نادي الكتاب بين التاريخ والحكاوي
تاريخ النشر: 2nd, April 2024 GMT
نادي الكتاب بين التاريخ والحكاوي
زين العابدين صالح عبد الرحمن
يعد “نادي الكتاب” واحداً من ساحات الحوار بين النخب السودانية في العديد من موضوعات الفكر التاريخ والثقافة والعلوم والإعلام والإبداع، ويقيم النادي ندوة راتبة لكتاب يختاره أعضاء النادي أو يتفضل بترشيحه عضو/ة في النادي.. والنادي من حيث التأسيس قد أسسه عدد من العاملين في مجال الطب والمهتمين بقضايا التثقيف في العديد من حقول المعرفة وشيئا من السياسة وقدم من على منبره العديد من الكتب والدراسات.
كان المتحدث في ندوة الأحد 31 مارس 2024م الدكتور عبد الله علي إبراهيم متناولا “شائب العرب يرعوه البهم- تواصل الأجيال في زمن التشريد، الهجرة، الاغتراب والنزوح” ودكتور عبد الله بقدر ما يجيد تقديم مادته، أيضا من خلال حديثه يطرح العديد من التساؤلات بهدف شد الحضور إلى الحديث أكثر والتفاعل مع الندوة في إطار الحوار المتبادل بين الجميع..
بسبب فروق الوقت خاصة الزمن المحدد للندوة، جعل بداية الندوة في زمن حرج للذين يقطنون الدول التي عندها تشرق الشمس قبل الآخرين “استراليا ونيوزيلندا” وخاصة وقت رمضان، فرق الزمن حرج جدا. رغما عن ذلك؛ استطعت أن أحضر جزءاً كبيراً منها، خاصة الحوار الذي دار بين الحضور ودكتور إبراهيم، وهذا يؤهلني أن أكتب عن العمود الفقرى الذي بنيت عليه الندوة هو “تواصل التثقيف والمثاقفة بين الأجيال، والتدوين بصوره المختلفة، إذا كان في العمل، أو إذا كان عبر القصص والأحاجي للأطفال والنشء الذي هو ضرب من ضروب الإبداع والتعلم الاجتماعي، وهذا النوع إذا كان يتم تدوينه عبر المتلقين في أزمنته المختلفة يساعد على التطور الذي يحدث في عملية السرد عبر الأجيال، وأيضا تطور عملية طريقة التعلم من خلال احاجي الحبوبات والأمهات… القضية الأخرى أن التدوين الذي يمكن أن يتم في مجالات العمل وكتاب التاريخ للأعمال المختلفة يساعد على معرفة التطور الذي حدث لها وأيضا تتبع تطور الأخطاء التي أوصلت الناس للنجاح أو الفشل الذي أدمنته النخب السودانية..
ضرب البروف عبد الله علي إبراهيم مثالا عن الصراع مع المستعمر وحتى نيل الاستقلال.. هل كل المجهود قام به مؤتمر الخريجين ثم الأحزاب السياسية أم هناك حركات أخرى أيضا لها دور كبير مثل الحركة العمالية وأيضا الطلاب والمزارعين وغيرهم وهذا نتاج عن قصور في التدوين من عضوية الحركات نفسها. واعترض البروف إبراهيم على الذين ينتقدون العقل الرعوي باعتباره عقل تقليدي.. وقال إن العقل الرعوي استطاع أن يحافظ على مهنته، ويزيد إنتاجها ويسهم في الدخل القومي أفضل من النخب التي فشلت في تحقيق أهداف المؤسسات التي تقع تحت إدارتهم، وقال إن من أهم اعمال التدوين يستطيع أن يتتبع عملية النجاحات في القطاع المعين وأيضا الأخطاء التي تسببت في الفشل.
وهناك كتابات البروف أحمد الصافي الذي سجل مع العديد من الأطباء الذين اسسوا وحدات علمية في الطب وأصدر كتبا تدون عمليات تطور فروع الطب المختلفة في السودان، هذا التدوين يحافظ على معرفة تاريخ الطب وتطوره وأيضا الأمراض وتأسيس وحداتها.. وتعرض الحديث أيضا للخبرات الطويلة في مجال العمل، وهؤلاء الذين أصبحوا في المعاش لم يعمل المجتمع في السودان ولا مؤسسات الدولة للاستفادة من خبراتهم في عمل ورش في أماكن العمل يديرها هؤلاء بهدف نقل الخبرات إلى الأجيال الجديدة، وإذا نظرنا إلى العديد من دول الغرب أن المجتمع يستفيد من هؤلاء.. في استراليا مثلا هناك منظمات تعمل في مجل الاستفادة من الذين خرجوا لمعاش أو الذين أصيبوا في العمل وخرجوا المعاش مبكرا في نقل هذه الخبرات من خلال إقامة ورش وسمنارات ومحاضرات يقدم فيها هؤلاء المتطوعون خبراتهم للأجيال الجديدة في أماكن العمل التي عملوا فيها أو أماكن تستفيد من هذه الخبرات، الأمر الذي يربط العلاقة بين الأجيال المختلفة..
إن إشكالية السودان تتمحور في شيئين عدم الاستقرار السياسي والاجتماعي، والتنافس الحزبي الذي لا تحكمه أي معايير يمكن الرجوع إليها، فكل نظام جديد لا يبدأ مشواره من حيث وصل النظام الأول ويضيف إليه، يحاول أن يهدم السابق حتى يسجل هو بداية جديدة ليس لها علاقة بالسابق، فكل واحد يريد أن يجعل له تاريخا مغايرا، الأمر الذي يجعل البلاد تتراجع في الخدمات والتنمية.
إن عدم الاستقرار جعل كل النخب السياسية دون استثناء تتبنى المنهج التبريري حتى لا تلام على أخطائها، هذا التبرير هو الذي كان سببا في تعطيل العقل، ومثل هذه الندوات تعمل على زحزحة الناس من التبرير إلى المنهج النقدي الذي يعيد للعقل مكانته..
إن مثل هذه الندوات التي يقيمها نادي الكتاب في استعراض الكتب، وإجراء حوارات حولها، سوف تلفت النظر على أهمية الاطلاع من جانب، وتفتح منافذ للحوار في حمولات الكتب العلمية والمعرفية والتثقيفية من جانب آخر، حيث أصبح نادي الكتاب يمثل أحد المنابر التي تسهم في عملية الوعي والتثقيف المعرفي. وتحية للقائمين عليه. ونسأل الله التوفيق وحسن البصيرة..
zainsalih@hotmail.com
الوسوماستراليا الاستقلال السودان المستعمر النخب السياسية د. عبد الله علي إبراهيم زين العابدين صالح عبد الرحمن نادي الكتاب نيوزيلنداالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: استراليا الاستقلال السودان المستعمر النخب السياسية د عبد الله علي إبراهيم نادي الكتاب نيوزيلندا نادی الکتاب العدید من عبد الله
إقرأ أيضاً:
العالم الدكتور عبد الله الغنيم شخصية معرض الكتاب الدولي بالكويت: القاهرة صاحبة الفضل في تشكيل رؤيتي الفكرية والثقافية
وقع اختيار معرض الكويت الدولي للكتاب في دورته السابعة والأربعين لهذا العام على شخصية العالم الجليل الدكتور عبد الله الغنيم المتخصص وأحد مؤسسي علم المخطوطات وذلك لإسهاماته وإنجازاته في مجالات البحث العلمي والثقافة.
واستعرض الدكتور الغنيم خلال جلسة حوارية أقيمت في قاعة كبار الزوار ضمن فعاليات النشاط الثقافي المصاحب للمعرض مسيرته العلمية ومحطات من حياته كان لها الأثر الكبير في تشكيل رؤيته الثقافية والفكرية بحضور نخبة من المثقفين والمهتمين وزملائه و أقربائه.
أدار الجلسة الدكتور البدر الذي استعرض مساهمات الدكتور الغنيم لا سيما إسهاماته في رئاسة مركز البحوث والدراسات الكويتية حيث قاد العديد من المبادرات التي تهدف إلى توثيق تاريخ الكويت وتراثها الثقافي والحضاري.
وتحدث الدكتور الغنيم عن مسيرته الحافلة في مجالات البحث العلمي والتأليف إضافة إلى إسهاماته في توثيق التراث الكويتي وتعزيز الهوية الثقافية، مؤكدا أهمية الكتاب والمعرفة في بناء المجتمعات.
وقال الدكتور الغنيم أن بحوثه و دراساته تندرج في ثلاث مسارات رئيسية يربط بينهما جميعا التراث العربي بعناصره الموسوعية المختلفة.
وقال ان المسار الأول هو (جغرافية شبه الجزيرة العربية) والثاني (التراث الجغرافي العربي بوجه عام والجانب الطبيعي بوجه خاص) والثالث (المخطوطات الجغرافية العربية فهرسة وتحليلا وتحقيقا).
وأكد ان الجزيرة العربية بتنوع اشكال سطحها وطبوغرافيتها استهوته منذ أن كان في العاشرة من عمره وفي رحلاته الى الحج مع والده حيث كانت الأولى سنة 1957 والثانية في السنة التي تلتها مبينا انه كان ينظر في الطريق الى رمال الدهناء وجالات نجد وحرات الحجاز.
وقال انه جمع في تلك الفترة كل ما يمكن الحصول عليه من معلومات حول تلك الأرض وزاد ذلك بعد أن أنهى دراسته الثانوية وانتقل للدراسة الجامعية في القاهرة. مؤكدا أن البيوت الثقافية في القاهرة خاصة بيت العلامة والمحقق المصري محمود محمد شاكر، والذي عرف بدفاعه الشرس عن الحضارة العربية الإسلامية.
فكان أول منهل ينهل منه علوم المخطوطات أثناء دراسته بجامعة القاهرة
و أشار الغنيم إلى أول بحث ينشر له وحمل عنوان (الدحلان في شبه الجزيرة العربية) وقد نشر في مجلة رابطة الأدباء بالكويت عام 1969 وهو العام الذي تخرج فيه من الجامعة.
و أضاف أن رسالة الماجستير كان موضوعها (الجغرافي العربي أبو عبيد البكري مع تحقيق الجزء المتعلق بالجزيرة العربية من كتابه المسالك والممالك) مبينا انه قرأ من أجل تلك الدراسة معظم ما كتبه القدماء و المحدثون عن جزيرة العرب أو عن المملكة العربية السعودية.
وقال أن عمله في الماجستير أثمر عدة كتب منها كتاب (مصادر البكري ومنهجه الجغرافي) ويشتمل الكتاب على دراسات تفصيلية تتعلق بالجزيرة العربية كما جاءت في كتابي (المسالك والممالك) و(معجم ما استعجم للبكري).
وعن دراسته للدكتوراه قال انه هدف إلى هدفين رئيسين اولهما (دراسة اشكال سطح الارض في شبه الجزيرة العربية بالاعتماد على التراث العربي القديم ومعالجة ذلك وفق منظور عصري) وثانيهما (جمع المصطلحات الجغرافية العربية في هذا الشأن واقتراح ما يمكن استخدامه في كتاباتنا الحديثة).
وأشار الدكتور الغنيم إلى دراساته الميدانية الإقامة في العديد من الدول من أجل البحث العلمي والاطلاع على أحدث المصادر الجيومرفولوجية ذات العلاقة بالصحاري والمناطق الجافة.
وقال أنه كان يبحث عن العلاقات السببية بين نشأة شبه الجزيرة العربية من الناحية الجيولوجية والأشكال الأرضية الماثلة أمامنا الآن ويحاول الربط أيضا بين تلك الاشكال والنشاط البشري.
وأشار الدكتور الغنيم الى العديد من الأسماء الذين كان لهم الفضل في مسيرته وتتلمذ على يدهم منهم إلى جانب العلامة المصري محمود محمد شاكر أيضا علامة الجزيرة العربية الشيخ حمد الجاسر رحمه الله،
وهو الصحفي وعالم الانساب والمحقق البارع والكاتب والشاعر، كان رحمه الله عضوا فاعلا في العديد من مجامع اللغة العربية بالقاهرة وعمان ودمشق والأردن والعراق، وهو مؤسس مجلة اليمامة السعودية المتخصصة في مجال تاريخ وآداب الجزيرة العربية.
بعث للدراسة بكلية الآداب جامعة القاهرة عام 1939 وعاد عقب اندلاع الحرب العالمية.
والمرحوم محمد رشاد عبد المطلب أحد أعلام معهد المخطوطات العربية المفهرسة وغير المفهرسة، وهو أحد أبرز العاملين بمعهد المخطوطات العربية بالقاهرة، إذ التحق به بعد عام واحد من تأسيس المعهد بموجب قرار جامعة الدول العربية سنة 1947. وقد استمرت خدمة الأستاذ رشاد بالمعهد عبر بعثاته في جلب المخطوطات و فهرستها و إتاحتها للباحثين قرابة ثلاثة عقود.
وحظيت المحاضرة بتفاعل كبير من الحضور الذين أعربوا عن تقديرهم للدور الكبير الذي لعبه الدكتور الغنيم في إثراء المشهد الثقافي الكويتي والعربي.
كما تطرق الدكتور الغنيم الى مركز البحوث والدراسات الكويتية وعن الوثائق التاريخية واهميتها مشيرا إلى فترة الغزو العراقي على الكويت وجمع عدد كبير من الوثائق في تلك الفترة التي توصلوا من خلالها إلى العديد من الحقائق مبينا أن هناك العديد من الكتب التي صدرت بناء على تلك الوثائق.
ويأتي اختيار الدكتور عبد الله الغنيم شخصية المعرض في دورته الـ47 تقديرا لعطاءاته الثقافية والعلمية الممتدة على مدار عقود ودوره في إثراء المكتبة الكويتية والعربية بمؤلفاته القيمة.
يذكر أن الدكتور عبد الله الغنيم محاضر وباحث مميز في مجال الفكر الجغرافي العربي وجيومرفولوجية شبه الجزيرة العربية وقد درس في هذين الموضوعين سنوات عدة تسنم خلالها مناصب مختلفة.
وشغل الدكتور الغنيم العديد من المناصب سابقا فكان رئيسا لقسم الجغرافيا ثم عميدا لكلية الآداب بجامعة الكويت و ترأس تحرير مجلة دراسات الجزيرة العربية والخليج التي تصدرها من جامعة الكويت وعمل مديرا لمعهد المخطوطات العربية ووزيرا للتربية ووزيرا للتعليم العالي.
وغاص الدكتور الغنيم في أعماق تاريخ الكويت وتراثها الحضاري بعد توليه رئاسة مركز البحوث والدراسات الكويتية منذ عام 1992 حتى الآن.