قانون أملاك الغائبين.. أداة إسرائيلية للسيطرة على أملاك الفلسطينيين المهجرين
تاريخ النشر: 2nd, April 2024 GMT
تشريع أصدره الاحتلال في عهد أول حكومة إسرائيلية بقيادة "ديفيد بن غوريون"، للتعامل مع أملاك تعود إلى الفلسطينيين الذين هُجِّروا في حرب 1948، وتسهيل تحويلها إلى الإسرائيليين. أقره الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) عام 1950، ويصفه تقرير منظمة العفو الدولية بأنه واحد من 3 قوانين عنصرية، تستند إليها إسرائيل في نزع أملاك الفلسطينيين.
أقر الكنيست الإسرائيلي قانون أملاك الغائبين يوم 14 مارس/آذار 1950 تحت رقم (5710)، وكان نسخة معدّلة عن أنظمة الطوارئ بشأن أملاك الغائبين، الصادرة في الثاني من ديسمبر/كانون الأول 1948، واعتُمد بديلا لها ابتداء من 31 مارس/ آذار 1950، بناء على طلب "موشي شاريت" أول وزير للخارجية في إسرائيل ورئيس الدائرة السياسية في الوكالة اليهودية.
يتألف القانون الذي أعده حزب "مباي" (تحول لاحقا إلى حزب العمل) من 39 مادة، حددت التواريخ والأوضاع التفصيلية التي تعرف من طردوا قسرا أو هجروا من أراضيهم بأنهم "غائبون".
نُشِر في كتاب القوانين الإسرائيلية يوم 30 من مارس/آذار، ودخلت أحكامه حيز التنفيذ بأثر رجعي، ابتداء من 29 نوفمبر/تشرين الثاني 1947 (اليوم الموالي لتصويت الأمم المتحدة على إنشاء دولة إسرائيل)، وحتى مارس/آذار 1950.
وعلى الظلم الذي في هذا القانون بحق الفلسطينيين، فإن السلطات الإسرائيلية لم تلتزم بالإطار الزمني الذي وضعته له، وامتد القانون ليشمل الأملاك الوقفية والمقدسات الإسلامية والمسيحية بموجب قانون أملاك الغائبين المعدل لسنة 1965، ثم شمل عقارات النازحين من أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة عام 1967.
ويطلق تعبير النازحين على المهجرين عام 1967 لتمييزهم عن مهجري عام 1948، وبعضهم كان يجمع الصفتين معا.
مَن الغائب من وجهة نظر هذا القانون؟أطلق قانون أملاك الغائبين في مادته الأولى مسمى "الغائب" على اللاجئين والنازحين الفلسطينيين، الذين طردوا وأجبروا على الفرار من منازلهم، أو أبعدوا مؤقتا بطلب من الجيش الإسرائيلي، لكنهم بقوا داخل فلسطين.
وكل شخص "كانت له أملاك في فلسطين التاريخية أو كان يمتلك عقارا ولم يكن به منذ يوم 29 نوفمبر/تشرين الثاني 1947، إلى حين إلغاء الحكومة الإسرائيلية المؤقتة وضع الطوارئ في 19 مايو/أيار 1947، وكان مواطنا في شرقي الأردن، أو لبنان، أو مصر، أو سوريا، أو العراق، أو السعوديّة، أو اليمن". ومن كان "مواطنا" في إسرائيل وخرج إلى أي مكان خارجها حتّى الأول من سبتمبر/أيلول عام 1948.
أما "الغائب" في تعريف قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 302، فهو "الشخص الذي عاش في فلسطين لمدة سنتين على الأقل قبل اندلاع النزاع العربي الإسرائيلي سنة 1948، الذي فقد بسبب ذلك بيته ووسائل كسبه ومعيشته".
في عام 1967، وسع قانون "حارس الأملاك العامة" تعريف "الغائب"، ليشمل الفلسطينيين الذين أقاموا في دولة ليست في حالة حرب مع إسرائيل، ثم شمل المقيمين داخل فلسطين، ممن انتقل من مكان إقامته الدائم إلى مكان آخر، أي من مدينة فلسطينية محتلة إلى أخرى، لأسباب تتعلق بالعمل أو غيره.
في 23 يوليو/تموز 1967، عد أمر عسكري حمل رقم (58-5757)، "الغائب" كل فلسطيني رحل عن الضفة الغربية في السابع من يونيو/حزيران من العام نفسه أو قبله أو بعده.
التطور التاريخي لسياسة الاستيلاء على الأملاكاتَّخذت سلطات الاحتلال الإسرائيلي سلسلة من الإجراءات والقرارات، مباشرة بعد الاستقرار النسبي للأحوال العسكرية في أعقاب النكبة عام 1948 من أجل تثبيت واقع استيلائها على الأراضي الفلسطينية.
وكان ذلك في أول الأمر على شكل "لوائح طوارئ"، تتعلق بالأملاك المتروكة، صادرة عن وزارة المالية بتاريخ 12 أكتوبر/تشرين الأول عام 1948، وكانت مدة صلاحيتها تتجدد من حين لآخر.
ومنها على الخصوص، قانون "استملاك الأراضي" في أوقات الطوارئ، الذي خول سلطات الاحتلال إصدار أوامر استملاك أراض لضرورة الدفاع عن الدولة والأمن العام والاحتفاظ بها لمدة 3 سنوات، ورغم أن مفعول هذا القانون انتهى عام 1958، فإن الأراضي التي جرى الاحتفاظ بها منذ ذلك التاريخ اعتبرت مصادرة من قبل الدولة.
ولاحقا عينت إسرائيل "القيّم" على الأملاك العربية المتروكة، والتي حُددت في تصريح "المناطق المتروكة" الصادر يوم 24 يونيو/حزيران 1948. ثم نُفذ نظام الطوارئ لـ"استعمال الأراضي البور لسنة 1948″، لمصادرة الأراضي الزراعية التي تبقى 3 سنوات دون فلاحة ولا استغلال.
وفي العام نفسه، تقرر أول أنظمة الطوارئ بشأن أملاك وأراضي الغائبين بشكل مباشر، إذ أُرسي مصطلح جديد يسمى "القيّم على أملاك الغائبين" تابع لدائرة الأملاك في وزارة المالية آنذاك، وعيّن "دافيد شابرير" القيّم الأوّل بصلاحية مؤقتة للتصرف المادي فقط في العقارات.
كما أصدر الاحتلال قانون "وضع اليد على الأراضي في حالات الطوارئ" سنة 1950، وهو أول تشريع يتعلق بملكية أراضي اللاجئين الفلسطينيين، وأعطى صلاحية كاملة للحكومة بوضع اليد على أي أرض زراعية غاب أصحابها عنها.
ولإحكام عملية تهويد الأراضي والأملاك العربية المتروكة، جاء قانون "أملاك الغائبين" لتعزيز هذه الأنظمة والإجراءات القائمة، فوسع شمولية مصطلح "الغائب"، وأعطى الصلاحية الكاملة لنقل ملكية أملاك الغائبين للإسرائيليين، لفترة غير معلومة تحت ذريعة غياب المالك.
بلغت عملية تهويد الأراضي ذروتها في إصدار قانون يمنح إدارة "سلطة التطوير" صلاحيات خاصة عام 1953، بغرض استملاك وتطوير الأراضي العربية المتروكة بما فيها أملاك "الحاضرين-الغائبين".
ولتحويل الاستيلاء على الأراضي إلى عملية بيع قانونية، عرض قانون استملاك الأراضي (مصادقة الأعمال وتعويضات) لسنة 1953، تعويضات مالية على اللاجئين. والواقع أن المبيعات لم يكن لها أي وجود أصلا.
في عام 1965 عُدل قانون "أملاك الغائبين" ليشمل الأملاك الوقفية والمقدسات الإسلامية والمسيحية، ومكن هذا القانون المستوطنين من مصادرة ملكية العديد من العائلات الفلسطينية لبيوتها.
في حين سمح قانون "الاستملاك للأغراض العامة-تعديل الأحكام" (رقم 3/ 5738-1978)، بمصادرة الأراضي والممتلكات التي اعتبرت "مهجورة" للعامة دون تعويض لأصحاب الأرض ومن يعيشون عليها.
وكان الهدف من هذه الأنظمة -إضافة إلى جملة قوانين أخرى- منع عودة أيٍّ من المهجرين العرب إلى الأراضي أو الممتلكات التي تركوها قبيل عام 1948، أو في أثنائها أو بعدها.
واستغلت لجنة وزارية في يوليو/تموز 2004 قانون "أملاك الغائبين" لتجريد الفلسطينيين الذين لم يكونوا في القدس الشرقية عند احتلالها وضمها عام 1967 من ممتلكاتهم.
كما يهدف إلى منع المزارعين الفلسطينيين من الوصول إلى حقولهم، التي يفصل بينها وبينهم أصلا جدار الفصل العنصري منذ 2002.
أوامر عسكرية في قطاع غزةأعلنت سلطات الاحتلال عقب احتلالها قطاع غزة عام 1967، أنه "جزء من الأملاك الدائمة لإسرائيل وأنه حق ثابت للشعب الإسرائيلي وغير قابل للتفاوض".
ولتثبيت الاستيلاء على ملكية الأراضي، وظفت مجموعة من القوانين القديمة، وقوانين جديدة على شكل أوامر عسكرية، وهي تشبه نصا ومضمونا وجوهرا قانون أملاك الغائبين.
ومنها على الخصوص، الأمر بشأن أموال اليهود (قطاع غزة وشمال سيناء) لسنة 1967، ثم الأمر بشأن الأموال الحكومية (قطاع غزة) لسنة 1972 أعطى ضابط الأموال الحكومية صلاحية نزع كل يد موضوعة على هذا المال.
أما "الأمر بشأن تعديل قانون الأراضي (استملاكها للغايات العامة)" لسنة 1970، فوضع اليد على أي قطعة أرض (لم يحدد الأمر نوع ملكيتها) للمنفعة العامة.
في حين وضع "أمر بشأن تنظيم أماكن الاستجمام في البحر (قطاع غزة شمال سيناء)" لسنة 1974، المساحة المتاخمة لشاطئ البحر وتمتد إلى ألف متر داخل الأرض تحت سيطرة القائد، وانتهى الأمر بأن أصبحت شواطئ سياحية لمستوطنات نفي دكاليم وقطيف "ب".
وبموجب أمر بشأن إدارة مجالس المناطق (منطقة قطاع غزة) لسنة 1979، حُددت الأراضي الواقعة تحت نفوذ كل مجلس بلدي أو قروي، ووسع جزء كبير منها تحت إمرة القائد.
في حين صدر "الأمر بشأن الأموال المتروكة (الممتلكات الخصوصية)" لتطوير طبيعة الاستيلاء بما يتناسب وظروف قطعة الأرض التي تنوي السلطات مصادرتها والمصنفة أموال غائبين.
وقبيل إعادة انتشار الجيش في القطاع، عرضت إسرائيل تعويضات على ملاك الأراضي (وقد صودرت دون دفع أية تعويضات). وكان الاحتلال قد سيطر على أكثر من 119 ألف دونم، أي ما يعادل ثلث مساحة قطاع غزة، وضمها للمستوطنات الإسرائيلية في القطاع، إضافة لمساحات شاسعة سيطرت عليها خلال انتفاضة الأقصى.
حارس الأملاك وسلطة التطويرتحت اسم "حماية أملاك الغائبين"، خول القانون "القـيّـم" أو (الحارس) سلطات الاستعمال والاستغلال والتصرف في أملاك من وصفوا بـ"الغائبين"، بما في ذلك الكتب، التي تحتفظ بها مكتبة إسرائيل الوطنية.
وقد مُنح القيم سلطتين واسعتين، حيث أعطته المادة "رقم 30" من القانون حق تحديد هوية الغائب من الفلسطينيين. وجعلت المادة "رقم 17" قراره غير قابل للنقض، مما يعني أن الأملاك التي حولها إلى هيئة أخرى، غير قابلة للاسترجاع حتى لو تبين أنه كان مخطئا.
وفي معرض تنفيذ القانون، نقل "القيّم" في خطوة أولى، ملكية أراضي اللاجئين تدريجيا على مدى 3 سنوات إلى إدارة سلطة التطوير، وهي وكالة شبه حكومية استحدثت بموجب قانون سلطة التطوير (نقل الملكية) يوم التاسع من أغسطس/آب عام 1950. وفي 29 سبتمبر/أيلول 1953، حوّل إلى الهيئة أيضا الممتلكات التي بقيت تحت سيطرته، وهي نحو 69 ألف عقار.
وفي مرحلة ثانية تحولت أملاك الأوقاف الإسلامية إلى أملاك إسرائيلية حصرا (وتقدر الدراسات مساحة الأراضي الوقفية بنحو 1.2% من مساحة فلسطين التاريخية وقرابة 2500 موقع من مساجد ومقابر وكنائس).
وأعطي "الصندوق القومي اليهودي" الأولوية في شراء جميع الأراضي العربية التي طرحتها سلطة التطوير للبيع. واستخدم أغلبها في إنشاء 350 مستوطنة على أملاك الغائبين بين أعوام 1948 و1953.
والصندوق القومي اليهودي هو الفرع الإسرائيلي الذي تأسس يوم التاسع من أبريل/نيسان 1950، مع الإبقاء على الشركة الأم البريطانية، وكان "الأداة الصهيونية الرئيسية لاستعمار فلسطين" وفق المؤرخ الإسرائيلي إيلان بابيه.
في سنة 1960 وافقت الحكومة الإسرائيلية والصندوق القومي اليهودي على وضع كل الأراضي التي كانا يحتفظان بها بشكل منفصل، تحت إدارة هيئة عامة جديدة تسمى "إدارة أراضي إسرائيل"، في حين كانت إدارة العقارات في المدن ملكا لسلطة التطوير ونقلت إدارتها إلى "عميدار"، وهي الشركة الوطنية للإسكان في إسرائيل.
وفي عام 1961، تحول القيّم من موظف في وزارة المالية، إلى موظف في إدارة أراضي فلسطين، وفي 23 يوليو/تموز عام 1967، سيطر الاحتلال بموجب أمر عسكري رقم (58-5757) على عدة أملاك وقفية، منها 130 مسجدا، تحولت ما بين عامي 1948 و1967 إلى "الصندوق القومي اليهودي".
كما منح الأمر العسكري رقم 150 لسنة 1976 القيّم صلاحية إبرام عقود الإيجار، وهو الأمر الذي استهدف مدينة القدس وباقي المناطق في الضفة الغربية.
وفي عام 2009، أصدر الكنيست قانونا يعطي الصندوق القومي اليهودي صلاحية بيع أملاك الغائبين للإسرائيليين.
وقد سُجلت تحت اسم "دائرة أراضي إسرائيل" في محاولة لقطع العلاقة بين المالك الأصلي وأملاكه.
الاستيلاء على أملاك غائبينتؤكد الدراسات أن "الأملاك المتروكة"، كانت إحدى أهم المساهمات في سبيل جعل إسرائيل دولة قابلة للحياة. إذ أظهرت نتائج دراسة تحضيرية لمؤتمر جنيف الدولي بشأن النزاع العربي الإسرائيلي عام 1950، أعدتها لجنة التوفيق الدولية، أن 80% من الأراضي التي أقيمت عليها إسرائيل تعود للاجئين، وتقدر مساحتها بنحو 20 ألفا و850 كيلومترا مربعا.
وفي عام 1954 عاش ثلث سكان إسرائيل على أملاك غائبين، وحوالي ثلث المهاجرين الجدد (250 ألفا) سكنوا في أحياء عربية هجر منها سكانها، وفق موسوعة المصطلحات والمفاهيم الفلسطينية.
وفي أواسط الخمسينيات كان في حوزتهم 24 شركة لـ"غائبين" وأسهم في 66 شركة خرى، وحسب تقرير مراقب الدولة الإسرائيلية رقم 8 لسنة 1957، فقد بلغ إجمالي الأراضي المسجلة في سجل أملاك الغائبين نحو 18 مليون دونم (الدونم يساوي ألف متر مربع).
في حين ورد في التقرير المالي الإسرائيلي لعام 1961، أن حارس الأملاك أبلغ وزير المالية أن المداخيل الكبرى في بند الجباية من قبل "غائبين" يتلخص بصرف ما مجمله 82 ألف ليرة من ودائع "الغائبين" في بنك باركليز.
وقد استعانت سلطات الاحتلال بنحو 16 قانونا لمصادرة عشرات الأوقاف في فلسطين بشكل عام، ومدينة القدس خصوصا. وقدرت الدراسات أن 75% من أراضي الأوقاف وأملاكها تم مصادرتها حتى منتصف السبعينيات عن طريق مزيج من قانون أملاك الغائبين وقوانين أخرى، وأن نحو 330 ألفا و244 دونما، نُقلت إلى الصندوق القومي اليهودي بموجب قانون أملاك الغائبين.
وقد شهدت فترة التسعينيات من القرن الـ20 عددا من الطعون المقدمة إلى محكمة العدل العليا الإسرائيلية، سعيا لتنفيذ نتائج لجنة كلوغمان، وقرارات الحكومة الإسرائيلية الصادرة في سبتمبر/أيلول 1992، لكن "قانون أملاك الغائبين" ظل يشكل القاعدة القانونية والجزء الأساسي من البنية الاستيطانية التي تعمل الحكومات الإسرائيلية من خلالها.
بل إن هيئات حكومية ومنظمات خاصة تقوم بابتداع "أدلة" مختلفة من أجل جعل المستوطنين ورثة "شرعيين" لمستوطنات ما قبل عام 1948.
ولاحقا تصرف الاحتلال الإسرائيلي بأملاك العرب المهجرين على أنها أملاك إسرائيلية، ورفض أي مداولات في مسألة ردها إلى مالكيها الشرعيين، حتى عندما عادوا وحاولوا المطالبة بها.
وكان عضو الكنيست عن حزب "ميرتس" موسي راز، قد دعا إلى إلغاء قانون أملاك الغائبين، ووصفه بأنه "عنصري بامتياز"، لأنه يصادر ويستولي على أملاك الفلسطينيين، وبالمقابل يمنح الإسرائيليين الحصول على أملاكهم بعد عام 1967، ويمنع العرب من المطالبة باسترداد أراضيهم وأملاكهم.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ ترجمات حريات سلطات الاحتلال الاستیلاء على هذا القانون الأمر بشأن على أملاک قطاع غزة أمر بشأن عام 1948 فی حین القی م عام 1967 فی عام
إقرأ أيضاً:
الأورومتوسطي .. منع إسرائيل دخول نائبتين أوروبيتين إخفاء لجرائمها ضد الفلسطينيين
#سواليف
قال #المرصد_الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إنّ #منع #إسرائيل #نائبتين في #البرلمان_الأوروبي من دخول #الأراضي_الفلسطينية المحتلة بسبب مواقفهما الرافضة للجرائم الإسرائيلية يشكّل إجراءً تعسفيًا وجائرًا، لكنه يأتي نتيجة طبيعية للموقف الأوروبي المتخاذل، والمتواطئ أحيانًا مع تلك #الجرائم، ويُعد امتدادًا للسياسات الإسرائيلية الرامية إلى التعتيم على جرائمها ضد الفلسطينيين وعزلهم عن المجتمع الدولي.
وذكر المرصد الأورومتوسطي في بيان صحافي أنّ السلطات الإسرائيلية منعت الإثنين المنصرم رئيسة وفد “الاتحاد الأوروبي وفلسطين” في البرلمان الأوروبي، النائبة “لين بويلان”، والنائبة “ريما حسن” من دخول الأراضي الفلسطينية فور وصولهما مطار “بن غوريون”، وأعادتهما إلى أوروبا بزعم عمل “حسن” على تعزيز مقاطعة ومعاقبة إسرائيل وتصريحاتها التي وصفتها وسائل الإعلام الإسرائيلية بأنها معادية لإسرائيل.
وأوضح المرصد الأورومتوسطي أنّ القرار يعكس ازدراء صناع القرار الإسرائيليين لحقوق الإنسان الأساسية، بما في ذلك حرية الرأي والتعبير وحرية التنقل، ويجسد الإصرار على سياسة #التعتيم و #التضييق المنهجي التي تنتهجها السلطات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة لمنع أي رقابة مستقلة أو كشف للحقائق، عبر حظر دخول الحقوقيين وفرق التحقيق المستقلة والسياسيين والصحافيين والنشطاء المناهضين لسياساتها، في مسعى لطمس الأدلة على انتهاكاتها واحتكار سردية الأحداث بما يخدم مصالحها بعيدًا عن أي تدقيق أو مساءلة دولية.
مقالات ذات صلة نحو شراكة إقليمية جديدة: الأردن وسوريا وتركيا في أفق تعاون مشترك 2025/02/27 يعكس القرار ازدراء صناع القرار الإسرائيليين لحقوق الإنسان الأساسية، بما في ذلك حرية الرأي والتعبير وحرية التنقلوأضاف المرصد الأورومتوسطي أنّ هذا الإجراء التعسفي يعكس أيضا السيطرة غير القانونية التي تفرضها إسرائيل على المعابر والحدود الفلسطينية، إذ تستغل هيمنتها التامة على حركة الدخول والخروج من وإلى الأراضي الفلسطينية المحتلة كجزء من جريمة الفصل العنصري التي ترتكبها ضد الفلسطينيين، وتحرمهم من حقهم الطبيعي في التواصل مع العالم الخارجي، بما في ذلك استقبال الوفود الدولية أو التفاعل مع المؤسسات الحقوقية والإعلامية، وكذلك اضطهاد المنظمات والأشخاص، وحرمانهم من الحقوق والحريات الأساسية، لمجرد معارضتهم للسياسات الإسرائيلية غير القانونية.
وشدّد على أنّ منع النائبة “حسن” من الدخول إلى الأراضي الفلسطينية يشكّل امتدادًا للسياسة الإسرائيلية المنهجية في استهداف اللاجئين الفلسطينيين في الشتات واضطهادهم، ليس فقط عبر حرمانهم من حقهم المشروع في العودة إلى أراضيهم، بل أيضًا من خلال فرض قيود تعسفية على دخولهم وطنهم أو لقاء عائلاتهم، في إطار نهج مدروس يهدف إلى عزلهم عن جذورهم وهويتهم الوطنية، وطمس علاقتهم التاريخية بأرضهم، وقطع أي صلة تربط الأجيال الفلسطينية المهجّرة بوطنها.
ولفت أنّ القرار الإسرائيلي سيؤدي بالضرورة إلى تقويض قدرة النائبتين الأوروبيتين على أداء عملهما، بالنظر إلى أنّ النائبة “بويلان” كانت تخطط لتنفيذ نشاطات أساسية لعملها، تشمل لقاءات مع مسؤولين من السلطة الفلسطينية وممثلين عن المجتمع المدني وسكان يعيشون تحت الاحتلال الإسرائيلي.
وأشار إلى أنّ الموقف الأوروبي المتردد، والمتواطئ في بعض الأحيان، تجاه الجرائم الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وخصوصًا جريمة الإبادة الجماعية في قطاع غزة لأكثر من 15 شهرًا، لم يمنح إسرائيل حصانة من المساءلة والمحاسبة فحسب، بل شجّعها على تصعيد ممارساتها القمعية لتطال حتى مواطنين ومواطنات من دول الاتحاد الأوروبي، في تكريس لنهج العقاب غير القانوني ضد كل من يعارض احتلالها وانتهاكاتها، واستغلالٍ مباشر للصمت الأوروبي في ترسيخ منظومة الاضطهاد دون أي رادع.
ويأتي حظر دخول النائبتين الأوروبيتين في أعقاب تصديق الكنيست الإسرائيلي في 19 شباط/ فبراير الجاري على تعديل على “قانون الدخول إلى إسرائيل” يحظر منح تأشيرة دخول لكل شخص ينكر المحرقة أو هجمات 7 أكتوبر، أو يدعم ملاحقة إسرائيليين قضائيًا على خلفية خدمتهم الأمنية والعسكرية.
ونبّه المرصد الأورومتوسطي إلى أنّ التعديل الجديد يكرّس سياسة تمييزية تعسفية تتعارض مع القانون الدولي وتنتهك حقوق الفلسطينيين، مضيفا أنّ هذا التعديل يفتقر إلى أي معايير قانونية واضحة أو آليات مستقلة للطعن والمراجعة، مما يجعله أداة لقمع الأصوات المنتقدة لإسرائيل ومعاقبة المدافعين عن حقوق الإنسان وإمعانا في إقصاء الفلسطينيين من منظومة الحماية الدولية.
وأكّد المرصد الأورومتوسطي أنّ سياسة إسرائيل في منع أو تقييد الأفراد والكيانات المستقلين، والمعنيين بقضايا حقوق الإنسان والإغاثة والصحافة من الوصول إلى أراضيها، يقوّض على نحو رئيسي عمليات الإغاثة الإنسانية، وعمل لجان التحقيق وتقصي الحقائق المستقلة المعنية بمقابلة الضحايا وتوثيق الانتهاكات، إلى جانب احتكار الوصول إلى المعلومات، والتحكم في الرواية، وتجاهل أو تشويه الحقائق التي لا تخدم المصالح الإسرائيلية.
وشدّد على أنّ الاتحاد الأوروبي تعاجز على نحو بدا متعمدًا في تفعيل أي من أدوات الضغط على إسرائيل، إذ يعد الاتحاد الشريك التجاري الأكبر لإسرائيل بما يعادل نحو 29% من تجارتها في السلع. وعلاوة على ذلك، رفضت دول بارزة في الاتحاد مثل ألمانيا وقف تصدير الأسلحة لإسرائيل، واستمرت في إرسال شحنات كبيرة من الأسلحة رغم علمها المسبق باستخدامها في جريمة الإبادة في الجماعية في قطاع غزة.
ودعا المرصد الأورومتوسطي المجتمع الدولي إلى اتخاذ تدابير حاسمة لإجبار إسرائيل على رفع الحصار غير القانوني المفروض على الأراضي الفلسطينية المحتلة، ولا سيما قطاع غزة، وإنهاء القيود التعسفية وغير المشروعة المفروضة على حركة الأفراد والكيانات إلى الأرض الفلسطينية المحتلة، باعتبار إسرائيل قوة احتلال غير شرعية لا تمتلك أي حق قانوني في فرض سيادتها أو التحكم في وصول أي أفراد أو جهات إليها.
وشدّد المرصد على ضرورة إنهاء سياسة التعتيم ورفض التعاون التي تستخدمها إسرائيل لعزل الأراضي الفلسطينية المحتلة ومنع أي رقابة دولية مستقلة على انتهاكاتها، بما في ذلك القيود المفروضة على الصحافيين والحقوقيين والمنظمات الإنسانية، والتي تهدف إلى منع توثيق الجرائم المرتكبة بحق السكان الفلسطينيين وحرمانهم من أي آليات حماية دولية.
وطالب المرصد الأورومتوسطي الاتحاد الأوروبي بالخروج من دائرة التنديد والإدانة غير المجدية، وتبني نهج من شأنه أن يؤدي إلى الضغط على إسرائيل لوقف انتهاكاتها الخطيرة لمبادئ الشراكة مع الاتحاد، ووقف جميع عمليات الاستيراد والتصدير معها في مجال الأسلحة والتقنيات التي تستخدمها في ارتكاب الجرائم ضد الفلسطينيين.