بوابة الوفد:
2024-10-05@16:54:24 GMT

دراما الأرابيسك

تاريخ النشر: 1st, April 2024 GMT

الدراما ليست مجرد تصوير لواقع نعيشه وإنما هى إعادة صياغة جمالية فنية فكرية لواقع نأمل فى تغييره وتطويره، لذا فهى فن الإنتقاء والإختيار وليس انعكاسات مستقبلية وصورة متحركة ولأن السينما تعتمد على الصورة والإخراج فإن الدراما التلفزيونية تتحرك بالحكى والحدوتة والقصة التى هى مجموعة أحداث مترابطة عبر الزمان والمكان أى أن هناك ضرورة لخلفية تاريخية زمنية تحدد المرحلة التى تجرى فيها الأحداث لمجموعة من الشخصيات الذين هم محركو الأحداث، وأحادية الحدث أو الحدوتة تجعل الدراما تقترب من السينما أو التمثيلية وليس الدراما المتعددة الحبكات والقصص الفرعية لأن لكل شخصية حياة وحكاية ودنيا ومجموعة روابط إجتماعية تتفرع من الحدث أو الحدوتة الرئيسية بالشخصيات ليسوا مجرد صور باهتة أو أشباح تدور فى فلك الشخصية الرئيسية، وعلى سبيل المثال لا الحصر نجد أن مسلسل مثل أرابيسك للكاتب أسامة أنور عكاشة ١٩٩٤ يستعرض شخصية محورية إلا وهى حسن أبو على أو حسن أبو كيفه أو حسن أرابيسك الذى يمثل طبقة الحرفيين فى منطقة الحسين والذى ورث تلك الصنعة من أبيه وكيف حارب فى أكتوبر ١٩٧٣ ثم هزمه الانفتاح فأصبح مدمن للحشيش وقد فقد زوجته التى تركته لتتزوج من ثرى مصرى يعمل بالخليج وأخذت ابنه معها، وفى ذات الوقت يتعرض العمل لمرحلة الإرهاب الذى ضرب مصر فى تسعينيات القرن الماضى وكيف أثر على السياحة والمتغيرات التى أصابت عدة أسر مصرية منها أسرة عدولة التى عملت بالخياطة لتربية أخواتها وصراع رولا الجميلة بين أن تقبل وظيفة معيدة بكلية العلوم أم تعمل فى مجال الإعلانات لكسب المزيد من المال، وهناك أيضاً أسرة الأستاذ وفائى الفنان الذى يبيع لوحات فنية ليكسب قوت يومه وأبنته أنوار عاملة السنترال التى تقبل الهجرة إلى أمريكا تربى ابنة أختها المتوفاه ثم نجد أسرة د.

برهان الذى هاجر للعمل فى أمريكا ووصل إلى براءة إختراع علمى إستراتيجى فتطارده الموساد والمخابرات الأمريكية و يضطر للعودة لمصر مع زوجته د.ممتاز ليختبئ فى بيت حسن والأستاذ وفائى بعد أن يحاول إعادة بناء ڤيلته المصرية ببهو رومانى وصالة فرعونى وتصميم إسلامى مملوكى عثمانى، حتى يأتى الزلزال فتسقط الڤيلا وتهدم وقد كان حسن مسئولا عن ديكوراتها الفنية.. كل هذه الأحداث والشخصيات والقضايا والأماكن والأزمنة المعبرة عن مرحلة فى تاريخ مصر ما بين عصرين أو أكثر.. هكذا تكون الدراما عرضية حمالة أوجه وأحداث وشخصيات وحكايات فرعية ورئيسية وقضايا إجتماعية وسياسية واقتصادية وتحولات فكرية وحوارات وصراعات فعلية وأخرى عقائدية ونفسية
أما الآن الدراما تقدم دراما العائلات والأفكار المعادة فعلى سبيل المثال هناك ثلاث مسلسلات عن قضية النسب وتحليل DNA والابن الذى ليس بابن الأسرة والابنة التى تبحث عن الاب كما فى العتاولة وبدون سابق إنذار وصدفة، واللوكيشن المعتاد لقسم الشرطة والمحكمة والديسكو وغرفة العمليات.. والتيمة السائدة المكررة فى معظم الأعمال هى العيلة والفطار والغذاء و الحوارات المطولة بدون أحداث وبدون قضايا هامة للنقاش مثل الفساد أو الإهمال أو العنف أو عدم الانتماء أما موضوع دور الأب وصراع الأجيال الوهمى الذى ضرب مسلسلات هذا العام فى « إمبراطورية ميم» و«بابا جيه» و«نور خالد» و«كامل العدد» و«بقيا اتنين» وجميعها تكرر ذات الحوارات والمواقف دون أى خلفية تاريخية تعبر عن الزمان والحالة الإجتماعية والفكرية والقضايا الكبرى التى تؤثر على الأحداث والتى هى حدث واحد فقط يتم مطه وفرده وثنيه حتى يتحمل 15 حلقة أو 30 حلقة.. إذا شاهدنا هذه الأعمال بعد عشر سنوات لن نستطيع أن نحدد ما هو زمان ومجتمع وحياة تلك المرحلة ولماذا كل هذا السواد والخوف والكآبة فى معظم الأعمال حتى الكوميدى ثقيل الظل ولماذا هذا النموذج المثالى للأسر والأهل والأبناء المتمردين دومًا الرافضين أبدًا.. الدراما تطورت فنيا وتقنيا وإخراجيا لكن النص غائب والروح مظلمة إختيارات الموضوعات من ذات السلة وذات الأقلام وذات الورش.. أين دراما الأرابيسك الفن المصرى الأصيل المليء بالتفاصيل والمعبر عن الهوية فى ضفيرة عاشق ومعشوق مصرية؟.

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: المخابرات الأمريكية الفن المصرى

إقرأ أيضاً:

بين الانتصار والاغتيال دروس لإنقاذ الوطن

حرب أكتوبر 1973 ملحمة تاريخية انتصرت على واقع مرير وحطمت أسطورة الجيش الذى لايقهر: ستبقى حرب أكتوبر المجيدة من الحروب التى سيتحدث عنها التاريخ لكونها أعظم ملحمة عسكرية قادها ببسالة الرئيس السادات وكانت بمثابة زلزال حدث للمرة الأولى فى تاريخ الصهيونية وذلك وقت عبور عشرات الآلاف من أبطال القوات المسلحة المصرية إلى الضفة الشرقية لقناة السويس يوم السادس من أكتوبر 1973 لإستعادة أغلى بقعة فى الوطن وهى سيناء، كما إستعادة مصر حينها هيبتها وكرامتها وإحترامها أمام العالم.

وقرر الرئيس السادات، اتخاذ قرار الهجوم بشكل مفاجئ على الجيش الإسرائيلى يوم السبت السادس من أكتوبر تزامناً وقت الهجوم يوم عيد الغفران اليهودى الذى يحتفل به اليهود و الذى وافق العاشر من رمضان حيث يصوم المسلمون، وكان هذا القرار مخطط لإحباط الجيش الصهيونى عن المقاومة، وتحقيق عنصر المفاجئة للعدو، وكان هذا مدعوماً من جانب الرئيس السادات فى خططه مع المخابرات العامة المصرية والمخابرات السورية والتخطيط للحرب وخداع أجهزة الأمن والإستخبارات الإسرائيلية، كما حددا الجيشان المصرى والسورى موعد الهجوم فى الساعة الثانية بعد الظهر وبدأت الحرب بكل بسالة وإصرار على الإنتصار، حيث شنت القوات المصرية هجوماً شاملاً وإقتحمت قناة السويس بمائتى وعشرون طائرة حربية مصرية نفذت ضربات جوية على الأهداف الإسرائيلى شرق القناة وحققت نسبة عظيمة من أهدافها الموضوعة وشلت حركة الجيش الإسرائيلى، وتدفقت القوات المصرية الباسلة عبر القناة عابرة خط باريف متقدمة شرقاً حتى نجحت فى السيطرة على المواقع الإسرائيلية بالأرض المحتلة، ليقوم الأبطال برفع العلم المصرى فوق أرض سيناء، ليشاهد العالم كله إنتصار الجيش المصرى وهزيمة العدو.

تلك الحرب التى جسدت بسالة الجيش المصرى فى استرداد أرض الوطن، ليثبت عدة نجاحات سيقف التاريخ أمامها، كما تحققت إنجازات شارك فيها الجميع عسكريين ومدنيين بكافة طبقات الشعب المصرى، ومن أبرزها، أولاً: تحطيم أسطورة الجيش الذى لا يقهر، ثانياً: إسترداد روح العزة والكرامة، ثالثاً: أهمية التضامن العربى فى وجه الإحتلال ومعاونيه، رابعاً: تعمير أرض الفيروز والعمل على تحويلها إلى منطقة إستراتيجية متكاملة، مع إسترداد السيادة الكاملة على قناة السويس وعودة الملاحة لها لينتج نصراً إقتصادياً عظيماً يعم بالنفع والخير، خامساً: تحريك قضايا المنطقة والاتجاه بها نحو الحل السلمى إذ قرر مجلس الأمن البدء فوراً فى التفاوض بين الأطراف لنصل إلى معاهدات السلام.

ظلت مصر تحتفل بذلك التاريخ المجيد وصولاً لليوم المشئوم وقت إغتيال الرئيس السادات الموافق السادس من أكتوبر عام 1981 أثناء العرض العسكرى بمنطقة مدينة نصر بالقاهرة إحتفالاً بإنتصارات أكتوبر، حيث قام بتنفيذ عملية الإغتيال مجموعة من العناصر التابعة للجماعات التكفرية الإرهابية.

ونجد تاريخ النضال المصرى يحمل بين طياته العديد من الرسائل الهامة لبناء الوطن والتغلب على نقاط الضعف والعمل على النهوض والبناء لبقاء الوطن شامخ قوى لايهزم، وبإعتراف العالم بقوة وبسالة الجيش المصرى العظيم فى حرب أكتوبر يلزمنا حبنا للوطن بجعل يوم النصر كل عام إحتفالاً مختلفاً يحمل رسائل هامة للشعب والأجيال الجديدة أهمها:

أولا: لابد أن نعلم أبنائنا وأحفادنا جيل بعد جيل قصة الكفاح ومرارة الهزيمة وعظمة الإنتصار التحرر من كل إستبداد والنهوض والصحوة الدائمة التى لابد أن يشعر بها كل مواطن شريف غيور على تراب بلده.

ثانيا: ضرورة تنشأت الأجيال الجديدة على البسالة والمواجهة حين يتطلب الأمر، فلولا نصر أكتوبر ماكان هناك مستقبل جيد للأجيال المتعاقبة، فقد ولدت الأجيال فى وطن منتصر حر ذات سيادة، يسير بخطى ثابتة لإقامة مشروعات عملاقة ومسرية تنمية مستدامة، تحظى بالريادة والإحترام والتقدير من كافة دول العالم.

ثالثا: الحرص كل عام من الإحتفال بنصر أكتوبر بتطوير الخطاب الإعلامى ليواكب التحديات التى تعصف بالأجيال الجديدة، وضرورة بث الإنتماء لكل مؤسسات الدولة وإحترام القيادة السياسية والإلتحام معها والوقوف على قلب رجل واحد.

رابعا: القناعة التامة التى لابد أن تزرع داخل عقول شباب الوطن أن التيارات المسماه «بالإسلامية» كلها واحد تستقى معلوماتها من نهر واحد لذلك كانت هناك شراكة بين جماعة الأخوان الإرهابية والتنظيمات المسلحة فى عملية إغتيال الرئيس السادات «رجل الحرب والسلام»، ومهما حاولت تلك الجماعات الإرهابية تضليل الشباب وطمس جرائمها وتورطها فى إراقة دماء شرفاء الوطن لن نسمح لتلك الجماعات بوجودها داخل المجتمع لأنهم ليس لهم عهد ولا كلمة خونة يسرى الغدر فى دمائهم.

أخيراً ستبقى مصر أصل الحضارات، صاحبة أعرق المؤسسات على مر التاريخ، ولايخفى لاأحد دور الجيش المصرى منذ العهد القديم ليثبت أنه خير أجناد الأرض الذى زرع بذور الحرية والكرامة والعزة داخل تراب الوطن الغالى ليكتب التاريخ الإنجازات وشموخ الأبطال البواسل ليقود الأجيال إلى الحرية والكرامة والتحرير.

مقالات مشابهة

  • زواج أم خراب للبيوت؟
  • عبقرية الإعلام المصرى على أرض الميدان
  • بين الانتصار والاغتيال دروس لإنقاذ الوطن
  • معارك ذات الكبارى وآخر اليد
  • عصابة فوق القانون!
  • غزة عام الحرب والمقاومة
  • الشاطر حسن
  • حرب أكتوبر.. وصناعة التاريخ
  • «نصر أكتوبر» معجزة التاريخ
  • الأسعار تتحدي الحكومة