يقول خبراء ومحللون إن الدمار الهائل الذي ألحقته القوات الإسرائيلية بمستشفى الشفاء غربي مدينة غزة يمثل جزءا من خطة إسرائيل الممنهجة لتهجير سكان القطاع، ويرون أن الولايات المتحدة الأميركية وحلف شمال الأطلسي (الناتو) شريكان في الجريمة.

فبعد أسبوعين من عملية عسكرية واسعة انسحبت القوات الإسرائيلية من المجمع الطبي الأكبر بالقطاع والأراضي المحتلة كلها بعد أن دمّرته بشكل كامل، وقتلت مئات من المدنيين والعاملين فيه من الكوادر الطبية.

ويمثل هذا التدمير المتعمد للمستشفى جزءا من عملية تحويل قطاع غزة كله إلى مكان غير قابل للسكن من خلال حرمان السكان من الخدمات الصحية حتى يضطروا للهجرة، كما يقول الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية الدكتور مصطفى البرغوثي.

صبرا وشاتيلا جديدتان

كما يمثل الهجوم، حسب ما قاله البروغوثي خلال مشاركته في برنامج "غزة.. ماذا بعد؟"، "انتقاما بشعا من المدنيين على غرار ما حدث في مجزرتي صبرا وشاتيلا (بين 16 و18 سبتمبر/أيلول 1982)".

وفي حين تزعم إسرائيل استخدام حركة المقاومة الإسلامية حماس المستشفى في عمليات عسكرية، فإنها عمليا من قام بهذا الفعل المخالف لكل القوانين الدولية، لأن رئيس الأركان هيرتسي هاليفي نفسه وصل إلى المستشفى واستخدمه كمقر عسكري، كما يقول البرغوثي.

ورغم بشاعة الجريمة من الناحية الإنسانية والقانونية، فإن الخبير العسكري العميد إلياس حنا يقول إن العملية ناجحة من وجهة النظر الإسرائيلية، لأنها حققت جزءا من خطتها الممنهجة لتدمير كل مقومات الحياة في القطاع، و"أيضا لأن القوات لم يكن لتتمركز في المكان حتى لا تصبح هدفا للمقاومة".

كما أن تصريحات رئيس الأركان الإسرائيلي عن نجاح العملية -برأي حنا- "تؤكد أن الشفاء جزء من خطة أكبر لتقطيع القطاع وتدميره، وبالتالي السيطرة على مناطق محددة وتهجير سكانها".

ولفت حنا إلى أن تدمير المستشفيات "يأخذنا إلى القول إن هناك تنفيذا فعليا على الأرض لعملية التهجير".

والأهم -من وجهة نظر حنا- أن تدمير المستشفيات ليس عشوائيا ولا دعائيا، لأن إسرائيل "تحاول قياس مؤشرات معينة من خلال هذه العمليات التي تقول إنها أسفرت عن قتل وأسر مئات من مقاتلي المقاومة".

ومع ذلك، فإن هذه الإستراتيجية ستكون لها تداعيات كارثية على إسرائيل مستقبلا، لأنها من الناحية العملية لم تتمكن من تحرير أسير واحد عن طريق الحرب بل إنها قتلت الكثير منهم خلال العمليات، برأي المتحدث نفسه.

تدمير الكفاءات قبل البنايات

بيد أن الأمر لا يقف عند حد تدمير المباني للقضاء على مقومات الحياة وحسب، لكنه يمتد أيضا إلى قتل كافة الكوادر والكفاءات الصحية الموجودة بالقطاع التي يتطلب تعويضها سنين أطول من تلك التي تحتاجها إعادة بناء المباني، حسب الجراح السابق بمستشفى الشفاء الدكتور غسان أبو ستّة.

فقد أكد أبو ستّة أن المنظومة الصحية في القطاع لن تعود إلى ما كانت عليه في المدى المنظور بعدما قتلت إسرائيل خلال هذه الحرب عددا من أبرز الكفاءات الطبية، وآخرها جراح التجميل أحمد المقادمة ووالدته اللذين رفضا مغادرة المستشفى قبل فترة.

ووصف أبو ستة اغتيال المقادمة ووالدته بأنه "عقوبة لهما على موقفهما خلال الحرب"، كما نوه إلى قيام الاحتلال باختطاف الدكتور باسم المصري من داخل المكان وانقطاع أخباره تماما، وترك أولاده الصغار دون معيل.

شركاء الجريمة

وعن الموقف الأميركي من عملية تدمير الشفاء، قال البرغوثي إن الولايات المتحدة وحلف الناتو والمدعي العام لمحكمة الجنايات الدولية كريم خان، شركاء في كل ما اقترفته إسرائيل من جرائم.

ووفق البرغوثي، فقد قتلت إسرائيل 340 من أفراد الطواقم الطبية في غزة واعتقلت آخرين بينهم مدير مستشفى الشفاء محمد أبو سلمية، كما اقتحمت مستشفى "ابن سينا" في مدينة جنين بالضفة الغربية وقتلت جريحا في فراشه، دون أن تتخذ واشنطن أو أوروبا أو الجنائية الدولية أي خطوة.

ودعا البرغوثي لـ"حملة ضغط عالمية من أجل إقالة خان واستبداله برجل ينهض بمهمة القانون الدولي"، حسب تعبيره.

ويدعم أبو ستة هذا الرأي بقوله إن مسلسل تدمير مقومات الحياة متواصل وشحنة الأسلحة التي أرسلتها واشنطن مؤخرا لإسرائيل "تؤكد أن الرئيس جو بايدن وإدارته وحكومات بريطانيا وفرنسا وإيطاليا وكندا شركاء في حرب الإبادة التي تشنها إسرائيل"، معتبرا أن "حلف الناتو هو من يخوض الحرب وهو المسؤول عن جريمة الشفاء لأنه هو من سلّح إسرائيل ودعمها وأيدها".

وكانت صحيفة "هآرتس"، قد أكدت أن الجيش "يخلق منطقة قتل"، وأن وجود أي قوة عسكرية في أي مكان أو أي مبنى يجعلها "منطقة قتل مباشر"، وبالتالي يصبح القتل العشوائي لكل من هو فلسطيني جزءا من الخطة، كما يقول حنا.

وفي هذا الجانب، أشار البرغوثي إلى أن محيط المستشفى كله "كان في دائرة القتل، حيث قتل الجنود عائلات بأكملها حرقا، وخلفوا دمارا هائلا في المكان، وهو ما يستدعي تحركا من جنوب أفريقيا لاستصدار أمر واضح من محكمة الدولية بوقف القتال فورا، لأن الأمور وصلت إلى مرحلة يمكن تحملها".

وفي هذا الصدد، أكد حنا وجود خرق واضح لاتفاقية جنيف ومعاهدة لاهاي التي تتحدث تحديدا عن المستشفيات والأسرى المدنيين والعسكريين، مضيفا "هناك أدلة يمكنها تكوين ملف مهم لاستكمال ما بدأته جنوب أفريقيا في محكمة العدل الدولية".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ ترجمات حريات جزءا من

إقرأ أيضاً:

محافظ القاهرة يتابع الخدمات الطبية المقدمة للمواطنين في أول أيام عيد الفطر بمستشفى المنيرة العام

قام الدكتور إبراهيم صابر محافظ القاهرة بزيارة تفقدية اليوم الاثنين لمستشفى المنيرة العام بمنطقة السيدة زينب لمتابعة مستوى الخدمات الطبية المقدمة للمواطنين خلال فترة عيد الفطر المبارك، والتأكد من توافر الأدوية والمستلزمات الطبية اللازمة.


وحرص محافظ القاهرة ، خلال زيارته، على تفقد أقسام المستشفى المختلفة، والرعاية المركزة والاستقبال، والطوارىء ، ومعامل المستشفى ووحدة الغسيل الكلوى، وتأكد من توافر مخزون كافى من الأدوية بمخزن المستشفى وتواجد أرصدة بمخزن الطوارىء للتعامل مع أى حادث مفاجىء.


وقدم محافظ القاهرة التهنئة بالعيد للمرضى والأطقم الطبية موجهًا الشكر للفريق الطبى بالمستشفى، إدارة، وأطباء، وتمريض، وفنيين، وعمال لحرصهم على تقديم خدمة طبية متميزة للمواطنين ، خاصة وأن المستشفى تخدم قاطنى عدد من الأحياء الشعبية المجاورة.


وأشار محافظ القاهرة إلى وجود متابعة مستمرة على مدار اليوم لكافة المستشفيات والمراكز الطبية للتأكد من توافر أرصدة كافية من الأدوية والمستلزمات الطبية وأكياس الدم ومشتقاته ، وتوافر الأكسجين بالمستشفيات ، كما تم تنظيم عمل الأطقم الطبية والتمريض خلال أيام العيد لضمان انتظام تقديم الخدمة الطبية والرعاية الصحية للمرضى على الوجه الأكمل.


وأكد محافظ القاهرة أنه تم رفع درجة الاستعداد القصوى في المستشفيات لاستقبال حالات الطوارئ، كما تم إلغاء أجازات الأطباء العاملين بها، وتم إنشاء غرفة طوارئ بالمديرية تعمل على مدار 24 ساعة خلال إجازة العيد لتلقى أى شكاوى من المواطنين .


وشدد محافظ القاهرة على مديرية الشئون الصحية بعمل لجان مشتركة بالتعاون مع مديريتي الطب البيطري والتموين ومباحث التموين والأحياء لتكثيف المرور في حملات مشتركة بين جميع المناطق الطبية وإدارة مراقبة الاغذية بالمديرية على الأسواق والمحال التجارية وأماكن الباعة الجائلين والثلاجات التي تقوم ببيع الأسماك المملحة والفسيخ خلال فترة العيد، وسحب عينات مختلفة منها،والتأكد من استيفائها للاشتراطات الصحية وحمل جميع العاملين بها لشهادات صحية سارية.
رافق محافظ القاهرة ، فى جولته، اللواء إبراهيم عبدالهادي نائب المحافظ للمنطقة الغربية، الدكتور حسام الدين فوزى نائب المحافظ للمنطقة الشمالية، المهندس أشرف منصور نائب المحافظ للمنطقة الجنوبية، المهندسة منى البطراوى نائب المحافظ للمنطقة الشرقية، اللواء حسام لبيب السكرتير العام المساعد، الدكتور محمد عيد مدير مستشفى المنيرة ، وعدد من قيادات المحافظة.

مقالات مشابهة

  • محافظ القاهرة يتابع الخدمات الطبية المقدمة للمواطنين في أول أيام عيد الفطر بمستشفى المنيرة العام
  • الدفاع الروسية: تدمير 66 طائرة أوكرانية دون طيار فوق 3 مقاطعات خلال 24 ساعة
  • استعداداً لعيد الفطر.. رفع درجة الاستعداد القصوى بمستشفى طوارئ جامعة سوهاج
  • وزير الصحة يتخذ قرارات مهمة بعد لقاءاته مع المواطنين في جولة بالمنيا
  • البرغوثي: المشكلة ليست في حماس بل بـالصهيونية (شاهد)
  • تشكيل فريق لمتابعة سير العمل بمستشفى حميات بنها خلال عطلة عيد الفطر
  • تعرف على القنابل الخمسة التي تستخدمها إسرائيل في إبادة غزة
  • كيف علق البرغوثي على التظاهرات في غزة ؟
  • لماذا قصفت إسرائيل ضاحية بيروت الجنوبية؟ محللون يجيبون
  • دبلوماسي سابق: إسرائيل تلجأ لـ"التهجير الطوعي" وسط رفض مصري ودولي