شبكة انباء العراق:
2025-03-03@23:52:50 GMT

القُدسُ في فقهِ الإمام

تاريخ النشر: 2nd, April 2024 GMT

بقلم : قاسم محمد الكفائي ..

قد يتوهمُ الكثيرُ من أصحاب الرأي أن إعلان “يوم القدس العالمي” الذي خطّهُ الإمامُ الخميني العظيم – تقدست نفسُه الزكية- جاء بدوافعٍ سياسيةٍ مَحضةٍ، أو ضَيّقة، خلقتها ظروفٌ أحاطت بالثورة الإسلامية التي قادها عام 1979 والتي نجح فيها والشعبُ الإيراني المسلم بخلع الشاه محمد رضا بهلوي من عرشِه، ليقيمَ على أنقاضِه نظامَ الجَمهورية الإسلامية.

إن تبيانَ حقيقة العلاقة ما بين الإمام والقدس الشريف تشترط معرفة مَن هو الإمامُ الخميني، وهل تأثرَ بالظروفِ الموضوعية التي واجهَتهُ في إصدار إعلان يوم القدس، أم أنه جاء كمسؤولية شرعية كبرى تستوجب تحملها والقيام بها، فتحتمَ عليه توضيحها للناس كافة دون وجلٍ، ودون تراجعٍ عن حكمٍ اجتهَدَ فيه كمرجعٍ دينيٍّ كبير له مقلدوهُ داخلَ إيران وخارجِها!! فمدرسةُ أهلِ البيت -ع- بفيضها القرآني، المعرفي، والتاريخي تُنبئْنا بحقيقةِ العلاقة الروحية القائمة على الحكم الشرعي بين الإمامِ والقدس، وهي علاقة “عرفانية” بعيدة عن إختراع الإنسان، قريبة الى الإلتزام الديني كصورةٍ من صور الشريعة، ما يدفعُنا الى القول أن هذه المدرسة التي تربّى وتعلّم فيها الإمامُ الخميني قد أنجبت من قبله مراجعا عظاما وعلى مدى قرون خلت، وأنجبت في عصرنا هذا سماحة المرجع السيد علي الخامنئي الذي نال شرف المسؤولية في مواصلة إحياء يوم القدس والدفاعِ عنه كإرثٍ كبير خصَّهُ الإمامُ به. القدس إذن حقيقة دينية (مركزية) وليست مَعلما سياحيّا، ولا تلكَ الصورة المشوَّهة التي رسمتها السياساتُ الدولية بريشةِ المنافقين وضغائن أحلامِهم. لقد ترفّع الإمامُ الخمينيُّ العظيم عن الشبهة في تلك العلاقة بموجبات المسؤولية الشرعية حول قبلةِ المسلمين الأولى، فوضع أساسا رائعا وفريدا بجعل آخر جمعة من كل رمضان يوما لنصرةِ القدس الشريف حتى بلوغ يوم التحرير الأكبر وخلاصَه من الدنس الصهيوني المحتل، ولا يختلف إثنان من العرب والمسلمين، وغيرِهم، عدوٍّ أم صديق على المعنى العميق لكلمة تحرير القدس التي تهدف إلى تحرير كل فلسطين. لقد أثبتت الوقائع دون شك منها أن المحتلَّ الصهيوني يمارس عملية طمس الهوية الحقيقية للقدس الشريف، وتشويهها بإمكانياتٍ ماليةٍ ضخمةٍ، وباعتباراتٍ دينية شاذّة ومنحرفة كانت قد اخترعتها الماكنة السياسية والإعلامية المتمثلة بالحركة الصهيونية العالمية. إن يومَ القدس العالمي الذي أسَّسَ له الإمامُ يمكن وصفَه بالجبل الأشَم الذي ارتطمَت به الأحلامُ الصهيونية العالمية، وأحلام المتصهينين من الحكام المطبعين بدافع الرعب الذي صنعته وأدخلته في قلوبهم الماكنة الإعلامية الصهيونية بحجة أن يوم القدس العالمي ومؤسسه سوف يقتلعكم من جذوركم،
كذلك هم يظنون أن الإرتماء في أحضان الصهيونية سيطيل من أعمار عروشهم، بينما القانون الطبيعي الذي تربّى عليه الإمامُ العرفاني، هو أن الأرضَ ترثها الأخيارُ وليست الشياطين. بهذا المعنى نستطيع أن نحدِّدَ شخصية الحاكم الُمطبِّع مع الكيان الصهيوني المحتل، أنها شخصية مهزوزة وحقيرة، خاوية، ليس لها من حولٍ ولا قوة غير رحمة وعطف المتسلطينَ عليها. في هذه الأيام المباركة التي نشهدُها، أيامَ شهرِ رمضان يعيشُ المسلمون المخلصون في العالم حالةَ انتظارٍ لإحياء يوم القدس العالمي، ونصرةَ غزة التي يعيش أبنائُها التجويع والإبادة الجماعية تحت طائلة العنجهية الصهيونية المتمثلة بمنظومة الجيش والإستخبارات الإسرائيلة بدعمِ دول الإستكبار الغربي. فالأحداث المُدَمِّرَة أظهرت من بينِ ركامِها ولادةَ الصحوة والوعي في أمتنا، وفي الأمم الأخرى من هذا العالم، كان بعضها يعتقد بشرعية وجود إسرائيل في المنطقة أو يعتقد بإنسانيته وديمقراطيته، إلا أن الحقيقة خلاف ذلك تماما. في غزة، تلك البقعة الضيقة في هذا العالم الواسع تتجلى علاماتُ فشل الماكنةِ السياسية والحربية القوية التي تمتع بها الكيانُ الصهيوني المحتل لأرضنا فلسطين، الذي جعلَ من قتلِ الأطفال والنساءِ، وتهديمِ البيوت، والمستشفياتِ، ودورِ العبادة، والشوارع، والمؤسسات الإجتماعية حالة انتصار أبدي، بينما الإنسانُ الفلسطيني يصرخ من تحت ركام داره المقصوفة بأحقيته في الأرض حتى آخرَ نفَسٍ لآخرِ طفل وإمرأة ، ولن يغادرَ مساجدَه التي مازال يمارسُ عباداتِه على أطلالِها. هذا المشهد الغزِّي ينذرُ بالفشل الأبدي والقريب لهذا الزَعم، ويُبدِّدُ أحلامَ الحركة الصهيونية بالإنتصار في حرب الإبادة هذه، إنها محنةُ اليوم. بهذا التفسير الوجيه للبُعدِ العظيم ليوم القدس العالمي، وإن اختلط بمعناه السياسي فيما بعد، سيكون الوسيلة الضامنة لزوال الإحتلال كنتيجة حتمية لا مَفرَّ منها، وقد خطَّها الإمامُ الخميني -تقدست نفسُه الزكية- حين قال بالفارسية (إسرائيل رَفْتَنِي است)، أي ما معناه (إسرائيل زائلة حتما)، أو(إسرائيل الى زوال). وقد يسألُ أحدُ المهتمين بأخبار ومستقبل (المُطبعين) الذين وضعوا أمرَهم بين يدي الكيان المحتل يقينا منهم بدوام تسلطهم وبقائهم على عروشهم، هؤلاء سيتساقطون عرشا بعد عرش بمجرد إنتصار غزة ولو سياسيا على الرغم من التحالفاتِ والتنازلاتِ مابينهم ودول الإستكبار العالمي دفاعا عنهم، من أجلِ تحقيقِ أعلى المنافع والمصالح لتك الدول. إن حالة الإبادة التي تمارسها آلةُ الحرب الصهيونية في غزة لم يشهد التأريخ الإنساني مثيلا لها، ولن تتكرر الى هذا الحد، ما يستوجب على الدولِ العربية والإسلامية المُخلصة، وأحرارِ العالم أن توظّف إمكاناتِها من أجل دفع عجلة محور المقاومة ودول المواجهة الى خوض معركة الوجود ضد هذا العدو المتوحش حتى زواله، ما يتعين على بلادي العراق أَخذَ الحصةِ الكبرى لهذا الدَور مهما كلّف من ثمن. فسلامٌ عليكَ سيدي الإمام أبا مصطفى، وسلامٌ على القُدسِ الشَريف.

قاسم محمد الكفائي

المصدر: شبكة انباء العراق

كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات یوم القدس العالمی

إقرأ أيضاً:

شخصيات إسلامية: الإمام الزهري.. أعلم الحفاظ

الزهري هو أبو بكر محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب القرشي الزهري المدني، أعلم الحفاظ. ولد سنة 50 هـ، وتوفي سنة 124هـ، أحد الأعلام من أئمة الإسلام، روى عن عبد الله بن عمر وأنس بن مالك، وحدث عن ابن عمر وسهل بن سعد وأنس بن مالك ومحمود بن الربيع وسعيد بن المسيب وأبي أمامة بن سهل وطبقتهم من صغار الصحابة وكبار التابعين، وروى عنه عقيل ويونس والزبيدي وصالح بن كيسان ومعمر وشعيب بن أبي حمزة والأوزاعي والليث ومالك وابن أبي ذئب وعمرو بن الحارث وإبراهيم بن سعد وسفيان بن عيينة وأمم سواهم.
 وقد كان آية في الحفظ حتى قيل عنه إنه حفظ القرآن في ثمانين ليلةً، وقال عنه الإمام الليث بن سعد: كان ابن شهاب مِن أسخى مَن رأيت، وقد ذكر عنه من كرمه وسخائه أنه:
«كان يكون معه في السفر، قال: فكان يعطي من جاءه وسأله، حتى إذا لم يبقَ معه شيء يستلف من أصحابه، فلا يزالون يسلفونه حتى لا يبقى معهم شيء، فيحلفون أنه لم يبقَ معهم شيء، فيستلف من عبيده، فيقول: أي فلان أسلفني فأضعف لك كما تعلم، فيسلفونه، ولا يرى بذلك بأساً، فربما جاءه السائل فلا يجد له شيئاً يعطيه، فيتغير وجهه عند ذلك، ويقول للسائل: أبشر فسيأتي الله بخير! فيقيض الله لابن شهاب أحد الرجلين، إما رجل يهدي له ما يسعهم، وإما رجل يبيعه ويُنظِره، قال: وكان يطعمهم الثريد، ويسقيهم العسل».
والإمام محمد بن شهاب الزهري، لم يكن فقط محدثاً وينفع الناس بالعلم فقط، وإنما كان يعلم الناس الخلق والأدب أيضاً، وقد كان من كرمه أنه ينفق على طلبة العلم إذا كان طالب العلم لا يجد ما ينفقه، كما ذكر زياد بن سعد قال: قلت للزهري: إن حديثك ليعجبني، ولكن ليست معي نفقة فأتبعك. قال: اتبعني أحدثك وأنفق عليك. وقال عقيل بن خالد: إن ابن شهاب خرج إلى الأعراب ليفقههم فجاءه أعرابي وقد نفد ما في يده، فمد يده إلى عمامتي فأخذها، فأعطاه إياها، وقال: يا عقيل أعطيك خيراً منها.
وقال عنه الإمام مالك: كان ابن شهاب من أتقى الناس، فلما أصاب تلك الأموال قال له مولى وهو يعظه: قد رأيت ما مر عليك من الضيق، فانظر كيف تكون، أمسك عليك مالك، قال: إن الكريم لا تحنكه التجارب، فكان ينفق كثيراً حتى يستدين، فرحم الله الإمام الزهري، ترك ميراثاً أخلاقياً مثلما ترك ميراثاً علمياً.

أخبار ذات صلة «الوزاري العربي» يبحث خطة إعادة الإعمار في غزة 900 مليار دولار تكلفة إعادة الإعمار في سوريا

مقالات مشابهة

  • محمية الإمام تركي بن عبدالله تحتفي باليوم العالمي للحياة الفطرية
  • شخصيات إسلامية: الإمام الزهري.. أعلم الحفاظ
  • الأوهام الصهيونية بين التضليل والواقع: كيف يحول الإعلام هرطقات الاحتلال إلى مسلّمات؟
  • “محمية الإمام تركي بن عبدالله” تفعّل اليوم العالمي للحياة الفطرية وتعزز الوعي البيئي
  • “حماس” تنشر قائمة بأبرز الانتهاكات الصهيونية لوقف إطلاق النار في غزة
  • واشنطن تغذّي آلة الحرب الصهيونية لقتل الفلسطينيين
  • استمرار الخروقات الصهيونية لوقف إطلاق النار بعد 43 يومًا: استشهاد 6 فلسطينيين وإغلاق معبر كرم أبو سالم
  • حصيلة المجازر الصهيونية في غزة تتجاوز 48 ألف شهيد وسط استمرار الجرائم بحق المدنيين
  • ​ما هي الألوان التي ترمز إلى يوم المرأة العالمي؟
  • عشية الشهر الكريم:استمرار الاقتحامات والاعتقالات والاعتداءات الصهيونية في مناطق الضفة المحتلة