كل شيء يقول أن الجيش في السودان بوضع متقدم ومريح والمليشيا في تراجع
تاريخ النشر: 1st, April 2024 GMT
ما يقوم به الجنجويد من فظائع في الجزيرة محير. لا أستطيع تخمين أي شيء حول هذه الفظائع المستمرة. ولكن المؤكد أنها نجحت في إثارة جزء كبير من الرأي العام ضد الجيش. فهل هذا هو المقصود؟
بعد الإنتصارات الساحقة للجيش في أم درمان ارتفعت معنويات السودانيين وكذلك معنويات الجيش وأصبحت هزيمة المليشيا في الحرب في حكم المؤكد.
فشلت المليشيا في كل محاولاتها للتعويض عن الخسارة الكارثية في أم درمان؛ فشلت في سلاح الإشارة وتوقفت الهجمات وكذلك فشلت في بابنوسة وتوقفت الهجمات على الفرقة ٢٢. بينما استمر حصار قواتها في الجيلي بشكل خانق مع الاستنزاف المستمر وفشل أي محاولات لكسر الحصار؛ نتابع يوميا أخبار خسائر المليشيا في الجنود والعتاد في هذا المحور.
كل شيء يقول الجيش في وضع متقدم ومريح والمليشيا في تراجع وانحسار.
ولكن يبدو أن المليشيا تركت أم درمان وتركت قواتها المحاصرة في الجيلي وتركت سلاح الإشارة وبابنوسة لتعيث فسادا في قرى الجزيرة، ولينقلب بعدها وبسبب ذلك الرأي العام ضد الجيش! ويبدو الأمر كما لو أن المليشيا تحقق تقدما على الأرض أو أنها قوية والجيش ضعيف. والحقيقية أن المليشيا فعلا في أضعف حالاتها وفشلت في كل المعارك العسكرية الحقيقية مع الجيش، وما تقوم به في الجزيرة وفي غيرها هو استهداف لمدنيين عزل، وهي جرائم تتحمل مسئوليتها الكاملة المليشيا وليس الجيش.
عدم دخول الجيش إلى الجزيرة وحماية القرى لا يبرر هذه الجرائم والفظائع ولا يعطي الدعم السريع صك براءة كما لو أن عدم تدخل الجيش هو ضوء أخضر للقيام بهذه الجرائم. ما تقوم به المليشيا ضد الأبرياء هو جرائم يجب أن تتحملها المليشيا وحدها وتدفع ثمنها. هذه جرائم تتم خارج ساحة المعركة وبعيدا عنها، جرائم موجهه ضد مواطنين أبرياء مع سبق الإصرار. والغضب الشعبي يجب أن يتوجه إلى الجنجويد وليس الجيش.
حليم عباس
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: الملیشیا فی
إقرأ أيضاً:
الدراما في اليمن .. إنتاج متقدم ودور محوري في معالجة قضايا المجتمع وطريق إجباري في صدارة أبرز الأعمال
شهدت السنوات الأخيرة من الحرب اليمنية وتوسع قضايا المجتمع اليمني تنوعًا ملحوظًا في الأعمال الدرامية والإذاعية، التي نالت اهتمامًا كبيرًا وحققت حضورًا لافتًا لدى المشاهد اليمني في مختلف المدن والأرياف.
وتنوعت تلك الأعمال بين الترحيب الواسع والتفاعل الإيجابي، وبين الانتقادات التي طالت بعضها، وغالبًا ما كان ذلك عبر منصات التواصل الاجتماعي مثل "فيس بوك"، التي أصبحت أحد الوسائل الافتراضية الفاعلة في الكتابة والتعبير.
ومن خلال القنوات الفضائية، قدمت كل من قناة "بلقيس"، "السعيدة"، "يمن شباب"، إضافة إلى قناة "المهرية" وقناة "الجمهورية"، مؤخراً العديد من الأعمال الدرامية التي تناولت قضايا وهموم المجتمع اليمني، وغالبًا ما تمحورت هذه الأعمال حول قضايا الزواج، والغربة، والحرب، وغيرها من التفاصيل الحياتية التي يواجهها اليمنيون في حياتهم اليومية.
ومع ذلك، لا يمكن إغفال بعض المسلسلات التي سعت إلى تضمين قضايا أخرى بجانب المسائل الاجتماعية، حيث تناولت قضايا أكبر تتعلق بالإنسان والأرض، وكذلك بالوطن والدولة والجمهورية.
ومن بين هذه الأعمال البارزة مسلسل "العالية"، من تأليف الكاتبة والروائية بدور ناجي، الذي تم بثه عبر قناة "يمن شباب" الفضائية، وهذا المسلسل يُعتبر من أهم الأعمال التي دمجت قضية الجمهورية اليمنية والصراع السياسي ضمن سياق درامي، ليعزز الوعي بالهوية اليمنية ويعكس فكرة الدولة المدنية.
طريق اجباري .. تناول جديد لقضايا المرأة في الدراما اليمنية"
الكاتبة يسرى عباس كاتبة مسلسل (طريق إجباري) تتحدث لـ الموقع بوست عن تطور الدراما اليمنية، وعن القضايا التي يناقشها مسلسل" طريق إجباري " الذي تتوقع له النجاح المتقدم.
تقول يسرى: "لقد لاحظتُ تطورًا دراميًا ملحوظًا بعد مسلسل "سد الغريب" في عام 2020، حيث بدأ العديد من المبدعين يعملون على تفاصيل القصة والشخصيات، بالإضافة إلى تحسين الصورة، والموسيقى، والإخراج. أنا سعيدة جدًا بهذا التغيير، لأن "سد الغريب" كان نموذجًا يحتذى به للأعمال اليمنية".
تضيف بالقول: "ومن الجوانب الإيجابية بعد عام 2020 في الدراما اليمنية هو الظهور بعدد من الأعمال في السنة، حيث أصبحت كل قناة تنتج عملاً دراميًا، وأصبحت البطولة جماعية تضم أكثر من ممثل، بعدما كان التمثيل محصورًا على شخصيات معينة فقط. أتمنى أن تستمر هذه الأعمال الدرامية طوال العام، وليس في رمضان فقط".
وتواصل توضيحها قائلة: "تعد القضايا الاجتماعية متعددة في الأعمال الدرامية، حيث تبرز العديد منها في كل عمل، ونحن نسعى لإيصالها بالصورة المناسبة، لكن حتى الآن، لم تعالج الدراما اليمنية أي قضية بشكل كامل؛ بل نحن نبرزها فقط للمجتمع الذي يعرف مشاكله ويشاهدها مصورة على الشاشة. هناك بعض القضايا التي لم نتمكن من التطرق إليها بعد."
وتضيف يسرى في حديثها لـ الموقع بوست عن بعض الاختلالات التي تصاحب الدراما اليمنية، وتقول " من خلال أعمالي السابقة، التقيت بالكثير من الناس وسَمعت منهم آراء إيجابية، وأكدوا لي أن القضايا التي طرحتها في أعمالي كانت مؤثرة ولَمست قلوبهم، وكأنهم يشاهدون حياتهم على التلفاز".
نحن بحاجة إلى الكثير من الجهد حتى نصل إلى المستوى العربي أولًا، ثم نفكر في الوصول إلى العالمية، خاصة في مجال المسلسلات. أعمالنا هي محلية العرض، وهي موجهة للمشاهد اليمني. لكننا نواجه العديد من العوائق، مثل اللهجة المحلية والشخصيات المتحفظة، ما يجعل أعمالنا لا تصل إلى ذائقة المشاهد العربي.
من المهم وجود تناغم بين الكاتب والمخرج لنقل الرسالة إلى الممثل أولًا، ثم إلى المشاهد. في مسلسل "طريق أجباري"، اهتممت بشكل خاص في اختيار المخرج، لأن أغلب المخرجين لدينا هم فقط منفذون للعمل، ولا يفهمون جوهر الدراما. لذلك، أصبحت أشجع العمل مع مخرجين محددين يهتمون بالعمل ذاته، وليس بالظهور في السباق الرمضاني، حيث أن نجاحهم غالبًا ما يكون معتمدًا على الممثلين فقط.
ومسلسل "طريق أجباري" يتناول العديد من القضايا الاجتماعية وهو مخصص للمرأة، ويعد هذا المسلسل تقريبًا أول عمل درامي يضم أكثر من 17 شخصية نسائية، بالإضافة إلى أنه يُظهر المرأة في مواجهة الرجل، وهو أمر غير معتاد في الدراما اليمنية التي غالبًا ما تعرض الرجل في مواجهة الرجل، في العمل هناك العديد من القضايا التي لم تكن جديدة بحد ذاتها، لكن تم طرحها بأسلوب مختلف وفي قالب جديد. من هذه القضايا: زواج القاصرات، تعليم الفتاة، والحب ومواجهة الظلم.
أتوقع أن يكون العمل مميزًا، فأنا لا أتنافس مع أحد؛ كتبت العمل بحب واجتهدت كثيرًا، ومن كانوا معي أثناء الكتابة والتنفيذ كانوا محبين ومخلصين وعملوا بجد، لهذا أعتبر هذا التميز، أما النجاح فلا يوجد له مقياس، ولكنني أتمنى أن ينال العمل إعجاب المشاهدين."
الدراما اليمنية بحاجة إلى كتّاب ومتخصصين
تتحدث الفنانة والممثلة عبير محمد عن رؤيتها للدراما اليمنية من موقعها كفنانة، وعن الأثر الذي أضافه التمثيل لها، قائلةً في حديثها مع "الموقع بوست": "أرى أن الدراما في اليمن في تطور مستمر، وبطبيعة الحال تعدد المشاركات يساعد الفنان في استخدام أدواته، لكن الأهم هو أن يصقل الفنان موهبته بالدراسة. لقد شاركت في العديد من الدورات التدريبية الخاصة بالتمثيل داخل وخارج اليمن، وبهذا تمكنت من معرفة نقاط قوتي كممثلة، وتعلمت كيفية استخدام أدواتي لإجادة أداء أي شخصية."
وتتذكر عبير في حديثها عن الأثر الذي تركه التمثيل عليها، قائلةً: "أذكر دوري في فيلم "المرهقون"، حيث كانت شخصية إسراء صعبة وأرهقتني نفسيًا."
وأما عن احتياجات الدراما اليمنية والارتباط التاريخي في الأعمال التلفزيونية، تقول عبير للموقع بوست: "الدراما اليمنية بحاجة إلى كتّاب مختصين ووقت كافٍ للتحضير والبروفات، فالموسم الدرامي اليمني يبدأ تصويره عادة قبل رمضان بشهر أو شهرين، وهو وقت غير كافٍ للإعداد الجيد. كذلك، يحتاج الفنان اليمني إلى الشعور بالتقدير المادي والمعنوي، فالأجور المنخفضة في الوسط الفني مرهقة جدًا ولا تعطي الفنان فرصة للإبداع، كما أن ضعف الإنتاج وقلة الشركات المنتجة قلص العديد من الفرص، حيث يوجد العديد من الممثلين المبدعين الذين لا يحالفهم الحظ في الأعمال الرمضانية، وهذا محبط للممثلين. إن الدراما في بلادنا موسمية فقط، وتقتصر على عدد قليل من القنوات والمنتجين."
وفيما يتعلق بالارتباط التاريخي للدراما اليمنية، تقول عبير: "الدراما التاريخية بحاجة إلى نصوص حرة غير منحازة، تروي حقائق التاريخ كما هي دون تزييف أو تضليل. كما أن هناك حاجة لإنتاج ضخم ينافس الأعمال التاريخية العربية. يجب أن تتوفر عقول محايدة حريصة على نقل الصورة الصحيحة، وعندئذٍ قد نرى مسلسلًا يمنيًا تاريخيًا ينافس المسلسلات التاريخية العربية."
قساوة الواقع وصعوبة التمويل التي جعلت من شركات الإنتاج الضعيفة من ناحية العدد في اليمن لا تمارس الحياة والعمل سوى في شهر رمضان ، بالإضافة إلى كمية الحرب التي أرهقت اليمنيين وأضعفت من مستوى الابداع والحضور نتيجة العداء السافر الذي تقوده مليشيا الحوثيين التي أجبرت كثير من الفنانين والفاعلين في الوسط الثقافي في اليمن إلى مغادرة المناطق التي تسيطر عليها بعد البطش والتنكيل بشخصيات فنية وأدبية بالإضافة إلى تزعهما لقيادة مؤسسة فنية معنية بالانتاج الدرامي التي تروج لأفكارها ولمشاريعها الموسوم بالضيقة وتأتي مؤسسة (الهادي) كأحد المؤسسات الفنية التي انشأتها الحوثية لتخدم أفكارها ومشروعها الطائفي عبر الفن والتي أحدثت انقساماً واضحاً لدى المشاهد والمتابع اليمني، وهو أحد الأهداف التي تسعى إليه الجماعة .
الإنتاج الكميّ للدراما اليمنية ضرورة حتمية
يتحدث آدم الحسامي وهو رئيس مؤسسة أرنيادا الثقافية في مدينة تعز ل الموقع بوست عن الدراما اليمنية وجوانب قصورها قائلاً:
"كمشاهد يمني، قد لا أجد تفضيلاتي في الدراما اليمنية، لكنني أتابعها من حين لآخر. فمهما استمتعنا بالأعمال العالمية ذات الاحترافية العالية، لابد أن نطلع على الأعمال التي تعكس واقعنا المحلي، مجتمعاتنا، وبيئتنا. لكن يبقى لي الحق في النقد بغية التطوير. ورغم افتقارنا للنقد المنهجي في اليمن، لا يزال من حق الناس التعبير عن آرائهم بطرقهم التلقائية، حيث أن المراجعات بشكل عام مفيدة لصناع الدراما.
وأمّا بالنسبة لي كمشتغل في المجال التلفزيوني، فلا بد من تقدير جهود جميع العاملين من المنتج صاحب رأس المال إلى أصغر عامل في طاقم التصوير والخدمات الإنتاجية، مرورًا بالمشتغلين على السيناريو والإخراج، وهما المسؤولان الرئيسيان عن نجاح العمل".
ويضيف آدم قائلاً: "مفهوم الوعي في الأعمال الفنية معقد جدًا، وهناك اتفاق واسع بين أساتذة هذا المجال في العالم بأن جعل الوعي هدفًا أوليًا قد يضر بالقيمة الفنية. بل إن الطريقة المباشرة والخطابية تضر بالوعي نفسه أكثر مما تنفع، فالغرض الأساسي من الأعمال الفنية هو الرؤية الجمالية، وعندما تتحقق الجدارة الفنية، تكون الرسالة أكثر تأثيرًا واستدامة، وفيما يتعلق بالدراما اليمنية، لا تخفى الإملاءات من جهات الإنتاج وأصحاب القنوات، التي غالبًا ما تتبع القوى السياسية".
ورغم محاولة الكتاب محاكاة المعايير الدرامية العالمية، إلا أنهم للأسف لا يدافعون عن مبدأ الحرية الإبداعية، التي هي الضامن الأهم لاستمرار بناء العمل الفني بشكل متماسك. التعديلات الكثيرة تؤدي إلى اختلالات واضحة تظهر خلال المسار الممتد لعشر أو ثلاثين حلقة. ولذلك الإنتاج الكمي هو السبيل إلى الإنتاج النوعي. علينا ألا نقلق من المستوى المتواضع لغالبية الأعمال في اليمن، فزيادة الإنتاج وتفعيل الأدوات النقدية سيؤدي حتماً إلى رفع المعايير. الأمر لا يتعلق بالتراكم فقط، بل يجب أن تقتحم النخبة الأدبية والفكرية هذا المجال، وألا تترك الدائرة مغلقة على من يكررون الأعمال ذات الحبكات السطحية والشبيهة بتلك المدبلجة."
وعن الهوية التاريخية في الدراما يقول الحسامي: " فنحن نعمل مع زملائي على مشروع في هذا المجال، سواء توفرت الإمكانيات الإنتاجية أم لا. فالأهم هو الاستعداد بالسيناريو الذي يبتعد عن السائد، والبقية ستأتي. أما عن ما يجب استعادته من التاريخ، فهذا يتطلب سطورًا كثيرة لا مجال لذكرها هنا، لكن وبشكل عام، أنصح بالتركيز على أطروحات "المتخيل والتاريخي"، فهو مبحث مهم ومثير."
ومع بداية شهر رمضان المبارك لعام 2025، يواجه المواطن اليمني تحديات اقتصادية كبيرة أثرت على مزاج وذائقة المشاهد بشكل كبير، إلا أن هذا لن يمنعه من متابعة بعض المسلسلات اليمنية التي ستُعرض على مختلف القنوات في مناطق الحكومة الشرعية.
وسيشهد الوسط الثقافي والفني نقاشًا واسعًا حول الأعمال الدرامية المنتجة لهذا العام، حيث سيكون هناك آراء مؤيدة ومعارضة، إلى جانب بعض الملاحظات النقدية. ورغم التباين في الآراء، يجمع اليمنيون على أن الشاشة التلفزيونية تظل عنصرًا أساسيًا في حياتهم، خاصة أن الإنتاج الدرامي لا يظهر إلا في شهر رمضان، ما يجعل هذا النوع من الدراما موسميًا ويقتصر عرضه في هذا الشهر فقط، إلا أن هذا الاجماع لا يخلو من تباين في تقييم الأعمال، حيث يتفق البعض على نجاح بعض المسلسلات، بينما يرى آخرون وجود قصور في الجوانب الفنية لأعمال أخرى.