النفط يرتفع.. ولكن الحكمة في التنوع
تاريخ النشر: 1st, April 2024 GMT
رغم أن العالم ودّع الشتاء متّجهًا إلى الصيف أو الربيع في الكثير من بلدان العالم فإن أسعار النفط آخذة في الصعود لأسباب عالمية كثيرة من بينها الصراعات السياسية والتجارية، وبيانات حول نمو الاقتصاد الصيني، إضافة إلى تأثيرات الحرب الروسية الأوكرانية، وكذلك حرب إسرائيل على قطاع غزة وما صاحب ذلك من اضطرابات كبيرة في حركة الملاحة في البحر الأحمر.
وتجاوز سعر نفط عمان أمس حاجز الـ87 دولارا وهو سعر مُرضٍ قياسا بالسعر الاحترازي الذي رُسمت عليه ميزانية العام الجاري. لكن أسعار النفط لا يمكن الوثوق بها كثيرا في ظل التفاعلات المعقدة للأحداث الجيوسياسية والسياسات الاقتصادية والتقدم التكنولوجي، وكلها عوامل تؤثر في أسعار النفط وبالتالي في مسارات الاقتصاد العالمي وتشكّل مصدر قلق دائم للاقتصادات في جميع أنحاء العالم. وإذا ما أضفنا السياسات التي انتهجتها مجموعة «أوبك بلس» للحفاظ على استقرار أسعار النفط بعد سنوات من الهبوط الكبير للأسعار في النصف الثاني من العقد الماضي وما تلا ذلك من تأثير جائحة فيروس كورونا فإن أسعار النفط لا يمكن الوثوق بها أو الاطمئنان على مسار صعودها هذا؛ فهي متأثرة على الدوام بكل ما يدور في العالم.
ومن المنتظر أن تتأثر أسعار النفط بمسار الانتخابات الأمريكية في نوفمبر القادم خاصة إذا ما عاد للمشهد السياسي الرئيس ترامب الذي شغلته أسعار النفط كثيرا خلال رئاسته الأولى ولا يمكن تجاهل تأثيره في هبوط الأسعار عام 2014.
وإذا كانت سياسات «أوبك بلس» الجديدة واقعيةً وتخدم جميع الأطراف سواء الدول المنتجة أو الدول المستوردة، وصمودها على النحو الحالي من شأنه أن يحفظ مصالح الدول المنتجة ويحفظ بقاء الأسعار في الحدود العادلة للجميع فإن الخيار الأكثر أمانا دائما هو خيار البدائل الذي يجعل الدول المنتجة، بما في ذلك سلطنة عمان، في مأمن من تقلبات الأسعار خاصة في شقها السياسي.
وخلال السنوات الخمس الماضية استطاعت سلطنة عمان العمل بشكل جاد من أجل تنويع مصادر الدخل والتحوط من أي متغيرات سياسية أو اقتصادية من شأنها أن تزلزل الأسعار، ونستطيع عبر فهم الحركة الإصلاحية الكبرى التي تجري في سلطنة عمان في مجال فتح مسارات الاستثمار الخارجي والدخول في شراكات استثمارية كبيرة في مجال الطاقة النظيفة أن نفهم أن توجهات السلطنة للخروج من إطار الاعتماد الوحيد على النفط إلى تنويع مسارات الدخل الوطني.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: أسعار النفط
إقرأ أيضاً:
شتاء بارد وأسعار الملابس ساخنة
على: أُفكِّر مرتين قبل الشراء.. وفاطمة: أسعار الملابس فوق مقدرة متوسطى ومحدودى الدخليوسف: أدخر المال منذ شهور لشراء جاكيت شتويإقبال على الوكالة وسوق البالة وإعادة تدوير الملابس القديمة حيل المصريين لمواجهة الأزمةالتجار: نحن أبرياء ومستلزمات الإنتاج وتكلفة النقل سبب ارتفاع الأسعار
مع بدء موسم الشتاء، يجد العديد من المواطنين أنفسهم أمام تحد مالى جديد يتمثل فى ارتفاع شديد فى أسعار الملابس الشتوية، ما جعل من توفير احتياجات الأسرة لمواجهة البرد عبئا إضافيا، خاصة فى ظل الأزمة الاقتصادية الحالية. هذا الارتفاع الكبير فى الأسعار لم يقتصر أثره على المستهلكين فحسب، بل امتد ليشمل التجار وأصحاب المتاجر الذين يشكون من تراجع ملحوظ فى حركة البيع والشراء.
وأسباب هذه الأزمة تتعدد، بدءا من ارتفاع تكاليف المواد الخام والشحن، وصولا إلى تأثير تذبذب العملة المحلية والتضخم العالمي، مما أدى إلى ارتفاع التكاليف النهائية للملابس الشتوية.
وفقًا للتجار ومحلات الملابس فإن أسعار المعاطف، والجواكت، والسترات الشتوية الثقيلة ارتفعت بنسبة تتراوح بين 30% إلى 50% مقارنة بأسعار العام الماضي، ما جعل من الصعب على الكثيرين شراء هذه الملابس الضرورية لمواجهة البرد القارس. وتسبب ذلك فى حالة من الاستياء بين المستهلكين، الذين وجدوا أنفسهم مضطرين للبحث عن بدائل أخرى أو تأجيل شراء الملابس، خاصة فى ظل ازدياد الأعباء المعيشية.
«الوفد» تجولت داخل عدد من المحال فى أحد المولات لرصد الأسعار، حيث يبدأ سعر الجاكيت الجلد من 1600 جنيه، بينما تراوح سعر الجاكيت القطيفة الطويل بين 2300 و4500 جنيه، والجاكيت الفرو القصير يبدأ من ٦٠٠٠ جنيه، والبالطو يتراوح سعره من ٢٠٠٠ جنيه وحتى 3500 جنيه، وتراوحت أسعار البلوزات الصوف بين 750 وحتى 1300 جنيه.
المستعمل هو الحل
ونظرًا لاشتعال الأسعار بهذا الشكل لجأ عدد من المستهلكين إلى شراء الملابس المستعملة أو تلك التى تباع فى الأسواق الشعبية، والتى أصبحت بديلا ميسورا للأسر ذات الدخل المحدود. وأبرزها وكالة البلح التى أصبحت قبلة لكثير من المواطنين الباحثين عن ملابس بأسعار معقولة.
« الوفد» التقت عددًا من المواطنين الذين تعالت صيحاتهم بسبب ارتفاع أسعار ملابس الشتاء وهو ما أكده على «موظف» قائلا: «الأسعار أصبحت مبالغ فيها جدا، ففى السنوات الماضية، كنت أستطيع شراء ملابس جديدة كل شتاء، لكن الآن أضطر للتفكير مرتين قبل الشراء، وأحيانا أشترى ملابس مستعملة لتقليل التكاليف».
أما فاطمة، ربة منزل فتقول: «أولادى يحتاجون لملابس ثقيلة، لكننى أجد صعوبة فى تلبية احتياجاتهم بسبب ارتفاع الأسعار، لذلك لجأت للوكالة لأشترى الملابس بأسعار رخيصة، ولكننى أخشى من جودتها، ولكن ما باليد حيلة، وأضافت : أحيانًا أبحث عن العروض والخصومات فى المحلات، ولكن الأسعار أصبحت فوق مقدرة الأسر المتوسطة ومستحيلة بالنسبة لمحدودى الدخل».
ويقول يوسف، طالب جامعي: «أنا أستخدم الإنترنت للبحث عن الملابس، لكن الأسعار مرتفعة أيضا عليه، ولكن يجب أن أظهر بمظهر جيد أمام زملائى فى الجامعة، لذلك أضطر لتأجيل الشراء حتى أتمكن من ادخارمبلغ من المال، فمنذ الصيف أعمل من أجل هذا الغرض ونفسى اشترى جاكيت شتوي، وأضاف قائلا: الوضع أصبح محبطًا جدا، فحتى الضروريات نضطر لتأجيلها بسبب الأسعار»
والتقط حازم السيد، موظف وأب لأربعة أطفال أطراف الحديث وقال: «اعتدت كل عام على شراء ملابس شتوية لأطفالى مع بداية الشتاء، لكن هذا العام كانت الأسعار مرتفعة للغاية. فاضطررت للبحث عن خصومات أو شراء ملابس مستعملة لتلبية احتياجات أطفالى.»
ويقول آخر: «أسعار الملابس الجديدة أصبحت لا تطاق، لذا لجأت إلى شراء الملابس المستعملة، خاصة للأطفال الذين يكبرون بسرعة ويحتاجون ملابس جديدة باستمرار»، ويقول محمود، موظف فى الثلاثينات، إنه فوجئ بأسعار المعاطف، حيث تجاوز سعر بعضها الألف جنيها. ويضيف: «مع ارتفاع تكاليف المعيشة، أصبحت الملابس الشتوية عبئا إضافيا على الأسرة، حتى الملابس العادية لم تعد بأسعار فى متناول الجميع».
أما منال، وهى أم لطفلين، فتقول: إن أسعار الملابس تضاعفت بشكل كبير، وتضيف: «كنت أشترى ملابس شتوية جديدة لأطفالى كل عام، لكننى هذا الموسم لجأت للبحث عن الملابس المستعملة وبعض القطع التى تباع بأسعار مخفضة لتوفير الاحتياجات الأساسية».
التجار يدافعون
دفع عدد من تجار الملابس تهمة الجشع والمغالاة عن أنفسهم مؤكدين أن ظروف السوق هى من تدفعهم لرفع الأسعار حتى لا يتكبدوا خسائر فادحة، فيقول أحمد، تاجر ملابس: «شهدنا ارتفاعا كبيرا فى أسعار الأقمشة، وخاصة الأقمشة المستوردة. لذلك فنحن مضطرين لرفع الأسعار لتغطية التكاليف، لكننا ندرك أن هذا يؤثر سلبا على العملاء. ولذلك نحاول تقديم بعض التخفيضات، لكن فى النهاية، لا يمكننا تجنب الزيادات.»
أما سارة، مالكة محل ملابس فتقول: «أعتقد أن السبب الرئيسى هو التضخم. حتى لو أراد العملاء شراء الملابس، فإنهم يترددون بسبب الأسعار المرتفعة. نحن نحاول توفير خيارات متنوعة بأسعار مختلفة، لكن الوضع العام صعب».
محمد، تاجر ملابس ويروج لمنتجاته عبر الإنترنت يقول: «تجارة الملابس عبر الإنترنت تشهد زيادة فى الطلب، لكننا نواجه نفس التحديات. أسعار الشحن ارتفعت، مما ينعكس على الأسعار النهائية. نحن نحاول تقديم عروض خاصة، لكن لا يمكننا دائمًا التحكم فى الأسعار».
وأضاف على حسني، صاحب متجر للملابس قائلا: «الأوضاع صعبة للغاية. نحاول تقديم بعض العروض والتخفيضات، لكن مع الزيادة الكبيرة فى التكاليف، من الصعب تخفيض الأسعار بشكل كبير. إذا قمنا بخفض الأسعار، قد لا نتمكن من تحقيق أى أرباح تغطى تكاليفنا».
وتجد بعض المتاجر الكبيرة نفسها مضطرة لتقليل هامش الربح للحفاظ على زبائنها، بينما تفضل متاجر أخرى التركيز على بيع الكميات الكبيرة بتخفيضات موسمية لتخفيف أثر الأسعار المرتفعة على المستهلكين.
القديم يكسب
ويقول مصطفى، صاحب محل للملابس المستعملة، إنه لاحظ زيادة فى إقبال الزبائن هذا الموسم مقارنة بالأعوام السابقة، ويواصل: «الناس تبحث عن طرق لتوفير المال، والكثيرون يفضلون شراء الملابس المستعملة ذات الجودة العالية بأسعار أقل بدلا من شراء ملابس جديدة مرتفعة الثمن».
الأمر لم يقتصر فقط على شراء الملابس المستعملة، ولكنه وصل أيضا لتصليح الملابس القديمة وإعادة استخدامها، ويقول عم محمود صاحب محل للخياطة والرفة، أن ارتفاع أسعار الملابس جعلت الأسر تهتم بالملابس القديمة وتعيد تدويرها واستخدامها وإصلاحها حيث إن تكاليف إصلاح الملابس الممزقة أو القديمة أقل بكثير من تكاليف قطعة شتوية جديدة.
زيادات طفيفة
ومن جانبها، قالت سماح هيكل، عضو مجلس إدارة شعبة الملابس الجاهزة بالغرفة التجارية بالقاهرة: إن أسعار الملابس لم تشهد زيادات ملحوظة مقارنة بالعام الماضي، ورغم ذلك يتحدث البعض عن ارتفاعات كبيرة.
وأضافت هيكل فى تصريحات خاصة للوفد أن هدف قطاع الملابس الجاهزة هو تلبية احتياجات جميع شرائح المستهلكين، من خلال تقديم منتجات متنوعة من حيث الجودة والسعر، مشيرة إلى أن الخيارات المتاحة تلائم مختلف الميزانيات، مما يُمكّن أصحاب الدخل المحدود من الشراء.
وأوضحت هيكل أن القطاع حاليًا يعتمد على استخدام خامات مخلوطة للحد من ارتفاع الأسعار، لافتة إلى أن الأسعار فى أكتوبر الماضى شهدت ارتفاعًا طفيفًا بنسبة 0.3٪ مقارنة بالموسم الماضي، وهى زيادة غير مؤثرة. وأضافت أن الأسواق لم تستقبل كامل الموسم الشتوى حتى الآن، إذ يُتوقع وصول باقى المنتجات بالتزامن مع انخفاض درجات الحرارة، مع عروض تخفيضات مرتقبة فى «الجمعة البيضاء» بنهاية نوفمبر.
وفيما يتعلق بالتضخم، ذكرت هيكل أن معدل التضخم فى أكتوبر سجل 26.3٪ مقارنةً بـ26٪ فى الفترة ذاتها من العام الماضي، بزيادة طفيفة تُقدّر بـ0.3٪ فقط، مع إشارة إلى أن ارتفاع أسعار الوقود كان له أثر بسيط، ولكن إنتاج الموسم الشتوى تم منذ أكثر من ستة أشهر، مما أدى إلى استقرار الأسعار وعدم تأثرها بالتغيرات الأخيرة.
وأكدت هيكل أن المنتجات المحلية قد تضاهى فى جودتها المنتجات المستوردة وتفوقها أحيانًا وتباع بنصف السعر، ونصحت العملاء بالشراء من المتاجر الموثوقة، خاصة عبر الإنترنت خلال التخفيضات الكبرى لتجنب الزحام والاستفادة من الخصومات المميزة وضمان حقوقهم الشرائية.
وقالت إن تخفيضات «البلاك فرايداي» لهذا العام ستتراوح بين 10% و50%، وستشمل مجموعة مختارة من المنتجات، مما يوفر فرصا شرائية مميزة تستمر حتى الجمعة الأخيرة من شهر نوفمبر.
وأوضحت هيكل أنه رغم استقرار الطقس حتى الآن، إلا أنها تتوقع ارتفاع حركة الشراء مع اقتراب موسم الأعياد، خاصة الاحتفال بعيد الميلاد المجيد ورأس السنة. مؤكدة أن أسعار الملابس الشتوية ستحافظ على استقرارها هذا العام، إذ تم إنتاجها منذ أكثر من ستة أشهر، ما يجعلها غير متأثرة بزيادات الأسعار الأخيرة.
ونصحت المستهلكين بتجنب الزحام عبر زيارة المتاجر مسبقا للتعرف على المنتجات والمقاسات المناسبة قبل حلول يوم التخفيضات. وأوصت كذلك بالشراء من المواقع الرسمية أو الصفحات المعتمدة للمتاجر، وضرورة الاحتفاظ بالفواتير لضمان حق الاستبدال أو الاسترجاع عند الحاجة، محذرة من التعامل مع صفحات مجهولة عبر الإنترنت لضمان الحقوق.
دعم الصناعة
من ناحية أخرى أكد الدكتور السيد خضر، الخبير الاقتصادي، أن الفترة الأخيرة شهدت ارتفاعًا ملحوظًا فى أسعار الملابس بالسوق المحلي، مرجعًا ذلك إلى عدة عوامل رئيسية أثرت على هذا القطاع. وقال خضر: «نحن نواجه نقصًا حادًا فى المنتجات المحلية وصناعة الملابس داخل مصر، مما يستدعى دعم هذه الصناعة خلال المرحلة المقبلة لتلبية احتياجات السوق»
وأشار الخبير الاقتصادى إلى أن الارتفاع فى أسعار المواد الخام ومستلزمات الإنتاج المستوردة أدى إلى زيادة تكلفة المنتج النهائي، كما أن جشع بعض التجار واستغلالهم يسهم بشكل كبير فى ارتفاع الأسعار، مشيرا إلى أن هذا الارتفاع تصاحبه حالة من الركود فى سوق الملابس، حيث يتجه معظم المستهلكين إلى شراء الملابس المستعملة (البالة) أو الملابس الشعبية ذات الأسعار المنخفضة».
وأضاف أن الأزمات الجارية فى منطقة البحر الأحمر أثرت سلبًا على حركة الملاحة العالمية، مما تسبب فى اضطرابات بسلاسل الإمداد وارتفاع تكاليف الشحن والرسوم الجمركية، إلى جانب زيادة الأعباء الضريبية فى مصر مؤخرًا، مما كان له أثر مباشر على ارتفاع الأسعار، بالإضافة إلى ارتفاع تكاليف الإيجار مما ساهم فى زيادة أسعار الملابس، مشيرًا إلى أن التسعير العشوائى فى السوق المحلى أضر بالمنتج والمستهلك على حد سواء، وأدى إلى انكماش السوق المحلى.
وشدد الدكتور خضر على «الحاجة الملحة لتعزيز دعم المنتج المحلى وتوسيع القاعدة الصناعية لتحقيق وفرة فى منتجات الملابس، الأمر الذى سيسهم فى استقرار الأسعار وتلبية الطلب خلال الفترة القادمة».