كيف كان المريخ صالحا للحياة قبل مليارات السنين؟.. دراسة تكشف السر
تاريخ النشر: 2nd, April 2024 GMT
كان من الممكن أن يكون المريخ صالحًا للسكن قبل مليارات السنين، هكذا يعتقد العلماء، حيث كان سطح الكوكب الأحمر مغطى بالمحيطات والبحيرات والأنهار، وكان من الممكن أن يكون موطنا للحياة قبل أن يجف مؤخرا.
«كان من الممكن أن يشبه الأرض خلال الأيام الأولى للنظام الشمسي»، هكذا أوضحت صحيفة «تايمز» نظرية العلماء بشأن كوكب المريخ، مؤكدة: «تعني النظرية أن الحياة كان من الممكن أن تتطور في مياه المريخ».
وأوضحت الصحيفة: «يعتقد العلماء أن أي حياة على المريخ كانت ستختفي بعد أن اختفت المياه السائلة من سطح الكوكب الأحمر منذ حوالي ثلاثة مليارات سنة، ومع ذلك، هناك أفكار متضاربة حول ما حدث للمياه».
وبحسب التقرير، كان يُعتقد سابقًا أن المريخ فقد مياهه خلال فترة هيسبيريان، منذ حوالي 3.7 إلى 2.9 مليار سنة، بعد أن أكد العلماء أن الماء كان من الممكن أن يكون موجودًا على المريخ حتى أواخر العصر الهسبيري.
ووجد الباحثون في إمبريال كوليدج لندن دلائل على وجود المياه بكثرة في حفرة غيل على المريخ، وهو حوض يبلغ قطره 92 ميلاً جنوب خط الاستواء مباشرة، بعد فترة طويلة من الاعتقاد بأن الكوكب أصبح جافًا وغير مضياف.
كما عثر فريق البحث التابع لمركبة كيوريوسيتي أيضًا على طبقات مشوهة في الحجر الرملي الصحراوي، والتي يقولون إنه من الممكن أن تكون قد تكونت عن طريق الماء فقط.
الدكتور ستيفن بانهام، المؤلف الرئيسي للدراسة، التي نشرت في مجلة الجيولوجيا قال: «كشف الحجر الرملي أن المياه ربما كانت وفيرة في الآونة الأخيرة، ولفترة أطول مما كان يعتقد سابقا، ربما كانت هذه المياه سائلة مضغوطة، وجرى دفعها إلى داخل الرواسب وتشويهها، أو تجمدت، مع تكرار عملية التجميد والذوبان التي تسبب التشوه، أو كانت مالحة، وعرضة لتقلبات كبيرة في درجات الحرارة».
«الأمر الواضح هو أنه وراء كل من هذه الطرق المحتملة لتشويه هذا الحجر الرملي، فإن الماء هو الرابط المشترك»، هكذا اختتم مؤلف الدراسه حديثه.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: المريخ كوكب المريخ الكواكب الأنهار کان من الممکن أن
إقرأ أيضاً:
في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن
لم يعد السودانيون يملكون ترف التأجيل، ولا فسحة الإنكار. فما بين حرائق الحرب، وتشظي الجغرافيا، وانكسار المعنى، تترنح البلاد على حافة الفناء. آلاف يُشرَّدون كل يوم، مدن تُمحى من الوجود، وقلوب تفيض بالغضب والحسرة والخذلان. لسنا في لحظة خلاف سياسي عابر، بل أمام تصدّع نفسي وجمعي بلغ أعماق الوجدان، وأوشك أن يقضي على آخر ما تبقى من الروابط الجامعة لهذا الشعب الذي تقاذفته نخبه وأودت به من خيبة إلى أخرى.
لقد بات من العبث أن نتحدث عن الخروج من الأزمة دون الاعتراف الجاد والعميق بأننا جميعاً في ورطة: نُخبةً وشعباً، إسلاميين وغيرهم، زرقةً وعرباً، نظاميين ومدنيين، زغاوة وعطاوة، مركزاً وهامشاً. الجميع مأزوم، وكل طرف يجرّ خلفه تاريخاً من الانكسارات أو التورط أو الغفلة. وما لم نواجه هذه الورطة بشجاعة أخلاقية ونقد ذاتي مسؤول، فإننا سنبقى أسرى سرديات التناحر والاستقطاب، وسيتسرب الوطن من بين أيدينا كما تتسرب المعاني من قلب مكلوم.
ما نعيشه اليوم لا يمكن تفسيره فقط بأدوات السياسة التقليدية؛ نحن أمام مأزق بنيوي يعيد إنتاج نفسه، مأزقٌ تتصارع فيه الروايات والهويات والمصالح بشكل متشابك، حتى أصبح الوضع شبيهاً بما تسميه “نظرية اللعبة” في العلوم السياسية: كل طرف يظن أن انتصاره مرهون بخسارة الآخر، بينما الشعب كله، في المركز والهامش، يعيش حالة خسارة مزدوجة.
الإسلاميون في مأزق أخلاقي لأن خطابهم اختُطف لصالح تيار متشدد يدّعي تمثيل الإسلام، بينما يُقصى المعتدلون الذين ما زالوا يؤمنون بشرعة الوطن الجامع. الشماليون في أزمة وجودية لأنهم تواطؤوا لقرون مع سلطة المركز وتاملوا — بوعي أو دون وعي — على ظلم المجموعات الزنجية واضطهاد الفئات المستضعفة، ثم وجدوا أنفسهم لاحقًا هدفًا للانتقام. العطاوة (الرزيقات خاصة) وُظفوا لعقود خلت كأدوات بيد المركز حتى صاروا جزءًا من معادلة سلطة لا مفر للخروج منها أو احتكارها دون خسائر باهظة.
الزرقة (الزغاوة خاصة) في ورطة لأن فصائل مسلحة اختطفت تمثيلهم السياسي باسم البندقية لا باسم الشرعية الشعبية. والمساليت، برغم عدالة قضيتهم، ارتهنوا انفسهم للنخبة العسكرية التي لا تسعى إلى حل، بل إلى تدوير الأزمة من خلال السعي لاستيلاد المليشيات. السؤال: هل ستظل قضية دار المساليت جرحاً ينكأ بلا ضماد، وبأي ثمن؟
هل سيظل السودان رهينة لخطابات الكراهية والدم ومرتعاً للغبينة وإثارة الضغائن؟
ما لم ننجح في تحويل هذا الصراع إلى معادلة “رابح-رابح”. وهنا، تحضرني “نظرية اللعبة” (Game Theory) ثانية كعدسة تحليلية يمكن أن تضيء لنا مخرجًا. فنحن كأطراف متنازعة، نتصرف كسجناء في معضلة كلاسيكية: كل طرف يفضل خيانة الآخر خشية أن يُخدع، فتضيع الفرصة على الجميع. لكننا لا نعيش معضلة سجناء، بل مصير وطن، ولا خيار لنا سوى قلب هذه المعادلة نحو “رابح/رابح” (Win/Win). ولا يتحقق هذا إلا باعترافنا المتبادل، وتخلينا عن عقلية “كل شيء أو لا شيء”.
ما نحتاجه في السودان ليس تكراراً لنموذج رواندا، رغم ما فيه من عِبَر، فالجرح السوداني أوسع وأكثر تشعباً من أن يُختصر في ثنائية قبيلتين. تجربة جنوب أفريقيا هي الأقرب لما نمر به: بلاد مزقتها العنصرية، وعُصِرت بماضٍ دموي، ثم نهضت، لا بالمحاكمات الانتقامية، ولا بالتعميم المخل، بل بـ”لجنة الحقيقة والمصالحة”، التي جعلت الاعتراف بالخطأ مدخلاً للتسامح، لا مدخلاً للتبرير.
في جنوب أفريقيا، لم يُطلب من الجلاد أن يُحب ضحيته، ولا من الضحية أن تنسى جراحها، بل طُلب من كليهما أن يعترفا بالحقيقة، ويُسهما في صناعة مستقبل مشترك. وذاك هو جوهر العدالة الانتقالية التي نحتاجها في السودان. عدالة لا تكتفي بالعقاب، ولا تكتفي بالعفو، بل تسعى إلى تحقيق التوازن الأخلاقي والوطني، بإعادة توزيع المعنى والثقة، قبل الثروة والسلطة.
ثقتي أن لنا في موروثاتنا الوطنية والدينية من الحكمة ما يؤهلنا للقيام بهذا الدور وإن افتقرنا حالياً إلى القيادة الفذة وإلى شجاعة الكبار. نحتاج فقط إلى سردية وطنية جديدة، لا تعيد إنتاج المظالم، بل تعترف بها وتعالج جذورها. سردية تُشرك الجميع في كتابة عقد اجتماعي جديد، يضع الوطن فوق الهويات الجزئية والمصالح المؤقتة. إن بقي كل طرف يكتب روايته وحده، فستبقى الذاكرة منقسمة، والدماء مستباحة. لكن إن اتفقنا على رواية واحدة—رواية المأساة الجماعية والمسؤولية المشتركة والأمل الممكن—فقد ننجو، بل قد نبني شيئاً أجمل مما تهدم.
*April 23, 2025*