بعد ثورة المصريين في 30 يونيو ضد حكم جماعة الإخوان الإرهابية في العام 2013، ومع انتخاب الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيسا للجمهورية، لأول مرة في عام 2014، بدأ مشروعا مصريا جادا في مكافحة الإرهاب، ومعالجة أسبابه، وجذور التطرف العنيف المؤدي للإرهاب، حيث حققت مصر في هذا المجال نجاحات كبيرة، وتحولات في المشهد الأمني المصري، من مرحلة مضطربة عقب عزل الجماعة التي لجأت للعنف والعمليات الإرهابية كوسيلة لمعاقبة الشعب ومؤسساته على الإطاحة بها، وطريقة للضغط على الجميع للتراجع عن القرار الشعبي بإبعاد هذه الجماعة الإرهابية عن سدة الحكم في مصر.


بالمقارنة بين ما بعد الثورة والوضع الحالي، يتضح حجم ما بذلته الدولة المصرية من تكلفة ضخمة أبرزها دم الشهداء من أجل تحقيق الأمن والاستقرار، وإحباط قدرات التنظيمات الإرهابية على زعزعة الأمن وبث الفوضى.
لم تكن ثورة 30 يونيو وما أعقبها من توجهات الدولة المصرية في مكافحة الإرهاب، داخل مصر فقط، إنما كان للتحركات المصرية دورا فعالا للغاية في محاصرة الجماعات الإرهابية خارجيا، والعمل على وقف مشروعها، وتتبع الدول الداعمة لها، وصولا لتغير مواقف بعض الدول، واتجاهها لتعديل سياستها في هذا المجال، وهو ما ظهر جليا على ألسنة المتحدثن باسم الجماعات الإرهابية التي لا تتوقف عن التحريض ضد الرئيس المصري الذي وقف بصورة حاسمة ضد تحركاتهم في المنطقة بصورة كبيرة، من خلال التنسيق مع الدول وتبادل الخبرات والمعلومات.

الجمهورية الجديدة
وتضع "رؤية مصر2030" في أهدافها الأولوية القصوى للأمن بمفهومه الشامل على المستويين الوطني والإقليمي كضرورة حتمية لتحقيق التنمية المستدامة والحفاظ عليها ويتضمن ذلك ضمان الأمن الغذائي والمائي وأمن الطاقة المستدام والاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي والبيئي والأمن المعلوماتي (السيبراني) وتأمين الحدود المصرية ومكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة.

وتعمل مصر، وفقا لتقرير وزارة الخارجية حول مكافحة الإرهاب لعام 2022، على مكافحة الإرهاب والفكر المتطرف، والوقاية منهما تعتبر إحدى أولويات الدبلوماسية المصرية، حيث تضطلع مصر بدور بارز على صعيد تعزيز المنظومة الدولية الخاصة بمكافحة الإرهاب.
وفي يوليو ٢٠١٧، أصدر الرئيس السيسي، قرارا بإنشاء المجلس القومي لمواجهة الإرهاب والتطرف، من أجل حشد الطاقات المؤسسية والمجتمعية للحد من مسببات الإرهاب ومعالجة آثاره، وإقرار استراتيجية وطنية شاملة لمواجهة الإرهاب والتطرف داخليا وخارجيا، والتنسيق مع المؤسسات الدينية والأجهزة الأمنية لتمكين الخطاب الديني الوسطي المعتدل. وذلك بحسب ما وثقته الهيئة العامة للاستعلامات في تقرير لها بعنوان "مصر ومحاربة الإرهاب".

 شلل السياسي في تونس
أحست الجماعات الإرهابية بالخطر، عقب عودة مصر إلى الساحة الدولية بوصفها لاعبًا قويًا في المعادلة، خاصة وأن الدولة المصرية لها تاريخ في مواجهة الجماعات الإرهابية، وما يدل على ذلك أكثر هو التصريح الذي أدلى به المنصف المرزوقي، الرئيس التونسي الأسبق، والمدان قضائيا في اتهامات أمام القضاء التونسي، والهارب حاليا في باريس، والذي قال فيه إنه عقب عزل الرئيس الإخواني في 30 يونيو "أدركت أن الدور سيأتي علي شخصيًا"، وهو تخوف من شخصية جرى استخدامها من قبل التنظيم الدولي لجماعة الإخوان الإرهابية كثيرا.
يعمل المرزوقي بوقًا من أجل الترويج لمشروع الجماعة الإخوان الإرهابية، معلنا العداء لكل الدول العربية التي تقف بالمرصاد ضد التوجهات الإخوانية، مؤديا دوره تحت شعارات تعزيز الديمقراطية في العالم العربي، بينما ديمقراطيته تعني الغضب من مصر لأنها تخلصت من حكم الجماعة الإرهابية، والغضب من تونس ورئيسها الحالي قيس سعيد لأنه تخلص من البرلمان الذي تستحوذ عليه حركة النهضة الإخوانية، واستبدل دستورها بدستور جديد، متخلصا من شلل سياسي أصاب تونس وجعلها عاجزة عن التصرف في مهامها، وحاليا يقبع العديد من قيادات الحركة في السجن على ذمة قضايا تتعلق الإرهاب، منها تسفير الشباب إلى بؤر التطرف والإرهاب، ومنح جوازات سفر لأشخاص بطريقة غير قانونية، إضافة لتهمة التآمر على الدولة التي يحاكم فيها راشد الغنوشي زعيم الحركة.
في السياق ذاته، سرى المراقبون أن التجربة التونسية تستلهم الكثير من المعاني من التجربة المصرية، للاستفادة مما تحقق في مصر في السنوات الأخيرة من تقدم صناعي وتطور على مستوى الحياة السياسية، فالتجربة السياسية في تونس تتجه في خطوات متشابهة مع التجربة السياسية التي مرت بها الدولة المصرية بعد الثلاثين من يونيو

 شر الجماعة في السعودية
في مارس من العام 2014، أدرجت السعودية جماعة الإخوان ضمن المنظمات الإرهابية، وحذرت منها هيئة كبار العلماء في بيان لها، واصفة إياها بالإرهابية، والتي لا تمثل منهج الإسلام، كما أن تاريخها مليء بالشرور والفتن، وذلك دعم للموقف المصري وإدراك من الدول العربية الشقيقة بخطورة ما تقوم به مصر في سبيل مواجهة الإرهاب والتطرف.
جاء في بيان هيئة كبار العلماء: "في طليعة هذه الجماعات التي نحذر منها جماعة الإخوان، فهي جماعة منحرفة، قائمة على منازعة ولاة الأمر والخروج على الحكام، وإثارة الفتن في الدول، وزعزعة التعايش في الوطن الواحد، ووصف المجتمعات الإسلامية بالجاهلية، ومنذ تأسيس هذه الجماعة لم يظهر منها عناية بالعقيدة الإسلامية، ولا بعلوم الكتاب والسنة، وإنما غايتها الوصول إلى الحكم، ومن ثم كان تاريخ هذه الجماعة مليئًا بالشرور والفتن، ومن رَحِمها خرجت جماعات إرهابية متطرفة عاثت في البلاد والعباد فسادًا مما هو معلوم ومشاهد من جرائم العنف والإرهاب حول العالم".

هدم دولة في سوريا
في عهد الرئيس السيسي، تعاملت مصر بسياسة متوازنة مع الملف السوري قبل كثير من الدول العربية، وعلى ضوء الموقف المصري تغيرت سياسات البعض لدعم الحل السياسي في سوريا والحفاظ على مؤسسات الدولة الوطنية في سوريا، وتضييع أي دعم يصل إلى التنظيمات الإرهابية التي تعزز من الإنفلات الأمني والفوضى في الداخل السوري.
في مايو من العام الماضي، عادت سوريا إلى مقعدها بجامعة الدول العربية، وأعد المراقبون أن هذه الخطوة مهمة في خلق مخرج للأزمة، وتفويت الفرصة على التنظيمات الإرهابية من الانفراد بسوريا، خاصة أن هدم الدولة والمؤسسات يصب في صالح الجماعات الإرهابية.
وفي تصريح سابق لـ"البوابة نيوز" أكد إسلام الكتاتني، الباحث في شئون الجماعات الإرهابية، أن عودة سوريا للحضن العربي سوف يسمح بتبادل المعلومات الأمنية بين البلاد العربية وبين سوريا مما يضع تحركات العناصر الإرهابية محل تتبع وتضييق أكثر، خاصة وأن هناك نسبة من المقاتلين في سوريا من العرب ومنها مطلوبين لمصر ولتونس وللجزائر.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: 30 يونيو جماعة الاخوان الارهابية الرئيس عبدالفتاح السيسي التنظيمات الإرهابية التنظیمات الإرهابیة الجماعات الإرهابیة مکافحة الإرهاب الدولة المصریة جماعة الإخوان الدول العربیة فی سوریا

إقرأ أيضاً:

النائب حسن عمار: الاقتصاد المصري قدم نموذجاً قوياً للصمود والتكيف

أكد النائب حسن عمار، أمين سر لجنة الشؤون الشؤون الاقتصادية بمجلس النواب، أن الاقتصاد الوطني مر بتحديات كبرى على مدار السنوات الماضية منذ جائحة كورونا ومع اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية مروراً بما يجري من عدوان غاشم على الشعب الفلسطيني، لافتاً إلى أن التوترات الجيوسياسية أثرت بشكل كبير ومباشر على حجم النمو والإيرادات لصالح خزينة الدولة، في ضوء الهجمات الحوثية على منطقة البحر الأحمر التى أدت إلى فقدان 50% من دخلها، بما يعادل أكثر من 6 مليارات دولار خلال 8 أشهر، لكن الدولة المصرية نجحت في مواجهة تلك التحديات من خلال تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي المطبق حاليًا.

النائب حسن عمار: صناعة السيارات في مصر تودع عهد التجميع وتخطو نحو نهضة حقيقية النائب حسن عمار: الاقتصاد الوطني صمد أمام تحديات عالمية وصراعات جيوسياسية

وأضاف "عمار"، أنه طبقاً لأحدث إحصائيات رسمية فعلى الرغم من التحديات السياسية والاقتصادية السابقة، إلا أن معدل النمو ارتفع للعام المالي 2024 - 2025، مع توقعات ليصل إلى  4.2% في مقابل 2.4% للعام الماضي 2022 - 2023، كما  انخفض التضخم من 37% العام الماضي لـ25%، مع التوقعات بأن يصل إلى 16% نهاية العام المالي الجاري، وهذا يؤكد أن الاقتصاد المصري بات نموذجاً قوياً للصمود والتكيف، وسط ظروف استثنائية تلاحقه بصدمات مختلفة، تزيد من التحدى خلال مرحلة التعافي، التي تحتاج إلى استقرار الأوضاع السياسية وبالتالي استقرار في سعر الصرف والمعادن الثمينة مع زيادة حجم التوسع في جذب رؤوس الأموال الأجنبية،التي تشكل عصب كبير للاقتصاد.

وأشار عضو مجلس النواب، إلى أن الدولة تعكف على تهيئة بيئة الاستثمار الأجنبي، ودعم المستثمر في مختلف القطاعات الاقتصادية، وبالفعل نجحت من جذب استثمارات مباشرة بقيمة 9.2 مليار دولار حتى الربع الثالث من 2024، بزيادة قدرها 1.3 مليار دولار عن نفس الفترة من العام السابق (حوالي 7.9 مليار دولار في 2023)، ما يُعادل نموًا بنسبة 16.5%، لافتاً إلى أن السبب الرئيسي وراء هذه الطفرة يرجع إلى حزم الحوافز الاستثمارية التي أطلقتها الحكومة لتسهيل دخول الشركات الأجنبية، خاصةً في قطاعات الصناعة والطاقة المتجددة، مما يعكس ثقة المستثمرين في استقرار الاقتصاد المصري.

وأوضح النائب حسن عمار، أن السياسات الاقتصادية المرنة هي التي دعمت الاقتصاد الوطني للخروج من هذه التحديات بخسائر قليلة، فقد كشفت احصائيات حول حجم احتياطي النقد الأجنبي عن  استقرارًا كبيرًا، حيث وصل إلى 35.3 مليار دولار في أكتوبر 2024، بزيادة قدرها 1.8 مليار دولار عن مستواه في نفس الشهر من العام السابق الذي بلغ 33.5 مليار دولار، أي بارتفاع يعادل 5.4% مما يوضح أن الدولة تسير على نهج سليم في مراحل التعافي، من خلال العمل على توفير العملة الصعبة، والعمل على ضبط الأسعار ومواجهة الغلاء، لأنها أحد القضايا المحورية الملحة التي تشغل الرأي العام وتحتاج رقابة مستمرة على الأسواق.


 

مقالات مشابهة

  • فضيحة بمجلس الأمن.. الجزائر تتراجع عن فرض وقف إطلاق النار في غزة بضغط أمريكي
  • النائب حسن عمار: الاقتصاد المصري قدم نموذجاً قوياً للصمود والتكيف
  • استئناف جلسات محاكمة متهم من أعضاء الجماعة الإرهابية الأحد المقبل
  • برلماني: حرب الشائعات سلاح يستهدف إنجازات الدولة المصرية وثقة المواطنين
  • شائعات إعلام مطاريد «الإرهابية».. مسلسل مكشوف للمصريين والتاريخ خير شاهد
  • مفبرك وتم نفيه من قبل.. أحد عناصر الجماعة الإرهابية الهارب يروج لمنشور قديم
  • الوفد والأهرام واليوم السابع نموذجاً في معالجة الصحف الإلكترونية المصرية لجائحة كورونا
  • أستاذ علوم سياسية: وعي المصريين الحصن المنيع أمام شائعات الجماعة الإرهابية
  • التنظيمات الإرهابية في غرب إفريقيا.. انقسامات جهادية وتأثيرات أمنية واقتصادية عميقة
  • بعد انتشارها في نيجيريا.. ماذا تعرف عن جماعة لوكاراواس الإرهابية الجديدة؟