بدء أعمال المؤتمر العلمي الثاني “فلسطين قضية الأمة المركزية” بصنعاء
تاريخ النشر: 1st, April 2024 GMT
صنعاء – سبأ :
بدأت بالعاصمة صنعاء اليوم أعمال المؤتمر العلمي الثاني “فلسطين قضية الأمة المركزية” تحت شعار “لستم وحدكم” مشاركة محلية وعربية وإسلامية ودولية”.
يناقش المؤتمر خلال الفترة “22 – 25 رمضان، 80 بحثاً ومشاركة علمية توزعت على ستة محاور شملت “الرؤية القرآنية للقضية الفلسطينية، وجهاد أهل اليمن في فلسطين عبر التاريخ، وأطماع العدو الصهيوني في اليمن، وطبيعة الصراع مع العدو الصهيوني، وأهمية شعار الصرخة والمقاطعة الاقتصادية، ودور اليمن السياسي والعسكري والشعبي في نصرة القضية الفلسطينية خاصة بعد السابع من أكتوبر 2023م.
ويهدف المؤتمر إلى توضيح الرؤية القرآنية تجاه القضية الفلسطينية، وبيان مظلومية الشعب الفلسطيني وأساليب ووسائل العدو الصهيوني في المظلومية وتعميقها وكشف طبيعة الدور البريطاني والأمريكي في زرع كيان العدو الصهيوني.
وفي افتتاح المؤتمر بارك عضو المجلس السياسي الأعلى محمد علي الحوثي، انعقاد المؤتمر الثاني “فلسطين قضية الأمة المركزية”، لمناصرة الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة.
وقال” فلسطين تمثل حال الأحرار ومناصرتها تدل على قوة وعزيمة من يتحرك من أجل نصرتها في مواجهة الطغيان العالمي، والقوى الدولية المستعمرة”.
واعتبر الوقوف إلى جانب فلسطين، موقفاً إنسانياً وقيمياً ومن أجل العدالة والحرية والانتصار للمظلومين في فلسطين .. مقدماَ الشكر لكل من ساهم وأعد لانعقاد المؤتمر الثاني لفلسطين واللجنتين الإشرافية والتحضيرية وكافة لجان المؤتمر والذي يعكس ارتباط الشعب اليمني بالقضية الفلسطينية والإسهام بكل الوسائل في مناصرتها.
وأضاف “نحن اليوم في هذا المؤتمر نقول قولنا ومبدأنا وقيّمنا وموقفنا كما تقوم به القوات المسلحة اليمنية والقوات الصاروخية والمسيرات وغيرها من السلاح النوعي للجمهورية اليمنية”، لافتاً إلى أن المشاركة في المؤتمر يأتي من أجل فلسطين وقضيته ومظلوميته.
وجددّ الشكر لكل من ساهم وشارك في المؤتمر من خارج اليمن، والذي يؤكد الترابط على مناصرة مظلومية فلسطين وأحقية الشعب والقضية الفلسطينية .. وقال “تجتمع أصوات العالم اليوم لمواجهة الهيمنة الأمريكية الصهيونية”.
واعتبر محمد علي الحوثي، اجتماع الأصوات الحرة من كافة دول العالم في المؤتمر، إنجازاً عظيماً في حد ذاته لمناصرة فلسطين والوقوف في وجه الطغاة والمستكبرين وأنها لن تقبل بتمرير المشاريع الاستبدادية الصهيونية.
وأضاف “اجتماعنا اليوم إنجازاً عظيماً لأمة خنعت وأنظمة خضعت واستحوذت على مقدرات الشعوب، من أجل الحفاظ على الكراسي، وما نشاهده في الأردن أو مصر وغيرها من السعودية والإمارات وغيرها من دول الخليج بالرغم مما يمتلكونه من مقدرات، إنما هو دليل على بيع القضية الفلسطينية وارتهان مفضوح للأمريكي والإسرائيلي”.
وتابع عضو السياسي الأعلى الحوثي “إننا في الجمهورية اليمنية قيادة وحكومة وشعباً نجدّد التأكيد على مركزية القضية الفلسطينية ودعمنا الدائم بكل الوسائل للشعب الفلسطيني البطل، بمختلف قواه وفصائله لتحرير الأرض والمقدسات وطرد المحتل الصهيوني وإقامة الدولة الفلسطينية على كامل التراب الفلسطيني”.
وأكد أن الشعب اليمني لن يقبل بدولتين فلسطينية وصهيونية على الأرض الفلسطينية إطلاقاً، لافتاً إلى رفض اليمن للخطوات المشبوهة الداعية للتطبيع مع الكيان الصهيوني لتصفية القضية الفلسطينية.
وجدّد محمد علي الحوثي إدانة اليمن، لخنوع الأنظمة العربية والإسلامية إزاء ما يُمارسه الكيان الصهيوني من جرائم وحرب إبادة جماعية بحق الشعب الفلسطيني في غزة والأراضي المحتلة، والتأكيد على حق العودة لأبناء فلسطين.
ودعا إلى إقامة المؤتمرات وتنظيم مسيرات مستمرة معبرة عن الرفض لمشاريع احتلال العدو الصهيوني الذي يمثل الذل والعار والطغيان، مطالباً الشعوب العربية والإسلامية بالتحرك المستمر والخروج في مسيرات ومظاهرات للضغط على الأنظمة العميلة للاضطلاع بواجبها في نصرة غزة وفلسطين المحتلة.
من جانبه ألقى رئيس حكومة تصريف الأعمال – رئيس اللجنة الإشرافية للمؤتمر الدكتور عبدالعزيز صالح بن حبتور، كلمة رحب في مستهلها باسم اللجنة بالحاضرين والضيوف وأعضاء المؤتمر والمشاركين فيه من اليمن وخارجها والأكاديمين والمهتمين والسياسيين وبكل من ساهم في الإعداد والتحضير للمؤتمر الثاني لفلسطين الكبير في مضمونه وأهدافه.
واعتبر هذا اليوم من الأيام المباركة في مسار نصرة القضية الفلسطينية والمميزة لدى كافة السياسيين والأكاديميين الذين يلتقون ليناقشوا قضية فلسطين باعتبارها القضية المركزية للأمة العربية والإسلامية جمعاء.
وأوضح الدكتور بن حبتور أن انعقاد المؤتمر يأتي في إطار خطوات ترسيخ الحق ومناصرته لكي تستنهض الأمة العربية والإسلامية التي يقارب عددها أكثر من اثنين مليار شخص، وتستفيق من حالة السبات والصمت والخذلان.
وأشار إلى أن العالم يتابع اليوم بأكمله ما يدور في أرض فلسطين وما تسطره المقاومة الإسلامية والوطنية الفلسطينية في كل من غزة والضفة الغربية والتضحيات الجسيمة التي يقدّمها أبناء الشعب الفلسطيني من النساء والأطفال والشيوخ الذين يقفون بقلب واحد إلى جانب المقاومة التي تسطر أروع الملاحم البطولية دفاعاً عن الأرض والعرض.
ومضى قائلاً “شعبنا الفسطيني يقدّم اليوم تضحيات جسيمة من أجل تحرير وطنهم فحتى اليوم هناك أكثر من 32 ألف شهيد وشهيدة جلّهم أطفال ونساء وشيوخ، إضافة إلى جرح 73 ألف فلسطيني، وهذه التضحيات تدل على عظمة وقوة هذا الشعب العربي الذين يجاهد منذ مائة عام ونيف ضد الصهاينة”.
وأكد رئيس حكومة تصريف الأعمال، دعم القيادة الثورية والمجلس السياسي الأعلى لانعقاد المؤتمر ويقدرون كثيراً كل من عمل بصمت طيلة هذه المدة من الأكاديميين والإداريين من اجل القضية المركزية للأمة “فلسطين”.
وأفاد بأن القادة الأحرار في صنعاء وفلسطين ولبنان وسوريا والعراق وإيران، اختاروا الموقف المقاوم في مواجهة المشاريع الصهيونية بهدف إفشالها، بينما تسجّل الأنظمة العربية المتراخية والمطبّعة أسوأ لحظات الخزي والعار في تاريخها وهي تشاهد أشلاء الشهداء من أبناء غزة تتناثر في كل مكان.
وذكر الدكتور بن حبتور أن النظام الرسمي العربي محكوم عليه بالفشل فيما المقاومة البطلة اختارت الكفاح والنضال والصبر والاستشهاد باعتباره المسار السليم الذي يحقق للشعب الفلسطيني حريته واستقلاله.
وقال “هناك مقاومة حرة شجاعة فيها المفكرين والسياسين والقادة العسكريين وعلماء دين، الذين يقفون جميعاً إلى جانب الأشقاء في فلسطين، ومنها اليمن التي أبت أن تتركها لوحدها حيث تحرك جيشها البطل بهذه القوة والصلابة ليساند أشقائه الفلسطينيين”.
وأضاف “تحرك جيشنا يعد الأول من نوعه في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي الذي لم تقتصر مواجهته على العدو الصهيوني بل ويواجه اليوم في البحر الداعمين الرئيسيين للكيان أمريكا وبريطانيا وينكل بسفنهم وبوارجهم على هذا النحو الذي يشاهده العالم”.
وشدد رئيس حكومة تصريف الأعمال على أن ذلك هو التاريخ الحقيقي الذي يُسجّل اليوم ببطولات وبدماء وأرواح الشهداء اليمنيين وبنضالاتهم بتوجيهات من قائد الثورة، مشيداً بالبطولات العظيمة التي يسطرها الشعب الفلسطيني ومحور المقاومة والدماء الزكية التي سالت وهي تقاتل من أجل فلسطين.
واختتم الدكتور بن حبتور كلمته بالشكر لكل من يشارك في المؤتمر العلمي وبالإسهامات العلمية والبحثية التي قدّمت إليه التي سيتم مناقشتها خلال أيام المؤتمر.
وفي افتتاح المؤتمر الذي حضره رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي أحمد المتوكل ومدير مكتب قائد الثورة سفر الصوفي ومدير مكتب رئاسة الجمهورية أحمد حامد ونائب رئيس حكومة تصريف الأعمال لشؤون الأمن والدفاع الفريق الركن جلال الرويشان ونائب رئيس مجلس الشورى ضيف الله رسام ومستشار رئيس المجلس السياسي الأعلى – رئيس الحملة العلامة محمد مفتاح، أوضح مفتي الديار اليمنية العلامة شمس الدين شرف الدين، أن الشعب اليمني، حظي بنعمة القيادة الثورية الحكيمة ممثلة بالسيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، الذي وقف الموقف المشرف إلى جانب مظلومية الشعب الفلسطيني، وقضيته العادلة.
ودعا باسم رابطة علماء اليمن، علماء الأمة إلى تحمل المسؤولية والاضطلاع بدورهم وتبيان ما أنزل إليهم بوجوب نصرة الأشقاء في غزة والأراضي المحتلة المقهورين والمحرومين والمحاصرين خاصة في الأزهر الشريف والزيتونة والتجمعات العلمائية في كل مكان.
وقال العلامة شرف الدين “إذا سكت العلماء عن هذا الواجب المقدس، فإن ذلك يُعّد خيانة لله ولرسوله صلى الله عليه وآله وسلم وللمؤمنين”.
وأكد أن كثيراً من الأنظمة تعمل على ما يثبط الشعوب ويلهيها عن قضايا الأمة عامة وفي مقدمتها القضية المركزية “قضية فلسطين” من خلال إقامة حفلات ترفيهية ومسابقات تسلية وألعاب وهم يشاهدون المجازر التي تُرتكب بحق الأشقاء في غزة ولا يُحركون ساكناً”.
وشدد مفتي الديار اليمنية على أن واجب العلماء يحتم عليهم مستقبلاً وجوب التحرك لمناصرة فلسطين وقطاع غزة، مضيفاً “إن السكوت عما يجري في غزة خيانة وقد توعّد الله الساكتين والصامتين في هذا الظرف بالعذاب الأليم”.
وتابع “انطلاقنا اليوم للوقوف بجانب إخواننا في فلسطين يأتي من واجبنا الإنساني والديني والأخلاقي الذي أشار إليه قوله تعالى “وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق والله بما تعملون بصير”.
وبين العلامة شرف الدين أن الأمة تركت الجهاد المنزّل على النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم وكرهت أن تجاهد بالأموال والأنفس في سبيل الله .. مشيراً إلى أن أمريكا تغطي جرائم كيان العدو الصهيوني بمواصلة دعمها وحثها على قتل المزيد من أبناء غزة وفلسطين دون أن يحرك العالم العربي والإسلامي ساكناً خوفاً من قوى الهيمنة والاستكبار.
ولفت إلى “أن العدوان والحصار على اليمن على مدى تسع سنوات، لم يمنعه من الوقوف مع الشعب الفلسطيني الذي يواجه العدو الصهيوني، انطلاقاً من الواجب المقدس الذي لن يسلم السؤال عنه أحد من المسلمين فيما يتعلق بما قدّمه المسلم لمؤازة ومناصرة أخيه المسلم”.
بدوره أكد ممثل حركة المقاومة الإسلامية حماس بصنعاء معاذ أبو شمالة، أن فلسطين ستظل قضية الأمة المركزية وضميرها الحي، استولى عليها مشروع صهيوني تأسس على وعد باطل وطردوا أهلها منها وحظي باعتراف دولي بواقع قوة النار.
وأشار إلى أن فلسطين ستبقى بالمقاومة متواصلة حتى إنجاز التحرير وتحقيق عودة اللاجئين وبناء الدولة المستقلة وعاصمتها القدس الشريف .
وذكر أن انعقاد مؤتمر فلسطين قضية الأمة المركزية الثاني في العاصمة صنعاء يتزامن مع الذكرى الـ 48 ليوم الأرض ومع معركة “طوفان الأقصى” البطولية التي يخوضها الشعب الفلسطيني الصابر المرابط والمقاومة في قطاع غزة على مدار ستة أشهر بكل إيمان وتضحية وصمود دفاعاً عن أرضهم وحقهم ومقدساتهم.
وثمن أبو شمالة موقف الشعب اليمني قيادة وحكومة وشعباً في دعم ومساندة الشعب الفلسطيني بالفعل والوجدان ومشاركته فيه من خلال معركة “الفتح الموعود والجهاد المقدس” لمواجهة الكيان الصهيوني .. مؤكداً أن اليمن بفعله وموقفه المشرف أصبح اليوم شريك المقاومة في فلسطين ويرتجى منه أكثر من غيره.
وقال “اليمن وأهله هم أهل الإيمان والمدد وهم أولوا قوة وأولوا بأسٍ شديدٍ وهي من صفات الفاتحين الأقصى والقدس بإذن الله من جديد”.
وأضاف “رغم ستة أشهر على معركة “طوفان الأقصى” وما يزال الدعم الأمريكي اللا محدود مستمراً للعدو الصهيوني عسكرياً ومادياً وسياسياً إلا أن المقاومة الفلسطينية بخير بالرغم من شراسة المعركة وما تزال المقاومة تتصدى للعدوان الصهيوني بكل ما استطاعت من قوة باعتبارها معركة تاريخية وثقتنا بالله كبيرة في النصر المؤزر”.
وتطرق ممثل حركة حماس بصنعاء إلى الآلام القاسية التي يتجرعها الشعب الفلسطيني بغزة والضفة في ظل جرائم العدو مع التواطؤ الدولي والتخاذل العربي .. مؤكداً أن معركة “طوفان الأقصى” ليست كبقية المعارك بل هي معركة فاصلة في تاريخ الصراع مع العدو الصهيوني.
وعدّ معركة الجوع التي يستخدمها العدو الصهيوني بلؤم، سيما في شمال قطاع غزة، صورة من حرب العدو للشعب الفلسطيني الصامد والمرابط .. لافتاً إلى المفاوضات التي يسعى العدو الصهيوني الأمريكي البريطاني من أجلها في محاولة منهم لأخذه من المقاومة بالمفاوضات في ظل عدم استطاعتهم أخذه بالقوة في الميدان.
وجدد التأكيد على أن المقاومة ماضية في مطالبها العادلة المتمثلة بوقف العدوان وانسحاب العدو من غزة وإدخال المساعدات وإغاثة الفلسطينيين وعودة المهجرين إلى ديارهم وبلادهم.
واستهجن أبو شمالة، التخاذل العربي إزاء ما يرتكبه العدوان الأمريكي الصهيوني على غزة والحصار والتجويع الممنهج الذي يمارسه كيان العدو بحق الفلسطينيين في غزة .. مشيراً إلى المواقف الداعمة للمقاومة الفلسطينية على مستوى العالم، سيما موقف جنوب إفريقيا وموقف اليمن ومساهمته المتميزة في معركة “طوفان الأقصى”.
واختتم كلمته بالقول “سيبقى موقف أهل اليمن محفورا في الذاكرة الفلسطينية وفي قلب وعقل كل عربي مسلم، وسيظل موقف الجمهورية اليمنية مشعلاً يضيء كل أحرار العالم من تحدي الظلم والجبروت الأمريكي”.
المصدر: الوحدة نيوز
كلمات دلالية: الامم المتحدة الجزائر الحديدة الدكتور عبدالعزيز المقالح السودان الصين العالم العربي العدوان العدوان على اليمن المجلس السياسي الأعلى المجلس السياسي الاعلى الوحدة نيوز الولايات المتحدة الامريكية اليمن امريكا ايران تونس روسيا سوريا شهداء تعز صنعاء عاصم السادة عبدالعزيز بن حبتور عبدالله صبري فلسطين لبنان ليفربول مجلس الشورى مجلس الوزراء مصر نائب رئيس المجلس السياسي نبيل الصوفي فلسطین قضیة الأمة المرکزیة رئیس حکومة تصریف الأعمال العربیة والإسلامیة القضیة الفلسطینیة الشعب الفلسطینی السیاسی الأعلى العدو الصهیونی طوفان الأقصى الشعب الیمنی فی المؤتمر فی فلسطین إلى جانب بن حبتور إلى أن الذی ی فی غزة
إقرأ أيضاً:
هل أصبحت “سلطة رام الله” عبئاً على القضية الفلسطينية؟
ارتبطت “السلطة الفلسطينية” التي تتخذ من مدينة رام الله مقراً لها، بـ “اتفاقية أوسلو” التي وقّع عليها في البيت الأبيض عام 1993 كل من إسحاق رابين، بصفته رئيساً للحكومة الإسرائيلية، وياسر عرفات، بصفته رئيساً لمنظمة التحرير الفلسطينية.
لم تكن هذه الاتفاقية “معاهدة سلام” بالمعنى المتعارف عليه في القانون الدولي، وإنما مجرد “إعلان مبادئ” يوضح الأسس التي ينبغي الاستناد إليها عند تحديد مصير ومستقبل الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، والتي تم التوافق على التزام “إسرائيل” بالانسحاب منها تدريجياً، وذلك وفقاً لجدول زمني محدد. وتأسيساً على هذا “الإعلان” أمكن التوصل إلى اتفاق تم التوقيع عليه في 4 مايو 1994، عُرف باسم “اتفاق غزة-أريحا”، ثم حلّ محله اتفاق آخر تم التوقيع عليه في 24 و28 سبتمبر عام 1995، عُرف باسم “اتفاق أوسلو 2”.
كان يُفترض، وفقاً لما تم التوافق عليه في هذه الاتفاقيات، وضع الأراضي الفلسطينية التي تنسحب منها “إسرائيل” تحت سلطة تتولّى إدارتها خلال فترة انتقالية مدتها خمس سنوات، تسمّى سلطة “الحكم الذاتي”، ثم تجري مفاوضات لاحقة تستهدف تحديد الوضع النهائي لمجمل الأراضي الفلسطينية المحتلة “تبدأ في أسرع وقت ممكن وكحد أقصى في بداية السنة الثالثة من الفترة الانتقالية”.
غير أن هذه الاتفاقيات، والتي شكلت انعطافة كبرى في مسيرة الصراع الفلسطيني الصهيوني الممتد، وُوجهت بعاصفة من التحديات على الجانبين، وخضعت لتفسيرات وتوقعات متباينة إلى حد التناقض. فبينما تعامل معها عرفات باعتبارها خطوة مهمة تمهّد لقيام دولة فلسطينية مستقلة، عاصمتها القدس الشرقية على الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 كافة، تعامل معها رابين باعتبارها إحدى أدوات إدارة الصراع التي تساعد على حل معضلة الأمن الإسرائيلي، عبر منح الفلسطينيين حكماً ذاتياً لا يرقى إلى دولة مستقلة، وتمكين “إسرائيل” في الوقت نفسه من تفكيك “قنبلة ديمغرافية” قد تنفجر في وجهها، في حال إذا ما قررت ضم الضفة والقطاع، وبالتالي تجنيبها المخاطر المترتبة على احتمال فقدانها هويتها اليهودية خلال سنوات معدودة .
لم يكن من المستغرب، في سياق كهذا، أن تساعد ردود الأفعال الغاضبة والمتعاكسة على الصعيدين الفلسطيني والإسرائيلي في تهيئة أجواء تفضي إلى اغتيال رابين في 4 نوفمبر 1995، ثم إلى التخلص من عرفات في 11 نوفمبر 2004. بل يمكن القول إن التطرف الصهيوني كان هو المسؤول عما جرى في الحالتين. فمن الثابت الآن أن اليمين الديني المتطرف في “إسرائيل” هيّأ أجواء مواتية لاغتيال رابين، المتهم بالتفريط في حقوق يهودية، رغم شيوع نظريات تدّعي ضلوع أجهزة “الدولة اليهودية العميقة” في ارتكاب هذه الجريمة، وتحيط شكوك كثيرة بالملابسات التي أفضت إلى رحيل عرفات، المتهم فلسطينياً بالتفريط في الحقوق الوطنية وإسرائيلياً بتشجيع الإرهاب والعنف، حيث تشير قرائن متعددة إلى أنه قُتل مسموماً على أيدي عناصر ينتمون إلى الموساد، وذلك بالتواطؤ مع شخصيات فلسطينية تنتمي إلى الدائرة المقربة من عرفات نفسه.
تجدر الإشارة هنا إلى أن عرفات ظل متمسكاً بالأمل في أن تفضي “اتفاقيات أوسلو” إلى قيام دولة فلسطينية مستقلة، حتى بعد سنوات من رحيل رابين، ولم يبدأ هذا الأمل بالتراجع والانحسار إلا عقب فشل مفاوضات كان الرئيس الأميركي بيل كلينتون قد دعا إلى عقدها في كامب ديفيد عام 2000، وشارك فيها إيهود باراك، رئيس وزراء “إسرائيل” في ذلك الوقت، وبعد أن تأكد له آنذاك أن “إسرائيل” لن تقبل مطلقاً التخلي عن القدس الشرقية.
ولأن عرفات لم يكن مستعداً للقبول بدولة فلسطينية تفرض سيادتها التامة على القدس القديمة، فقد كان من الطبيعي أن يمهد موقفه إبان هذه المفاوضات لاندلاع انتفاضة فلسطينية ثانية عام 2000، هي الأولى بعد إبرام اتفاقيات أوسلو، وهو ما يفسر إقدام شارون على محاصرته داخل المقاطعة، والتفكير في البحث عن بديل، وهذا هو السياق الذي راحت فيه الضغوط تمارَس بكثافة على عرفات لحمله على تعيين محمود عباس رئيساً للوزراء، وهو ما تم بالفعل في 19 مارس عام 2003. صحيح أن عباس لم يتمكن من الصمود في منصبه الجديد سوى أشهر قليلة، اضطر بعدها إلى تقديم استقالة عكست سطورها عمق الخلافات القائمة بين الرجلين، غير أنه سرعان ما تبيّن أن لكل من الرجلين رؤية مختلفة حول كيفية إدارة الصراع مع “إسرائيل” في المرحلة المقبلة.
بعد رحيل عرفات، أصبح عباس رئيساً لمنظمة التحرير الفلسطينية التي رشحته بدورها لخوض انتخابات الرئاسة التي جرت في 9 يناير 2005، والتي فاز فيها بسهولة، ثم راح يجمع بين يديه تدريجياً المناصب والسلطات كافة التي تولّاها عرفات، حيث أصبح رئيساً لحركة فتح ورئيساً لمنظمة التحرير الفلسطينية ورئيساً للسلطة التنفيذية التي تتولى إدارة المناطق الفلسطينية المحررة في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة، وهي المناصب التي ظل ينفرد بها طوال السنوات العشرين التي انقضت منذ رحيل عرفات وحتى الآن، رغم تطورات كثيرة طرأت على الحركة الوطنية الفلسطينية منذ ذلك الحين، خصوصاً بعد أن قرّر شارون الانسحاب من قطاع غزة تحت وقع ضربات المقاومة الفلسطينية المسلحة، و بدأ بإخلاء القطاع من المستوطنات اعتبارا من 15 أغسطس 2005، وبعد أن قررت حماس خوض الانتخابات التشريعية التي جرت في يناير 2006 وتمكنت من الفوز بأغلبية المقاعد فيها، في إشارة لا تخطئها العين على أن الشعب الفلسطيني في كل من الضفة والقطاع بدأ يشكك في حقيقة النيات الإسرائيلية ويفقد الأمل في إمكانية تحقيق أهداف الاستقلال والتحرر الوطني بالوسائل السلمية.
كان من الطبيعي، في سياق كهذا، أن تطفو على سطح الحياة السياسية في فلسطين رؤيتان متناقضتان، حول الطريقة المُثلى أو الأكثر فعالية في التعامل مع القضايا الناجمة عن الاحتلال الإسرائيلي، بعد أن أصبحت هناك سلطة تنفيذية منتخبة، ترى أن الوسائل السلمية هي وحدها الكفيلة بتحقيق أهداف النضال الفلسطيني، وسلطة تشريعية منتخبة ترى أن الكفاح المسلح هو السبيل الوحيد لتحقيق هذه الأهداف. ولأن السلطة التنفيذية سعت إلى تهميش السلطة التشريعية وفرض هيمنتها عليها، فقد كان من الطبيعي أن يتحول الخلاف بين السلطتين حتمياً إلى صدام، وهو ما حدث بالفعل.
لا يهدف هذا المقال إلى تقييم ما جرى على الساحة الفلسطينية منذ رحيل عرفات، أو وضع معايير يمكن الاستناد إليها لترجيح كفة رؤية أيديولوجية أو سياسات بعينها يتبناها هذا الفصيل أو ذاك، فحماية القضية الفلسطينية من عبث العابثين يجب أن تكون هي البوصلة المحددة للوجهة التي ينبغي أن تتجه نحوها جميع القوى السياسية في عالمنا العربي كله، لا على الساحة الفلسطينية وحدها.
غير أن الأمانة العلمية تتطلب منا أن ندلي في هذا التوقيت بمجموعة من الملاحظات المتعلقة بأسلوب عباس في إدارة الشأن الفلسطيني، والذي لم يختلف كثيراً عما اتّسم به أسلوب عرفات من مركزية شديدة وميل غريزي إلى جمع كل الخيوط والإمساك بها على نحو منفرد، رغم الفارق الكبير بين الوزن التاريخي لكل من القيادتين الفلسطينيتين.
وكان الأجدى أن يُولي الرئيس عباس جهداً كبيراً وحقيقياً لإعادة بناء المؤسسات الفلسطينية المختلفة عقب رحيل عرفات، خاصة منظمة التحرير الفلسطينية التي ينبغي أن تكون هي الإطار الجامع والممثل الحقيقي للشعب الفلسطيني المشتت بين الضفة والقطاع والأراضي المحتلة قبل 48 والمخيمات والتجمعات المنتشرة في مختلف دول العالم. على صعيد آخر، يعتقد كاتب هذه السطور أن الرئيس عباس لم يكن موفقاً على الإطلاق حين ظلّ يصر لفترة طويلة على استخدام تعبير “الصواريخ العبثية” الساخر، وهو تعبير عكس استهانة غير مبرّرة بقدرات وإمكانات فصائل المقاومة الفلسطينية المسلحة.
فقد أثبت “طوفان الأقصى”، وبصرف النظر عن تباين التقديرات المتعلقة بمدى مواءمته من الناحية السياسية، أن هذه الفصائل تقوم بعمل جاد لكسر غطرسة العدو الإسرائيلي وأنها تمكنت من إنجاز ما لم تتمكن جيوش دول عربية كثيرة من إنجازه، وأنها قدمت في سبيل ذلك تضحيات كبرى ينبغي عدم الاستهانة بها أو التقليل من شأنها.
لا شك أن هناك أخطاء سياسية عديدة ارتكبت، خصوصاً خلال فترة “الربيع العربي”، لكن هذا ليس وقت تصفية الحسابات، لا مع حماس ولا مع غيرها من الفصائل الفلسطينية، فالشعب الفلسطيني كله، بجميع قواعده وفصائله وتجمعاته، يواجه في الوقت الراهن معركة وجودية بالمعنى الحرفي للكلمة، وبالتالي هو مهدد بالتصفية والاستئصال والاقتلاع من الجذور، ما يفرض على جميع القيادات تجنب المعارك الصغيرة، ورصّ الصفوف في مواجهة عدو كشف “طوفان الأقصى” عن معدنه الحقيقي المجرد من كل معاني الإنسانية.
ولأن رئيس “منظمة التحرير الفلسطينية” ينبغي أن يكون هو الممثل الحقيقي لشعب كشف صموده الأسطوري في مواجهة حرب الإبادة الجماعية التي تُشنّ عليه منذ أكثر من عام ونصف، أنه من أعظم شعوب العالم قاطبةً، فعليه أن يشرع على الفور في اتخاذ ما يلزم من خطوات عملية لتحويل هذه المنظمة إلى حركة تحرر وطني تليق بمقامه الرفيع.
سوف يحتفل الرئيس عباس في نوفمبر المقبل بعيد ميلاده التسعين، ومع تمنياتنا له بطول العمر ودوام الصحة، نأمل أن يسجّل التاريخ أنه القائد الذي نجح في تصحيح مسار الحركة الوطنية الفلسطينية، وليس القائد الذي تحوّل إلى عبء على القضية الفلسطينية.
أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة