لجريدة عمان:
2025-01-08@23:53:06 GMT

قرار مجلس الأمن لوقف القتال في غزة ... يتبخر !!

تاريخ النشر: 1st, April 2024 GMT

مما لا شك فيه أن التصفيق الذي صدر من الوفود الممثلة للدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي بالأمم المتحدة -باستثناء الوفد الأمريكي بالطبع- وذلك يوم الاثنين الماضي الموافق 25 مارس الماضي بمناسبة صدور قرار مجلس الأمن رقم 2728 بشأن الدعوة لوقف إطلاق النار في غزة بشكل فوري لأسباب إنسانية، كان لافتا ومعبرا عن الشعور بالرضا وربما النصر -على الطريقة العربية- خاصة بعد الجهود والإخفاقات السابقة لتمرير أربعة مشروعات قرارات مختلفة بشكل أو بآخر بسبب إسقاطها بفعل الفيتو الأمريكي نظرا لاعتراض واشنطن من حيث المبدأ وعلى أعلى المستويات على وقف القتال، والإصرار على استمرار الإبادة الجماعية الإسرائيلية للفلسطينيين أو غض النظر عنها على الأقل حتى الآن والإصرار أيضا على إدانة حركة حماس، والدفاع السافر عن أعمال إسرائيل الهمجية ضد الفلسطينيين واستخدامها المفرط للقوة وتدميرها لغزة ومحاولتها طرد الفلسطينيين وتهجيرهم من منازلهم بزعم حقها -إسرائيل- في الدفاع عن النفس وكأن الفلسطينيين لا يتمتعون بالحق نفسه الذي يقره القانون الدولي لكل الشعوب وإن من حقهم الدفاع عن أنفسهم وتحرير أراضيهم المحتلة أسوة بالشعوب الأخرى، فهل كان إصدار مشروع القرار الذي تقدمت به موزمبيق والدول غير دائمة العضوية في مجلس الأمن غاية في حد ذاته؟ وهل صمم لكي يكون مخرجا مصنوعا كجزء من تجاوز مأزق الخلاف العلني بين بايدن ونتانياهو وعلى نحو يحقق مكاسب لإسرائيل في النهاية ولا يحقق الغرض الذي دار الحديث عنه طويلا ولا يزال، وهو وقف القتال بعد المجازر البشعة التي تجاوز عدد ضحاياها ثلاثة وثلاثين ألف قتيل وأكثر من أربعة وسبعين ألف جريح وبأسلحة أمريكية وغربية؟ على أية حال فإن الترحيب الدولي واسع النطاق بصدور القرار في حد ذاته بما في ذلك من جانب حماس والفلسطينيين والعرب وأصدقائهم أكد على أهمية وضرورة الوقف الفوري للقتال وإسكات آلة القتل الإسرائيلية في غزة ووقف المعاناة الفلسطينية التي يهتز لها ضمير العالم بشدة.

ولكن المفارقة رغم ذلك أن القتال لم يتوقف وأنه لم تظهر بوادر للعمل الجاد لوقف إراقة الدماء الفلسطينية، بل إن محاولات تجاوز الخلاف بين نتانياهو وبايدن والتي بدأت بالفعل تتم وكالعادة على حساب الفلسطينيين حيث تمد واشنطن إسرائيل بأحدث الأسلحة وتحاول استرضاءها بسبل اعتادت عليها إسرائيل ومنها بالتأكيد قرار مجلس الأمن الصادر الأسبوع الماضي وذلك من خلال قطع الطريق على محاولات تنفيذ القرار أو الأمل في وقف القتال خارج العباءة الأمريكية بأي شكل. وفي هذا الإطار فإنه يمكن الإشارة باختصار شديد إلى عدد من الجوانب لعل من أهمها أولا، أنه إذا كانت الدبلوماسية في جانب منها هي القدرة على صياغة المواقف وبناء التوافقات بين المواقف المتباعدة بشكل أو بآخر للأطراف المختلفة، فإنه من الخطأ الشديد النظر إلى قرارات المنظمات والهيئات الدولية بسطحية أو بتسرع لأنها تأخذ في العادة وقتا وتدقيقا وجهدا في صياغتها من جانب خبراء في اللغة والقانون الدولي وليس فيها عادة ما يمكن إسقاطه أو التعامل معه باسْتخفاف؛ لأن الأمر يتصل في النهاية بمصالح دول وشعوب. ولذا فإنه لم يكن مصادفة على أي نحو أن تحرص الخارجية الأمريكية على المسارعة فور صدور القرار وامتناعها عن التصويت على إيضاح موقفها سواء حيال إسرائيل أو حيال القرار ومنطوقه وحيال تنفيذه ووقف إطلاق النار في غزة وذلك كله رغبة في احتواء الخلاف العلني بين نتانياهو وبايدن من ناحية، وتمرير رسالة إلى المجتمع الدولي تفيد التأكيد على عدم إلزامية القرار بمنطوقه الصادر به من وجهة نظر واشنطن، ثم احتواء جزء كبير من غضب نتانياهو الذي كان قد طالب واشنطن باستخدام الفيتو لإسقاط مشروع القرار كما حدث في المرات الثلاث السابقة، في الآونة الأخيرة منذ بداية القتال بل وهدد بتصعيد الخلاف معها من ناحية ثانية.. ونظرا لأنه من المرجح أن نتانياهو أدار الخلاف العلني مع بايدن على ضوء خبرته في الخلافات السابقة مع كل من كلينتون عام 1996 ومع أوباما عام 2016 وسعيه لتحسين صورته في الداخل الإسرائيلي والحفاظ على تماسك تحالفه الحكومي ومن شأن ذلك أن يفسر في الواقع تشدد تصريحاته مع بايدن والحفظ في الوقت ذاته على حدود اللياقة في التعامل معه كرئيس للولايات المتحدة باعتبارها أكبر صديق لإسرائيل وحامية لها في الأمم المتحدة وفي المنظمات التابعة لها. ومن الواضح أن تكتيك نتانياهو نجح بالفعل في زيادة شعبيته المتدنية بنسبة بلغت 4% في آخر استطلاعات أجريت قبل عدة أيام. تجدر الإشارة إلى أن قناعة نتانياهو بأسلوب تعامله مع رؤساء أمريكا جعلته يصرح خلال الأزمة الأخيرة بأنه «لن تستطيع أن تكون رئيسا لوزراء إسرائيل ما لم تستطع أن تقول لا لرئيس الولايات المتحدة» غير أن ذلك لا يقلل في الواقع من حجم وتعدد المشكلات والتحديات التي يواجهها نتانياهو في حكومته وفي إسرائيل منذ هجوم حماس في السابع من أكتوبر الماضي.

ثانيا، أنه في الوقت الذي كشفت فيه الأزمة بين نتانياهو وبايدن هشاشة الموقف الإسرائيلي أمام أبسط الضغوط الأمريكية في الأمم المتحدة وخارجها، وهو ما عكسته التصريحات الإسرائيلية التي حرصت على التراجع سريعا خاصة بعد تأكيد واشنطن على عدم إلزامية تنفيذ القرار من وجهة نظرها، وهو ما يجعل القرار ليس فقط ضعيفا بل يفقده الكثير من قيمته رغم أنه قرار صادر عن مجلس الأمن الدولي، وبرغم القيمة الرمزية لصدور القرار للمرة الأولى منذ اندلاع الحرب في غزة برغم ما انطوى عليه ذلك من تهديد للسلم والأمن الدوليين ومن انتهاكات صارخة للقانون الدولي الإنساني، فإن التلاعب في صياغة القرار حدت من قيمته بالنسبة للنقطة المتعلقة بتنفيذ القرار وإلزاميته لإسرائيل، وهو ما ساعد في الواقع في تضاؤل الاهتمام بالقرار سريعا بل والمطالبة الروسية بتعديل القرار قبل أن يجف المداد الذي كتب به وبرغم الجدل حول مدى إلزامية القرار والانحياز إلى وجهة النظر الأمريكية التي تناصر إسرائيل، والتشكك في القدرة على تحديها من جانب المجتمع الدولي لأسباب كثيرة، فإن القرار لم يخلُ من جوانب مفيدة لحماس مثل خلوه من إدانتها ودعوته إلى أن وقف إطلاق النار «يجب أن يكون فوريا وتحترمه جميع الأطراف في شهر رمضان ما يفضي إلى وقف دائم ومستدام لإطلاق النار» وقد أدت هذه الصياغة والأسلوب غير المباشر لضمان تمرير مشروع القرار وعدم استخدام واشنطن لحق الفيتو إلى خلو القرار من موقف حازم وقوي لوقف فوري لإطلاق النار وهو ما حاولت روسيا تداركه بعد صدور القرار ولكن كان ذلك مجرد تسجيل موقف دبلوماسي في إطار التنافس بين روسيا وأمريكا ومن ثم اقتصرت قيمة القرار عمليا على بعد رمزي انتصر لحق حماس والفلسطينيين في العمل على تحرير أرضهم المحتلة وترك الفرصة مفتوحة أمام إسرائيل لمواصلة عدوانها وهمجيتها في غزة في الفترة القادمة بكل ما يعنيه ذلك من نتائج ومن عدم القدرة على وقف القتال إلا عبر البوابة الأمريكية وبرضا بايدن نفسه وربما إشرافه وتنسيقه مع نتانياهو حيث إن الخلاف بينهما كان أقرب إلى زوبعة في فنجان انتهت سريعا وكان الثمن هو قرار مجلس الأمن وإفراغه من مضمونه الذي كان مأمولا.

ثالثا، إن مما له دلالة عميقة أنه في حين أكدت واشنطن على أن امتناعها عن التصويت على مشروع القرار «لا يعني حدوث تغير في سياستها حيال إسرائيل وأنها تواصل الوقوف إلى جانبها» فإن نتانياهو من جانبه حرص على التأكيد على أن منعه الوفد الإسرائيلي الذي كان مقررا ذهابه إلى واشنطن إنما كان «رسالة إلى حماس تفيد عدم رضوخه للضغوط الخارجية ولم يربطه أبدًا بالخلاف مع بايدن، كما أن الاتصالات استمرت بين الجانبين في واشنطن خلال الأزمة وأعاد نتانياهو جدولة زيارة الوفد الإسرائيلي إلى أمريكا خاصة أن واشنطن قامت من جانبها بإرسال وفد إلى إسرائيل، والأكثر من ذلك أن الترضية الأمريكية لنتانياهو شملت الموافقة على تزويد إسرائيل بطائرات مقاتلة طراز أف 35 (25 مقاتلة قيمتها 2.5 مليار دولار) إلى جانب قنابل متطورة زنة 900 كيلوجرام من طراز (إم كيه 82 وإم كيه 84) التي أوقف الغرب استخدامها لخطورتها على المدنيين، يضاف إلى ذلك أن واشنطن ستشارك في وضع خطة اجتياح رفح بزعم محاولة التخفيف من الأضرار على المدنيين حسبما تقول. وفي ضوء ذلك فإن القرار الذي ضربت به أمريكا وإسرائيل عرض الحائط حمل فوائد عملية كثيرة لإسرائيل وسمح لها بالاستمرار في الحرب ومنح حماس والفلسطينيين تعاطفا نظريا قد يمكن البناء عليه إذا تغيرت الظروف؛ ولذا تبخر القرار في الواقع بأسرع مما كان متوقعا.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: قرار مجلس الأمن مشروع القرار وقف القتال فی الواقع من جانب وهو ما ذلک أن فی غزة ذلک من

إقرأ أيضاً:

واشنطن "واثقة" من التوصل لوقف إطلاق نار قريب في غزة

أعرب وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن الإثنين عن "ثقته" في التوصل إلى وقف إطلاق نار في قطاع غزة، سواء خلال ولاية الرئيس جو بايدن أو بعد أن يخلفه دونالد ترامب في 20 يناير (كانون الثاني).

وقال بلينكن الذي سعى مراراً وبدون نجاح العام الماضي للتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق نار بين حركة حماس وإسرائيل في قطاع غزة، إن إدارة بايدن "ستعمل في كل لحظة من كل يوم" حتى نهاية الولاية الرئاسية من أجل التوصل إلى صفقة تسمح بالإفراج عن الرهائن المحتجزين في غزة.

.@SecBlinken spoke with Egypt’s Foreign Minister Abdelatty today to affirm the U.S.-Egypt strategic partnership and consult on shared efforts to advance regional peace.

— Matthew Miller (@StateDeptSpox) January 4, 2025

وقال للصحافيين خلال زيارة إلى سيؤول: "نريد بإصرار أن نعبر (بالاتفاق) خط النهاية خلال الأسبوعين المقبلين".

وتابع "إن لم نعبر خط النهاية خلال الأسبوعين المقبلين، فأنا واثق من أنه سيتم إنجاز الأمر في نهاية المطاف، وآمل أن يتم ذلك عاجلاً وليس آجلاً".

وأضاف "حين يتم ذلك، سيكون على أساس الخطة التي طرحها الرئيس بايدن والتي تحظى بتأييد العالم بأسره عملياً".

وأعلن مسؤول في حماس، الأحد، أن الحركة مستعدة لإطلاق سراح 34 رهينة في "المرحلة الأولى" من اتفاق محتمل مع إسرائيل، وذلك بعدما استؤنفت الجمعة المفاوضات غير المباشرة بين الحركة وإسرائيل بوساطة قطرية مصرية في الدوحة.

وقال بلينكن إن حماس "تتعاون بشكل مكثف" من أجل التوصل إلى اتفاق، غير أن الأمر لم يتم بعد.

مقتل أكثر من 20 فلسطينياً في أحدث الهجمات الإسرائيلية على غزة - موقع 24قتل ما لا يقل عن 24 فلسطينياً في أحدث هجمات نفذها الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة، وفقاً لما أفادت به وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا" يوم الأحد، نقلاً عن مصادر طبية.

وقال: "نريد من حماس أن تتخذ القرارات الأخيرة الضرورية لإنجاز الاتفاق وأن تغير الوضع بصورة جوهرية بالنسبة للرهائن، أن تطلق سراحهم، ولسكان غزة، أن تدخل لهم المساعدات، وللمنطقة ككل، أن توجد فرصة للمضي قدماً عملياً باتجاه شيء أفضل".

وقام بلينكن بـ12 زيارة إلى الشرق الأوسط منذ هجوم حماس غير المسبوق على إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 والذي أطلق شرارة الحرب المدمرة في قطاع غزة.

مقالات مشابهة

  • عمل شنيع..إسرائيل تدين تحطيم تمثال نتانياهو في المكسيك
  • مخالف للقانون الدولي| مندوب مصر بمجلس الأمن: ندين احتلال إسرائيل للأراضي السورية
  • مذكرة لوزير التعليم العالي لوقف إجراء تحليل المخدرات لأساتذة الجامعات
  • قصة ابن الشيخ القرضاوي الذي قررت لبنان تسليمه للإمارات
  • بايدن وترامب يضغطان على إسرائيل وحماس للتوصل إلى اتفاق قبل 20 يناير
  • آيلاند: على إسرائيل أن تعلن استعدادها لإنهاء القتال في غزة
  • قائد الحرس الثوري: العدو منهك وحزب الله فرض إرادته على إسرائيل
  • بالفيديو.. خبير علاقات دولية: إسرائيل تتحدى الشرعية الدولية ولا تنفذ قرارات مجلس الأمن
  • واشنطن "واثقة" من التوصل لوقف إطلاق نار قريب في غزة
  • ما جدوى مجلس الأمن الدولي؟