انطلاق أعمال المؤتمر العلمي الثاني “فلسطين قضية الأمة المركزية”
تاريخ النشر: 2nd, April 2024 GMT
محمد علي الحوثي: فلسطين تمثل حال الأحرار ومناصرتها في مواجهة الطغيان العالمي واجب مقدس د. بن حبتور: انعقاد المؤتمر يأتي في إطار خطوات ترسيخ استنهاض الأمة العربية والإسلامية ممثل حركة حماس : نثمن موقف اليمن في دعم ومساندة الشعب الفلسطيني بالفعل والوجدان
الثورة /قاسم الشاوش /احمد المالكي
انطلقت أمس بالعاصمة صنعاء أعمال المؤتمر العلمي الثاني “فلسطين قضية الأمة المركزية” تحت شعار “لستم وحدكم”، يهدف المؤتمر بمشاركة محلية وعربية وإسلامية ودولية، إلى توضيح الرؤية القرآنية تجاه القضية الفلسطينية، وبيان مظلومية الشعب الفلسطيني وأساليب ووسائل العدو الصهيوني في المظلومية وتعميقها وكشف طبيعة الدور البريطاني والأمريكي في زرع كيان العدو الصهيوني.
ويناقش المؤتمر على مدى ثلاثة أيام 80 بحثاً ومشاركة علمية توزعت على ستة محاور شملت “الرؤية القرآنية للقضية الفلسطينية، وجهاد أهل اليمن في فلسطين عبر التاريخ، وأطماع العدو الصهيوني في اليمن، وطبيعة الصراع مع العدو الصهيوني، وأهمية شعار الصرخة والمقاطعة الاقتصادية، ودور اليمن السياسي والعسكري والشعبي في نصرة القضية الفلسطينية خاصة بعد السابع من أكتوبر 2023م”.
وفي افتتاح المؤتمر أكد عضو المجلس السياسي الأعلى محمد علي الحوثي، أن فلسطين تمثل حال الأحرار ومناصرتها تدل على قوة وعزيمة من يتحرك من أجل نصرتها في مواجهة الطغيان العالمي، والقوى الدولية المستعمرة، معتبرا الوقوف إلى جانب فلسطين، موقفاً إنسانياً وقيميا من أجل العدالة والحرية والانتصار للمظلومين في فلسطين ..
وقال الحوثي: نبارك انعقاد المؤتمر الثاني “فلسطين قضية الأمة المركزية”، لمناصرة الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة.
ونشكر كل من ساهم وأعد لانعقاد هذا المؤتمر واللجنتين الإشرافية والتحضيرية وكافة لجان المؤتمر والذي يعكس ارتباط الشعب اليمني بالقضية الفلسطينية والإسهام بكل الوسائل في مناصرتها.
وأضاف “إننا اليوم في هذا المؤتمر نقول قولنا ومبدأنا وقيمنا وموقفنا كما تقوم به القوات المسلحة اليمنية والقوة الصاروخية والمسيرات وغيرها من السلاح النوعي للجمهورية اليمنية”، لافتاً إلى أن المشاركة في المؤتمر تأتي من أجل فلسطين وقضيتها ومظلوميتها.. مجدد شكره لكل من ساهم وشارك في المؤتمر من خارج اليمن، والذي يؤكد الترابط على مناصرة مظلومية فلسطين وأحقية الشعب والقضية الفلسطينية .. وقال “تجتمع أصوات العالم اليوم لمواجهة الهيمنة الأمريكية الصهيونية”.
ونوه محمد علي الحوثي، بأن اجتماع الأصوات الحرة من كافة دول العالم في المؤتمر، يعد إنجازاً عظيماً في حد ذاته لمناصرة فلسطين والوقوف في وجه الطغاة والمستكبرين وأنها لن تقبل بتمرير المشاريع الاستبدادية الصهيونية.
وأضاف “اجتماعنا اليوم إنجاز عظيم لأمة خنعت وأنظمة خضعت واستحوذت على مقدرات الشعوب، من أجل الحفاظ على الكراسي، وما نشاهده في الأردن أو مصر وغيرهما مثل السعودية والإمارات وغيرهما من دول الخليج بالرغم مما يمتلكونه من مقدرات، إنما هو دليل على بيع القضية الفلسطينية وارتهان مفضوح للأمريكي والإسرائيلي”.
وتابع عضو السياسي الأعلى الحوثي “إننا في الجمهورية اليمنية قيادة وحكومة وشعباً نجدّد التأكيد على مركزية القضية الفلسطينية ودعمنا الدائم بكل الوسائل للشعب الفلسطيني البطل، بمختلف قواه وفصائله لتحرير الأرض والمقدسات وطرد المحتل الصهيوني وإقامة الدولة الفلسطينية على كامل التراب الفلسطيني”. مؤكدا أن الشعب اليمني لن يقبل بدولتين فلسطينية وصهيونية على الأرض الفلسطينية إطلاقاً، لافتاً إلى رفض اليمن للخطوات المشبوهة الداعية للتطبيع مع الكيان الصهيوني لتصفية القضية الفلسطينية.
وجدّد محمد علي الحوثي إدانة اليمن، لخنوع الأنظمة العربية والإسلامية إزاء ما يُمارسه الكيان الصهيوني من جرائم وحرب إبادة جماعية بحق الشعب الفلسطيني في غزة والأراضي المحتلة، والتأكيد على حق العودة لأبناء فلسطين. داعيا إلى إقامة المؤتمرات وتنظيم مسيرات مستمرة معبرة عن الرفض لمشاريع احتلال العدو الصهيوني الذي يمثل الذل والعار والطغيان، مطالباً الشعوب العربية والإسلامية بالتحرك المستمر والخروج في مسيرات ومظاهرات للضغط على الأنظمة العميلة للاضطلاع بواجبها في نصرة غزة وفلسطين المحتلة.
من جهته رحب رئيس حكومة تصريف الأعمال – رئيس اللجنة الإشرافية للمؤتمر الدكتور عبدالعزيز صالح بن حبتور في كلمته، بالحاضرين والضيوف وأعضاء المؤتمر والمشاركين فيه من اليمن وخارجها والأكاديميين والمهتمين والسياسيين وبكل من ساهم في الإعداد والتحضير للمؤتمر الثاني لفلسطين الكبير في مضمونه وأهدافه.
وقال “إن هذا اليوم يعتبر من الأيام المباركة في مسار نصرة القضية الفلسطينية والمميزة لدى كافة السياسيين والأكاديميين الذين يلتقون ليناقشوا قضية فلسطين باعتبارها القضية المركزية للأمة العربية والإسلامية جمعاء”.
موضحا أن انعقاد المؤتمر يأتي في إطار خطوات ترسيخ الحق ومناصرته لكي تستنهض الأمة العربية والإسلامية التي يقارب عددها أكثر من ملياري شخص، وتستفيق من حالة السبات والصمت والخذلان.
وأشار بن حبتور إلى أن العالم يتابع اليوم بأكمله ما يدور في أرض فلسطين وما تسطره المقاومة الإسلامية والوطنية الفلسطينية في كل من غزة والضفة الغربية والتضحيات الجسيمة التي يقدّمها أبناء الشعب الفلسطيني من النساء والأطفال والشيوخ الذين يقفون بقلب واحد إلى جانب المقاومة التي تسطر أروع الملاحم البطولية دفاعاً عن الأرض والعرض.
مؤكداً أن “الشعب الفلسطيني يقدّم اليوم تضحيات جسيمة من أجل تحرير وطنهم فحتى اليوم هناك أكثر من 32 ألف شهيد وشهيدة جلّهم أطفال ونساء وشيوخ، إضافة إلى جرح 73 ألف فلسطيني، وهذه التضحيات تدل على عظمة وقوة هذا الشعب العربي الذي يجاهد منذ مائة عام ونيف ضد الصهاينة”.
وأكد رئيس حكومة تصريف الأعمال، دعم القيادة الثورية والمجلس السياسي الأعلى لانعقاد المؤتمر ويقدرون كثيراً كل من عمل بصمت طيلة هذه المدة من الأكاديميين والإداريين من أجل القضية المركزية للأمة “فلسطين”. مفيدا بأن القادة الأحرار في صنعاء وفلسطين ولبنان وسوريا والعراق وإيران، اختاروا الموقف المقاوم في مواجهة المشاريع الصهيونية بهدف إفشالها، بينما تسجّل الأنظمة العربية المتراخية والمطبّعة أسوأ لحظات الخزي والعار في تاريخها وهي تشاهد أشلاء الشهداء من أبناء غزة تتناثر في كل مكان.
وذكر الدكتور بن حبتور أن النظام الرسمي العربي محكوم عليه بالفشل فيما المقاومة البطلة اختارت الكفاح والنضال والصبر والاستشهاد باعتباره المسار السليم الذي يحقق للشعب الفلسطيني حريته واستقلاله.
وقال “هناك مقاومة حرة شجاعة فيها المفكرون والسياسيون والقادة العسكريون وعلماء الدين، الذين يقفون جميعاً إلى جانب الأشقاء في فلسطين، ومنها اليمن التي أبت أن تتركها لوحدها حيث تحرك جيشها البطل بهذه القوة والصلابة ليساند أشقاءه الفلسطينيين”.
وأضاف “تحرك جيشنا يعد الأول من نوعه في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي الذي لم تقتصر مواجهته على العدو الصهيوني بل ويواجه اليوم في البحر الداعمين الرئيسيين للكيان أمريكا وبريطانيا وينكل بسفنهم وبوارجهم على هذا النحو الذي يشاهده العالم”.
وشدد رئيس حكومة تصريف الأعمال على أن ذلك هو التاريخ الحقيقي الذي يُسجّل اليوم ببطولات وبدماء وأرواح الشهداء اليمنيين وبنضالاتهم، بتوجيهات من قائد الثورة، مشيداً بالبطولات العظيمة التي يسطرها الشعب الفلسطيني ومحور المقاومة والدماء الزكية التي سالت وهي تقاتل من أجل فلسطين.
وفي ختام كلمته قال نتقدم بالشكر لكل من يشارك في المؤتمر العلمي وبالإسهامات العلمية والبحثية التي قدّمت إليه التي سيتم مناقشتها خلال أيام المؤتمر.
إلى ذلك أوضح مفتي الديار اليمنية العلامة شمس الدين شرف الدين – في المؤتمر الذي حضره رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي أحمد المتوكل ومدير مكتب قائد الثورة سفر الصوفي ومدير مكتب رئاسة الجمهورية أحمد حامد ونائب رئيس حكومة تصريف الأعمال لشؤون الأمن والدفاع الفريق الركن جلال الرويشان ونائب رئيس مجلس الشورى ضيف الله رسام ومستشار رئيس المجلس السياسي الأعلى – رئيس الحملة العلامة محمد مفتاح – أن الشعب اليمني، حظي بنعمة القيادة الثورية الحكيمة ممثلة بالسيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، الذي وقف الموقف المشرف إلى جانب مظلومية الشعب الفلسطيني، وقضيته العادلة.
ودعا باسم رابطة علماء اليمن، علماء الأمة إلى تحمل المسؤولية والاضطلاع بدورهم وتبيان ما أنزل إليهم بوجوب نصرة الأشقاء في غزة والأراضي المحتلة المقهورين والمحرومين والمحاصرين خاصة في الأزهر الشريف والزيتونة والتجمعات العلمائية في كل مكان.
وقال العلامة شرف الدين “إذا سكت العلماء عن هذا الواجب المقدس، فإن ذلك يُعّد خيانة لله ولرسوله صلى الله عليه وآله وسلم وللمؤمنين”.
وأكد أن كثيراً من الأنظمة تعمل على ما يثبط الشعوب ويلهيها عن قضايا الأمة عامة وفي مقدمتها القضية المركزية “قضية فلسطين” من خلال إقامة حفلات ترفيهية ومسابقات تسلية وألعاب وهم يشاهدون المجازر التي تُرتكب بحق الأشقاء في غزة ولا يُحركون ساكناً.
وشدد مفتي الديار اليمنية على أن واجب العلماء يحتم عليهم مستقبلاً وجوب التحرك لمناصرة فلسطين وقطاع غزة، مضيفاً “إن السكوت عما يجري في غزة خيانة وقد توعّد الله الساكتين والصامتين في هذا الظرف بالعذاب الأليم”.
وتابع “انطلاقنا اليوم للوقوف بجانب إخواننا في فلسطين يأتي من واجبنا الإنساني والديني والأخلاقي الذي أشار إليه قوله تعالى ” وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ”.
وبيّن العلامة شرف الدين أن الأمة تركت الجهاد المنزّل على النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم وكرهت أن تجاهد بالأموال والأنفس في سبيل الله .. مشيراً إلى أن أمريكا تغطي جرائم كيان العدو الصهيوني بمواصلة دعمها وحثها على قتل المزيد من أبناء غزة وفلسطين دون أن يحرك العالم العربي والإسلامي ساكناً خوفاً من قوى الهيمنة والاستكبار.
ولفت إلى “أن العدوان والحصار على اليمن على مدى تسع سنوات، لم يمنعه من الوقوف مع الشعب الفلسطيني الذي يواجه العدو الصهيوني، انطلاقاً من الواجب المقدس الذي لن يسلم السؤال عنه أحد من المسلمين فيما يتعلق بما قدّمه المسلم لمؤازرة ومناصرة أخيه المسلم”.
بدوره أكد ممثل حركة المقاومة الإسلامية حماس بصنعاء معاذ أبو شمالة، أن فلسطين ستظل قضية الأمة المركزية وضميرها الحي، استولى عليها مشروع صهيوني تأسس على وعد باطل وطردوا أهلها منها وحظي باعتراف دولي بواقع قوة النار.
وأشار إلى أن فلسطين ستبقى بالمقاومة متواصلة حتى إنجاز التحرير وتحقيق عودة اللاجئين وبناء الدولة المستقلة وعاصمتها القدس الشريف .
وذكر أن انعقاد مؤتمر فلسطين قضية الأمة المركزية الثاني في العاصمة صنعاء يتزامن مع الذكرى الـ 48 ليوم الأرض ومع معركة “طوفان الأقصى” البطولية التي يخوضها الشعب الفلسطيني الصابر المرابط والمقاومة في قطاع غزة على مدار ستة أشهر بكل إيمان وتضحية وصمود دفاعاً عن أرضهم وحقهم ومقدساتهم.
وثمن أبو شمالة موقف الشعب اليمني قيادة وحكومة وشعباً في دعم ومساندة الشعب الفلسطيني بالفعل والوجدان ومشاركته فيه من خلال معركة “الفتح الموعود والجهاد المقدس” لمواجهة الكيان الصهيوني .. مؤكداً أن اليمن بفعله وموقفه المشرف أصبح اليوم شريك المقاومة في فلسطين ويرتجى منه أكثر من غيره.
وقال “اليمن وأهله هم أهل الإيمان والمدد وهم أولوا قوة وأولوا بأسٍ شديدٍ وهي من صفات الفاتحين للأقصى والقدس بإذن الله من جديد”.
وأضاف “رغم ستة أشهر على معركة “طوفان الأقصى” وما يزال الدعم الأمريكي اللا محدود مستمراً للعدو الصهيوني عسكرياً ومادياً وسياسياً إلا أن المقاومة الفلسطينية بخير بالرغم من شراسة المعركة وما تزال المقاومة تتصدى للعدوان الصهيوني بكل ما استطاعت من قوة باعتبارها معركة تاريخية وثقتنا بالله كبيرة في النصر المؤزر”.
وتطرق ممثل حركة حماس بصنعاء، إلى الآلام القاسية التي يتجرعها الشعب الفلسطيني بغزة والضفة في ظل جرائم العدو مع التواطؤ الدولي والتخاذل العربي .. مؤكداً أن معركة “طوفان الأقصى” ليست كبقية المعارك بل هي معركة فاصلة في تاريخ الصراع مع العدو الصهيوني.
واعتبر معركة الجوع التي يستخدمها العدو الصهيوني بلؤم، سيما في شمال قطاع غزة، صورة من حرب العدو للشعب الفلسطيني الصامد والمرابط .. لافتاً إلى المفاوضات التي يسعى العدو الصهيوني الأمريكي البريطاني من أجلها في محاولة منهم لأخذه من المقاومة بالمفاوضات في ظل عدم استطاعتهم أخذه بالقوة في الميدان.
وجدد التأكيد على أن المقاومة ماضية في مطالبها العادلة المتمثلة بوقف العدوان وانسحاب العدو من غزة وإدخال المساعدات وإغاثة الفلسطينيين وعودة المهجرين إلى ديارهم وبلادهم.
واستهجن أبو شمالة، التخاذل العربي إزاء ما يرتكبه العدوان الأمريكي الصهيوني على غزة والحصار والتجويع الممنهج الذي يمارسه كيان العدو بحق الفلسطينيين في غزة .. مشيراً إلى المواقف الداعمة للمقاومة الفلسطينية على مستوى العالم، سيما موقف جنوب أفريقيا وموقف اليمن ومساهمته المتميزة في معركة “طوفان الأقصى”.
واختتم كلمته بالقول “سيبقى موقف أهل اليمن محفورا في الذاكرة الفلسطينية وفي قلب وعقل كل عربي مسلم، وسيظل موقف الجمهورية اليمنية مشعلاً يضيء كل أحرار العالم من تحدى الظلم والجبروت الأمريكي”.
من جهته أكد معاون رئيس الدائرة التنفيذية لحزب الله عبدالله قصير أهمية انعقاد المؤتمر العلمي الثاني “فلسطين قضية الأمة المركزية” بالعاصمة اليمنية صنعاء بالتزامن مع إحياء يوم القدس العالمي لتذكير العالم بالقضية الفلسطينية وبشاعة الجرائم الصهيونية التي يرتكبها بحق الشعب الفلسطيني.
وأوضح أن قضية فلسطين هي قضية الحق والعدالة والإنسانية ومن يقف مع القدس وفلسطين، يقف مع الحق والإنسانية، ومن يقف في مواجهة القدس، يقف مع قوى الهيمنة والاستكبار العالمي أمريكا والعدو الصهيوني وأوروبا.
وأشار قصير إلى مجازر الإبادة الجماعية التي يرتكبها الكيان الصهيوني المدعوم أمريكياً وبريطانياً بحق الفلسطينيين بقطاع غزة في جرائم لم يشهد لها التاريخ مثيلاً في بشاعتها ووحشيتها في ظل صمت دولي وخذلان وتواطؤ عربي وإسلامي.
وحيا مواقف الشعب اليمني وقيادته الحكيمة في دعم ومساندة الشعب الفلسطيني وفصائل المقاومة الفلسطينية والوقوف مع الحق والإنسانية لمواجهة الكيان الصهيوني.
واعتبر معاون رئيس الدائرة التنفيذية لحزب الله، إلى أن العدوان والتجويع على أبناء غزة منذ ستة أشهر، بمثابة عدواناً على القيم والإنسانية جمعاء .. داعياً الجميع إلى مقاطعة البضائع والمنتجات الإسرائيلية والأمريكية باعتبارها سلاحاً وموقفاً والعمل على تفعيل الجبهات الجهادية والعسكرية والسياسية والثقافية.
وقال :”مثلما هو عاجز عن كسر ذراع فصائل المقاومة، فإننا قادرون على هزيمة العدو وإلحاق به الهزيمة الحقيقية”.
تصوير /فواد الحرازي
المصدر: الثورة نت
كلمات دلالية: فلسطین قضیة الأمة المرکزیة رئیس حکومة تصریف الأعمال العربیة والإسلامیة القضیة الفلسطینیة الکیان الصهیونی الشعب الفلسطینی محمد علی الحوثی انعقاد المؤتمر العدو الصهیونی السیاسی الأعلى المؤتمر العلمی طوفان الأقصى الشعب الیمنی فی المؤتمر فی فلسطین فی مواجهة بن حبتور إلى جانب من أجل الذی ی فی غزة إلى أن
إقرأ أيضاً:
انطلاق أعمال المؤتمر الدولي الثالث للدراسات الإسلامية في أبوظبي
إبراهيم سليم (أبوظبي)
انطلقت أمس في أبوظبي أعمال المؤتمر الدولي الثالث للدراسات الإسلامية، تحت عنوان «المواطنة والهوية وقيم العيش المشترك»، الذي تنظمه جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية، بمشاركة نخبة من العلماء والباحثين والأكاديميين من داخل الدولة وخارجها، وذلك في إطار حرص الجامعة واهتمامها بالبحث العلمي، والنهوض بالدراسات الإسلامية، وضمن حراكها العلمي وحوارها الفكري، وتبادل الرؤى حول تعزيز الانسجام الاجتماعي والإنساني، وترسيخ القيم الإنسانية المشتركة.
ويناقش المؤتمر، على مدار يومين، ثلاثة محاور رئيسية، تشمل «المواطنة والانتماء: مداخل فلسفية وأبعاد قيمية»، و«المواطنة في الواقع المعاصر»، و«المواطنة ورهانات المستقبل: الفرص والآمال».
التأصيل الشرعي للمواطنة
في كلمته، خلال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، أشاد معالي الشيخ عبدالله بن بيه، رئيس مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي، رئيس منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة، رئيس المجلس العلمي للجامعة، بالدعم المتواصل الذي ظلت تقدمه القيادة الرشيدة للجامعة والعلم والتعليم محلياً ودولياً، وتطرق في كلمته لأربعة محاور تضمنت: مفهوم المواطنة، والتأصيل الشرعي للمواطنة، والوطن: حقوق وواجبات، والإسهام الديني في ترسيخ المواطنة.
وحول مفهوم المواطنة، قال بن بيه، إنها لم تكن على مر العصور واختلاف الأقطار على وزن واحد في حقيقتها أو مقوماتها، بل الأصوب أن نتحدث عن مواطنات تتسع وتضيق بحسب السياقات، وحول التأصيل الشرعي للمواطنة، أشار إلى أن التصور الحديث الذي وصلت إليه التجربة الإنسانية في هذا الصدد، لا ينافي في مجمله قيمنا الإسلامية وأصولنا الدينية.
وفيما يخص محور «الوطن: حقوق وواجبات»، أضاف معاليه: «إن أهم مقومات المواطنة هو مبدأ الواجبات المتبادلة والحقوق المتساوية، بما يقتضي الإيجابية في العلاقة والبعد عن الاختلاف، والشعور بالشراكة في المصالح، ودولة المواطنة هي الحامية للكليات الخمس، الدين والحياة والملكية والعائلة والعقل».
وأخيراً تطرق بن بيّه للإسهام الديني في ترسيخ المواطنة، مشيراً إلى أنه يتجلى في بعده التربوي والأخلاقي، فالمواطنة ليست مجرد معرفة تتعلم أو مبادئ تتقن بل هي سلوك وممارسة تكتسب من خلال التربية التي تعنى بتهذيب السلوكيات، وتقويم التصرفات، وتحسن الأخلاقيات.
أصول متينة
من جانبه، قال معالي الدكتور قطب سانو، الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي الدولي، إن المواطنة عقد فكري واجتماعي وأخلاقي بين الفرد والمجتمع وولي الأمر، وأضاف «هي عقد فكري لانبثاقها من أصول متينة ورصينة أوسعتها نصوص الكتاب المجيد، والسنة النبوية الشريفة، وهي عقد اجتماعي لانتظامه حقوقاً ثابتة وواجبات واضحة متبادلة بن الفرد والمجتمع والقيادة، وهي عقد أخلاقي لاشتماله على التمسك بالقيم الرفيعة والتحلي بالآداب السامية».
منصة عالمية
إلى ذلك، أكد معالي الدكتور عمر حبتور الدرعي، رئيس الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف والزكاة، أن المؤتمر يتسم بثلاثية أساسية تجيب عن التساؤلات وتواجه التحديات، فهو يعزز المواطنة المحلية عبر عنصر الهوية، ويمتد ليشمل المواطنة العالمية من خلال قيم العيش المشترك، وقال إن دولة الإمارات تعد نموذجاً رائداً على الصعيد العالمي من خلال رعايتها لأقوى التجارب في تعزيز هذا النوع من المواطنة عبر الوثائق والتشريعات ومواكبة التطورات، حتى أصبحت أرضاً صلبة للمواطنة، جسدت على أرض الواقع قيم السلام والاستقرار، واستهوت أفئدة من الناس، وآوت بتعايش ووئام كل مكونات الوطن وشركائه.
ودعا معاليه، في ختام كلمته، إلى تأسيس منصة عالمية خاصة بالمواطنة لدراسة وتعميق مفاهيمها، وتكوين فرق علمية من الباحثين والطلاب تهتم ببحوث المواطنة وتطوراتها.
قيم العيش المشترك
من جانبه، قال فضيلة الدكتور نظير محمد عياد، مفتي جمهورية مصر العربية، إن انعقاد المؤتمر يأتي ضمن جهود جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية في تعزيز قيم العيش المشترك، وتصحيح المفاهيم المغلوطة، ونشر وسطية الإسلام وصورته الصحيحة.
وأكد أن التطرف يعتبر أحد أهم المؤثرات السلبية على قضية الانتماء الوطني والهوية؛ لأنه يقوم على الانتماء للفكرة والأيديولوجية المتطرفة المعادية للوطن، كما يكرس التطرف الإشكالية بين الدين والانتماء الوطني والهوية الوطنية من خلال نشر مفاهيم مغلوطة في نفوس الأفراد والمجتمعات، مثل التعصب والإقصاء والعنف، وعدم الاعتراف بحقوق الآخر، ومحاولة استنساخ نماذج تراثية قديمة في التعامل مع الآخرين.
سياقات الهوية
خاطب المؤتمر معالي الدكتور علي راشد النعيمي، رئيس المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة، مشيراً إلى أن سياقات الهوية في هذا العصر متعددة، لذلك ينبغي تبني ثقافة التأليف والمواءمة بين الهويات المتعددة، مؤكداً أن قيم العيش المشترك أصبحت ضرورة، والإقصاء والتهميش يهدد المجتمع والدولة والسلم، وأن المجتمعات الإنسانية مجتمعات قائمة على التعددية، وهذا واقع لا محالة منه، وأن التعددية سلاح ذو حدين، إما أنها قوة لخلق نسيج اجتماعي متناسق، وإما أن تكون ساحة للصراع والانقسام
الانتماء والولاء
من جانبه، قال الدكتور خليفة مبارك الظاهري، مدير جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية، إن انطلاق المؤتمر الدولي الثالث للدراسات الإسلامية، يفتح آفاق الفكر والحوار والنقاش حول المفاهيم التي تشكل حاضرنا وتصوغ مستقبلنا وهي: المواطنة والهوية وقيم العيش المشترك، وأضاف: «في خضم حديثنا عن قيم المواطنة وحب الوطن والانتماء والولاء له، نستحضر شخصية قائد صنع التاريخ، وجسد أسمى معاني المواطنة وحب الوطن، ففي تاريخ دولتنا يقف المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، شامخاً ومعلماً ورمزاً وطنياً خالصاً، وقد تجسدت فيه أسمى معاني المواطنة والعطاء والإخلاص والوفاء والانتماء».
وقال إن صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، يمضي على نهج المؤسس، مؤمناً بأن بناء الإنسان هو الركيزة الأساسية، وأن المواطنة لا تكتمل إلا بالعلم والعمل والتلاحم، فكانت رؤيته وقيادته تجسيداً حياً لحب الوطن والبذل من أجله، فغدت المواطنة في عهده التزاماً بقيم الولاء والانتماء والعطاء والإخلاص.
وأضاف الظاهري: «إن مفهوم المواطنة النبيل لا يسير دائماً في طريق ممهد، بل قد تعترضه تحديات جسيمة، وتحاصره خطابات متطرفة، تحاول أن تنزع عن المواطنة قدسيتها، وأن تشوش على حقيقتها، ومن أشد هذه التحديات وأخطرها تهديداً للسلم في زماننا، ما تروجه الجماعات المتطرفة التي تسعى إلى تقويض شرعية الدولة الوطنية».
صورة مشرقة
أكد معالي الدكتور سامي الشريف، الأمين العام لرابطة الجامعات الإسلامية، أهمية موضوع المؤتمر في ظل ما تعانيه المجتمعات المعاصرة من حروب وصراعات دينية ومذهبية، مع انتشار خطاب الكراهية الذي يسعى إلى بث الأفكار المتطرفة، والحض على الصراعات والإقصاءات القائمة على أساس اللون والعقيدة.
وقال إن تجربة دولة الإمارات في استيعاب المنتمين إلى الثقافات والحضارات والشرائع كافة تمثل صورة مشرقة لسماحة الدين الإسلامي وعالمية رسالته في قبول التعددية والاختلاف واحترام الآخر.
أوراق عمل ثرية عن الهوية والمواطَنة
ترأس الدكتور حمد الكعبي، الرئيس التنفيذي لمركز الاتحاد للأخبار، الجلسة الرئيسية للمؤتمر التي أعقبت الجلسة الافتتاحية، وشارك فيها كل من الدكتور سلطان محمد النعيمي، مدير عام مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، وسماحة الشيخ نظير الدين محمد ناصر، مفتي جمهورية سنغافورة، والدكتورة ماريا الهطالي، الأمين العام لمجلس الإمارات للإفتاء الشرعي.
وثمَّن الدكتور حمد الكعبي، في مقدمته للجلسة، دور جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية، وطرحها للقضايا التي تهم المجتمع، إذ إن المؤتمر يكتسب أهمية كبرى خاصة في «عام المجتمع» الذي يهدف إلى تعزيز الروابط داخل المجتمع عبر ترسيخ قيم التعاون والانتماء، والحفاظ على التراث الثقافي.
وأثنى على عنوان المؤتمر الدولي الثالث للدراسات الإسلامية، الذي اختارته الجامعة حول «المواطنة والهوية وقيم العيش المشترك»، بمشاركة نخبة من المفكرين والأكاديميين والعلماء من داخل الدولة وخارجها، وهو ما ينعكس على المحاور الرئيسية للمؤتمر وجلساته الثرية التي تعزز مبادرات الجامعة، وتكثف تواصلها مع المجتمع، انطلاقاً من دورها الإيجابي في تعزيز المساهمات الفكرية، والدور الحضاري لدولة الإمارات العربية المتحدة.
ولفت إلى أن المؤتمر ينطلق من رؤى الجامعة التي تحمل اسم صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، بما له من مبادرات عالمية كبرى في التسامح والعطاء والعمل الإنساني والتواصل والشراكة والتعاون من أجل خير البشرية وترسيخ الأخوة الإنسانية.
وقدم الكعبي ملخصاً للمشاركات بالجلسة الرئيسية تحت عنوان «المواطنة والهوية وقيم العيش المشترك»، وأوراق عمل ثرية عن الهوية الوطنية، وقيمة المواطنة، والتراحم والتضامن المجتمعي، وقيم التعارف وقيمة السلام والتنمية المستدامة للقيم، حيث تناول الدكتور سلطان محمد النعيمي، مدير عام مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، في مداخلته عن المواطنة والهوية وقيم العيش المشترك، بينما تمحورت كلمة فضيلة الدكتور ناظر الدين محمد ناصر، مفتى جمهورية سنغافورة، حول التحديات التي يتعين علينا مواجهتها في عالم متنوع، ومن أخطرها التعصب وتدهور القيم، داعياً إلى أهمية التعايش مع التنوع، معتبراً سنغافورة مثالاً مصغراً للتنوع العالمي.
كما أشار إلى أن الدكتورة ماريا الهطالي، الأمين العام لمجلس الإمارات للإفتاء الشرعي، استنتجت في ورقتها أهمية الاجتهاد الحضاري لإيجاد حلول لمشكلات أوجدتها التيارات المتطرفة من خلال نسق معرفي.
تجربة سنغافورة.. تناغم رغم التعدد
أعرب سماحة الشيخ نظير الدين محمد ناصر عن شكره العميق لجامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية على دعوتها لمفتي سنغافورة للمشاركة في هذا المؤتمر المحوري حول المواطنة والهوية والتعايش والقيم المشتركة، لافتاً إلى أن تجربة الأقليات تختلف عن الأغلبية، ولكنها لا تقل أهمية أو عمقاً في الوعي الجمعي للمسلمين المعاصرين، وفي ظل تحولات العصر وتحدياته.
وأوضح أن هناك ثلاثة تحديات تُشكل خلفية النقاش حول المواطنة والهوية، هي: تصاعد التعصب تجاه الآخر، والقلق من أجل البقاء، وتراجع القيم الجماعية، وتصاعد الفردية والرأسمالية المتوحشة، مما أدى إلى إضعاف قيم الرحمة، والتعاطف، والضيافة.
وأوضح فضيلة مفتي سنغافورة، أن بلاده تمثّل مختبراً عالمياً لتجربة التعدد، حيث صنّفت كأكثر الدول تنوعاً دينياً حسب تقرير مؤسسة «بيو» عام 2014. ومع وجود أكثر من 5.5 مليون نسمة في مساحة صغيرة، تعيش مكونات المجتمع جنباً إلى جنب، ما يجعل التماسك الاجتماعي تحدياً حقيقياً. والتحدي يكمن في التوفيق بين الالتزام الديني والمشاركة الفاعلة في بناء الدولة، مؤكداً أن الفهم الصحيح، هو الذي يدعو إلى المرونة والتأقلم والموازنة بين الانتماءات، وهو ما فعله النبي محمد صلى الله عليه وسلم لتحقيق السلام لكل الناس.
ودعا المفتي إلى إطلاق ميثاق عالمي للقيم المشتركة، ينطلق من جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية، يرتكز على احترام قدسية النفس البشرية، خاصة الفئات الضعيفة كالأطفال والنساء وكبار السن، وتبني الاندماج بدل الإقصاء، والنظر إلى الاختلاف كقوة وثراء، ومعاملة الآخرين بكرامة، واحترام خصوصياتهم، وممارسة العادات الدينية دون إيذاء أو تعصب.
واختتم بدعوة قادة الأديان إلى الدفاع عن السلطة الأخلاقية للدين، لأن أي فشل في حماية المجتمعات باسم الدين سيقود إلى كارثة قيمية عميقة، مطالباً بتوسيع المساحة المشتركة بيننا، وتهميش دعاة العنف والإقصاء، على أمل أن يعودوا إلى نور الرحمة.
الإمارات نموذج عالمي في التعايش
تناول الدكتور سلطان محمد النعيمي، مدير عام مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، «المواطنة والهوية وقيم العيش المشترك»، وأوضح خلالها أن الهوية الوطنية لا تأتي على حساب البعد القومي والمذهبي والعرقي بل على العكس تماماً، تعاضد المجتمع بكل مكوناته في خلق بيئة من المواءمة والتعاون فيما بينه ينعكس من دون شك على هامش الحريات التي تتمتع بها مختلف الأطياف، مراعية في الوقت ذاته الحد الفاصل بين الحريات الشخصية وخصوصياتها، سواء الدينية أو المذهبية أو العرقية، وبين مصالح الوطن العليا، ولا تأتي هذه الأخيرة على حساب حريات مختلف الأطياف طالما روعي فيها أمن الوطن واستقراره.
وقال إن على الحكومات دورها الأساس لدرء مخاطر الأبعاد الدينية والمذهبية والعرقية من خلال الاعتراف بوجود التنوع الطائفي والمذهبي والعرقي داخل المجتمع، والضمانات الدستورية للتعددية، وتحقيق تكافؤ الفرص، وتوفير الحياة الكريمة للمواطن، وتحقيق التنمية الشاملة، وتعزيز التنافسية بناء على
الكفاءة وليس المحاصصة، والتأكيد على الوسطية في المجتمع، وتنمية الروح الوطنية، والتوظيف الصحيح لوسائل الإعلام، وتوظيف المناهج التعليمية لدعم الوحدة الوطنية.
وأضاف النعيمي أن التساؤلات التي تم طرحها يمكن اختزالها بالآتي: إذا كان الشعور بالهوية ينساب في تفكيرنا وإحساسنا وتصرفاتنا بشكل بدهي، وإذا كان الفرد يمتاز بالتفرد بالهوية، وفي الوقت ذاته تلعب الهوية جسراً بين الفرد الخالص والفرد الاجتماعي، وتحقق الحكومات الشروط اللازمة لتعزيز الهوية الوطنية. فما المانع من التعايش السلمي، ولماذا الصراعات؟
وعبّر عن اعتقاده بأن مسار حياة الإنسان في رحلته في عوالم الهوية يتحقق بالأسرة وما تلقنه للفرد المدرسة ومناهجها، والمجتمع وطريقة العيش، والدولة وعلاقاتها، لكي تكون الهوية الإنسانية جزءاً أصيلاً من الهويات الأساسية. وإذا تأصلت هذه الفكرة في حياتنا اليومية ومناهجنا الدراسية والعلاقات الدولية، فستصل إلى العيش المشترك الذي يحفظ أصالة وتفرد الهويات عن بعضها بعضاً التي تجمعها هويات وطنية متعددة تحت سقف هوية إنسانية جامعة. والإمارات نموذج أعلى، هذه الأرض الطيبة التي نعيش عليها بقيادة رشيدة، تدرك أهمية التعايش، ويأتي هذا المؤتمر دليلاً على ذلك.
نهج الاعتدال والتسامح والتعايش كقيم أصيلة
أكدت الدكتورة ماريا الهطالي، الأمين العام لمجلس الإمارات للإفتاء الشرعي، في ورقتها العلمية، أن مفاهيم مثل المواطنة، والهوية، وقيم العيش المشترك في دولة الإمارات، ليست أمراً غريباً أو مستحدثاً، بل هي حديث متجذر في تاريخ الإمارات السياسي والأخلاقي والإنساني، منذ تأسيسها على يد الوالد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي رسخ نهج الاعتدال، والتسامح، والتعايش كقيم أصيلة وفطرية وواقعية.
فقد كان الشيخ زايد مدرسة في المواطنة والإنسانية، ورمزاً للإنسانية الحقة، تجسدت فيه القيم الدينية والوطنية، وعُرف بصدقه، وشهامته، وحكمته، وإيمانه الراسخ بأن التعايش ليس خياراً ظرفياً، بل ضرورة لبناء الأوطان. واستمر هذا النهج مع صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، الذي كرّس رؤيته لتمكين الإنسان، وتكريس القيم الجامعة التي تضمن استقرار الوطن ورفعة المواطن.. وقد تجلّت هذه الرؤية في المبادرات الحضارية والحوارات العالمية، التي رفعت مكانة الإمارات على مؤشرات التسامح والتعايش عالمياً.
واعتبرت الهطالي أن المؤتمر ينطلق من ثلاثة أسئلة كبرى، تُعبر عن حاجة المجتمعات المسلمة والعربية إلى إعادة تأطير المفاهيم الكبرى في سياقاتها الحديثة، والتي تشمل كيفية دمج مفهوم المواطنة في النسيج الثقافي العربي، وكيفية توظيف هذا المفهوم في معالجة مشكلات المجتمعات المسلمة، وسبل استحضار فاعل لهذا المفهوم، مؤكدة أن الإجابة عن هذه الأسئلة ليست ترفاً فكرياً، بل هي من واجب الوقت.
وأوضحت أن هذه التساؤلات تمثّل أبرز تحديات الخطاب الديني المعاصر، خاصة على مستوى الإفتاء ومواجهة الانحرافات المفاهيمية التي تسللت إليه، والحاجة الماسة إلى خطاب إنساني أخلاقي يطفئ حرائق الصراعات، ويُعزز الانتماء الوطني في ظل أزمات تتفاقم في العالمين العربي والإسلامي.. كما أنها قضايا باتت محور اهتمام المراكز البحثية، والمجامع الفقهية، والعقلاء والحكماء في العالم الإسلامي.
وشددت الهطالي على أن تقديم أجوبة عقلانية مقنعة، يسهم في كبح جماح الفكر المتطرف الذي يهدم الأوطان، ويستحل الأرواح والأموال والمكتسبات.. وهي دعوة لاجتهاد معاصر مرتبط بالوطن والواقع من العلماء والفقهاء والمفكرين لتقديم حلول واقعية ناضجة، لا مجرد فتاوى جامدة أو تنظيرات بعيدة عن الواقع. ولكن لا بد أن يكون هذا الاجتهاد منضبطاً بثلاثة أبعاد معرفية: البعد الجغرافي، والبعد الزمني، والبعد المعرفي، فالاجتهاد المعاصر بحاجة إلى منظومة معرفية جديدة تستوعب الواقع والعصر، وتقيم الجسور بين الإنسان ومجتمعه، وبين المجتمعات الإنسانية الأخرى، من منطلق الوعي والتكامل والإنصاف، مؤكدة أن المواطنة ليست مجرد علاقة قانونية، بل منظومة حضارية متكاملة تجمع بين الانتماء القلبي، والمسؤولية المدنية، والتفاعل الاجتماعي الإيجابي، وشددت على أن المفاهيم المغلوطة التي علقت بالمواطنة يجب أن تُصحح وتُحرر، وأن يُقدَّم الفهم الصحيح من خلال الاجتهاد المتبصر والخطاب الواعي.
الجلسة التأطيرية للمؤتمر
أدارت الدكتورة كريمة للمزروعي، مستشار في جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية، الجلسة التأطيرية، وتناولت الورقة العلمية للدكتور محمد البشاري، أمين عام المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة، جدلية الانتماء والمواطنة نحو تأسيس مقاصدي للمواطنة الأخلاقية في زمن ما بعد الحداثة.
فيما تحدث راشد بن محمد الهاجري، رئيس الأوقاف السنية بالبحرين، «عن المواطنة والانتماء: مداخل فلسفية وأبعاد قيمية».
كما تحدث الأستاذ الدكتور رضوان السيد، عميد كلية الدراسات العليا في جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية، عن «المواطنة والهوية في الواقع المعاصر»، وتناولت كلمة معالي سيد إبراهيم، وزير الشؤون الدينية بولاية بهانج الماليزية، موضوع «المواطنة ورهانات المستقبل: الفرص والآمال».
وتحدث سماحة المفتي د. مولود جودتش، رئيس المشيخة الإسلامية لصربيا والمفتي العام، عن المواطنة ودور المؤسسات الدينية والعلمية في بناء التعايش المستقبلي.