيام لتنظيم رحلة بالقارب إلى بريطانيا، الآن تأكدنا لا يمكن أن يكون هناك شك في هويته.

وفي أعقاب مواجهتنا مع جبل، أبلغنا الشرطة الفرنسية، التي تقود التحقيق في الوفيات التي وقعت في أبريل/نيسان، بالنتائج التي توصلنا إليها، فقالوا إنهم لن يعلقوا في هذه المرحلة.


مقالات مشابهة

  • خبراء إيرانيون يشخصون المشاكل مع العراق بشأن استيراد الغاز
  • لوبي الكونغرس الأمريكي: تحالفات كردية ومعارضة عراقية ضد بغداد
  • الصين تكمل بناء أكبر قاعدة لتخزين الغاز الطبيعي المسال في البلاد
  • الغرف التجارية: غلق المحال 10 مساءًا لا يؤثر على الإنتاج.. ويرضي الجميع
  • «المؤتمر»: 3 ملفات مهمة على طاولة الحكومة الجديدة
  • مطالبات بسرعة تحرك الحكومة.. الأمن النيابية تكشف عن احتلال أجزاء من العراق
  • بغداد ترد على تصريحات نائب أميركي بشأن رئيس مجلس القضاء العراقي
  • رئيس الوزراء يشهد توقيع اتفاقية مشروع إنتاج الهيدروجين الأخضر بمنطقة جرجوب
  • “ماذا حدث لحقل ظهر؟”.. هل تتعرض مصر لمؤامرة بسبب إسرائيل أدت لأزمة الكهرباء والغاز؟
  • جبل.. بي بي سي تلاحق عراقيًا خطيرًا في بلجيكا