بلغة الأرقام.. خبراء يكشفون أسباب تفشي الفساد في الدول العربية وكيف يمكن محاربته في المنطقة
تاريخ النشر: 28th, July 2023 GMT
لا يزال الفساد السياسي والإداري والمالي مستشريا بشكل كبير في منطقة عربية منكوبة بالصراعات والأزمات، ولم يكن مفاجئا أن تأتي العديد من الدول العربية في درجات دنيا على مؤشر مدركات الفساد الذي تصدره سنويا منظمة الشفافية الدولية.
وتدرك الدول العربية أن الفساد أكبر عقبة أمام تحقيق التنمية، وهو أشبه بالوباء الذي يكلف اقتصادها مليارات الدولارات سنويا في غياب إرادة سياسية جادة للتغيير والإصلاح، ومشاركة فاعلة من المجتمع المدني ووسائل الإعلام، مما يفاقم عدم الاستقرار السياسي في المنطقة ويعوق تنميتها الاجتماعية والاقتصادية.
ورغم ذلك لم تتغير حال العديد من الدول العربية طيلة عقود من الزمن، وبقي عنوان مكافحة الفساد ومحاسبة الفاسدين شعارا ترفعه الحكومات المتعاقبة، من دون أن تنجح في إرساء آليات فعالة تحول دون استشراء الفساد في العديد من القطاعات.
وعن الأسباب الرئيسية وراء الفساد، قال الوزير والسفير الأردني السابق محيي الدين توق -في حديثه لبرنامج "سيناريوهات" (2023/7/27)- إن السبب الأساسي وراء الفساد في الدول العربية هو غياب الإرادة السياسية من قبل الأنظمة الحاكمة والمسؤولين الكبار، وربط ذلك بالرغبة في الاستئثار بالسلطة والنزعة الاستبدادية والتسلطية.
ولفت توق إلى أنه رغم الإستراتيجيات والخطط التي تضعها الدول لمحاربة الفساد، فإن الفجوة بين القوانين والواقع تجعل من الصعب تحقيق النتائج المرجوة، مشيرا إلى أن تفاقم الأوضاع الاقتصادية فاقم تفشي الفساد في ما وصفها بالدول الريعية.
تقارير دوليةيشار إلى أن أحدث التقارير الدولية بشأن الفساد لا تكشف عن تحسن كبير في مكافحة الظاهرة ومعالجة أسبابها من الجذور في أغلب دول العالم. وتبدو منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من أكثر مناطق العالم تأثرا بتفاقم الظاهرة، في ظل حالة الصراع التي تعيشها ودائرة الأزمات التي تحيط بها.
حلول مقترحةوعن الحلول المقترحة لحل الظاهرة، قالت المستشارة الإقليمية للشرق الأوسط في منظمة الشفافية الدولية كندة حتر إنه لا يمكن محاربة الفساد إلا من خلال عملية تشاركية فعالة يتم فيها احترام حقوق الإنسان.
وأشارت إلى أن هناك مؤشرات ودراسات تبرز الفساد في القطاع العام، ولكن القدرة على التحليل والحصول على المعلومات تبقى أمرا متعثرا، مما يساعد البعض على التهرب الضريبي وعدم القدرة على إثبات التجاوزات ومحاسبة المسؤولين عنها.
كما ذكر مدير المعهد الأميركي لمكافحة الفساد في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مايك مسعود أن التغيير الجوهري في مكافحة الفساد لن يتأتى إلا بردم الهوة الواسعة بين المواطن والدولة، وبناء الثقة بينهما مرة أخرى من خلال تعزيز الدولة لسيادة القانون والحوكمة الفعالة، سواء في القطاع العام أو الخاص، وكذلك تعزيز قطاع الرقابة الذاتية، والحرص على بناء قضاء مستقل وربط السلطة بالمساءلة.
لغة الأرقاموبلغة الأرقام، يصنف مؤشر مدركات الفساد 180 بلدا وإقليما من خلال مستوياتها المدركة لانتشار الفساد في القطاع العام، على مقياس يتراوح من صفر (شديد الفساد) و100 نقطة (نزيه جدا).
ووفقا لتقرير منظمة الشفافية الدولية الأخير الصادر نهاية يناير/كانون الثاني الماضي، فإن أكثر من ثلثي بلدان العالم يعاني من مشكلة خطيرة مع الفساد، إذ سُجّلت درجات أقلّ من 50، فقد انخفض متوسط الدول العربية على مؤشر عام 2022 إلى 33 درجة من أصل 100.
ولم تتجاوز أغلب الدول العربية درجة 50 على المؤشر، حيث تواصل شعوب المنطقة صراعها مع ما توصف بأنظمة الاستبداد، ونضالها من أجل حقوقها السياسية والمدنية والاجتماعية.
واحتلت 3 دول خليجية المراتب الأولى عربيا، وهي الإمارات وقطر والسعودية، في حين سجّلت ليبيا والسودان واليمن وسوريا والصومال أسوأ مستوى للفساد، وجاءت جميعها في ذيل القائمة عربيا وعالميا.
وتفاوتت بقية الدول العربية في تدني درجاتها؛ فجاء تحت مستوى النصف مباشرة كلٌ من الأردن وعُمان والبحرين والكويت، في حين انخفضت تونس 4 نقاط مقارنة بالعام الماضي، مع تزايد المخاوف من مواصلة البلاد السير على طريق الاستبداد.
أما المغرب والجزائر ومصر وجيبوتي وموريتانيا فجاءت في درجات أدنى، وتبقى الفئة التي تضم كلا من لبنان والعراق في الربع الأسوأ على القائمة، حيث يعيش كل منهما في دوامة من الأزمات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.
يذكر أن دوائر الفساد والنزاع والأمن تتقاطع في كل مكان، حيث يحفز كل عامل منها الآخر، كما يتجلى في أي استقراء لواقع منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فسوء استخدام الأموال العام أو سرقتها او اختلاسها تؤدي إلى حرمان مؤسسات إنفاذ القانون والحفاظ على السلم من الموارد التي تحتاجها لأداء مهامها.
وفي بلد كتونس، تركزت السلطات القضائية خلال السنتين الأخيرتين في يد رئيس البلاد، كما أقيل عشرات القضاة، ولم تستأنف الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد عملها منذ أغلقت عام 2021.
وفي لبنان، تؤكد التقارير أن انهيار قطاعه المالي منذ عام 2019 ليس إلا نتيجة للإنفاق المفرط والفساد، إذ وصلت الدولة إلى مرحلة عجز عن دفع رواتب الموظفين وضمان الخدمات الأساسية مثل الرعاية الصحية والكهرباء والمياه.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الدول العربیة الفساد فی إلى أن
إقرأ أيضاً:
مع بداية 2025 .. تفشي حمى الأرانب في الولايات المتحدة
سجلت حالات الإصابة بمرض التولاريميا، الذي يُعرف أيضًا بـ"حمى الأرانب"، زيادة ملحوظة في الولايات المتحدة خلال السنوات الأخيرة.
ووفقًا لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية الأمريكية (CDC)، ارتفع متوسط المعدل السنوي للإصابة بالمرض بنسبة 56% بين عامي 2011 و2022 مقارنة بالفترة من 2001 إلى 2010. فقد أُبلغ عن أكثر من 2400 حالة في السنوات الأخيرة، مع ارتفاع الحالات بشكل خاص بين الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين خمس وتسع سنوات، وكذلك بين الرجال الأكبر سنًا والأمريكيين الأصليين وسكان ألاسكا الأصليين.
وكانت حالات التولاريميا أكثر شيوعًا في أربع ولايات أمريكية هي أركنساس وكانساس وميسوري وأوكلاهوما، حيث تمثل هذه الولايات نحو نصف الحالات المبلغ عنها.
وأشار التقرير الصادر عن مركز الأمراض إلى أن هذه الزيادة قد تعكس تحسنًا في القدرة على اكتشاف الحالات أو زيادة فعلية في الإصابات البشرية، وذلك بالتزامن مع تحسن التقنيات المخبرية المتاحة.
ويعد مرض التولاريميا ناتجًا عن بكتيريا فرانسيسيلا تولارينسيس التي يمكن أن تنتقل للبشر من خلال الحيوانات المصابة مثل الأرانب وكلاب البراري، وكذلك من خلال لدغات الحشرات مثل القراد وذباب الغزلان أو شرب المياه الملوثة. وتم تصنيف هذه البكتيريا ضمن العوامل البيولوجية ذات المخاطر العالية نظرًا لإمكان استخدامها كسلاح بيولوجي.
تشمل أعراض مرض التولاريميا تقرحات جلدية، التهاب رئوي، تضخم في الغدد الليمفاوية، بالإضافة إلى الحمى، وتبدأ الأعراض عادة بعد ثلاثة إلى خمسة أيام من التعرض للبكتيريا، مع زيادة ملحوظة في الحالات بين شهري مايو وسبتمبر.
على الرغم من أنه لا يتوفر لقاح للمرض في الولايات المتحدة، إلا أنه يمكن علاج التولاريميا بنجاح باستخدام المضادات الحيوية، حيث أن معدل الوفيات عادة لا يتجاوز 2%، لكنه قد يصل إلى 24% في بعض الحالات.
وطالب التقرير باتخاذ تدابير وقائية للحد من انتشار المرض، خاصة من خلال تعليم وتوعية مقدمي الرعاية الصحية حول أهمية التشخيص المبكر والعلاج السليم، بما في ذلك تعزيز التعليم الصحي للسكان القبليين الذين يعدون من الفئات الأكثر عرضة للإصابة.