الأديبة الباحثة نوار سليمان لـ سانا: الإنتاج الأدبي يعيش مرحلة تحول صعبة والنقد المنهجي يرفع كل منتج أدبي ويطوره
تاريخ النشر: 2nd, April 2024 GMT
دمشق-سانا
الدكتورة نوار سليمان أديبة وباحثة تكتب القصة والرواية، وتعتمد على موهبة ومعرفة في تصوير الواقع المؤثر بأسلوب فني وأدبي استجابة للعاطفة الصادقة والحالات الإنسانية.
وفي حوار مع سانا قالت سليمان: في تلك الجدلية الساحرة بين الأدب والثقافة، حيث تتأرجح الروح البشرية بين أدب الثقافة وثقافة الأدب، بين المثقف الأديب والأديب المثقف، تماهيا معها في أوجاعها وآلامها وأحلامها، لذلك فالأدب يعاني كما الروح الإنسانية ويعيش حياتها.
وأضافت الدكتورة سليمان: إن المعاناة التي يعيشها الأدب وتعانيها الثقافة ليست وصماً وليست ميزة، إنها إحدى صفاتهما يعيشان ما يعيشه البشر من أفراح وأحزان، من آلام وأحلام، من صحة وسقم، من نكبات ونجاحات، من ثورات وانقلابات.
وحسب سليمان يعاني الإنتاج الإنساني الأدبي بكل أنواعه، في هذه الأيام، مرحلة تحول صعبة جداً من حيث طريقة الكتابة والنشر، المواضيع التي تهم الشرائح المختلفة، معايير التقييم، إضافة إلى العولمة والأكثر أهمية هي دخول الذكاء الاصطناعي في تفاصيل الحياة الإنسانية، وهو ما سيتسبب في تغيير لكل جوانب الحياة الإنسانية في المستقبل، وللأدب والثقافة على حد سواء.
وقالت سليمان: لطالما كانت روحي أوتاراً تتلاعب بها الكلمات والجمل لتعزف أنغاماً مختلفة الجمال تستطيع القصة دائماً حملي للعيش في عوالمها، وإطلاق العنان لخيالاتي والانسجام مع تياراتها العنيفة منها والهادئة، فعلاقتي مع الرواية ليست خياراً على الإطلاق، ففي داخلي يعيش راو لا تسمح له الظروف بتسجيل كل ما يرغب به في كل الأوقات، لدي أفكار كثيرة وشخصيات وحوادث تضج في عقلي يحررها قلمي على أوراقه كما يحررني من صخبها.
وبينت الأديبة سليمان أن الموهبة هي فطرتنا الخاصة التي نمتاز بها عن الآخرين، وهي تفرض نفسها بالضرورة لكن الظروف المحيطة تساعدها أو تمنعها من التشكل الصحيح، لا بل قد تشكل كياناً مؤذياً في داخلنا فيما لو أجبرتها الظروف على النمو في بيئة ضارة.
وتابعت سليمان: أذهب إلى الكتابة في أي وقت تسمح لي الظروف، بالقليل من الهدوء تنساب أفكاري وترتسم شخصياتي على الورق بانسيابية تغلفها سعادة غامرة لم أشعر بمثيل لها إلا مشاعر الأمومة الغامرة في أولى اللحظات التي ضممت فيها أطفالي للمرة الأولى.
وعن الرواية، قالت سليمان: تحتل القصص بأنواعها مكاناً مهماً في التاريخ الإنساني، لأن الحياة بمنظورها الأوسع هي قصة، كما أن لكل منا قصته، منذ نعومة أظفاري أعشق القصص أعشق ذلك العالم الذي ينسج فيه القاص الواقع بالخيال والأحلام بالأمنيات والأحزان بالمخاوف والأفراح بالآلام ليقدم للقارئ نسيجاً مختلفاً في كل مرة.
وأوضحت سليمان أن ديمومة الدور الذي تلعبه الرواية اجتماعياً وثقافياً لا تعني على الإطلاق ديمومة شكل هذا الدور وحجمه الذي يختلف بطبيعة الحال حسب عوامل كثيرة.
ورأت سليمان أن الرواية حالياً تجتاز نفقاً ضيقاً نتيجة تغير ظروف الطباعة والقراءة وزيادة المساحة التي تحتلها الشاشات، قد تغير من شكلها في المستقبل لكن دورها سيحافظ على مكانة مرموقة مهما كانت الظروف، لأنها بكل بساطة تحتل مكانها في المورثات البشرية.
وأشارت سليمان إلى أن التربية والتعليم هما صناعة الفكر الإنساني وتشذباه خلال مراحل نموه، وبالتالي فإن علاقتهما مع إنتاجه علاقة وثيقة تساعد من جانب في فهم طبيعة وشروط الرسائل الموجهة له وتلك التي يستقبلها، كما تساعد في فهم العوامل المؤثرة في نموه والطرق المناسبة للتعامل معه.
ورأت الأديبة سليمان أن النقد يلعب دوراً مهماً في التطوير في كل المجالات العملية والعلمية، لكن اقتصاره على المديح (وهي إحدى مشاكله) يعود إلى عدم وجود تنظيم في آلية النقد.
ورأت سليمان أن وجود منهجية في نقد النصوص تساعده على التطور، وتحقق مصداقية عالية لمحتواه ذلك أن النقد يتطلب ثقافة خاصة من المرسل والمستقبل على حد سواء، فضعف ثقافة المتلقي تتوجب أحياناً ضعفاً في الرسالة النقدية، موضحة أنه انطلاقاً من هذه الفكرة يمكن ترتيب الإنتاج الفكري في مستويات مختلفة يساعد النقد في هدفه الأسمى في رفع كل منتج إلى المستوى الأعلى، وهو ما يفرض منهجية دقيقة مترافقة بطبيعة الحال مع خطة للتطوير.
وختمت سليمان بدعوة جميع المثقفين إلى المحافظة على توظيفها بكل الأشكال الأدبية مهما كانت الظروف، ومهما كانت الصعوبات، وعدم الانسياق وراء موجات الإحباطات التي باتت تصل إلينا من كل أنحاء العالم بسهولة في إحدى عيوب سهولة التواصل الإنساني العالمي.
يذكر أن الدكتورة نوار سليمان مترجمة عن الفرنسية وتحمل إجازة فيها، وهي دكتورة في التربية وتحمل إجازة في العلوم الطبيعية ومدرسة في جامعة الأندلس ومشاركة ومستشارة تربوية في برامج إذاعية (إذاعة أمواج) والبث المحلي في طرطوس، وبرامج مسجلة من 2012 حتى الآن، من مؤلفاتها رواية لليافعين ” أيام مهاجرة” عن اتحاد الكتاب العرب، وأوراق قصصية “البريق”، ولها مشاركات في بحوث مختلفة مع عدد من الباحثين.
محمد خالد الخضر
المصدر: الوكالة العربية السورية للأنباء
كلمات دلالية: سلیمان أن
إقرأ أيضاً:
صالون مجان الأدبي يستعرض عادات رمضان القديمة في ظفار
نظم صالون مجان الأدبي جلسة حوارية بعنوان «عادات رمضان في ظفار»، ضمن سلسلة الموروث الشعبي «حديث من الماضي»، في مجمع السلطان قابوس الشبابي للرياضة والترفيه بصلالة.
استضافت الجلسة الشيخ عامر بن أحمد بن معروف اليافعي، وأدارها الباحث في التراث عبد الرب بن جوهر، حيث استعرض الضيف العادات والتقاليد الرمضانية التي كانت سائدة في ظفار قديما، بدءا من استقبال رمضان بالشلات الدينية، وتنظيف المساجد والمنازل والملابس استعدادًا للشهر الفضيل.
كما تحدث الشيخ اليافعي عن وجبة الإفطار قديما، التي كانت تقتصر على الماء والتمر الذي يجلبه الأهالي من المنازل القريبة من المسجد، وأشار إلى عادة قديمة في منتصف شهر رمضان، حيث كان الناس يرددون «مودع مودع يا رمضان»، إيذانا بقرب انتهاء الشهر المبارك.
ومن العادات الرمضانية التي أشار إليها المتحدث، مرور رجل بين الحواري أثناء السحر، وهو ينادي «فلوح فلوح»، لتنبيه الناس إلى موعد السحور. كما ذكر أنه في الماضي، كانت كل ولاية تصوم على رؤيتها، نظرا لعدم توفر وسائل الإعلام الحديثة لرؤية الهلال وعدم توفر وسائل الاتصال السريعة بين المدن، وسلطت الجلسة الضوء على الجو الروحاني الذي كان يميز رمضان، حيث كان الشهر يخصص في أغلبه للعبادة، مع تخصيص وقت بسيط للعب والترفيه.
كما تحدث الشيخ عن «المشاهرة»، وهي زيارات اجتماعية كان ينتظرها الأهالي، حيث يجتمع الرجال في منزل واحد لأداء صلاة التراويح، ثم يتناولون العشاء جماعة ومع اقتراب الفجر، كان رجل يمر على البيوت لتنبيه الناس للسحور، فتضج البيوت بأصوات الكبار والصغار وحركة النساء لإعداد وجبة السحور، واختتمت الجلسة بترديد بعض التهاليل والأدعية الرمضانية التي كانت تتلى منذ شعبان وحتى رمضان، مما أعاد للحضور أجواء الماضي العريق، وعكس مدى ارتباط المجتمع بعاداته وتقاليده الأصيلة خلال الشهر الفضيل.