منذ بدء «طوفان الأقصى» في 7 أكتوبر 2023، جسَّدت حرب الأشهر الستة، صمودًا أسطوريًّا للشعب الفلسطيني في غزّة «المُطَوَّقة برًّا وبحرًا وجوًّا»، حيث تتعرض لحرب تجويع وإبادة، لم يشهدها العالم منذ الحرب العالمية الثانية.
حصار خانق وترويع وتهجير وقتل وتدمير، بحقِّ شعبٍ أعزل، ومذابح جماعية وصل عدد ضحاياها 33 ألف إنسان، وأكثر من 77 ألف جريح.
لعل أكثر ما يلفت الانتباه في «العدوان الصهيوني الوحشي»، هو أن الأطفال دائمًا يصنعون البطولات، كأيقونة للمقاومة، وعنوان للانتصار، لأنهم روح النضال المتأجج، الذي لا يخفت بريقه تحت وطأة احتلال غاشم.
عندما نشاهد أطفال غزة تحت «القصف الوحشي»، لـ«جيش الاحتلال الصهيوني»، وبسالتهم في الذَّود عن أرضهم، والدفاع عن شرف وجودهم، لا نجد مفرًا من الانحناء إعجابًا وفخرًا واعتزازًا بهم، والدعاء لهم، وذلك أضعف الإيمان.
أطفال غزة الذين يحلمون بوطنهم مُحَرَّرًا، يمتلكون شجاعة تتجاوز «كبارًا» متخاذلين، خانعين، مرتعبين، لأنهم لا يعرفون لغة المصالح، أو لعبة التوازنات الإقليمية والدولية، كما لا ينتابهم أيّ خوف من قوة باطشة.
خلال ستة أشهر من العدوان الوحشي، يتصدر أطفال فلسطين مقدمة الصفوف، لإعادة رسم خارطة «النخوة العربية» بدمائهم الزكية، خصوصًا أنهم لم يعرفوا يومًا معنى الجُبن أو الاستسلام، ولم يعتنقوا غير الحرية دينًا، في زمن كثر فيه العبيد.
إن وراء كل طفل فلسطينيٍّ حكاية تُروى بالدماء الطاهرة.. زهور في عمر التفتح، «محاصرون» تحت وطأة التجويع، تغتالهم آلة القتل الممنهج، في استهداف واضح لهدم الروح المعنوية وبث الرعب في قلوبهم، والقضاء على شعاع نور قد يُولد من جديد.
تحضرني قصة مؤثرة، كتبها غسان كنفاني، إهداءً لابنة شقيقته، عام 1963، في مقدمة كتاب «القنديل الصغير»، تروي ما حدث لابنة الملك التي تتسلم وصية أبيها، بأن تحاول إدخال الشمس إلى القصر، لتتمكن من نَيْل لقب الأميرة، وإن لم تستطع سيكون مصيرها قضاء حياتها داخل صندوق مغلق، وعندما فشلت محاولاتها، وصلتها رسالة تدعوها للاستمرار بالمحاولة، ثم يأتي عجوز لمساعدتها، غير أن رجال القصر يمنعونه من الدخول، فيصيح بأعلى صوته حتى تسمعه: «قولوا لها إذا لم يكن بوسع مُسِنٍّ دخول قصرها، فكيف تطمح أن تدخل الشمس إليه»؟
تنتهي القصة برجال يحملون «قناديل صغيرة» مضيئة، لكنهم لم يتمكنوا من دخول القصر لأن أبوابه صغيرة جدًا، لذلك طلبت الأميرة أن يهدموا الأسوار العالية ليتسنى لهم الدخول.. وحينها بدأت الشمس تُشرق، وتدخل أشعتها إلى القصر.
أخيرًا.. على مدار 180 يومًا، ترحلُ البراءةُ من عيون أطفال فلسطين، لتحلّ محلها مسؤولية الذود عن الأرض، كما يرحلُ اللهو الطفوليّ ليحلَّ محلّه العهدُ الصعبُ بتحرير الوطن.
فصل الخطاب:
يقول «محمد الماغوط»: «يموتُ مَن لا يستحق الموت، على يد مَن لا يستحق الحياة».
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: غزة تحت الحصار الغزو البري اجتياح رفح محمود زاهر حصيلة ضحايا العدوان المقاومة الفلسطينية استهداف الاطفال والنساء إبادة جماعية العدوان الإسرائيلى
إقرأ أيضاً:
تفاصيل صغيرة عالقة.. تبلور ملامح اتفاق بين إسرائيل ولبنان - عاجل
بغداد اليوم- متابعة
كشف مسؤولون إقليميون وأمريكيون، اليوم الجمعة، (22 تشرين الثاني 2024)، عن بدء تبلور ملامح اتفاق محتمل بين إسرائيل ولبنان.
ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن المسؤولين قولهم: "هناك ما يدعو إلى التفاؤل الحذر بخصوص تسوية في لبنان، وتفاصيل تنفيذها لا تزال بحاجة إلى اتفاق".
وأشاروا الى، ان "الاتفاق المحتمل يتضمن هدنة 60 يوما تنسحب خلالها إسرائيل من لبنان".
وبين المسؤولون، ان "الاتفاق المحتمل يتضمن هدنة 60 يوما ينسحب خلالها حزب الله لشمال نهر الليطاني" جنوب لبنان.
ولفت الى، ان "إسرائيل تبدو أكثر حرصا على إبرام اتفاق لوقف النار في لبنان مقارنة بغزة، وهي تعتقد أن أسهل طريقة لإعادة السكان شمالا هي اتفاق لوقف إطلاق النار".
فيما قالت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية،: "تقديرات في إسرائيل بالإعلان عن وقف لإطلاق النار مع لبنان خلال أيام إذا بقيت تفاصيل صغيرة عالقة".
وكان المبعوث الأمريكي إلى لبنان آموس هوكشتاين، أختتم مباحثاته في تل أبيب بشأن التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل، في الوقت الذي رفضت فيه الأخيرة أي دور لفرنسا في التسوية.
ونقلت هيئة البث الإسرائيلية عن مصادر مطلعة على محادثات المبعوث الأمريكي قولها إن هناك تقدما يمكن وصفه بالكبير، لكن لا تزال هناك حاجة إلى العمل من أجل التوصل إلى وقف إطلاق النار.
وقالت المصادر إن هوكشتاين ضغط على المسؤولين الإسرائيليين واللبنانيين، وقال إنه حان الوقت لاتخاذ قرار والتوصل إلى اتفاق.
وكان هوكشتاين وصل إلى إسرائيل بعد جولة مباحثات أجراها في لبنان، التقى خلالها رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، وقال بعدها إن الأجواء إيجابية وإن هناك تقدما.
وكان الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم قال إن الحزب قدم ملاحظاته على المقترح الأمريكي لوقف إطلاق النار، وأشار -في كلمة الأربعاء- إلى أن الحزب سيبقى في الميدان سواء نجحت المفاوضات أم لم تنجح.