طبيعة الشخصية المصرية في شهر رمضان
تاريخ النشر: 2nd, April 2024 GMT
عبر تاريخ مصر الإسلامي الممتد عرفت مصر الكثير من الأحداث التاريخية والمظاهر الاحتفالية المختلفة لأعيادها ومناسباتها الدينية والوطنية والاجتماعية،
وكان ضمن تلك المظاهر التي اهتم بها المصريون واحتفوا بها وشكلوا من خلالها الكثير والكثير من العادات والتقاليد الموروثة دخول شهر رمضان على المصريين ليأتي إليهم حاملا معه الفرحة والبهجة التي تنير حياتهم وتوقظ ضمائرهم وتملأ قلوبهم بالتقوى والإيمان وتصبح فيها الوجوه المسلمة الصائمة ضاحكة مستبشرة يعم خيرها الوفير على أسرها المصرية بأغنيائها وفقرائها لأنهم جميعا وبكل طبقاتهم الاجتماعية يجودون بما لديهم من خير من أجل الإنفاق تقربا إلى الله، ويوسعون في أيامه على أنفسهم وأهلهم وجيرانهم فيطعمون الطعام ويصلون تضرعا إلى الله والناس نيام، ويفيضون بكل أفعال الخير من جود وإحسان وإنفاق في سبيل الله وابتغاء مرضاته ولهذا فهم يجتهدون في كل أنواع العبادات لينالوا الأجر والجزاء الأوفى عوضا عما فاتهم من تقصير في أركان العبادة خلال العام.
فتجد لتلك المظاهر نفحات وتجليات ربانية ونعم لا حصر لها لأن أبواب الجنة خلاله مفتوحة وتطلب أصحابها من أهل العبادات والطاعات مقابل أبواب النار المغلقة والشياطين المصفدة حتى يكون الإنسان حرا طليقا في كل أعماله وتجد النور الرباني يدخل إلى بيوت الصائمين جميعا وتراه أيضا ينير السموات فينير المساجد والشوارع والأزقة، وتمتلئ المحلات بالشوارع والميادين والقرى بمصر بالخيرات من كل شكل ولون وتراها بأجمل مما تراها عليه في باقي شهور العام ويقبل الناس بكل طبقاتهم على الشراء استعدادا للإفطار والسحور فتجود البيوت على أصحابها الذين يجودون هم أيضا على كل من حولهم فيصبح رمضان كريما في نظر المصريين كريما في جوده وكريما في عباداته وكريما في احتفالاته وخيراته، وفيه يسعى الإنسان إلى تحقيق الوصل الرباني مع الله ومع الأهل ومع الناس وترى الناس في مصر في شهر الصوم يتراحمون فيما بينهم تراحم الغني مع الفقير وتراحم الكبير للصغير وتراحم المسلم مع أخيه المسيحي هم جميعا عباد الله إخوانا يحتفلون ويهنئون بعضهم البعض ويتراصون على موائد الرحمن سواء كانت بالبيوت أو بالشوارع أو بالمساجد معا كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا، كما تراهم يتراصون ويتزاحمون ليلا في المساجد التي تكون عامرة بأصحابها لأداء صلاة العشاء والتراويح ثم الفجر.
ويملأ الحب والتسامح والتراحم القلوب وتجد ذلك بين الأب وأبنائه وبين الأخوة بعضهم البعض وبين الجار وجاره والصديق وصديقه يتزاورون ويتحابون ويتناولون طعام بعضهم البعض بالتناوب، وفي نهار رمضان تجد الروح المصرية الأصيلة بكل قيمها باستثناء أخوة الشياطين من الإنس الذين ليس لهم مكان بيننا، فتجد الرفق والتسامح بين الإنسان وأخيه الإنسان وبين الإنسان والطير والحيوان وتجد البشاشة والفرحة بين الصائمين كذلك تجد السعادة والبساطة تتملك الناس لحرصهم في هذا الشهر على التحلي بالقيم الأصيلة والفضائل ومنها السمو على الذات والصبر على المحن والنكبات، الأكثر من ذلك أن تجد الحمد والشكر لدى المصريين على النعمة بقليلها وكثيرها وفقرها وغناها وحلوها ومرها تجدها جميعا حلوة في نظر الصائمين فلا جشع ولا أنانية ولا بخل ولا شح ولا جحود ولا ضغينة أو غرور لأن الصيام في رمضان وعبر تاريخه استطاع أن يصبح عند المصريين كغيرهم من المسلمين ركنا قويا من أركان الإسلام ولا مجال فيه عند المصريين الصائمين إلى ارتكاب سلوك يؤدي إلى فقدانه لأنهم لا يعرفون إلا السمو على الذات وتحقيق الدرجات العلا لنيل رضا الله ونيل الجنة ليصبح رمضان عند المصريين بمذاق خاص وطبيعة تميزه عن غيره من الدول الأخرى رغم مظاهرها الاحتفالية الغنية بسبب المظاهر والطبيعة الخاصة عند المصريون التي قال عنها إدوارد لين في كتابه المصريون المحدثون بأنهم " يجاملون بعضهم البعض لأقصى حد وترى في تحيتهم وسلوكهم رقة ووقار ولديهم ذوق ومهارة سلسلة في طبيعتهم، كما يتفاخر أهل مدنهم بحسن الأدب وإتباع المنهج وقوة الذكاء وطلاقة اللسان، كما يمتاز المصري على اختلاف طبقاته بالبشاشة والأنس والكرم والجود.
كما أنه من المألوف أن يتحدث اثنين معا دون معرفة مسبقا وكأنهما صديقين قديمين حتى يقدم أحدهما شبكه للآخر ليظل صديقين، كما أن أغلب المصريين رغم طبقاتهم الاجتماعية يحبون الدعابة إلى أقصى حد ويتغلبون بها على المحن والشدائد ولذلك فحديثهم مؤثر وحار ويحبون أن يتخاطبوا أمرهم بينهم بألفاظ القرابة " ومن هنا فليس غريبا عليهم وعبر تاريخهم أن يلبسوا العادات والتقاليد المصرية الأصيلة أو الوافدة طابع مصريا خاصا جعل أيام رمضان كعدد السبحة التي سموها سبحة رمضان التي تتكون من 33 حبة منها 30 حبة لشهر رمضان و 3 لأيام عيد الفطر المبارك.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: البيوت الشخصية المصرية شهر رمضان بعضهم البعض
إقرأ أيضاً:
كيف ستكون طبيعة علاقات ترامب رجل الصفقات مع السعودية ودول الخليج؟
نشر موقع "أي نيوز" تقريرا أعده جورجيو كافيرو، الأستاذ المشارك بجامعة جورجتاون، حول العلاقة بين النفط والسلاح وحاجة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للسعودية.
وقال إنه لا توجد علاقات قليلة في الجيوسياسة الحديثة مثيرة للجدل تركت تداعيات وخيمة مثل العلاقة الأمريكية- السعودية التي تطورت إلى شراكة تعاقدية أو معاملاتية لم تتردد في تحطيم التقاليد القديمة وإعادة تشكيل أولويات السياسة الخارجية. فمن صفقات الأسلحة الخيالية إلى المناورات الاستراتيجية في الشرق الأوسط، أصبحت المخاطر في ولاية ترامب الثانية أعلى من أي وقت مضى.
وفي الوقت الذي تحاول فيه الرياض وواشنطن الإبحار وسط المصالح المتبادلة وبعض التوترات العميقة الجذور، يظل السؤال: ما الذي سيحققه ترامب وولي العهد محمد بن سلمان حقا لبعضهما البعض؟
وأضاف، أن ترامب كسر التقاليد المتعارف عليها في السياسة الأمريكية وهي أن تكون أول زيارة خارجية للرئيس المنتخب بعد توليه المنصب هي لبريطانيا. وقرر زيارة السعودية في عام 2017، وفي ولايته الثانية، سيقدم الرئيس ترامب أولوية لتقوية العلاقات مع المملكة.
واقترح ترامب قبل فترة من أنه قد يزور السعودية مرة أخرى ويختارها كأول مكان لرحلته الخارجية الرسمية، لو وافقت المملكة على تقديم تعهد باستثمارات جوهرية في الاقتصاد الأمريكي.
وتحدث ترامب مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، في الأسبوع الماضي والذي هنأ ترامب على تنصيبه وتعهد باستثمار 600 مليار دولار طوال فترة ولايته. ومع ان الرقم ليس واقعيا، إلا انه يمنح منظورا عن "نصر" مهم مبكر لترامب.
وقال ترامب إنه طلب من محمد بن سلمان الذي وصفه بـ "الرجل الرائع" زيادة الرقم إلى تريليون، وأكد ترامب أن السعوديين سيستجيبون لطلبه "لأننا جيدون جدا معهم". وترى الصحيفة أن ترامب سيكون أكثر معاملاتية في ولايته الثانية من الأولى، كما قال أندرياس كريغ من كلية كينغز كوليج في جامعة لندن حيث قال إن "النهج المعاملاتي والذي ينتهجه ترامب يصب في صالح سياسات الخليج، فقد عبر قادة دول الخليج عن سعادتهم الكبيرة بهذا النهج، إنه أمر يمكن التنبؤ به. فأنت تدفع مقابل شيء ما، وعادة ما تحصل عليه".
وقد اعتمدت السعودية منذ فترة طويلة نهجا فعالا في علاقاتها مع الدول الأفريقية والآسيوية والأوروبية.
ورغم أن العديد من شركاء المملكة يؤكدون على "الطبيعة التاريخية لعلاقاتهم" مع الرياض، فقد أوضح نيل كويليام، الزميل المشارك في برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في تشاتام هاوس، لصحيفة آي نيوز قائلا إن: "القيادة السعودية أصبحت أكثر حرصا على المعاملاتية، وهي مهتمة في نهاية المطاف بالنتائج النهائية وما يمكن أن يقدمه الشركاء".
وأشار كريغ من كينغز كوليج أن دول الخليج ترى في ترامب"صانع صفقات ورجل أعمال جديرا بالثقة" ويلتزم بها. وهي تفضل أسلوبه في القيادة على سلفه الذي كان من الصعب على قادة دول الخليج العربية فهم "مجموعة القيم الغامضة" التي كان يدعو إليها.
وبناء على كل ما حققه خلال ولايته الأولى، إلى جانب خطاب حملته والإجراءات التي اتخذها منذ بداية ولايته الثانية، فإن ترامب عازم على المضي قدما في دعم استراتيجيته "أمريكا أولا".
ويقول مهران كامرافا، استاذ علم الحكومات في جامعة جورجتاون- فرع قطر: "إذا كان بإمكان السعودية، أو أي جهة أخرى، أن تقدم لترامب سيناريوهات مربحة للجانبين من شأنها أن تعود بالنفع على الجانبين، فمن المرجح أن يتبناها الرئيس الأمريكي.
وأوضح، "لا يوجد سبب للاشتباه في أن السعوديين لن يفعلوا ذلك". وتعلق الصحيفة أنه في غياب الغضب في واشنطن على مقتل الصحافي في واشنطن بوست جمال خاشقجي ولعبها دور وسيط السلام في أوكرانيا، أصبحت السعودية في وضع جيد يمنحها لعب دور متزايد في مستقبل السياسة الخارجية الأميركية في ظل رئاسة ترامب".
ويرى باتريك ثيروس، السفير الأمريكي السابق في قطر، فقد تحاول القيادة السعودية استخدام تأثيرها لوضع المملكة: "في مركز النشاط الأمريكي بالمنطقة" وترسيخ مكانة الرياض كشريك "أكثر راحة لإدارة ترمب من أي دولة إقليمية أخرى، بما في ذلك إسرائيل".
وفي الوقت الحالي، تمتلك السعودية المزيد من المزايا التي تريدها الولايات المتحدة أكثر من العكس. وتظل المصالح الأمريكية في المنطقة ثابتة وتتعلق بحرية تدفق النفط والغاز إلى الأسواق العالمية، كما وتظل السعودية واحدة من الأسواق العالمية البارزة للصادرات الأمريكية، وبخاصة الأسلحة والسلع الرأسمالية. وتمتلك السعودية قدرا هائلا من النقود لتعرضه على ترامب"، كما قال ثيروس لصحيفة آي نيوز.
وعندما يتعامل مع السعوديين، سيركز ترامب بالطبع على الصفقات التجارية المربحة للشركات المرتبطة بعائلته، وهو ما سيخلق المزيد من التداخل بين مصالح ترامب التجارية الخاصة والسياسة الخارجية لواشنطن. وتتمتع دار الأركان (الشركة الأم لدار جلوبال) بعلاقات عميقة مع منظمة ترامب بحسب التقرير.
وفي السنوات الأخيرة، وقعت الشركتان صفقات لإنشاء أبراج فاخرة وفيلات ومنتجع وملعب غولف في السعودية والإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان. ومن المقربين من ترامب ياسر الرميان، المقرب من محمد بن سلمان والذي يرأس صندوق الاستثمار العام السعودي ويرأس "ليف غولف".
وعلق كامرافا قائلا: "في الماضي، لم ير ترامب أي حاجة للتمييز بين مصالحه المالية والمصالح الوطنية للولايات المتحدة، ومن المرجح أن يستمر في السعي وراء كليهما سواء تولى منصب الرئاسة أم لا".
وذكر قويليام من تشاتام هاوس قائلا: " إن التعاملات التجارية للشركات المرتبطة بعائلة ترامب في السعودية على مدى السنوات الأربع الماضية ستؤثر بلا شك على سياسة الإدارة الأمريكية الجديدة تجاه المملكة.
وقال، إن العلاقات الشخصية بين الاثنين ستشكل نهج الإدارة تجاه السعودية، لكن ترامب سيتوقع من نظرائه السعوديين أن يخدموا المصالح الأوسع لأمريكا أولا، حتى يتمكن الرئيس من عرض فوائد العلاقات الوثيقة مع المملكة لقاعدته السياسية".
ومع ذلك "لا تزال هناك شكوكا عميقة بين النخبة السياسية الأمريكية والرأي العام من السعودية. وإذا كان ترامب سيتغلب على مثل هذه الشكوك، فيجب عليه إثبات أن العلاقات القوية لا تفيد الولايات المتحدة فحسب، بل وقاعدته أيضا، وبهذا، فمن المرجح أن نشهد منح عقود رئيسية للشركات المرتبطة بعائلة ترامب، والتي سيعلن عنها الرئيس على أنها نجاحات للولايات المتحدة" بحسب قويليام.
وعلى العموم، ستظل التوترات الجيوسياسية التي طبعت علاقات أمريكا مع السعودية قائمة ولن تختفي بسبب الطبيعة المعاملاتية لترامب وقبول السعودية لها.
ويقول ريان بول، المحلل البارز للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في شركة "أر إي أن إي" (رين) لتقييم المخاطر ، بأنه على الرغم من كل تعهدات الاستثمار والخطاب الداعم من محمد بن سلمان، فإن الإدارة الأمريكية الجديدة ستواجه تحديا لإقناع الرياض بإجراء تغييرات تعود بالنفع حقا على واشنطن جيوسياسيا.
وأضاف، أن ترامب سيواجه صعوبة في إقناع السعوديين لخفض أسعار النفط، ذلك أن رؤية 2030 تعتمد على مستويات عالية من الإيرادات من قطاع الهيدروكربون في السعودية.
وعلى الرغم من وقف إطلاق النار الهش في غزة، فإن انضمام المملكة إلى اتفاقيات إبراهيم، التي يريدها ترامب بشدة، يظل غير واقعي إلى حد كبير بسبب الرأي العام في المملكة ومدى ارتفاع تكاليف التطبيع مع إسرائيل بالنسبة للرياض بحسب ريان بول.
وفي نفس الوقت، فلن يكون فريق ترامب في وضع يجعلهم قادرين على إبعاد السعودية عن الصين، نظرا للقيمة التي توليها الرياض للعلاقة مع بيجين، وبخاصة في سياق رؤية 2030.
وعلى الرغم من أن تحدي الصين سيكون محور تركيز ترامب في ولايته الثانية، "فقد لا ترغب السعودية في التعاون مع واشنطن في محاولات عزل الصين اقتصاديا"، كما قال بول. و "سترغب السعودية في اللعب على الجانبين قدر استطاعتها".
وعلى نحو مماثل، فإن الكثير مما تريده السعودية من الولايات المتحدة في عهد ترامب، من الدعم الأمريكي الحقيقي للدولة الفلسطينية إلى المساعدة في الصناعة النووية للمملكة ومعاهدة دفاع أمريكية سعودية رسمية، ربما يظل بعيد المنال، بحسب التقرير.
وكما قال ثيروس، السفير السابق: "قد تكون هذه صفقات كبيرة جدا حتى بالنسبة لملك الصفقات".