محللون: ما حدث بمستشفى الشفاء تكرار لصبرا وشاتيلا وهو جزء من خطة التهجير
تاريخ النشر: 2nd, April 2024 GMT
يقول خبراء ومحللون إن الدمار الهائل الذي ألحقته القوات الإسرائيلية بمستشفى الشفاء غربي مدينة غزة يمثل جزءا من خطة إسرائيل الممنهجة لتهجير سكان القطاع، ويرون أن الولايات المتحدة الأميركية وحلف شمال الأطلسي (الناتو) شريكان في الجريمة.
فبعد أسبوعين من عملية عسكرية واسعة انسحبت القوات الإسرائيلية من المجمع الطبي الأكبر بالقطاع والأراضي المحتلة كلها بعد أن دمّرته بشكل كامل، وقتلت مئات من المدنيين والعاملين فيه من الكوادر الطبية.
ويمثل هذا التدمير المتعمد للمستشفى جزءا من عملية تحويل قطاع غزة كله إلى مكان غير قابل للسكن من خلال حرمان السكان من الخدمات الصحية حتى يضطروا للهجرة، كما يقول الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية الدكتور مصطفى البرغوثي.
صبرا وشاتيلا جديدتان
كما يمثل الهجوم، حسب ما قاله البروغوثي خلال مشاركته في برنامج "غزة.. ماذا بعد؟"، "انتقاما بشعا من المدنيين على غرار ما حدث في مجزرتي صبرا وشاتيلا (بين 16 و18 سبتمبر/أيلول 1982)".
وفي حين تزعم إسرائيل استخدام حركة المقاومة الإسلامية حماس المستشفى في عمليات عسكرية، فإنها عمليا من قام بهذا الفعل المخالف لكل القوانين الدولية، لأن رئيس الأركان هيرتسي هاليفي نفسه وصل إلى المستشفى واستخدمه كمقر عسكري، كما يقول البرغوثي.
ورغم بشاعة الجريمة من الناحية الإنسانية والقانونية، فإن الخبير العسكري العميد إلياس حنا يقول إن العملية ناجحة من وجهة النظر الإسرائيلية، لأنها حققت جزءا من خطتها الممنهجة لتدمير كل مقومات الحياة في القطاع، و"أيضا لأن القوات لم يكن لتتمركز في المكان حتى لا تصبح هدفا للمقاومة".
كما أن تصريحات رئيس الأركان الإسرائيلي عن نجاح العملية -برأي حنا- "تؤكد أن الشفاء جزء من خطة أكبر لتقطيع القطاع وتدميره، وبالتالي السيطرة على مناطق محددة وتهجير سكانها".
ولفت حنا إلى أن تدمير المستشفيات "يأخذنا إلى القول إن هناك تنفيذا فعليا على الأرض لعملية التهجير".
والأهم -من وجهة نظر حنا- أن تدمير المستشفيات ليس عشوائيا ولا دعائيا، لأن إسرائيل "تحاول قياس مؤشرات معينة من خلال هذه العمليات التي تقول إنها أسفرت عن قتل وأسر مئات من مقاتلي المقاومة".
ومع ذلك، فإن هذه الإستراتيجية ستكون لها تداعيات كارثية على إسرائيل مستقبلا، لأنها من الناحية العملية لم تتمكن من تحرير أسير واحد عن طريق الحرب بل إنها قتلت الكثير منهم خلال العمليات، برأي المتحدث نفسه.
تدمير الكفاءات قبل البنايات
بيد أن الأمر لا يقف عند حد تدمير المباني للقضاء على مقومات الحياة وحسب، لكنه يمتد أيضا إلى قتل كافة الكوادر والكفاءات الصحية الموجودة بالقطاع التي يتطلب تعويضها سنين أطول من تلك التي تحتاجها إعادة بناء المباني، حسب الجراح السابق بمستشفى الشفاء الدكتور غسان أبو ستّة.
فقد أكد أبو ستّة أن المنظومة الصحية في القطاع لن تعود إلى ما كانت عليه في المدى المنظور بعدما قتلت إسرائيل خلال هذه الحرب عددا من أبرز الكفاءات الطبية، وآخرها جراح التجميل أحمد المقادمة ووالدته اللذين رفضا مغادرة المستشفى قبل فترة.
ووصف أبو ستة اغتيال المقادمة ووالدته بأنه "عقوبة لهما على موقفهما خلال الحرب"، كما نوه إلى قيام الاحتلال باختطاف الدكتور باسم المصري من داخل المكان وانقطاع أخباره تماما، وترك أولاده الصغار دون معيل.
شركاء الجريمة
وعن الموقف الأميركي من عملية تدمير الشفاء، قال البرغوثي إن الولايات المتحدة وحلف الناتو والمدعي العام لمحكمة الجنايات الدولية كريم خان، شركاء في كل ما اقترفته إسرائيل من جرائم.
ووفق البرغوثي، فقد قتلت إسرائيل 340 من أفراد الطواقم الطبية في غزة واعتقلت آخرين بينهم مدير مستشفى الشفاء محمد أبو سلمية، كما اقتحمت مستشفى "ابن سينا" في مدينة جنين بالضفة الغربية وقتلت جريحا في فراشه، دون أن تتخذ واشنطن أو أوروبا أو الجنائية الدولية أي خطوة.
ودعا البرغوثي لـ"حملة ضغط عالمية من أجل إقالة خان واستبداله برجل ينهض بمهمة القانون الدولي"، حسب تعبيره.
ويدعم أبو ستة هذا الرأي بقوله إن مسلسل تدمير مقومات الحياة متواصل وشحنة الأسلحة التي أرسلتها واشنطن مؤخرا لإسرائيل "تؤكد أن الرئيس جو بايدن وإدارته وحكومات بريطانيا وفرنسا وإيطاليا وكندا شركاء في حرب الإبادة التي تشنها إسرائيل"، معتبرا أن "حلف الناتو هو من يخوض الحرب وهو المسؤول عن جريمة الشفاء لأنه هو من سلّح إسرائيل ودعمها وأيدها".
وكانت صحيفة "هآرتس"، قد أكدت أن الجيش "يخلق منطقة قتل"، وأن وجود أي قوة عسكرية في أي مكان أو أي مبنى يجعلها "منطقة قتل مباشر"، وبالتالي يصبح القتل العشوائي لكل من هو فلسطيني جزءا من الخطة، كما يقول حنا.
وفي هذا الجانب، أشار البرغوثي إلى أن محيط المستشفى كله "كان في دائرة القتل، حيث قتل الجنود عائلات بأكملها حرقا، وخلفوا دمارا هائلا في المكان، وهو ما يستدعي تحركا من جنوب أفريقيا لاستصدار أمر واضح من محكمة الدولية بوقف القتال فورا، لأن الأمور وصلت إلى مرحلة يمكن تحملها".
وفي هذا الصدد، أكد حنا وجود خرق واضح لاتفاقية جنيف ومعاهدة لاهاي التي تتحدث تحديدا عن المستشفيات والأسرى المدنيين والعسكريين، مضيفا "هناك أدلة يمكنها تكوين ملف مهم لاستكمال ما بدأته جنوب أفريقيا في محكمة العدل الدولية".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ ترجمات حريات جزءا من
إقرأ أيضاً:
محللون: حماس من مصلحتها الحفاظ على حياة الأسرى ونتنياهو هو من قتلهم
لا تزال حكومة بنيامين نتنياهو المتطرفة بعيدة عن العقلانية السياسية التي تقتضي المضي قدما باتجاه استعادة ما تبقى من أسرى في قطاع غزة عبر المفاوضات، كما يقول خبراء.
وسلمت المقاومة اليوم الخميس جثامين الأسيرة الإسرائيلية شيري بيباس وطفليها كفير وأرئيل، إلى جانب جثة عوديد ليفشتس الذي كان يبلغ من العمر 85 عاما عند أسره على يد حركة الجهاد الإسلامي.
ومع وصول جثامين الأسرى الأربعة إلى إسرائيل، تعالت الأصوات المنددة بسلوك نتنياهو والمتهمة له بالتسبب بقتل الأسرى، في حين اعتذر الرئيس إسحاق هيرتسوغ عن الفشل في إعادتهم أحياء لبيوتهم.
وتساءلت عضوة الكنيست ميراف كوهين عن عدد الأسرى الذين سيقتلون بسبب اعتبارات نتنياهو السياسية، بينما قال وزير الثقافة ميكي زوهر إنه لا يمكن التوصل لاتفاقات وتعهدات دولية ثم العودة للقتال في غزة.
لكن ردات الفعل هذه لا تعني أن من يسيطرون على القرار في تل أبيب حاليا قريبون من الاعتراف بالمسؤولية عن مقتل الأسرى، بعد أن فقدت إسرائيل نخبتها العاقلة، ووقعت في قبضة من يريدون التوسع من البحر إلى النهر بغض النظر عن الأثمان، كما يقول الخبير في الشأن الإسرائيلي إيهاب جبارين.
إعلانفقبل بداية الألفية الثالثة، أي قبل 25 عاما، كان القادة العسكريون يتولون مناصب سياسية في إسرائيل وهو أمر جعلهم دائما قادرين على الموازنة بين الحرب والسياسية من أجل تحقيق ما يريدونه من أهداف، كما يقول جبارين.
أما اليوم، فحتى المعارضة الإسرائيلية -بحسب جبارين- لا يمكن مقارنتها بنظيرتها في تسعينيات القرن الماضي لا من حيث الجوهر ولا العقلانية، وهو ما يجعلها تحارب من أجل الحرب وليس من أجل تحقيق أهداف سياسية.
لذلك، يعتقد المتحدث نفسه أن حكومة نتنياهو ليست قريبة من الاعتراف بمسؤوليتها عن مقتل الأسرى الذين كان يمكنها استعادتهم عبر المفاوضات لو لم تتمسك بمواصلة الحرب.
وتكمن مشكلة هذه الحكومة حاليا -يقول جبارين- في أنها وصلت إلى النقطة التي كانت تتهرب منها وهي الدخول في مفاوضات المرحلة الثانية.
لا بديل عن مواصلة الاتفاق
في المقابل، يفترض الباحث السياسي سعيد زياد أن تكون إسرائيل قد وصلت إلى مرحلة من العقلانية السياسية التي تدفعها باتجاه مواصلة تنفيذ الاتفاق الذي سيستفيد منه الجميع بدلا من العودة لصدام سيخسر منه الجميع.
وقال زياد إن الحديث عن قتل المقاومة لهؤلاء الأسرى ليس منطقيا، لأن موتهم لا يخدم الهدف الأساسي المتمثل في تبادلهم مع أسرى فلسطينيين.
ويعتقد زياد أن المقاومة تحاول الضغط بشكل إيجابي على إسرائيل والوسطاء لمواصلة تنفيذ الاتفاق، وذلك من خلال تقديم تنازلات معينة من بينها تسليم 6 أسرى أحياء مرة واحدة يوم السبت المقبل بدلا من تسليمهم على مدار أسبوعين.
وتستهدف عمليات التبادل التي تلزم بها المقاومة وتبدي فيها انضباطا عاليا -برأي زياد- ترسيخ فكرة أن الالتزام سيقابل بالالتزام وأن استعادة الأسرى لن تتم إلا من خلال الاتفاق.
ومن خلال هذا التعامل -يضيف زياد- تحاول المقاومة إيصال رسائل إيجابية للرئيس الأميركي دونالد ترامب حتى تفتح الباب أمام مفاوضات المرحلة الثانية.
إعلانفي الوقت نفسه، يعتقد زياد أن المقاومة لن تقدم تنازلات بلا جدوى، وأنها ستتوقف عن مرونتها السياسية ما لم تتعامل إسرائيل بالمثل، لأن الجانب الفلسطيني لن يقدم أي تنازلات بشأن تسليم بقية الأسرى الأحياء دون الانتقال للمرحلة الثانية.
ومن المقرر أن تبدأ المفاوضات يوم السبت المقبل مع مواصلة العمل بمقتضيات المرحلة الأولى من وقف لإطلاق النار وإدخال المساعدات مع التوقف عن تسليم الأسرى.
وقد أرسلت المقاومة وفدها المفاوض حتى تثبت جديتها في مواصلة العمل بالاتفاق حسب المتفق عليه، لكن إسرائيل تحاول استلام مزيد من الأسرى الأحياء خلال مفاوضات المرحلة الثانية وهو أمر لن تقبله المقاومة أبدا، برأي زياد.
نتنياهو متهم بقتل الأسرى
وقال مراسل الجزيرة في فلسطين إلياس كرام إن رئيس الوزراء يواجه اتهامات جنائية من قادة المعارضة بالتسبب في مقتل الأسرى، مضيفا أن حديث المفاوض السابق أورن سيتر عن عرقلة نتنياهو للصفقة لاعتبارات سياسية، يعزز هذه الاتهامات.
وبحسب ما أوضح كرام، فإن الفحوص الطبية التي ستجرى على جثث الأسرى الأربعة، قد تتمكن من الكشف عن السبب الحقيقي وراء مقتلهم، منوها إلى أن طول الفترة التي مرت على مقتل هؤلاء الأسرى قد تجعل من الصعب تحديد سبب الوفاة، لكن لفت إلى أن نتنياهو سيكون في مأزق كبير أمام الرأي العام الإسرائيلي لو تبين أنهم قتلوا بنيران جيش بلادهم.
وكان سيتر قد تحدث مؤخرا لوسائل إعلام إسرائيلية عن أن هذه الصفقة كانت ممكنة كما هي تماما في مايو/أيار الماضي، وأنها لم تتم بسبب اعتبارات سياسية.
وقال كرام إن آخر استطلاع رأي أجرته هيئة البث الإسرائيلية كشف أن 55% يريدون إتمامها بأي ثمن، بما في ذلك الانسحاب الكامل من القطاع ووقف الحرب وتبييض السجون.
ونقل مراسل الجزيرة في غزة عن مصدر في كتائب المجاهدين قوله إن شيري بيباس كانت تعمل بمكتب قائد المنطقة الجنوبية في فرقة غزة ومتدربة في الوحدة 1200.
إعلانوقال المتحدث إنه تم تأمين شيري بيباس في بيت محصن رفقة ابنيها مع توفير الاحتياجات اللازمة لهم، ولكن قوات الاحتلال استهدفت المنزل بصاروخ من طائرات "إف 16" مما أدى لتدمير المنزل بشكل كامل وتسويته بالأرض.
ونشرت حماس بيانا قالت فيه إنها حاولت الحفاظ على حياة الأسرى بكل الطرق متهمة الاحتلال بالتعامل بوحشية مع هذه العائلات الإسرائيلية.
ووجهت رسالة لعائلات بيباس وليفشتس، قالت فيها إنها كانت تأمل في عودتهم أحياء، بيد أن حكومتهم فضلت قتلهم وقتل 17 ألف طفل فلسطيني معهم.
وأكدت الحركة أنها حافظت على حرمة جثث هؤلاء القتلى بينما لم تحترمهم حكومتهم أحياء وقتلتهم هم وآسريهم. وقالت إن المجرم بنيامين نتنياهو يتباكى على قتلاه لكي يتنصل من مسؤولية قتلهم.